ينعقد اللقاء المغربي الفرنسي رفيع المستوى اليوم بباريس، ويترأسه الوزير الأول الفرنسي ونظيره رئيس الحكومة المغربية، بمشاركة عدد من الوزراء والمسؤولين في البلدين، كما من المقرر التوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية وبرامج التعاون بين الرباطوباريس. اللقاء الذي يعتبر الثاني عشر من نوعه، يجسد تتويجا لانفراجات شهدتها العلاقات المغربية الفرنسية هذا العام، وذلك، بعد أزمة السنة الماضية، ومن ثم فهو يحضى باهتمام المراقبين والمحللين، كما أن مصادر قريبة من رئيس الوزراء الفرنسي أكدت لوسائل الإعلام أن باريسوالرباط نجحا في إصلاح كل شيء بينهما، والاجتماع الحالي يسعى، بحسبها، إلى تشغيل كافة محركات العلاقات الثنائية. يجمع مختلف الفاعلين في البلدين على أهمية العلاقات بين المغرب وفرنسا وطبيعتها الإستراتيجية العريقة، لكن الأزمة التي شهدتها العام الماضي، أو ما يحرص مناصرو هذه الصداقة بين البلدين على تسميته بسوء الفهم الكبير، فتح التفكير في باريسوالرباط على أهمية وضع علاقاتهما الثنائية والإقليمية والدولية ضمن الواقع الحالي للمعادلات الجيو إستراتيجية الجهوية والعالمية، أي أنه حان الوقت لكي تنتظم هذه العلاقات في منطق جديد، وأن تلج مرحلة أخرى مغايرة لما عرفته إلى غاية اليوم. هناك تحديات مشتركة تطرح على البلدين معا، أبرزها خطر الإرهاب والتطرف، وهذا يفرض تعاونا أمنيا واستخباراتيا وسياسيا وديبلوماسيا بينهما لحماية الأمن والاستقرار بداخل حدودهما الوطنية وعلى صعيد المنطقة المتوسطية والإفريقية وغيرهما. أما الوضع الأمني والاقتصادي في إفريقيا جنوب الصحراء، وتنامي الحضور والفعل المغربيين داخل قارة هو ينتمي إليها جغرافيا وتاريخيا وثقافيا واستراتيجيا، فيجب أن يقودا إلى صياغة تعاون وشراكة بين المغرب وفرنسا لخدمة مصالحهما المشتركة، ولتقوية الاستقرار والسلم والوحدة والتنمية لفائدة شعوب القارة وبلدانها. وفي المقابل للمملكة أيضا مصالح وطنية وإستراتيجية وتطلعات من حقها أن تدافع عنها، وأن تحرص على احترامها وخدمتها، ولعل أهمها هنا قضية الوحدة الترابية وأمن البلاد واستقرارها والعلاقات الاقتصادية والتجارية مع الاتحاد الأوروبي وأوضاع المهاجرين المغاربة المقيمين في فرنسا بالخصوص، وعلاقات فرنسا مع المغرب في مجالات التأشيرات والطلبة والسياحة والشراكة التجارية والاقتصادية، وعلى مستوى التعاون القضائي والأمني واحترام مؤسسات المملكة وقوانينها الوطنية... لم يعد مقبولا اليوم الاستمرار في منطق العلاقات بين الدول، وخصوصا بين المغرب وفرنسا، كما كان قائما منذ الاستقلال إلى اليوم، أو كما كانت تفرضه مقتضيات الحرب الباردة وقطبية العالم التي لم تعد موجودة، ولهذا بات ضروريا تقوية الوعي، خصوصا داخل فرنسا، بضرورة التغير، أي امتلاك رؤية ومنطق جديدين للعلاقات الثنائية تستجيب لكل ما شهده العالم من تحولات، وأيضا لما بات يحياه المغرب الجديد. اللقاء المغربي الفرنسي في باريس من شأنه إذن أن يرسم معالم طريق جديد لتطوير العلاقات الثنائية بصيغة مختلفة، وبما يتيح مواجهة الأزمات الطارئة أو المفتعلة بين البلدين. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته