ندوة بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء تؤكد على أهمية التبرع لإنقاذ أرواح بشرية شهدت رحاب كلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء، يوم السبت الأخير، تظاهرة هامة تم خلالها تدارس ومناقشة موضوع التبرع بالأعضاء والأنسجة، وهو من المواضيع والقضايا التي أخذت في المدة الأخيرة، قسطها من اهتمام وأسئلة وتساؤلات الرأي العام والأوساط المهنية والمجتمعية. اللقاء كان من تنظيم جمعية مرضى داء السكري والإمراض المزمنة بالدارالبيضاء- أنفا، وتضمن برنامجه عدة مداخلات تمحورت حول حالة التبرع بالأعضاء في المغرب، القوانين والتشريعات المغربية الخاصة بالموضوع، موقف الإسلام من التبرع بالأعضاء، الضوابط القانونية والطبية لاستئصال وزرع الأعضاء، ومقاربات طبية وعلمية أخرى. ودعي للمساهمة في اللقاء كل من البروفسور بنيونس الرمضاني، البروفسور شفيق الكتاني، البروفسور الحسين بارو، البروفسور احمد بلباح، البروفسورخالد زغلول، البروفسور مصطفي بنحسو، البروفسور رضوان الربيعي، ذ. مصطفى بلعوني، رئيس المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والبروفسور العلالي. ولأن موعد اللقاء صادف الذكرى 12 لأحداث 16 ماي الإرهابية، استهلت رئيسة الجمعية، الدكتورة فتيحة برناص، كلمتها الافتتاحية بدعوة الحضور إلى الوقوف وقراءة الفاتحة ترحما على أرواح ضحايا تلك الأحداث الأليمة التي أدانها الشعب المغربي والعالم أجمع. وحرصت الدكتورة برناص على تقديم لمحة عن الجمعية المنظمة، التي تأسست منذ سنة 2006، والتي جعلت من بين أهدافها رعاية مرضى داء السكري والأمراض المزمنة، من خلال نشر مناهج ومبادئ التربية الصحية بالتحسيس والتوعية بمخاطر المضاعفات المترتبة عن سوء التعايش والتعامل مع هذا المرض المزمن، وكذا الإرشاد والتوجيه للسلوك والحمية الواجب اتباعها من أجل الوقاية، مضيفة أنه، في هذا المجال، عملت الجمعية ومنذ إنشائها على تنظيم العديد من القوافل الطبية واللقاءات التحسيسية على المستوى المحلى والوطني، خاصة بالبوادي والمناطق النائية، غايتها في ذلك تنوير المستهدفين ونشر الوعي بينهم. مباشرة بعد كلمة الافتتاح، أخذ المشاركون في تسليط الأضواء على إطار وتجربة زرع الأعضاء والتبرع بها في المغرب، وأفادت المداخلات بأن التجربة المغربية عرفت تطورا لابأس به، وأن وزارة الصحة اهتمت من جهتها، بالموضوع ولاسيما من خلال الندوة أو الحوار الوطني الذي دعت إليه، وشاركت فيه مختلف الأطراف والفعاليات. كما أوضحت بأن سجلات التبرع مفتوحة للمواطنين لدى المحاكم الابتدائية، وأن عملية التسجيل تتطلب فقط ما بين 10 إلى 15 دقيقة، وأن قاعدة التبرع هي أن يكون مجانا ودون مقابل، مع سرية المعلومات. كما أفادت مداخلات السادة الدكاترة، بأن هناك الآن ست مستشفيات جامعية هي المؤهلة لإجراء عمليات استئصال وزرع الأعضاء، وأن القانون المغربي، وعكس قوانين بعض الدول الأوروبية، ينص على ضرورة تشخيص الموت الدماغي للمتبرع. أما عن تطور العمليات والحاجة إليها، فتشير المداخلات إلى أن عمليات زرع القرنيات قد بدأت منذ سنة 2011 و 2012، فيما تمت سنة 2014 أربع عمليات لزرع الكبد. وبخصوص القصور الكلوي، وبرغم تزايد عمليات زرع الكلي، تحدثت المداخلات عن وجود زهاء 7000 مريض في حاجة إلى زراع الكلي. وفي محور آخر، وهو المتعلق بموقف الدين الإسلامي من التبرع بالأعضاء، استمع الحضور بإمعان إلى كلمة الأستاذ محمد موشان، رئيس المجلس العلمي بعمالة عين السبع، الذي أشار بداية إلى أن المغرب سجل تقدما مهما في المجال الطبي، وأن مسألة التبرع بالأعضاء تعتبر مسألة جديدة، لذلك من الطبيعي أن تكون محل نقاش وتساؤل، خاصة وأنه ليست هناك نصوصا شرعية في الموضوع، ومن ثمة كان من الطبيعي أيضا أن يبرز، في البداية، خلاف بين الاتجاه الذي يجيز التبرع بالأعضاء وبين اتجاه ثان يتحفظ من ذلك ولا يتفق مع إجازة التبرع. على أن الاتجاه الغالب – يقول المتحدث – هو الاتجاه الأول، مستعرضا في نفس الآن حجج الاتجاه الثاني مع الردود عليها باجتهادات فقهية تقول، بأن التبرع ليس فقط جائزا، بل إنه مستحب ومطلوب من باب أولى، كما تدل على ذلك كل المبادئ والقيم الداعية إلى التضامن بين الناس. بعد ذلك، كانت الفقرة الختامية هي المناقشة المفتوحة للحضور، بمشاركة طلبة الكلية والأساتذة والمهتمين، وذلك بعد أن تم الاستماع إلى مجموعة من التوضيحات العلمية والطبية التي تتبعها الحضور منوها بمبادرة الجمعية.