تكريم الفنانين نعيمة المشرقي وأحمد الصعري والكاتب المسرحي والإعلامي الحسين الشعبي بمناسبة انطلاق الدورة السادسة لمهرجان ابن مسيك للمسرح الاحترافي - دورة الفنانة المقتدرة نعيمة المشرقي- الذي تسهر على تنظيمه جمعية فضاء القرية للإبداع بالدار البيضاء، بدعم من وزارة الثقافة، وبشراكة مع المسرح الوطني محمد الخامس، خلال الفترة الممتدة من 22 إلى 26 أبريل الجاري، تم مساء الأربعاء الماضي بالقاعة الكبرى لعمالة ابن مسيك تكريم مجموعة من الفاعلين في الحقل المسرحي والإعلامي: الممثلة والفاعلة الجمعوية نعيمة المشرقي، الممثل المسرحي أحمد الصعري، الكاتب المسرحي والإعلامي الحسين الشعبي. نعيمة المشرقي: الإنسانة المتيمة بالتمثيل المسرحي ففي الشهادة التي كتبها الفنان عبد اللطيف هلال في حق المحتفى بها نعيمة المشرقي، وتلاها بالنيابة عنه الأستاذ محمد داسي، ذكر أنها متيمة بالتمثيل المسرحي منذ بداية الستينيات من القرن الماضي، في وقت لم تكن تجرؤ فيه المرأة المغربية على ولوج هذه الميدان، فهي المناضلة الفذة التي برزت في أعمال مسرحية خالدة، منها ما ينتمي إلى المسرح العالمي. كما ذكر هلال في شهادته أن الفنانة نعيمة المشرقي تتسم بالانضباط واحترام المواعيد. كانت بداية احترافها للمسرح مع فرقة الطيب الصديقي، حيث شحذت أدواتها الفنية، وراكمت مجموعة من التجارب سواء في الحقل المسرحي أو الدرامي، إلى حد أنه يصعب الإحاطة بكل هذه التجارب. وعبرت نعيمة المشرقي عن سعادتها بهذه اللحظة التكريمية، خصوصا أنها تقام إلى جانب أسماء تكن لها التقدير والاحترام: أحمد الصعري الذي أبلى البلاء الحسن خلال ممارسته للتدريس بالمعهد البلدي بالدار البيضاء، وتخرج على يديه نخبة من الفنانين الذي شقوا طريقهم الفني بعد ذلك وصار لهم موقع بارز في الساحة الفنية المغربية. والكاتب المسرحي والإعلامي الحسين الشعبي الذي لا بد من الاعتراف بكل ما قام به لترسيخ وتقوية النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، إلى جانب مساهمته القوية في تقريب التجارب المسرحية للجمهور من خلال مقالاته النقدية الرصينة، فهو إلى جانب ذلك يعد ممثلا وكاتبا مسرحيا متميزا، مبدية أسفها لكونها لم تحظ بمتعة التمثيل معه في عمل فني مشترك. وثمنت المشرقي مبادرة تكريم الإعلاميين والنقاد على اعتبار أنهم يساهمون في تقريب التجارب المسرحية والفنية بصفة عامة للجمهور، معبرة عن أملها في أن يتم الالتفات كذلك إلى التقنيين والاحتفاء بهم. واستحضرت المشرقي في هذه اللحظة التكريمية الدور الذي لعبه حي بن مسيك في مجال المقاومة، معتبرة أنه يشكل صلة وصل بينه وبين مسقط رأسها بكراج علال، من حيث الفعل النضالي ضد المستعمر. وفي ختام شهادتها، أعلنت المشرقي عن تقاسمها لهذا التكريم مع زوجة المعتقل السياسي لدى البوليزاريو مصطفى سلمى، موفية بذلك لوعد قدمته لها منذ أربع سنوات، تعبيرا منها عن تعاطفها مع قضيتها الإنسانية. الحسين الشعبي: الرجل الذي أسقط أسنانه في تجربة إبداعية متميزة وألقى الأستاذ حسن حبيبي شهادة في حق الكاتب المسرحي والإعلامي الحسين الشعبي، حيث ذكر أنه اسم راكم من الخبرة والتجربة في المجال المسرحي نقدا وتأليفا وتمثيلا وإخراجا، ما يجعله مبدعا مقتدرا بامتياز، وهو إلى جانب ذلك، يتميز بنشاطه في ما يخص العطاء المؤسساتي، حيث أنه مسؤول عن تحرير جريدة بيان اليوم، كما أنه عضو مسؤول في النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، والتعاضدية الوطنية للفنانين، وفي غيرها من المؤسسات. وذكر حبيبي في هذه الشهادة كذلك، أن عطاءات الحسين الشعبي بقدر ما أنها وافرة ومتعددة، بقدر ما أنها تبدو أكبر من سنه بكثير، لقد أسقط أسنانه في تجربة إبداعية متميزة. كما استحضر نصه المسرحي الصادر أخيرا، الموسوم ب «الساروت»، حيث سمح له بالوقوف على تميزه، وعلى كونه معطاء في ما يخص التخييل الجميل، من خلال تناول شخصيتين رهيبتين في فضاء رهيب، يتحول فيه الجلاد إلى ضحية والضحية إلى جلاد، ليعكس بذلك ظروفا تاريخية حالكة مر بها المغرب، مع الإشارة إلى أن المسرحية كانت قد حظيت بالتتويج في مهرجان فاس للمسرح الاحترافي. أحمد الصعري: ولي من أولياء الله الصالحين وألقى مستشار وزير الثقافة، الحسن النفالي، شهادة في حق المسرحي أحمد الصعري، حيث ذكر أن كل واحد من الفنانين المغاربة، لا بد أن تجد فيه شيئا من الصعري، بالنظر لما أسداه لهم من خدمات، وهو بذلك - يضيف النفالي- يمكن اعتباره بحق واحدا من أولياء الله الصالحين، الذين يخدمون الناس ويحترقون من أجلهم، معتبرا أنه يستحق أكبر من هذا التكريم المعنوي. كما أشار النفالي إلى تجربة التدريس التي قادها المحتفى به في المعهد البلدي بالدار البيضاء، حيث تخرجت على يديه أسماء صار لها موقع أساسي في ساحتنا الفنية. إنه إنسان طيب وخدوم، يضيف النفالي. وألقى الأستاذ بوشعيب الطالعي شهادة في حق الصعري، مذكرا في مستهلها بأن الحديث عنه لا بد أنه رهان كبير، بالنظر إلى صفحاته العديدة والزاخرة في التجربة المسرحية، فكلما ذكرت محطة، غابت محطات. له كذلك مسار حافل في مجال التدريس المسرحي، لقد أسس لتدريس مسرحي موسوم بالفعالية والمصداقية، وبالاجتهاد في تأهيل المواهب الفنية وصقلها، إنه نعم المربي. كما أشار الطالعي في هذه الشهادة، إلى دوره البارز في تدبير القطاع المسرحي ببلادنا، وكيف أنه كرس أغلب وقته لأجل ذلك. وبهذه المناسبة الاحتفائية تم عرض مجموعة من الأشرطة الوثائقية التي تعرف بجانب من الحياة الفنية والجمعوية للمحتفى بهم، بالإضافة إلى تسليمهم شهادات تقديرية وبعض التذكارات، كما تسلم أحمد الصعري جائزة الفنان الراحل مصطفى سلمات. مديرة المهرجان إلهام واعزيز: وفاء لفكرة التأسيس وألقت مديرة المهرجان الفنانة إلهام واعزيز كلمة بمناسبة انطلاق هذه الدورة، ذكرت فيها أن المهرجان بمثابة عزف على أوتار الفرجة المسرحية، وتأجيج واستمرار لها من مختلف مدن المغرب، وفاء لفكرة التأسيس التي لا تخضع للأطماع النفعية أو هواجس البهرجة، بقدر ما أنها مسكونة بوهج الحس الوطني والفعل الإنساني النبيل المنفتح على التجارب المسرحية المحترفة والاحتفاء بالأسماء الوازنة في المسرح والإعلام والاعتراف بالقيم الإبداعية الرائدة. ويشتمل المهرجان في دورته السادسة على عرض مجموعة من المسرحيات: «مايد إن موروكو» لفرقة الشهاب، «على سبيل المثال» لفرقة مسرح اليوم والغد، «أطلس» لفرقة دراميديا، «عينك ميزانك» لفرقة فضاء القرية للإبداع، «سبع الليل» لفرقة فضاء القرية، «دم الخلخال» لفرقة محترف هاجس للمسرح، «ولاد الحلايقي» لفرقة مسرح الثلاثة، وذلك بفضاءات المركب الثقافي كمال الزبدي والمركب التربوي الحسن الثاني للشباب، والقاعة الكبرى لمقر عمالة مقاطعات ابن امسيك، بالإضافة إلى أنشطة موازية، عبارة عن ندوات وورشات تكوينية، تهم «إعداد الممثل» من تأطير عبد اللطيف اليوسفي، و»جغرافية الخشبة» من تأطير سعيد طنور، وندوة فكرية حول المسرح، من تنشيط نخبة من الفاعلين في القطاع المسرحي.