تواصل وزارة الصحة استكمال إصلاحات المنظومة الصحية ببلادنا، وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بالتشريعات، تفعيلا لمضامين الدستور في مجال الصحة "الفصل 31"، وتنفيذا للاستراتيجية القطاعية 2016-2012 في إطار تنزيل وتفعيل البرنامج الحكومي في المجال الصحي، والذي يسعى إلى إعادة هيكلة القطاع الصحي وتقريب الخدمة الصحية من المواطنين. فمنذ بداية الولاية التشريعية الجارية قامت وزارة الصحة بعدد من المبادرات الإصلاحية لتحسين حكامة المنظومة الصحية على ضوء توصيات المناظرة الوطنية الثانية التي نظمت في يوليوز 2013 بمراكش تحت شعار "من أجل حكامة جديدة لقطاع الصحة "، والتي أولت الاهتمام للحق الدستوري في الصحة. وفي هذا الإطار تقدمت وزارة الصحة بأربعة مشاريع قوانين جديدة، تمت المصادقة عليها مؤخرافي المجلس الحكومي، لتحال على البرلمان من أجل المناقشة والمصادقة النهائية عليها. وتهم هذه المشاريع قوانين مزاولة مهن محضري ومناولي المنتجات الصحية ومهن الترويض والتأهيل وإعادة التأهيل الوظيفي ومهن التمريض، إضافة إلى مهنة القبالة. وتهدف هذه التشريعات الجديدة إلى تدارك النقص الحاصل في هذا المجال، خاصة أن البعض منظم بظهائر لم تعد تواكب تطورالمنظومة الصحية، مع ظهور مهن جديدة بحاجة إلى تأطير قانوني، تنزيلا للمقتضيات الدستورية وانسجاما مع توصيات المنظمة العالمية للصحة. ومشاريع القوانين الجديدة التي أخذت مسارها التشريعي هي كالتالي : مشروع القانون رقم 25 .14 المتعلق بمزاولة مهن محضري ومناولي المنتجات الصحية : من المعلوم أن أعمال المهن الصحية غير الطبية عرفت تطورا كبيرا بسبب تقدم العلوم الطبية، وظهور أمراض جديدة، الناتجة عن الانتقال الوبائي وارتفاع النمو الديموغرافي، مما أدى إلى بروز اختصاصات شبه طبية جديدة تساعد على العلاج، وفي هذا الإطار ونظرا لغياب نص قانوني ينظم هذه المهنة، عمدت وزارة الصحة إلى صياغة مشروع قانون ينظم مزاولة مهن محضري المنتجات الصحية التي تتكون من مهنة "صانع رماماتالأسنان"و"مختص في الحمية"و"محضر في الصيدلية"، ومهن مناولي المنتجات الصحية التي تتكون من "تقني المختبر" و"تقني في الأشعة" و"تقني في صيانة المعدات البيوطبية". ويتمحور مشروع القانون بالأساس حول تحديد المهام الخاصة بكل فئة، وكذا تحديد أشكال مزاولة هذه المهن في القطاع الخاص"المزاولة بصفة حرة بشكل فردي أو في إطار الاشتراك أو بصفة أجير في مؤسسة صحية خاصة"، ثم تناول المشروع شروط المزاولة من طرف المهني الوطني والأجنبي على حد سواء، والشروط المتعلقة بالمحل المهني المخصص لمزاولة إحدى هذه المهن، وكذا قواعد المزاولة بعد الحصول على الإذن، إضافة إلى تحديد العقوبات المطبقة على المهنيين المخالفين لأحكام القانون. مشروع القانون رقم 43.13 المتعلق بمزاولة مهن التمريض: نظرا لتطور مهن التمريض ولازدياد عدد المهنيين والخريجين الجدد من مؤسسات التكوين المهني بالقطاعين العام والخاص، ولكثرة طلبات الحصول على تراخيص للمزاولة بالقطاع الخاص من قبل المهنيين المنتمين من جنسية أجنبية أو من طرف المغاربة الحاصلين على شهادات أجنبية في ميدان التمريض، ونظرا لغياب نصوص قانونية تنظم شروط منح التراخيص و فتح المحلات و كل ما يرتبط بهذه المزاولة، أضحى من اللازم تقنين مهن التمريض بكل أنواعها و فئاتها، حماية لصحة المواطنين و ضمانا لجودة الخدمات المقدمة لهمكما هو الشأن بالنسبة للمهن الصحية الأخرى المنظمة. وانطلاقا من ذلك أعدت وزارة الصحة مشروع القانون المتعلق بتنظيم مزاولة مهن التمريض،بحيث تضمن تحديد الفئات المكونة لهذه المهن، والمهام الخاصة بكل فئة،مع تحديد أشكال مزاولة مهن التمريض في القطاع الخاص. و تضمن مشروع القانون كذلك تحديد شروط المزاولة من طرف المهني الوطني و الأجنبي على حد سواء، و الشروط المتعلقة بالمحل المهني المخصص لمزاولة إحدى مهن التمريض، و كذا العقوبات المطبقة على المهنيين المخالفين لأحكام القانون،إلى جانب مجموعة من المقتضيات و الشروط الأخرى الهادفة إلى تنظيم هذه المهنة و الرقي بها. 3- مشروع القانون رقم 13-44 المتعلق بمزاولة مهنة القبالة: لابد من الإشارة في البداية إلى اعتماد وزارة الصحة على مستوى القطاعين العام و الخاص سياسة التكوين في الميدان شبه الطبي لفائدة القابلات، قصد تعزيز سياسة الولادة بدون مخاطر و الحفاظ على صحة الأم و الطفلعلما أن الإستراتيجية القطاعية للصحة 2012- 2016 أعطت أولوية خاصة للصحة الإنجابية و صحة الأمهات و الأطفال،وتفعيلا لهذه الإستراتيجية كان من اللازم تطوير التشريع في هذا المجال، و هوما قامت به وزارة الصحة بحيث أعدت مشروع قانون ينظم مهنة القابلة في القطاعين العام و الخاص، ويهم هذا المشروع قانون تحديد المهام الخاصة الموكولة للقابلة، و تحديد أشكال مزاولة مهن التمريض في القطاع الخاص، بالإضافة إلى تحديد الشروط و المقتضيات المذكورة في مشاريع القوانين السالفة الذكر، من قبيل الشروط المتعلقة بالمحل المهني و قواعد المزاولة و غيرها. 4-مشروع القانون رقم 13-45 المتعلق بمزاولة مهن الترويض و التأهيل و إعادة التأهيل الوظيفي: لقد عرفت أعمال بعض المهن الصحية، التي لا تدخل ضمن مهن التمريض أو مهنة الطب، تطورا كبيرا بسبب إقبال بعض المصابين ببعض الأمراض أو العاهات الخلقية أو بسبب الحوادث و غيرها، على المؤسسات الصحية من أجل تلقي العلاج، و في هذا السياق ظهرت مجموعة من المهن من قبيل " مروض طبي" و " نظاراتي" و " مقوم النطق" و غيرها من المهن التي دخلت ضمن هذا المجال، إلا أنه و رغم الأهمية الكبيرة التي تكتسيها هذه المهن في مسار علاج المريض، فإن تنظيمها على المستوى القانوني ظل غائبا، بالرغم من كثرة طلبات الترخيص قصد مزاولة هذه المهن و لا سيما بالقطاع الخاص، وهو الأمر الذي تداركته وزارة الصحة وأعطته الاهتمام اللازم، لتغلق الباب على أي شخص متطفل على المهنة،ضمانا و حماية لصحة المواطن التي تبقى فوق كل اعتبار. و اعتبارا لما سبق، أعدت وزارة الصحة مشروع قانون رقم 13- 45 المتعلق بمزاولة مهنة التمريض و التأهيل و إعادة التأهيل الوظيفي، و الرامي إلى ضبط مزاولة هذه المهن، و تنظيمها بشكل يكفل حماية صحة المواطنو المزاولين لهذه المهن، و تحديد كل مقتضياتها و شروط ممارستها و العقوبات المطبقة على المهنيين المخالفين لأحكام القانون. وبهذه المشاريع الجديدة، التي ستصبح سارية المفعول بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه و نشرها في الجريدة الرسمية،تكون وزارة الصحة قد تقدمت بخطوات جديدة في مسار الإصلاح الشمولي لقطاع الصحة، و منها إصلاح المنظومة التشريعية حتى تستجيب للأهداف الكبرى و الأهم للإصلاح، وهي خدمة صحة المواطن و توفير العرض الصحي و تجويد الخدمات الصحية في القطاعين العام و الخاص.