تراجع الضغط الديمغرافي وارتفاع نسبة النمو سيخفضان الطلب على التشغيل أكد عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، أن الطلب على التشغيل سينخفض مع انخفاض ضغط النمو الديمغرافي في المغرب، ومع الارتفاع التصاعدي لنسبة النمو خلال السنوات القليلة المقبلة، وذلك ارتباطا بالمردودية التصاعدية لكل الأوراش الكبرى في البنية التحتية التي نفذتها بلادنا بالفعل أو التي هي في طور التنفيذ . وأوضح عبد السلام الصديقي، في لقاء تواصلي نظمه الفرع الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بتارودانت، عشية السبت الماضي، بقاعة المغرب العربي، أن التشغيل لا يرتبط فقط بالنمو، بل بعدة عوامل أخرى أساسية وحاسمة، منها تدعيم كل أنماط الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتدعيم قطاع الخدمات، وغير ذلك، مع الحرص على توزيع ثروات البلاد بشكل عادل وشامل في اتجاه استراتيجي يضع المواطن المغربي في قلب العملية التنموية. ووضع الصديقي، في عرض حمل عنوان "إشكالية التشغيل ورهانات التنمية"، شرطين أساسيين لتحريك الاقتصاد والتنمية الاجتماعية، يتمثلان في الاستمرار في تطوير البنية التحتية للبلاد، والعمل على تدارك التأخر في منظومة التعليم والتكوين. وهاتان المهمتان، يضيف المتحدث، "هما من صميم مسؤوليات الدولة، ولا يمكن للإصلاح في هذين المجالين أن ينجح بدون جرأة سياسية، قد تنتج عنها خسارات للبعض ولكن المهم هو أن يربح الشعب منها، في غالبيته ". وأكد عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في هذا اللقاء الذي حضره ممثلو الأحزاب الوطنية بتارودانت وهيئات المجتمع المدني ورئيس جامعة ابن زهر بأكادير الدكتور عمر حلي، وعضو مجلس المستشارين محمد الرماش، وممثلو المنابر الصحافية والإعلامية بالجهة، وبحضور وازن للمدعوين من نساء وشخصيات المدينة والإقليم، على أن الشغل يجب أن يكون لائقا، يوفر أهم الشروط المتعارف عليها. وبعد أن لفت الانتباه إلى أن مشكل التشغيل يبقى "بنيويا عميقا" ولا تجب مقاربة إشكاليته بشكل سطحي أو تبسيطي، أشار عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية والمسؤول الحكومي إلى أن وضعية التشغيل ببلادنا سيئة ولا تستجيب لكل الحلول المطروحة وللطموح المعبر عنه في خفض نسبة العاطلين ببلادنا، بكل أصنافهم، مؤكدا على أن مجهودات الحكومات "الحالية والتي سبقتها" كانت حقيقية، وأن الوضع كان سيزداد سوء لولا هذه المجهودات. وأضاف عبد السلام الصديقي أن تدبير التشغيل ببلادنا مهمة الدولة بدون شك، لكن هناك أيضا، يقول المتحدث، حلولا ممكنة ومطلوبة على المستويين الجهوي والمحلي، ولهذا يراهن حزب التقدم والاشتراكية على المشاركة الواسعة للمغاربة في الاستحقاقات القادمة لإفراز نخب جديدة تتسم أساسا بالحس الوطني وتقوم ب "خدمة البلاد فعلا ولا تنتظر من البلاد أن تكون في خدمتها". وبعد أن أكد أن حزب التقدم والاشتراكية سيدخل هذه الاستحقاقات مرفوع الهامة، معتزا بما أنجزه من أعمال في القطاعات الحكومية التي يشرف عليها الوزراء المنضوون تحت لوائه، شدد الصديقي على أن الحزب سيبقى "كثير الوضوح مع ذاته ومع الآخرين، ومعتزا بالمشاركة في التجربة الحكومية الحالية التي عبرت عن نموذج فريد من التعاون والتسامح ونكران الذات، نموذج يشتغل في إطار القيم السامية التي جاء بها دستور 2011 الذي تم وأضاف قيمة جديدة وهامة وهي الاختيار الديمقراطي في تدبير شؤون البلاد" . وكان الختم الجميل للصديقي، في نهاية عرضه، عندما دعا رفيقاته ورفاقه في الحزب ومجموع الحاضرين، وبنبرة عبرت عن مكنونه الطيب والنبيل، إلى أن يبقوا متفائلين، وأن يحبوا على الدوام وطنهم، وأن يسألوا دائما أنفسهم عما قدموه له قبل سؤالهم عما قدمه الوطن لهم . وكان محمد مواد، الكاتب الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية بتارودانت الذي أشرف على هذا اللقاء التواصلي مع الجماهير، قد تطرق في كلمته الافتتاحية إلى المعاناة التي اعترضت حزب التقدم والاشتراكية أثناء تحضير اللقاء، سواء في الجانب المتعلق بتتبيث وتعليق اللافتات، أو في إيجاد القاعة التي ستحتضن هذا النشاط الحزبي، مشيرا إلى أن المدينة تتوفر على قاعة في المستوى المطلوب، وهي ما يسمى "بقاعة الندوات"، لكن بعض الجهات تستحوذ عليها وتستعملها في نشاطاتها الخاصة، وتستعمل أسلوب المحاباة في عملية ترخيصها، بل إن هناك جهات جمعوية خاصة تستفيد من استعمالها متى شاءت. كما أشار الكاتب الإقليمي لبعض الممارسات الصادرة عن جهات مسؤولة لازالت تحن إلى العهد البائد، في الوقت الذي قطع فيه المغرب، بعد الدستور الجديد، مع العديد من التصرفات والسلوكات اللامسؤولة والتي لا تترجم التوجه العام لدولة الحق والقانون، مضيفا أن مدينة تارودانت "لا وطن لها إلا المملكة المغربية". وفي لحظة إنسانية، تطرق محمد مواد إلى أحد الرموز المحلية والوطنية للأغنية الأمازيغية، والذي وافته المنية مؤخرا وهو الفنان الراحل عموري مبارك، وطلب من الحاضرين الوقوف لقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة. وفي إطار آخر، تطرق الكاتب الإقليمي لحزب التقدم والاشتراكية إلى الظروف العالمية التي نعيشها جميعا، مشيرا إلى أن مشاركة الحزب في هذه الحكومة جاءت على أساس برنامج حكومي، وليس على برنامج إيديولوجي كما يريد أن يروج البعض وذلك للتفرقة بين مكونات الحكومة. كما أشار محمد مواد، أثناء عرضه الافتتاحي، إلى أن الحزب تحمل بكل مسؤولية وشجاعة قطاعات اجتماعية بالحكومة رغم كل تراكماتها السلبية، وهي وزارة الصحة والثقافة، والتشغيل، والسكنى، والوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة والماء. وفي لحظة حميمية، قال محمد مواد إنه "يشرفنا اليوم أن يحل بين ظهرانينا الرفيق عبد السلام الصديقي وزير التشغيل الذي يتحمل مسؤولية يعرف الجميع ثقلها وحجمها الكبير في النسيج الاجتماعي للمواطنين"، وأضاف أن الرفيق عبد السلام الصديقي، "رفيق الدرب النضالي في الحزب وأكن له الكثير من المحبة الخاصة، ولازلت أتذكر مداخلته الصادقة بالبرلمان حينما أشار إلى أنه، وبموازاة مع دراسته، كان يباشر مهامه كراع للماعز، لهذا نحن نفتخر بعصاميته وبقربه من كل فئات الشعب، ونحن نفتخر به كما نفتخر بكل رفاقنا المناضلين".