وسيط للمخرج الطيب بوحنانة: قدم الشريط السينمائي القصير "وسيط" فكرة طريفة تتمثل في نزوح أحد سكان كوكب آخر إلى الأرض بحثا عن الحب، ويتضح من خلال سلوكه أنه ينتمي إلى شعب مجرد من الأحاسيس، وتأسيسا على ذلك ستعترضه مجموعة من المشاكل، حيث أن تواصله مع سكان الأرض سيتسم بسوء التفاهم، سيما وأنه لا تجمع بينه وبينهم لغة مشتركة. وفي إطار بحثه عن الحب، سيتضح أن هذه الكلمة غير موجودة في قاموس سكان الأرض، وأن الشيء الطاغي هو المادة، والاستغلال والاستبداد. وكان على الشاب الذي أدى دور الإنسان القادم من كوكب آخر، أن يبذل مجهودا كبيرا في التجرد من أحاسيسه، حيث لا ينبغي أن يظهر عليه أدنى تأثر، سواء تعلق الأمر بحالة الفرح أو القلق أو غير ذلك من الأحاسيس، غير أن مبالغته في تجسيد ذلك، جعله يظهر مثل إنسان غبي، في حين أن الشريط يريد أن يظهر عكس ذلك، حيث يفترض أن سكان الكواكب الأخرى المفترضين هم أكثر تقدما منا. مثل هذا النوع من الأفلام يتطلب إمكانيات مادية كبيرة، مع ذلك حاول المخرج ما أمكن أن يبرز التفاوت الحاصل في الزمان والفضاء بين الكوكبين، بواسطة خط سردي حكائي مسترسل يشد انتباه المتفرج، وقلما يتحقق هذا الجانب في الأفلام المغربية القصيرة، على اعتبار الإكراه الزمني الذي يفرضه النفس القصير لهذا الجنس التعبيري الفني. السرد الحكائي لفيلم الوسيط، جعله إلى حد ما يفتقر إلى التكثيف، وبالتالي جعله يسقط في التمطيط، حيث يلاحظ أن بعض المشاهد، كان يجب أن تكون أقصر. ولعل أهم ملاحظة سلبية يمكن تسجيلها على هذا الشريط هو كون نهايته حملت خطابا مباشرا وتقريريا، يتنافى مع الخصوصية الإبداعية للفيلم السينمائي، سواء كان قصيرا أو طويلا، وبدت تلك النهاية شبيهة بوصلة إشهارية تحسيسية، من خلال الدعوة إلى القناعة، بينما كان من الأفضل أن تبقى النهاية مفتوحة على تأويلات متعددة. شريط الوسيط من إنتاج: كونسيت للإنتاج، إخراج: الطيب بوحنانة، سيناريو: الطيب بوحنانة، تصوير: علي بن جلون، صوت: إسماعيل قرواش، مونتاج: فيصل بن، تشخيص: نبيل المنصوري ومحمد نجاح ونسرين الراضي ومحمد مغراوي. مدته: 25 دقيقة. الشعيبية للمخرج يوسف بريطل: نادرة هي الأشرطة السينمائية المغربية التي تتمحور حول شخصية فنان مغربي. الفيلم الطويل الشعيبية، واحد من هذه الأفلام النادرة، حيث يرصد الحياة اليومية للرسامة المغربية الفطرية الشعيبية طلال، منذ ولادتها إلى غاية الوصول إلى أوج العطاء الفني، يرصد نشأتها في منطقة اشتوكة، اهتماماتها الطفولة، شقاءها، ميلها الفطري نحو الألوان، زواجها، اكتشافها عن طريق الصدفة عالم التشكيل وانخراطها فيه بشكل عفوي، ومما ساعدها على البروز، اطلاع أحد الفنانين الأجانب على نماذج من أعمالها، والتعبير عن إعجابه بها، على اعتبار أنها تجسد الفن الفطري الساذج، وبالتالي تحفيزها على عرض أعمالها وبلوغها عالم الشهرة، حيث أصبحت أعمالها مطلوبة في معارض عالمية. عمل هذا الشريط كذلك على إبراز نقطة أساسية، هي أن الاعتراف بفنها أتى من طرف الأجانب، في حين أنها لم تحظ في بداية مسيرتها الفنية سوى بالاستخفاف والاستهانة بما تنتجه من أعمال تشكيلية من طرف مواطني بلدها. غير أن الشريط رغم طوله النسبي، لم يقدم صورة شاملة ومكتملة عن هذه الفنانة التشكيلية، وظلت هناك فراغات كثيرة، كان يجب ملؤها، خصوصا ما يتعلق بوجهات نظرها بشأن العديد من مجالات الحياة، وعلاقتها بالوسط الفني، حيث ظهرت مقلة في الكلام، ولا تتفاعل مع محيطها. هذا الشريط لم يتناول فقط السيرة الذاتية للفنانة الشعيبية، بل تناول بشكل عابر بعض الجوانب من حياة فنانين تشكيليين مغربيين راحلين، هما أحمد الشرقاوي، والغرباوي، بالنظر إلى العلاقة التي كانت تربطهما ببطلة الشريط، غير أن الشريط اكتفى بإظهار الجانب السلبي في حياتهما، أحدهما مدمن على الخمر والتسكع، والآخر يعاني من مضاعفات مرض السرطان، وانتهاء حياتهما على هذا المنوال. لقد بذلت الفنانة السعدية أزكون التي جسدت دور الشعيبية، مجهودا كبيرا لتتماهى مع هذه الشخصية الأسطورية إذا جاز التعبير من جميع النواحي، تقول بصدد دورها هذا: "تطلب مني إعداد دور الشعبية سنة ونصفا، وواجهت صعوبات كثيرة أثناء بحثي في شخصية الشعبية، كنت خائفة أن لا أتوفق في تشخيص هذا الدور، سيما وأنه يتعلق بشخصية حقيقية معروفة على نطاق واسع، إنها ليست فقط رسامة، بل مناضلة، ناضلت ضد أميتها وسعت إلى تعلم أكثر من لغة أجنبية، وناضلت بطبيعة الحال بواسطة فنها، شخصية لا زمتها الطفلة التي كانت، إنها إنسانة ذكية، رغم اتهامها بالغباء وبأنها مهبولة، حملت راية البلاد في سائر أقطار العالم، اعترف الأجنبي بقيمة فنها وأولاه الاعتبار اللازم، وهو ما مهد لها الطريق لإبراز موهبتها، في حين أن المغاربة حطوا من قيمتها، خصوصا في بداياتها. لقد تطلب مني تجسيد هذا الدور، الزيادة في الوزن، بمعدل عشرين كيلوغرام، إضافة إلى تعميق البحث في شخصيتها، وأنا فرحة، لأن هذا المجهود لم يذهب هباء..". شريط الشعيبية من إنتاج: آش فيلم، إخراج: يوسف بريطل، سيناريو: دلفيد فيلمان، تصوير: لوكا كواسين، صوت: كريم الروندة، مونتاج: فيرجيني سوكان، موسيقى: محمد أسامة، تشخيص: السعدية أزكون، مراد الزاوي، سارة حنين، مارتينا بنزوم، محمد خيي، عصام بوعلي، محمد نظيف، رونو فواسي، سعيد باي. مدته: 83 دقيقة.