ثلاثون فيلما طويلا وقصيرا ضمن المسابقة الرسمية وتكريم الممثلة مليكة العمري والناقد محمد كلاوي تقام خلال الفترة الممتدة من 20 إلى 28 فبراير الجاري بمدينة طنجة، فعاليات الدورة السادسة عشر للمهرجان الوطني للفيلم، الذي يسهر على تنظيمه المركز السينمائي المغربي. وفي كلمته بمناسبة الحفل الافتتاحي لهذه الدورة، أوضح عمدة مدينة طنجة فؤاد العمري أهمية الدور الذي تقوم به تظاهرات ثقافية من هذا القبيل، باعتبارها تساهم في ترسيخ قيم الحداثة والانفتاح، أخذا بعين الاعتبار التحولات الخطيرة التي يشهدها محيطنا الإقليمي، المتمثلة في السلوكات المفرطة في الإنغلاق، وبالتالي فإن أفضل وسيلة للتصدي لمثل هذه السلوكات، هو المعركة الثقافية الشاملة، وليس المقاربة الأمنية. كما أشار العمدة إلى أن هذا المهرجان السينمائي يدخل في إطار مشروع تنموي تكاملي، يروم تعزيز موقع مدينة طنجة، وفي هذا الإطار ذكر أنه يتم الإعداد لإحياء مجموعة من القاعات المهجورة بهذه المدينة. فقيدو السينما المغربية لسنة 2014 تم خلال هذا الحفل الافتتاحي كذلك، استحضار أرواح السينمائيين المغاربة الذين رحلوا خلال السنة الجارية: المخرج عبد الله أوزاد، والكاتب والمخرج محمد عفيفي، والموظبة خديجة نايت باش، والممثل المهدي الأزدي، والممثلة أمل معروف، ومسير آلة العرض السينمائي بقاعة الفن السابع، والموزع السينمائي الفاطمي ملين، والممثل محمد بسطاوي، والممثلة زينب السمايكي، والممثل مصطفى ياسر، والتقني بالمركز السينمائي المغربي أحمد الزناتي. تكريم مليكة العمري ومحمد كلاوي اشتمل الحفل الافتتاحي كذلك على احتفاء بالممثلة المقتدرة مليكة العمري والناقد السينمائي محمد كلاوي. ففي شهادتها بحق العمري، أشارت الممثلة ماجدة بنكيران إلى المسار الفني الطويل للمحتفى بها، إلى حد لا يمكن أن تستوعبه الكلمات، لها حضور بهي على مدار نصف قرن، في المسرح والدراما الإذاعية والتلفزيونية وفي السينما، تتميز بأناقتها ولكنتها المراكشية الأصيلة، وصوتها الفصيح الجهوري. وألقى الناقد السينمائي مصطفى المسناوي شهادة في حق كلاوي، مذكرا بأن اشتغال المحتفى به بتدريس العلوم السياسية، لم يمنعه من أن يكون ناقدا سينمائيا بارزا، حيث أن نقده لا يقتصر على الجزئيات، بل يتسم بنظرة ثاقبة، كمثال على ذلك، كتابه النقدي الذي يحمل عنوان: النقد بصيغة الجمع، الذي يعد محطة مهمة في النقد السينمائي. تتسم قراءته للأفلام السينمائية ببعدها السوسيولوجي، وكذلك باعتبارها للفيلم منتوجا فنيا. كما ذكر المسناوي أن المحتفى به له مساهمات قيمة في الصحافة، وأنه يكتب بإتقان باللغتين العربية والفرنسية، إنه ذلك الناقد المطلع المثقف العاشق للفن، المتتبع لما يجري في مجتمعنا. وألقى الكاتب الصحفي سعود الأطلسي بدوره شهادة في حق كلاوي، حيث أشار إلى أن صداقته تتسم بلغة حسية على غرار ما نجده لدى الهنود الحمر، حيث يتم التعبير عن الحب للآخر بحمل أحزانه على ظهره. بهذا المعنى-يضيف الأطلسي- فإن المحتفى به، يحمل قلقنا ودهشتنا وأسئلتنا وأفراحنا وقلقنا في قلبه وضميره وعلى ظهره. كما ذكر أنه منتوج المدرسة المغربية، من الابتدائي إلى حدود مناقشة أطروحة الدكتوراة، إنه واحد من نخبتنا الفاعلة سياسيا وثقافيا في تدبير حياتنا، يرتاح في التعبير باللغتين الفرنسية والعربية، ذات المنبع التراث المحلي وكذا المعرفي الحداثي الكوني الإنساني. إنه أستاذ جامعي مجد. منتوج العمل الجمعوي المتشبع بالتربية على المواطنة والاجتهاد لفائدة المصلحة العامة. كان له حضور فاعل في النادي السينمائي العزائم، خلال السيتنيات من القرن العشرين، في قلب الأسئلة الوطنية الحارقة، متأثرا بها ومؤثرا فيها. نقده السينمائي يتسم بالمقاربة الشمولية. إنه مقل في الكلام، يميل إلى التعامل مع الصورة أكثر. وختم الأطلسي شهادته في حق كلاوي بالقول إن صورته ستظل حية ودافئة ومتوهجة في قلوب وذاكرة من يحبونه. مليكة العمري متحدثة عن التكريم أنا بطبعي لا أتكلم كثيرا، لكنني سعيدة بهذا التكريم في مدينة جميلة، مدينة طنجة، وفي إطار مهرجان سينمائي وطني، إن هذا التكريم هو اعتراف بكل ما قدمته من أعمال في مسيرتي الفنية، خصوصا في القطاع السينمائي، شكرا للمركز السينمائي على هذه الالتفاتة، وكل عام والسينما المغربية بخير. محمد كلاوي متحدثا عن ممارسة الناقد السينمائي حديث الإنسان عن ذاته أمر صعب، لهذا أغتنم هذه الفرصة للحديث عن الناقد السينمائي بصفة عامة. النقد السينمائي ليس مهنة، إنه ليست له شرعية الوجود كمهنة، حضوره يتم بقوة الفعل. هناك مع الأسف سينمائيون يكرهون النقاد، مع أنهم بدون هذه الفئة الأخيرة، لن يذكرهم التاريخ. إنهم يضحون بوقتهم لتكون السينما متوهجة. لجنة تحكيم الأفلام الطويلة والقصيرة تم خلال الحفل الافتتاحي كذلك استعراض تشكيلة لجنتي تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة والقصيرة. يترأس الناقد والروائي محمد برادة لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة، وتضم هذه اللجنة: الفنانة التشكيلية أحلام المسفر والمطربة كريمة الصقلي والموضب علال السهبي والمدير المركزي للإنتاج والبرمجة بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة العلمي الخلوقي والناقد السينمائي مصطفى المسناوي ومدير الإنتاج الدرامي بالقناة الثانية نجيب الرفايف. في حين يترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة السيناريست محمد العروصي، وتضم هذه اللجنة كل من مديرة قطب التسويق بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية بيسان خيرات، والسينوغراف مجدولين العلمي والمخرجة أسماء هوري والناقد السينمائي حميد العيدوني. ثلاثون فيلما ضمن المسابقة الرسمية يشارك ضمن المسابقة الرسمية ثلاثون فيلما طويلا وقصيرا، ففي صنف الطويل: نصف السماء لعبد القادر لقطع، والوشاح الأحمر لمحمد اليونسي، وعايدة لإدريس المريني، والحمالة لسعيد الناصري، وكاريان بوليود لياسين فنان، والأوراق الميتة ليونس الركاب، والشعيبة ليوسف بريطل، والريف لطارق الإدريسي، وإطار الليل لطالا حديد، وجوق العميين لمحمد مفتكر، والفروج لعبدالله توكونة، ورهان لمحمد الكغاط، ودالاس لمحمد علي مجبود، وأكادير إكسبريس ليوسف فاضل، خنيفيسة الرماد لسناء عكرود. وفي صنف الأفلام القصيرة: عقول مرتشية للمهدي الخاوضي، وجنة لمريم بن مبارك، والعتبة لعلال العلاوي، ودنيا لجنان فاتن، ودالتو لعصام دوخو، وغضب لنور آية الله، ووسيط للطيب بوحنانة، ورحلة في صندوق لأمين صابر، وجزيرة ليلى لمصطفى الشعبي، ونقطة الرجوع لزينب الأشهب، وجدار للمهدي الدكالي، وحوت الصحراء لعلاء الدين الجم، ودوار السوليما لأسماء المدير، والطفل والخبز لمحمد كومان، وحدود لعلي الصميلي. شريط الحفل الافتتاحي وبمناسبة الحفل الافتتاحي، تم عرض شريط سينمائي قصير بعنوان "العرض" للمخرج السينمائي إسماعيل فروخي، سبق لهذا الشريط أن توج في إحدى دورات هذا المهرجان، ويعود تاريخ إنتاجه إلى سنة بداية التسعينيات من القرن العشرين، تدور أحداث الشريط بفرنسا، ويتلخص موضوعها في تكليف المدرسة الفرنسية لأحد تلاميذها المغاربة بإنجاز عرض حول المغرب، غير أن هذا الطفل سيعاني في القيام بذلك، على اعتبار أنه في وسطه الأسري ليس هناك ما يساعد على التعريف ببلده الأصلي، بالرغم من الانتماء إليه، فليس هناك مراجع ولا ذاكرة ثقافية عميقة، ويتجلى ذلك من خلال قول والدته بشكل مختزل إن المغرب هو العطر والشمس ونمط العيش، وعلى هذا الأساس، ساعدت ابنها على إنجاز عرضه المدرسي، وتمثل هذا العرض بالخصوص في تقديم الطبخ المغربي. هذا الشريط القصير، من خلال خطه الدرامي المشار إليه آنفا، يقوم بتسليط الضوء على الحياة اليومية لأسرة مغربية مقيمة بفرنسا، وكيف أنها ظلت متشبثة بعادات بلدها الأصلي، وصعوبة اندماجها في محيطها المجتمعي ببلاد الغربة. أنشطة موازية من الأنشطة الموازية لهذه الدورة: ثلاث موائد مستديرة، الأولى حول الاستخدام الأمثل للتسبيق على المداخيل، ومما جاء في الورقة التقديمية لهذا اللقاء، أنه "بعد خمس وثلاثين سنة من اعتماد نظام التسبيق على المداخيل، أصبح المغرب ينتج عددا لا بأس به من الأفلام دون الحصول على دعم مسبق في شكل تسبيق، وأنه إذا كان هذا النظام يعد محركا أساسيا للإنتاج السينمائي الوطني، فإنه في مقابل ذلك قد يحمل في طياته بعضا من المخاطر حين يصبح بالنسبة للبعض ريعا، خاصة إذا لم يتم اعتماد نوع من الاحتراس في مرحلة البدء أو في المرحلة اللاحقة. فقد أدركت الدولة أن أي بلد بدون صورة يعد بلدا غير مرئي، من هذا المنطلق، يستهدف الدعم والترويج للسينما الوطنية اعتماد سفير ثقافي لبلادنا، يجوب العالم ليعرض من خلال الصوت والصورة التطور المجتمعي والاقتصادي الذي عرفه المغرب المتعدد الثقافات، المغرب الذي يعيش في تطور دائم، فمنذ بداية الثمانينيات من القرن العشرين، مكن هذا النظام سواء في صيغة التسبيق على المداخيل أو في صيغة صندوق الدعم، من تحقيق حصيلة جيدة من الإنتاج السينمائي تجاوزت عشرين فيلما في السنة الحالية، وإذا كان من اللازم الأخذ بعين الاعتبار عدد الأفلام المنتجة سنويا، فإن جودة بعض منها يثير نقاشا يفرض نفسه، كما أن المبالغ التي يزعم أنها تمثل كلفتها قد لا تنعكس فيما هو مقدم على الشاشة، من جهة أخرى، أصبح من الضروري أمام تزايد أعداد الأفلام المنتجة، أن يتم الرفع من قيمة الغلاف المالي للتسبيق على المداخيل، وأن يتم تنويع مصادر تمويله، وأن يجد الآليات الملائمة من أجل استعماله بطريقة منسجمة وعقلانية". المائدة المستديرة الثانية المزمع تنظيمها يومه الاثنين، تنصب حول التدابير التحفيزية الضريبية لفائدة الإنتاج السينمائي والسمعي البصري في العالم، وجاء في ورقتها التقديمية، أنه في سياق ظروف اقتصادية وسياسية مختلفة، عملت غالبية الدول الأوروبية، كما هو شأن دول أخرى من العالم، على تطوير تدابير ضريبية تحفيزية للإنتاج السينمائي والتلفزيوني، وبمنطق صناعي بحت، محدد في مجال ترابي على صعيد فدرالي أو وطني، أو جهوي، تراكمي أو غير تراكمي، تحاول كل هذه الإجراءات الحفاظ على إنتاج البلد، أو جذب إنتاجات أجنبية، من خلال تدابير تحفيزية تسعى إلى الخفض من التكلفة. لقد استطاع المغرب أن يحقق مداخيل هامة من الاستثمارات الأجنبية في الإنتاج السينمائي والتلفزي، مما يستوجب تحسينها من خلال اقتراح حوافز ضريبية تشجيعية. أما المائدة المستديرة الثالثة المزمع تنظيمها يوم السبت القادم، فتنصب حول الإنتاج المشترك بين المغرب وإسبانيا، اعتبارا لأن التعاون في المجال السينمائي بين البلدين، يعد مسؤولية تاريخية يتوجب على المسؤولين السياسيين وعلى سينمائيي البلدين أن يأخذوها على محمل الجد، وعيا بأن السينما من شأنها أن تساهم في تصحيح صورنا المشتركة التي تبقى رهينة الأحكام المسبقة. كما تشتمل الأنشطة الموازية على ندوة خاصة بتقديم الحصيلة السينمائية للسنة الماضية، ومناقشة أفلام المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة والقصيرة، والسينما المتجولة التي تتمثل في تقديم عرض أفلام مغربية بمؤسسات سوسيو ثقافية بمدينة طنجة.