البسيط الوازن.. عنوان مصنف جماعي يوثق تجربة الراحل تكريم البسطاوي ليس فقط احتفاء بفنان صال وجال في مجال المسرح والسينما التلفزيون ولكنه احتفال بمناضل كبير تحت شعار، لقاء الوفاء والعرفان، نظمت النقابة المغربية لمحترفي المسرح، أول أمس الخميس، لقاء الوفاء والعرفان لذاكرة الفنان الراحل محمد البسطاوي، بشراكة مع وزارة الثقافة، ضمن فعاليات النسخة الواحدة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، وتميز هذا اللقاء بحضور وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي ونخبة من الأسماء وأصدقاء الفنان الراحل وعدد من المثقفين إضافة إلى حشد من الشخصيات الفنية المغربية الوازنة يضيق المجال لذكرها جميعها في هذا الحيز، فضلا عن أرملة الفقيد الفنانة سعاد النجار وأبنائها هاشم، أسامة وفاطمة الزهراء.. وقد تم عقد هذا اللقاء الذي ترأسه وأداره الكاتب المسرحي والإعلامي الحسين الشعبي، عضو المكتب الوطني للنقابة المغربية لمحترفي المسرح، بقاعة القدس المعدة لإقامة الندوات برحاب المعرض والتي غصت جنباتها بالحضور الكثيف لمحبي الفنان الراحل محمد البسطاوي، تتوسطهم زوجة الراحل الفنانة سعاد النجار وبعض أفراد عائلته، لتعطي للقاء طعما آخر وتفعمه بالمشاعر الجياشة وهي تفيض عبر شهادات صادقة من فنانين عايشوا محمد البسطاوي، هذا الفنان العظيم الذي اختطفه الموت في 17 دجنبر 2014 الحزين، وهو في أوج العطاء، البسطاوي الذي عرف عنه الحضور خلال هذه الأمسية وجهه الآخر كمناضل فاعل وقوي وإطار قيادي داخل النقابة المغربية لمحترفي المسرح، مدافع عن حقوق وكرامة الفنان المغربي، بالقدر الذي تميز فيه كممثل رائع واستثنائي في المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، أو مشخص كما كان الفنان الكبير الراحل يسمي الإبداع في فن التمثيل حسب صديقه الفنان محمد خويي، الذي قدم شهادة مؤثرة ختمها بعبارة «الله يرحمك آ صحيبي... مشيتي عليا»، متحدثا بمرارة عن فقدان صديقه الحميم، لقد كان البسطاوي يجسد الشخصية المغربية في تنوعها وتعدد مشاربها، وكان ذلك هو السر وراء نجاحات هذا الفنان العصامي الذي انطلق طموحا في ظروف صعبة ليستولي على قلوب شتى فئات الجمهور المغربي، لأنه كان صادقا في ما يعبر عنه، جادا في ما يصنع، مؤمنا بما يريد.. وقال محمد الأمين الصبيحي، وزير الثقافة، في معرض كلمته بالمناسبة، إن وفاة محمد البسطاوي خسارة كبيرة للساحة الفنية باعتباره كان نموذجا للفنان الشامل والمبدع الذي قدم أعمالا ستبقى راسخة عند المغاربة، «حضوره سيظل متواصلا من خلال روحه الطاهرة وأعماله المتنوعة، وامتداده داخل المجتمع سيظل مستمرا من خلال عائلته الصغيرة خصوصا من خلال ابنيه اللذين يسيران على نفس خطواته». وعرف اللقاء تقديم شهادتين عميقتين من طرف أبرزه أصدقاء الراحل وهما الممثلان محمد الشوبي ومحمد خيي، كما تميز بكلمات لرؤساء الهيئات التمثيلية للفنانين يتقدمهم مسعود بوحسين، رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح، الذي اعتبر أن هذا التكريم لم يأت فقط احتفاء بفنان صال وجال في مجال المسرح والسينما التلفزيون ولكنه احتفال بمناضل كبير، أبلى البلاء الحسن في العمل النقابي دفاعا عن حقوق وكرامة الفنان.. وقدم المخرج المسرحي حسن هموش رئيس الفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة، شهادة في حق المحتفى به منوها بجهوده الحثيثة في ترسيخ مفهوم الاحتراف في المسرح المغربي وإعمال أخلاقيات المهنة والدفاع عن الحقوق مقابل القيام بالواجبات.. الكاتب المسرحي محمد قاوتي، رئيس التعاضدية الوطنية للفنانين، كان أيضا ضمن المتدخلين البارزين في هذا اللقاء، بحيث أشاد بمناقب الفقيد الذي كان يحرص بشكل دؤوب على الانتصار للوضع الاعتباري للفنان في نطاق العزة والكرامة.. منوها بالأخلاق الرفيعة للراحل والدروس التي لقنها لنا، يقول قاوتي، في الحرص على صورة الفنان وسمعته وقيمته الرمزية داخل المجتمع. وختم الممثل هاشم البسطاوي، نجل الراحل، سلسلة الشهادات بكلمة شكر فيها جميع الأصدقاء الذين آزروا الأسرة في هذه المحنة وعبروا فعلا عن الحب العميق الذي يكنونه للراحل، لكنه عبر في ذات الوقت ببلاغة وتلقائية عن قساوة فقدان الأب قبل فقدان الفنان. إضافة إلى هذه الشهادات التي رسمت شخصية محمد البسطاوي الإنسان المدافع عن فنه والمبدع الفنان المتشبث بكرامته وإنسانيته إلى أبعد الحدود، تخلل اللقاء تقديم وتوقيع كتاب «محمد البسطاوي، البسيط الوازن» الذي أعده الكاتب والإعلامي حسن نرايس، بتنسيق مع النقابة المغربية لمحترفي المسرح ويضم شهادات أصدقائه والمقربين منه والذي سيذهب ريعه إلى عائلة الراحل البسطاوي. وأكد حسن نرياس في تدخله لتقديم هذا المصنف الجماعي الذي طبع بدعم من وزارة الثقافة، أن فكرة إعداد كتاب حول الراحل كانت واردة قبل وفاته، غير أن الظروف شاءت غير ذلك وجاء الكتاب بعد مماته، شاكرا كل من ساهم فيه.. ودعا نرايس مجلسي مدينتي خريبكةمسقط رأس الراحل وسلا التي عاش فيها إلى إطلاق اسم «محمد البسطاوي» على معلمة ثقافية أو مؤسسة تعليمية أو شارع من شوارع المدينتين. وكان الحفل الذي استهل بقراءة الفاتحة ترحما على الفقيد، شهد عرض بإعداد شريط قصير أعده المخرج المغربي مصطفى فاكر، وهو عبارة عن مونتاج للقطات من أعمال الفقيد مثل مسرحية «بوغابة» وفيلم «باي باي السويرتي» وفيلم «الدارالبيضاء» والشريط التلفزي «الدم المغدور» و«اللجنة» وغيرها من أعماله، سماه «محطات من مسارات الفنان الراحل محمد البسطاوي»، وتضمن على قصر مدته، رصدا لرحلة هذا الفنان الكبير بين المسرح والسينما ودراما التلفزيون، وسفره في الزمان من البداية البسيطة وحتى التكريم الكبير في مهرجان مراكش الدولي للفيلم قبل سنوات.