في البيان الختامي لمنتدى مراكش للأمن ... أكد المشاركون في الدورة السادسة لمنتدى مراكش للأمن (إفريقيا أمن 2015)، التي اختتمت أشغالها مساء أول أمس السبت بمراكش، أن الدول الإفريقية مدعوة إلى النهوض بتعاون جدي والمواءمة بين المصالح من أجل التصدي للتهديدات الأمنية التي تحيط بالقارة. وشددوا في البيان الختامي الذي توج أشغال دورة 2015، أن الحركات الإرهابية تتغذى من مناخ التوجس القائم بين الدول مما يفرض العمل من أجل النهوض بتعاون جدي والتوافق بين المصالح من أجل مواجهة التهديدات الأمنية التي تعترض القارة الإفريقية. وتضمن البيان، أيضا، التأكيد على ضرورة إدراج محاربة التوجهات الإرهابية ضمن أجندة أنشطة التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف. كما دعا المشاركون إلى "تعزيز جميع أشكال الضغط على المجموعات الإرهابية والإجرامية من أجل الحد من قدراتها على إلحاق الأضرار بالآخرين". وشددوا، أيضا، على أهمية تنظيم وانسجام جهود محاربة المجموعات الإرهابية بإفريقيا، من خلال انخراط جدي ودون تحفظ من قبل جميع الدول والمجتمع المدني والمنظمات المعنية. من جهة أخرى، أوصى المشاركون بتعزيز الأمن على مستوى البنيات التحتية الاستراتيجية من أجل التصدي للحركات المخربة والإرهابية. وجاء في البيان الختامي، أيضا، الدعوة إلى تبني مقاربة إيديولوجية ودينية مع التأكيد على الأهمية التي يكتسيها التأطير الديني. وضع استراتيجيات أمنية جيدة من شأنه الرفع من مستوى جاذبية الاقتصاد الإفريقي وأكد المشاركون أيضا، أن وضع استراتيجيات أمنية جيدة من شأنه المساهمة في الرفع من مستوى جاذبية الاقتصاد الإفريقي، وجلب المزيد من الاستثمارات وتحسين ظروف عيش الساكنة بإفريقيا. وأضافوا خلال الجلسة العامة، التي انعقدت حول موضوع "العلاقة بين الجانب الجيو سياسي لإفريقيا والرهانات الاستراتيجية لجنوب المحيط الأطلسي"، أن الأمن والتنمية مرتبطين بشكل وطيد، وأن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق بدون استراتيجية أمنية ناجعة. وأبرز المشاركون في أشغال هذه الجلسة أن الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والفساد والتوزيع غير العادل للثروات والفقر تشكل أرضية خصبة للإرهاب والثورة والنزعة الانفصالية، مضيفين أن تفشي الفساد وضعف الإمكانيات التي تتوفر عليها المصالح الأمنية يسهل كل أشكل الاتجار غير الشرعي والقرصنة في المجال البحري بجنوب المحيط الأطلسي.وأكدوا أن منطقة غرب إفريقيا والمجال البحري لجنوب المحيط الأطلسي أصبح مكانا للالتقائية بين ثلاث ظواهر، وهي الاتجار في المخدرات والإرهاب والقرصنة. وفي هذا الصدد، أوضحت رئيسة مكتب العلاقات الدولية بوزارة الدفاع البرتغالية، السيدة أنا كاتارينا ليال، أن العصر الحالي يتميز بظهور أشكال جديدة وعالم جديد تعزز بظاهرة العولمة، والأزمة الاقتصادية العالمية، وانتشار الأوبئة التي تعرض حياة الملايين من الأشخاص للخطر. وأوضحت أن الهشاشة التي يعاني منها عدد من الدول والمفارقات الداخلية، والتناحر العرقي، والضغط الديمغرافي، كلها عناصر تهدد بعدم الاستقرار بإفريقيا وتهدد أمنها، مضيفة أن الدول الهشة تعتبر أهدافا محتملة للأعمال الإرهابية وللفوضى. ومن جهته، أشار الباحث بمعهد الدراسات المتقدمة (السينغال)، البروفيسور موسى سامب، أن إفريقيا الغربية تعد منطقة فسيفساء عرقية والتعايش بين الغنى على المستوى المواد الأولية والفقر المستشري في غالبية الساكنة. وأبرز السيد موسى سامب أن الحركة الإرهابية بوكو حرام تحولت خلال عشر سنوات من حركة بسيطة للاحتجاج إلى تهديد حقيقي لعدة بلدان إفريقية، لأنها استغلت ضعف مستوى الرد العسكري، داعيا إلى إعادة التفكير في الحلول السياسية مع ضرورة مساهمة المجتمع المدني فيها. أما المستشارة الرئيسية ل"شبكة الأمن بأمريكا اللاتينية ( الأرجنتين)، السيدة كارينا بيريلي، فأعربت عن أسفها لكون المجتمع الدولي غير نشط فيما يخص الرد على الإرهاب، الذي أصبح عابر للحدود وتعزز بفضل التكنولوجيات الحديثة للإعلام والتواصل. الدعوة إلى مقاربة استباقية لمواجهة ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب ودعا المشاركون أيضا إلى مقاربة استباقية لمواجهة ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، التي قد تصبح مشكلا كبيرا للأمن الدولي. وأكدوا خلال الجلسة العامة التي انعقدت حول موضوع " المقاتلين الإرهابيين الأجانب.. التهديد الجديد للأمن الدولي"، أن هذه المقاربة الاستباقية أصبحت تكتسي طابعا استعجاليا بالنظر إلى كون ظاهرة المقاتلين الأجانب، التي كانت من قبل محدودة، أخذت حاليا حجما كبيرا بسبب تعدد الحركات الإرهابية في عدة مناطق بالعالم. وفي هذا الصدد، قدم الباحث الفرنسي المتخصص بالحلف الأطلسي أوليفيي كيمبف، عرضا تناول من خلال مختلف الانشغالات الناجمة عن هذه الظاهرة التي أصبحت تعرف تحولا جديدا، مشيرا إلى أن الأجوبة الخاصة بهذه الظاهرة يجب أن تكون ذات أولوية على المستوى الوطني لكل بلد. وقال إنه بالرغم من كون الأمر يتعلق بمشكل شامل، فإن الأجوبة والمعالجات يجب أن تكون على المستوى الوطني لكل بلد، داعيا إلى إيجاد سبل، حسب كل دولة، لمعالجة المشاكل المتعلقة بالمقاتلين الأجانب التي يمكن أن تكون من أنواع مختلفة. ومن جهته، أكدت السيدة بيترا ويلاند عن المركز الأوربي للدراسات الأمنية جورج مارشال( ألمانيا)، أن هذه الظاهرة في تصاعد بأوربا، مستعرضة نتائج لدراسة أنجزت في هذا الموضوع بألمانيا، مبرزة أن هذه الدراسة بينت التحول السوسيو اقتصادي لعدد من الشباب الذين أحسوا بالتهميش على صعيد مخططات التربية والتشغيل، والتي دفع العديد منهم إلى الالتحاق بصفوف جهاديي ما يطلق عليه بتنظيم داعش. ودعت السيدة ويلاند إلى وضع ميكانزمات للمراقبة الأمنية الناجعة لمواجهة هذه الظاهرة، مشددة على دور الذي يمكن أن يضطلع به المجتمع المدني في مجال الوقاية. أما الخبير الجزائري في القضايا الاستراتيجية عثمان تازغار، فركز، من جانبه، على إشكالية عودة المقاتلين الأجانب لبلدانهم الأصلية أو للبلدان النامية، والذين حسب قوله- يشكلون خطرا كبيرا. وحذر من كونه هؤلاء المقاتلين، الذين تم إذكاء التطرف في نفوسهم وتلقينهم المعارف التنفيذية، قادرين على اقتراف أعمال إرهابية أو التشجيع على العنف، مضيفا أن هذه الفئة قادرة، أيضا، على نقل خبرتها التنفيذية والحصول على موارد مالية أو المشاركة في ترسيخ مبادئ التطرف في أشخاص آخرين. وعرف هذا المنتدى، الذي نظم يومي 13 و14 فبراير الجاري تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حول موضوع "إفريقيا في مواجهة التهديدات العابرة للحدود الوطنية واللا متماثلة"، مشاركة أكثر من 300 من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين والأمنيين والخبراء وممثلي منظمات دولية. ويعد هذا المنتدى، الذي نظم بمبادرة من المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، بشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية، فضاء للنقاش والتحليل وتبادل التجارب حول الأمن في إفريقيا. وناقش المشاركون عدة مواضيع تمثلت في "نقاط الضعف الأمنية في شمال إفريقيا وتطور التهديدات العابرة للحدود الوطنية واللا متماثلة"، و"الساحل والصحراء.. نزاعات لم تخمد جيدا أو خطر دورة جديدة من العنف"، و"بؤر الانفصال والتمرد .. مناطق رمادية في فضاء الساحل والصحراء غير المستقر"، و"تحديات الأمن البحري في المتوسط والقرن الإفريقي وجنوب الأطلسي (القرصنة والإرهاب)"، و"الأوبئة (إيبولا وغيرها) .. تهديدات للأمن الصحي في إفريقيا". كما تضمن برنامج هذا اللقاء مواضيع همت "التهديدات الصاعدة.. رهانات متعددة ومتطورة ومعقدة (مخاطر تهديدات الإرهاب الكيميائي والبيولوجي وغيرها)"، و"المقاتلون الإرهابيون الأجانب.. تهديد جديد للأمن الدولي"، و"إفريقيا في مواجهة الجريمة الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني"، و"ليبيا.. أية آفاق".