الدورة الثالثة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية التي انعقدت أول أمس السبت بعين عتيق، حققت نجاحا تنظيميا وإشعاعيا لافتا، بشهادة كل من حضرها أو تابع سير مداولاتها، وانتهت من دون أي توتر أو احتقان، وهذا كاف اليوم للتنويه والاحتفاء بها، خصوصا بالنظر لما تعيشه عديد أحزاب وطنية أثناء اجتماعات هيئاتها القيادية أو على هامشها... هذا المعطى ليس قليل الأهمية ولا هو خال من المعنى، ذلك أنه من مصلحة بلادنا وشعبنا وجود أحزاب وطنية جدية وذات شرعية، وتعيش، في نفس الوقت، استقرارا داخليا ومتانة بنائها التنظيمي، لأن ذلك معناه امتلاك مرتكزات حقيقية يقوم عليها النضال الديمقراطي لشعبنا... من جهة أخرى، لقد استطاع التقدم والاشتراكية إنجاح اجتماع هيئته التقريرية الوطنية أول أمس ليس لكونه مارس أحادية التفكير بداخله، أو لكونه غيب أصوات الرأي والكلام وأطفأ كل الأضواء عسفا، وإنما لأنه عمد، بالعكس، إلى توسيع دوائر الحوار الداخلي والمناقشات الرفاقية قبل الاجتماع في الفروع والهياكل، وحين انعقد "برلمان الحزب" لم يبق هناك داعٍ لمزيد شرح أو توضيح، وتحقق التفاعل الإيجابي، وتقاربت الآراء وزوايا النظر، وهذا في حد ذاته درس سياسي وتنظيمي يقدمه التقدميون، أي أن الحوار الداخلي المفتوح بين المناضلين يؤدي إلى تقوية الوحدة الحزبية الداخلية... في اجتماع عين عتيق هذا، برز إذن طموح حزب التقدم والاشتراكية، لكن ليس فقط من خلال التعبئة الداخلية الواضحة، أو فقط عبر تفعيل السلوك الديمقراطي في تدبير الحياة الحزبية، وإنما أيضا وأساسا من خلال إصرار المناضلات والمناضلين على استثمار كل ذلك لتمتين الأداة الحزبية وتأهيلها لتتيح للحزب ربح رهان الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة، أي أن يكون الحزب قويا وموحدا ومعبأ ليس لذاته وإنما ليكون في خدمة الناس والبلاد، ولينجح في الوصول إلى موقع المسؤولية، محليا وجهويا ووطنيا، قصد الفعل الملموس وخدمة شعبنا وإحداث الأثر. عندما أعلنت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية أهدافها من الانتخابات المقبلة، وعندما أعلنت أيضا الميزانية السنوية للحزب وتدارستها وأقرتها، فهي كانت في ذلك تؤسس تعاقدا أخلاقيا وسياسيا مع شعبنا، حتى إذا انتهت الاستحقاقات أمكن حينها تقييم الأداء وفق مؤشرات ملموسة وأهداف سبق التصريح بها... التقدم والاشتراكية أعلن، من خلال اجتماع قيادته الوطنية، عن طموحه ليكون قوة سياسية تقدمية يسارية حداثية أساسية في البلاد، ونجح في إبراز مقدمات تساعده على تحقيق الهدف، أي بناء جسم تنظيمي قوي وموحد وخال من التوترات الهامشية، وامتلاك رؤى واضحة وواقعية، ثم تعبئة داخلية جلية وعازمة على... الانتصار. الحزب التقدمي أعلن الطموح والأهداف، وشرع في تهيئة الأدوات لتحقيق ذلك، ولم يغفل، في الآن ذاته، توجيه رسائل قوية وواضحة للجميع، أي لكل من يتربص به بالإشاعة أو الاستهداف المباشر أو المزايدة، وطالب الجميع أن يفكروا بحجم الوطن وألا يحسبوا الأشياء لوحدهم أو في حدود أنوفهم، مستعرضا أمام نظر الكل الرهانات الكبيرة المطروحة اليوم على بلادنا وحجم انتظارات شعبنا وتطلعاته، وداعيا إياهم لتحمل المسؤولية الوطنية تجاهها، والابتعاد عن... التيه. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته