سجلت حرية الصحافة «تراجعا حادا» عام 2014 ولا سيما بسبب أنشطة مجموعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية وحركة بوكو حرام، بحسب ما كشف «التصنيف العالمي» السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود الصادر أمس الخميس. وقال الأمين العام للمنظمة غير الحكومية كريستوف دولوار لوكالة فرانس برس «حصل تدهور معمم على ارتباط بعوامل شديدة الاختلاف» ذاكرا منها «أنشطة مجموعات غير حكومية تتصرف باستبداد حيال الإعلام». وأوضحت مراسلون بلا حدود أن «العام 2014 سجل تراجعا حادا بالنسبة لحرية الإعلام، أي ثلثي الدول ال180 (المدرجة في تصنيف المنظمة) حققت أداء أدنى منها في النسخة السابقة» من التصنيف. وأدرجت المنظمة بموازاة تصنيف حرية الصحافة مؤشرا للانتهاكات لحرية الصحافة وقد أحصت 3719 انتهاكا في 180 بلدا خلال العام 2014 بزيادة 8 في المائة عن العام السابق. ولفتت إلى أن جميع أطراف النزاعات الجارية في الشرق الأوسط وأوكرانيا كانت تشن «حربا إعلامية» حيث كان الإعلاميون أهدافا مباشرة للقتل أو الخطف أو الضغوط لحضهم على نقل الدعاية. وكتبت المنظمة أنه «من بوكو حرام إلى تنظيم الدولة الإسلامية، مرورا بمهربي المخدرات في أميركا اللاتينية ومافيا صقلية، تختلف الدوافع لكن الأساليب هي ذاتها» وهي تقوم على «الترهيب والأعمال الانتقامية لإسكات الصحافيين والمدونين الذين يتجرأون ويجرون تحقيقات آو يرفضون أن يكونوا لسان حالهم». وأشارت المجموعة التي تتخذ من باريس مقرا لها إلى وجود «ثقوب سوداء» خطيرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث «تسيطر مجموعات غير حكومية على مناطق بكاملها لا وجود فيها بكل بساطة للإعلام المستقل». ولفت التقرير إلى أن «تجريم الإساءة إلى الدين يعرض للخطر حرية الإعلام في نصف دول العالم» مشددا على أن المتطرفين يلاحقون أحيانا صحافيين آو مدونين لاعتقادهم أنهم لا يحترمون ديانتهم أو نبيهم. ولا تزال سوريا تعتبر اخطر بلد في العالم للصحافيين بحسب مراسلون بلا حدود وتبقى كما في العام السابق في المرتبة 177 من أصل 180 بلدا، مباشرة قبل الصين (176) وبعد تركمانستان (178) وكوريا الشمالية (179) واريتريا (180)، وهي الدول الأربع التي تصدرت تقرير العام الماضي أيضا. أما العراق فيأتي في المرتبة 156 ونيجيريا في المرتبة 111، وأوضحت المنظمة أن هذين البلدين «شهدا هذه السنة أيضا ظهور ‹ثقوب سوداء› في الإعلام» مشيرة من جهة أخرى إلى أن «اتساع الاعتداءات» التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية في العراقوسوريا «دفع الصحافيين إلى الفرار». كما صنفت إيران بين أسوأ مستويات حرية الصحافة. وتأتي ايطاليا التي شهدت «فورة في التهديدات وخصوصا من المافيا وفي الإجراءات القضائية التعسفية بتهم التشهير» في المرتبة 73 بتراجع 24 درجة. وللسنة الخامسة على التوالي تبقى فنلندا في المرتبة الأولى من التصنيف، تليها هذه السنة النرويج والدانمارك التي دخلت إلى المراتب الثلاث الأولى. غير أن عددا من الدول الأوروبية الصغيرة تراجعت في التصنيف فانتقال لوكسمبورغ من المرتبة 4 إلى المرتبة 19، وليشتنشتاين من المرتبة 6 إلى المرتبة 27 واندورا من المرتبة 5 إلى المرتبة 32، في اكبر تراجع سجلته دولة في هذا التصنيف. وأوضحت مراسلون بلا حدود «إنها حالات متشابهة إلى حد بعيد، حيث هناك تقارب بين السلطات السياسية والاقتصادية والإعلامية يولد في أحيان كثيرة تضاربا في المصالح يزداد حدة بشكل متواصل». وتبقى بلغاريا (المرتبة 106 بتراجع ست مراتب) في أسوأ موقع بين دول الاتحاد الأوروبي فيما تأتي اليونان في المرتبة 91 (بتقدم 8 مراتب) خلف الكويت. من جانبها تقدمت فرنسا درجة إلى المرتبة 38 حيث لم يأخذ التصنيف بالاعتداء على صحيفة شارلي ايبدو الساخرة في 7 يونيو، بحسب ما أوضحت المنظمة منددة مرة جديدة ب»حماية ضعيفة جدا لسرية المصادر» في هذا البلد. وأشارت مراسلون بلا حدود من جهة أخرى إلى «تكثيف العنف ضد المراسلين والصحافيين المواطنين الذين يغطون التظاهرات» ذاكرة بهذا الصدد أوكرانيا وهونغ كونغ والبرازيل وفنزويلا التي تراجعت 21 مرتبة (137). أما الدول الإفريقية فهي لا تزال في المراتب المتدنية بالرغم من التقدم الذي أحرزته ساحل العاج (86 بتقدم 15 مرتبة). وخسر الكونغو 25 مرتبة (107) وليبيا 17 مرتبة (154). ويقوم هذا التصنيف على سبعة مؤشرات هي مستوى التجاوزات، وانتشار التعددية، واستقلالية وسائل الإعلام، والبيئة والرقابة الذاتية، والإطار القانوني، والشفافية، والبنى التحتية. وخلصت المنظمة إلى أن «حرية الصحافة... في تراجع في القارات الخمس» مؤكدة أن مؤشراتها «قاطعة».