إنجاز المشاريع وتوفير التجهيزات الأساسية الحديثة لجعل الحاضرة قطبا دوليا تعتبر 2014، التي نودعها، سنة انطلاق الأوراش الكبرى بجهة الدارالبيضاء الكبرى، التي تروم رفع تحدي التنمية الاقتصادية، وتطوير الجاذبية الاقتصادية للمدينة على الخصوص . ويتعلق الأمر بعملية قطع حقيقي مع الوضع السابق الذي عرفته العاصمة الاقتصادية منذ سنوات خاصة على مستوى المشاريع المهيكلة، بحيث تشهد مختلف مناطق المدينة أشغالا واسعة وليس عملية تجميل مناسباتية. وفي هذا الإطار تم إطلاق في شتنبر الماضي، مخطط تنمية جهة الدارالبيضاء الكبرى (2015- 2020)، الذي يندرج في إطار التعليمات الملكية السامية الواردة في الخطاب الذي ألقاه جلالته بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية التاسعة (11 أكتوبر 2013)، بهدف دعم المكانة الاقتصادية للجهة وجعلها قطبا ماليا دوليا حقيقيا، وتحسين إطار عيش ساكنتها، والحفاظ على بيئتها وهويتها. ويولي هذا المخطط الجديد، الذي رصد له 6،33 مليار درهم، أهمية كبرى للتجهيزات الأساسية للعاصمة الاقتصادية أكبر مدينة مغربية التي ينتظرها مستقبل واعد. وجاء هذا المخطط الطموح، ليقدم إجابات واضحة وشجاعة فيما يخص مواجهة إشكالية النقل والتنقل بالدارالبيضاء وتجهيزاتها الأساسية التي ستعزز وتتحسن من أجل أن تتحول المدينة إلى قطب مالي دولي. ويهم المخطط مشاريع متعددة الأبعاد سيكون لها أثر إيجابي على المواطن المغربي وستيسر له الحياة من خلال تقديم حلول فعالة لإشكاليات الطرق وحركة السير وتوقف السيارات في المدينة. وللجانب الاجتماعي والثقافي أيضا نصيبه في مخطط التنمية الذي جاء لينضاف إلى مخططات مشابهة تم إطلاقها في مدن مثل مراكش والرباط وسلا وطنجة وتطوان. ويندرج هذا المخطط، الذي أعطيت انطلاقته، في سياق المبادرات التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس والهادفة إلى جعل المدينة حاضرة تتوفر على تجهيزات أساسية حديثة وتأكيد دورها كقاطرة للنمو الاقتصادي في المغرب. ويتمحور هذا المخطط حول أربع محاور إستراتيجية، حيث يولي المحور الأول، الذي يروم تحسين ظروف عيش الساكنة (6،2 مليار درهم)، اهتماما خاصا للفئات الاجتماعية في وضعية هشاشة، وللأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك في تكامل تام مع برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. ويهم هذا المحور، على الخصوص، تعزيز مراكز ومنشآت القرب، ومواكبة القطاع غير المهيكل، وتعميم التعليم الأولي، وتأهيل البنيات الصحية، وإحداث مركز لتدبير التدخلات الاستعجالية وعمليات الإغاثة، وحماية البيئة، وتحسين ظروف السكن، وتعميم التغطية بشبكات الماء الشروب والكهرباء والتطهير السائل. ويهدف المحور الثاني إلى تعزيز الحركية على مستوى الجهة (27 مليار درهم)، وذلك من خلال تمديد خطوط الطرامواي، وتعزيز أسطول الحافلات، وتهيئة الطرق الحضرية والإقليمية والطرق السيارة، وإنجاز المنشآت الفنية والأنفاق. أما المحور الثالث الذي سيتم تمويله في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص فيروم تعزيز الجاذبية الاقتصادية للجهة عبر إعادة هيكلة المناطق الصناعية الحالية، وتهيئة مناطق صناعية جديدة، وتهيئة مناطق للخدمات واللوجيستيك، وتحسين مناخ الأعمال. وبالنسبة للمحور الرابع الذي خصص له 2 مليار درهم، فيتوخى تكريس مكانة الجهة كوجهة وطنية ودولية للتجارة والترفيه، وفضاء لاستقبال التظاهرات الكبرى. وسيتم في هذا الإطار بناء مسرح كبير، وقرية رياضية، وتأهيل مركب محمد الخامس، وفضاء "لكازابلونكيز"، وتأهيل الشريط الساحلي وغابة "مرشيش" وحديقة الحيوانات عين السبع. من جهة أخرى، سيتم تنفيذ مخطط عمل الأولويات بغلاف مالي إجمالي قدره 8،2 مليار درهم. ومن أجل إنجاح ومواكبة هذا الورش الهام، تمت برمجة عدد من التدابير، لاسيما تطوير الحكامة الجيدة وإيجاد الإطار القانوني، والبحث عن سبل جديدة للتمويل والشراكة، والتدبير المتطور والحديث للخدمات العمومية، وتبني مخطط تواصلي من شأنه تسويق هوية الجهة. ويأتي مخطط تنمية جهة الدارالبيضاء الكبرى (2015- 2020) لتعزيز مشروع "وصال الدارالبيضاء-الميناء" الذي يروم تحويل نشاط جزء من المنطقة المينائية للدار البيضاء بكلفة 6 مليارات درهم، والذي سينبثق عنه ورش كبير للتأهيل يشمل مجموع الدارالبيضاء، من خلال إحداث مركز حضري جديد على صعيد المدينة وتجمعاتها، وتثمين الحي التاريخي للمدينة العتيقة وساحلها السياحي، وبالتالي إبراز المدينة كوجهة رائدة للسياحة الثقافة وسياحة الأعمال والرحلات البحرية. وقد استطاع هذا المخطط إطلاق دينامية عمل جديدة على مستوى العاصمة الاقتصادية، حيث بادرت الجهات المعنية بتنزيل المخطط إلى اتخاذ التدابير الضرورية وتوفير الإمكانيات اللازمة لتفعيل هذا البرنامج التنموي الشامل، وفي سياقه صادق كل من مجلس المدينة ومجلس الجهة على كل الاتفاقيات المؤطرة للمخطط بإجماع كل الفرقاء السياسيين، في إشارة إلى أن الكل متفق على أن الدارالبيضاء بحاجة إلى نهضة حقيقية ترتقي بها نحو مصاف العواصم العالمية الكبرى.