الوردي خلال الملتقي التواصلي الذي نظمته الوزارة مع مسؤولين في القطاع الصحي وقف البروفيسور الحسين الوردي وزير الصحة على أهم المكتسبات التي تم تحقيقها خلال الثلاث سنوات الأخيرة في قطاع الصحة خاصة على مستوى تقريب الخدمات الصحية من المواطنين سواء من حيث الضبط والتقنين أو من حيث توسيع العرض أو من حيث التكوين والتأطير أو من حيث تسهيل الولوج إلى الدواء. لكن الوزير، الذي كان يتحدث خلال الملتقي التواصلي الذي نظمته الوزارة بين مسؤولي الإدارة المركزية ومسؤولي الإدارة اللاممركزة ممثلة في مديري الجهات الصحية ومندوبي العمالات والأقاليم، يومي الخميس والجمعة الماضيين، بالرباط، أكد في المقابل على أن تلك المكاسب، والمجهودات التي وصفها ب ّالاستثنائية" لا تنعكس بشكل ملموس على حياة المواطنين وخاصة المعوزين منهم. وأبرز البروفيسور الحسين الوردي، في السياق ذاته، إشكالية وفيات الأطفال والأمهات والتعامل مع هذه الإشكالية سواء داخل شبكة العلاجات الصحية الأساسية أو داخل الشبكة الاستشفائية، مشيرا إلى هذه الإشكالية التي تؤرق الوزارة، لا يعود سببها فقط إلى الظروف المجالية والمعيشية للساكنة أو لبعدها عن المراكز الصحية، بل إلى البطء في التكفل الناتج عن التصرفات غير المسؤولة لفئة جد قليلة من المهنيين. وفي هذا الصدد، قال الوزير "إن لم يكن أي واحد منا متيقن من جدية هذا الاستنتاج المؤلم، فعليه أن يتصفح يوميا الجرائد ومواقع التواصل ليدرك وقع وفداحة الظاهرة، رغم بعض المغالطات التي يتم تداولها من بعض المناوئين لمجهودات الوزارة. لكن النتيجة تبقى هي عندما يلقى مولود أو امرأة حامل حتفهما إما أمام مدخل مؤسسة صحية عمومية أو داخلها أو يرفض قبولهما لأتفه الأسباب" مؤكدا على أن عين العقل تقتضي أن يتم التعامل بسلاسة وبحكمة مع الحالات التي تعرض على دور الولادة علما أن هؤلاء النساء الحوامل، يضيف الوزير، يقطعن مسافات طوال وفي ظروف مجالية ومعيشية قاسية للوصول إلى بر الأمان بالنسبة إليهن: ألا وهو المركز الصحي. وعزا الحسين الوردي إشكالية وفيات الأمهات والأطفال، إلى الغيابات غير المبررة أو حتى المبررة منها والتي وصفها ب "الطامة الكبرى". وقال إنها "تفتقر إلى الوازع الخلقي عندما تداس بها أبسط أخلاقيات المهنة"، مشيرا إلى أن استفحال ظاهرة غياب الأطباء عن مقرات عملهم، يعد ظاهرة مشينة تقشعر منها نفوس المواطنين، وأنها ساهمت، في نظره، بقسط كبير في تردي الخدمات الصحية في مؤسساتنا الصحية. وشدد الوزير الحسين الوردي على أن الوزارة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام ظاهرة الغياب، ولن نتسامح مع المسؤولين الذين يتساهلون أو يتسترون عليها في إطار من المحاباة والمجاملة، وقال الوزير في السياق ذاته، "إن التقصير في أداء الواجب والتقاعس في تحمل المسؤولية يفتح الباب على مصراعيه لكثير من التجاوزات وخاصة عندما ترفع فئة من المهنيين التحدي في وجه الإدارة، وهذا الأمر سيتم التصدي له بكل عزم وإرادة وفي إطار التطبيق الصحيح للقانون والأعراف الإدارية". من جانب آخر، انتقد الحسين الوردي بعض المسؤولين في قطاع الصحة الذين لم يعيروا اهتماما لتلك الآليات الإدارية التي وضعتها الوزارة خلال الفترة الأخيرة لتمكين المسؤولين الجهويين والإقليمين من تدبير بعض الوضعيات الإدارية الخاصة بالموارد البشرية والموارد المالية، كما هو الشأن في تدبير المنازعات في إطار الحوار الاجتماعي، والتي من شأنها دعم روح التشاور والتشارك في تبديد الخلافات وسوء التقدير الناجم عن ظروف العمل وضمان مزاولة الحقوق. وأضاف المسؤول الحكومي، أن تنقية أجواء الاشتغال يساعد الوزارة على السير قدما في دعم المجهودات التي تقوم بها الإدارة الجهوية والإقليمية وبالتالي العمل على توسيع صلاحياتها، مشيرا في هذا الصدد إلى أن القرارالوزاري القاضي بتفويض الإمضاء والمصادقة على الصفقات لفائدة المديرين الجهويين ومندوبي وزارة الصحة ومديري المراكز الاستشفائية ونوابهم قد تم نشره أخيرا بالجريدة الرسمية. وحسب الوزير، فإن هذا القرار سيسمح برفع سقف مبالغ الصفقات المبرمة عن طريق طلبات العروض والاستشارة والمباراة المعمارية وكذا الصفقات التفاوضية، حيث ستنتقل من الضعف في بعض الصفقات إلى 5 أضعاف في بعض منها. ومن المرجح أن يتم نشر القرار الثاني المتعلق بالموارد البشرية في الجريدة الرسمية خلال الأسبوعين القادمين على أبعد تقدير. وقد تطرقت التدخلات المبرمجة في هذا اللقاء التواصلي إلى المستجدات القانونية والتنظيمية والتقنية التي وردت في المرسوم المتعلق بتنظيم عرض العلاجات والخريطة الصحية والمخططات الجهوية لعرض العلاجات المفعل لقانون الإطار رقم 09-34 المتعلق بالمنظومة الصحية وعرض العلاجات. وبفضل هذا المرسوم أصبحت الوزارة تتمتع بالأرضية القانونية لتأطير وضبط العرض الصحي العمومي والخصوصي بناء على المقاييس والمعايير والكيفيات اللازمة لإحداث وتوطين المؤسسات والتجهيزات وتعيين الموارد البشرية، بعد أن كانت البرمجة فيما قبل تعتمد على معطيات تقريبية.