تفعيلا لسياسة وزارة الثقافة في قطاع التراث واستراتيجيتها في المحافظة عليه وصيانته وتثمينه وتأهيله، باشر مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي منذ نونبر 2014 إلى اليوم أشغال إصلاح وتهيئة بمدينة أزمور العتيقة باعتمادات مالية رصدتها إليه وزارة الثقافة (الصندوق الوطني للعمل الثقافي، استجابة لاقتراح من مديرية التراث الثقافي بطلب من المركز). وقد انطلق مركز التراث في تحريات أثرية بالبرج المربع لباب الدرب الفوقاني الواقع بالزاوية الجنوبية-الشرقية لأسوار أزمور والذي يتكون من برج مربع وبرج دائري يتوسطهما باب الدرب الفوقاني. البرج المعني لا يتوفر على أي منفذ لاكتشاف ما بداخله وظل لقرون يحمل أسراره. وكانت ترميمات 1994 التي قادها أبوالقاسم الشبري بمناسبة زيارة المرحوم الحسن الثاني إلى الجديدة احتفاء بعيد العرش قد أبانت عن ثلاث نوافذ للرمي بالمدافع بالجنبات الثلاث للبرج المربع هذا والتي تم آنذاك إحكام إغلاقها بالآجور. وها هي اليوم بعد عشرين سنة جاءت الفرصة لاستكناه هذا البرج الذي أبانت أشغال مركز التراث البرتغالي أنه لم يكن له سقف وإنما كان قد تم طمره عن آخره بالأتربة من أسفله إلى سطحه حيث كانت تثبت مدافع البرتغاليين لمحاربة المغاربة بين 1513 و1528، فترة احتلال أزمور. وقد تم بالفعل اكتشاف مدفع برتغالي في حالة جيدة كان مدفونا مع هذه الأتربة قريبا من سطح البرج. لكن الأهم هو الكم الهائل وغير المتوقع من الفخاريات التي تتخلل الأتربة. ويعمل أثريو مركز التراث على غربلة الأتربة لانتقاء الفخاريات في ما يشبه حفريات أثرية. ومن خلال معاينة أولية يتبين أن هذه الفخاريات تغطي فترة تاريخية قد تمتد من القرن الرابع عشر إلى القرن الثامن عشر الميلادي. وسيعمد مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي بمساعدة مديرية التراث الثقافي والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط إلى تشكيل فريق بحث علمي من الأثريين المتخصصين في علم الفخاريات لاستخلاص النتائج العلمية الدقيقة التي ستعين على فهم أفضل لتاريخ هذا البرج ومن ثمة إفادة العلماء في فهم جديد لتاريخ أزمور عامة. ومما يبشر بنتائج حسنة هو كون الفخاريات الموجودة بالبرج تتشكل أساسا من الأجزاء التي تسهل البحث على الأثريين، من قبيل المقابض والقعور والفوهات والأجزاء المنقوشة أو المصبوغة. وإن مركز التراث اليوم بصدد غسل الفخاريات وتنظيفها لتكون جاهزة للدراسة العلمية. يذكر أن مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي، وتيمنا بسياسة الوزارة، يرمي من وراء مشروعه هذا إلى تهيئة برج باب الدرب الفوقاني لتوظيفه في مشروع ذو طابع ثقافي صرف أو سوسيو- ثقافي، بعد موافقة المصالح المركزية لوزارة الثقافة. ويندرج هذا الاقتراح ضمن تصور بعيد المدى لمركز التراث المغربي البرتغالي بتوظيف أبراج أزموروالجديدة في مثل هذه المشاريع الثقافية والتجارية والاجتماعية من أجل توطيد صيانتها الدائمة وجعل التراث رافدا للتنمية بالفعل لا بالقول والتمني.