بأسى عميق وحزن كبير، تلقت النقابة المغربية لمحترفي المسرح نبأ رحيل الفنان والمبدع الكبير محمد البسطاوي الذي وافاه الأجل المحتوم في صباح يوم الأربعاء 17 دجنبر 2014 بالرباط. وإذ تنعي النقابة المغربية لمحترفي المسرح لسائر منخرطيها ولأسرة الثقافة والفنون ببلادنا وللشعب المغربي قاطبة رحيل أحد مبدعي المسرح والتلفزيون والسينما المغربية، وعضو قيادي بمكتبها الوطني، فإنها تعبر عن عميق حزنها وبالغ أساها لهذا المصاب الجلل، بفقدان الساحة المسرحية المغربية لإحدى أهم شخصياتها البارزة، ولفنان مناضل، حفر مساره الفني والفكري بعصامية وصبر وإصرار. وأمام هذا المصاب الجلل، تتقدم النقابة المغربية لمحترفي المسرح بأحر تعازيها إلى أسرة الفنان الصغيرة والكبيرة وإلى عموم المسرحيين والمبدعين ومحبيه من الجمهور المغربي والعربي. وترجو من العلي القدير أن يتغمد فقيد المسرح المغربي بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانه مع الأنبياء والشهداء والصديقين، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان. يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي» (صدق الله العظيم). إنا لله وإنا إليه راجعون شهادات: سعيد باي: ممثل كان إنسانا كريما لن أتحدث هنا عن بسطاوي الفنان، لأن المغاربة يعرفونه وشاهدوا أعماله الفنية، ولكنني سأتحدث عن بسطاوي الإنسان، كان يحب عمله وكان كريما مع أصدقائه سواء داخل العمل أو خارجه، كان يحسن التعامل مع الوجوه الجديدة، وعند خروجه من أمام الكاميرا، كان يحتفظ بالابتسامة ويحرص على أن يجعل زملاءه لا يشعرون بمتاعب العمل. آخر عمل شاركت معه فيه، كان عبارة عن مسلسل يحمل عنوان «دار الغزلان»، كانت حالته الصحية ليست على ما يرام، رغم ذلك أصر على مواصلة العمل، حتى لا يتم توقيف التصوير بسببه. صلاح الدين بنموسى: ممثل كانت له غيرة على الفن أول مرة تعرفت على الفنان الراحل محمد بسطاوي، كان في مهرجان خريبكة حول المسرحية القصيرة التي قمت بتنظيمه سنة 1977، كان قد قدم مسرحية قصيرة رفقة مجموعة من الممثلين الذين يقيمون بهذه المدينة، بعد ذلك اقترحته على المخرج السينمائي سعد الشرايبي لإشراكه في فيلم عطش، وكان ذلك أول شريط شارك فيه، كان أداؤه مقنعا، ثم تابع مسيرته في الأفلام السينمائية والمسلسلات، غير أن قوته تتجلى في الممارسة المسرحية، أذكر أداءه في مسرحية "سيدنا قدر" وهي من اقتباس محمد قوتي. كان الفنان الراحل يتميز بغيرته الشديدة على العمل الفني، وكان يسعى إلى أن يكون أداء زملائه في المستوى وأن يحفظوا أدوارهم، وتجلت هذه الغيرة خلال مشاركته في الفيلم السينمائي "وبعد" لمحمد إسماعيل، حيث أنه لم يتردد في أداء لقطات خطيرة، سقط في الماء وكما نقول في تعبيرنا الدارج "تمرمد" غير أنه حافظ على صبره وتجلده، ولم يبد أي انزعاج من الدور المسند إليه، لأنه كان يحب عمله بالفعل. فاطمة وشاي: ممثلة كان لا يزال قادرا على العطاء وفاة الفنان محمد بسطاوي يعد فاجعة كبيرة، مع الأسف الممثلون يموتون الواحد وراء الآخر، إنهم يشكلون رموز هذه البلاد، أظن أن ما عجل بوفاته هو إحساسه بالحسرة، على الأوضاع المزرية التي تحيط بالفنان. كان آخر مشاركة لي إلى جانبه، في برنامج "مداولة" حيث كنا نشخص قضايا من صميم الواقع المغربي. كان يجمعنا كذلك النضال في المكتب الوطني للنقابة المغربية لمحترفي المسرح، وفي آخر اجتماع لنا بهذا الصدد، كان يحس بالألم، ويتحسر على الوضع الاجتماعي للفنان المغربي، الذي لا تتاح له الفرص للعمل إلا خلال فترات محدودة من السنة، ويتقاضى مقابل ذلك أجرا هزيلا. كان الفنان الراحل محمد بسطاوي لا يزال قادرا على العطاء، لكن الحسرة التي تنخر جسم الفنان، باعتباره إنسانا مرهف الإحساس، هي التي عجلت برحيله. عبد الكبير الركاكنة: ممثل ومخرج كان فنانا شاملا الفنان سي محمد البسطاوي رحمه الله، هو فنان بحجم الوطن، كان وسيظل كبيرا في عيون كل المغاربة، لأنه من طينة العظماء الذين بصموا التاريخ الفني ببلادنا. السي محمد البسطاوي فنان متميز ليس فقط في مجال المسرح، بل أيضا في مجال السينما والتلفيزيون، وهو واحد من القلائل الذين أبدعوا في تاريخ الأداء التشخيصي، وأعطى لذلك نفسا جديدا ميزه على باقي الفنانين المغاربة. السي محمد بسطاوي، كان أيضا مناضلا صلبا يدافع باستماتة على حقوق الفنانين وكان يطالب دائما بتقنين المهنة وإخراج القوانين التي تؤطرها، حتى يتمكن الفنان من العيش بعزة وكرامة، لأنه كان يؤمن بأن المهنة بدون قوانين تؤطرها، تجعل الفنان يشعر بالحكرة والغبن. السي محمد بسطاوي، هو فنان شامل، لا يمكن أن نفيه حقه مهما قلنا فيه، فقد عشت معه منذ حكاية بلا حدود ومع الفنانين ثريا جبران وعبد الواحد عزري وصولا إلى مسرح اليوم، وتلك الأعمال الرائعة التي ستظل خالدة في عالم السينما والمسرح والتلفيزيون. لقد فقدنا رجلا عظيما وهو بالتأكيد رائد من رواد الفن المسرحي ببلادنا، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإليه راجعون. إدريس الروخ: ممثل ومخرج وفاته خسارة كبيرة خبر وفاة محمد بسطاوي نزل علينا كالصاعقة، أمام نهاية من هذه القبيل لا نعرف ما نفعل، لقد كان أخا وصديقا وفنانا كبيرا. آخر عمل لي بمشاركته كان مسلسل دار الغزلان بجانب مجموعة من النجوم، حيث لعب دور البطولة، كان أداؤه قويا كعادته. إنه إنسان له سمات نبيلة، كان منضبطا واحترافيا في كل شيء، وكان يحرص على أن لا يجعل زملاءه في العمل الفني يشعرون بالفرق بين الفنان المحترف والفنان المتدرب، ولعل عظمته تتجلى في التوفيق بين الأجيال. كان حبيب الجماهير وقد شكلت وفاته خسارة كبيرة.