نصف الكأس المملوء والنصف الفارغ في الانتاج الدرامي الوطني رغم كل ما قيل ويقال عن الإنتاجات الرمضانية وذروة المشاهدة، على هذه القناة أو تلك، فإن واقع الحال ينطق بكون ذروة المشاهدة انصرفت لمباريات مونديال البرازيل، المونديال الذي ملأ الدنيا وشغل الناس مقتحما شاشات البيوت خلال النصف الأول من رمضان الكريم، ما جعل من متابعة باقي برامج التلفزيون، خيارا ثانويا، خصوصا مع ما يرافق هذه الأخيرة من نقد يبلغ حد العنف اللفظي غير المبرر في أحيان كثيرة. صحيح أن النقد يجب أن يتم من خلال المشاهدة واعتماد مقاييس إجرائية لقراءة أي عمل تلفزيوني سواء كان دراميا أو كوميديا، لكننا خلال شهر رمضان نجد في الكثير مما يكتب عن الإنتاجات الرمضانية الكثير من التجني... حيث تقف هذه الكتابات عند «ويل للمصلين» مجردة العمل المتحدث عنه من كل ما هو إيجابي ونعته في مجمله بالفشل والسلبية.... وبالتالي السقوط في أحكام القيمة الجاهزة وهي أحكام فاقدة لكل مصداقية، بل لكل نزاهة، ولا تساهم في تطوير إنتاجنا الوطني.... مع ما يتبع ذلك من فتح الباب أمام ماكينات الانتاج والتوزيع الدرامي الأجنبي التي تغزو عقول المشاهدين قبل أن تستوطن الشاشات في بيوتهم، إحدى عشر شهرا في السنة، ...هذا عوض القيام بحماية ثقافتنا من خلال تشجيع ما يتم إنتاجه محليا وما هو قابل للتطور، لكي لا نظل مستلبين أمام الثقافات الأخرى، ولأجل أن نصبح مجتمعا يصدر ثقافته الغنية خارج الحدود، وهو أمر توفقت فيه السينما إلى حد ما، بينما الدراما التلفزيونية في بلادنا مازالت تعيش العديد من الإكراهات، وصارت تتخذ من هذا الشهر الكريم موعدا لها دون باقي شهور السنة. صحيح أن من يهاجمون الانتاج الوطني لا يرون في المسألة برمتها إلا النصف الفارغ من الكأس...وذلك لأنهم يقومون بعقد مقارنات غير صحيحة بينه وبين ما تقدمه التلفزة الوطنية طول السنة من كم هائل للدراما الأجنبية. واعتبارا لعدة أسباب، لا تصح المقارنات في هذا الباب على اعتبار أننا مازلنا لم نحقق التراكم المطلوب والذي قد يمتد لسنوات بل لعقود أحيانا، ولا نملك أجهزة انتاج وتوزيع قوية، مثل البلدان التي تغزو شاشاتنا طول العام، ومع ذلك فقد حققنا خلال العقد الأخير قفزة على المستويات التقنية وهذا لا يستطيع أحد أن ينكره، وصارت لنا نخبة من الممثلين الدارسين والمتمرسين الذين يمتلكون مستويات عالية، بل لهم مشاركات في أعمال دولية كبيرة، وكما يقول حسن الفد على لسان كبور « محراش بلادي ولا شكلاط الامارات». بعض ممن يكتبون يؤاخذون على عمل مثل سلسلة « زينة « الذي يعرض على دوزيم خلال رمضان ويضم عددا من خيرة الممثلين المغاربة، أنه غارق في عالم علب الليل ولا يلقون بالا الى الجانب الاجتماعي الذي تقاربه السلسلة وهو الجزء الطاغي على العمل الذي بدأ يحوز اعجاب المشاهدين على الرغم من بعض التمطيط وملىء الفراغات بالغناء رغم كونه غناء ممتعا صادرا عن صوت جميل وقوي، في نفس الوقت راهنت قناة ميدي 1 تي في على صفقة خاسرة تتمثل في عرض سلسلة «كلام على ورق» للمخرج محمد سامي، بطولة هيفاء وهبي وهو عمل يدور حقيقة داخل عالم الدعارة ويتميز بمعالجة هزيلة ومغرقة في السطحية لمشكل كبير وخطير مثل الاتجار بالبشر وإرغام النساء على العمل في الدعارة، المسلسل الذي لا يقدم أي إضافة سوى الاسفاف غارقا في أجواء الدعارة بشكل يبدو مجانيا ودون أي حمولة تذكر، ويمكن اختصار مجمل موضوعه في أنه يصور حياة امرأة غارقة في عالم الليل، يتنافس على حبها ثلاثة رجال. وعلى هزالته فإن هذا المسلسل احتوى على عناصر قوة قلما تتوفر لأعمالنا الدرامية الوطنية، مثل الانتاج السخي والدعاية الضخمة.