معاهدنا السينمائية لا تقوم بتخريج سوى تقنيين بسطاء الناقد السينمائي أحمد السجلماسي عبر حلقات خاصة ببيان اليوم، نخبة من الفاعلين في الحقل السينمائي ببلادنا، يتناولون هذا القطاع الفني من مختلف جوانبه، يمارسون النقد البناء، سواء من منطلق تخصصهم في مجال النقد السينمائي تحديدا، أو من خلال ما راكموه من تجربة وخبرة في مجال التمثيل والإخراج في هذه الحلقات حديث عن السينما وعن مهرجاناتها وتقييم لإنتاجها ووقوف عند القانون التنطيمي للمهنة إلى غير ذلك من الجوانب المرتبطة بهذا القطاع الفني 4 في المغرب تعودنا دائما على المناظرات، ولكن يظل المشكل في هذا البلد ليس الخصاص في القوانين، أظن أن التوصيات التي تم الخروج بها في المناظرة الوطنية للسينما، وأيضا التعديلات التي يتم إدخالها في اليوم الدراسي حول تقنين القطاع، ليس المهم منها هو النصوص أو التوصيات التي ستصبح قوانين، المغرب يتوفر على قوانين في كثير من القطاعات هي من أجود القوانين الدولية، المشكل يكمن في التطبيق، أول مناظرة حول السينما كانت قد نظمت سنة 1991 بمكناس، وفي ذلك الوقت تم الخروج بمجموعة كبيرة من التوصيات، غير أنه لم يتم تطبيق سوى توصيتين: واحدة خاصة بالدعم والثانية تتعلق باختيار ذكرى وفاة المخرج السينمائي محمد الركاب يوما وطنيا للسينما، أما باقي التوصيات فقد ظلت مجرد حبر على ورق. طبعا، هناك أفكار اقترحها المهنيون في مجال السينما، وكما يقال: أهل مكة أدرى بشعابها، يعرفون المشاكل التي يتخبط فيها القطاع، ينبغي إذن تفعيل التوصيات التي يخرجون بها، ومن أبسط هذه التوصيات، أنه لا يعقل أن المهرجان الوطني للفيلم، يظل حكرا على مدينة طنجة، فبعد أن استفادت هذه المدينة من تنظيم المهرجان، من حيث البنيات التحتية والفنادق، لكن على مستوى القاعات السينمائية لا يزال الإشكال مطروحا، لو أنه ظل التشبث بفكرة تنقل المهرجان بين المدن، فعلى الأقل كان يمكن لكل مدينة أن تكتسب قاعة جديدة، أو يتم إصلاح ما تقادم منها، بالإضافة إلى ما يرافق ذلك من تحول إيجابي على مستوى البنيات التحتية، وبالتالي تحدث هناك دينامية في مجال تلقي العرض السينمائي. عندما يصبح لمدينة طنجة مركب سينمائي، وهذا مرتقب على المدى القريب، إلى ذلك الحين ما تزال المدينة تعاني من عجزها على احتضان مهرجان في حجم المهرجان الوطني للفيلم. -أثر التكنولوجيا على الفيلم السينمائي المغربي يمكن اعتبار الفيلم السينمائي المغربي أنه واكب التطور التقني، ففي الثمانينات كنا نعاني من ضعف الصوت والصورة وما إلى ذلك، مثل هذه المشاكل لم تعد مطروحة اليوم، خاصة وأن التكنولوجية الرقمية اليوم، سهلت الأمور، حيث أن كلفة التصوير وغيرها تقلصت، وأظن أن المخرجين الشباب يستفيدون أكثر من هذا التطور مقابل الأجيال السابقة، لأن تكوينهم يكون حديثا، ويكونون قد تعرفوا على آليات جديدة، لكن إذا كان الفيلم المغربي قد تقدم من الناحية الشكلية: صوت نقي، صورة جيدة، وغير ذلك، فإن الفضل لا يرجع بالضرورة للتقنيين المغاربة، ذلك أنه عند إلقاء نظرة على جينيريك العديد من أفلامنا، نجد أن الاختصاصات الأساسية، يشغلها الأجانب، فمثلا في ما يخص الفيلم الريفي، نجد التقنيين الإسبان حاضرين بكل ثقلهم. على العموم نجد مدير التصوير ومهندس الصوت في الغالب إما إسبانيا أو فرنسيا أو بلجيكيا، حسب البلد الذي درس فيه المخرج، فباستثناء كمال الروندة المتخصص في هندسة الصوت، نعاني من خصاص على مستوى شغل مثل هذه المهام، وحتى في ما يخص المونطاج، وأحيانا في كتابة السيناريو، هناك خصاص ملحوظ، المخرج يكتب السيناريو لكنه يستعين بأجانب، إذن نلاحظ أن السر في جودة الفيلم السينمائي المغربي، على مستوى الاختصاصات التقنية، تعزى إلى الاستعانة بتقنيين أجانب، المعاهد السينمائية القائمة ببلادنا لا تقوم بتخريج سوى تقنيين بسطاء، ولكن التقنيين الذين يتابعون دراسة طويلة، يشكلون عددا قليلا جدا، حتى الذين حصلوا على شهادات في تخصص من هذا القبيل، تحولوا إلى مخرجين، مثلا عبد الكريم الدرقاوي الذي كان اختصاصه إدارة التصوير، أصبح مخرجا، لكن ابن أخيه كمال يعد من مدراء التصوير الواعدين. باختصار، أؤكد على أن هناك تقدما في المجال التقني، لكنه يعزى في الغالب إلى أجانب، بحيث لا تجد فرقا بين الفيلم المغربي والفيلم الأوربي، وهذا خلل ينبغي أنه نأخذه بعين الاعتبار، لذا لا تزال معاهدنا بحاجة إلى أن تقطع أشواطا كبيرة في تكوين الإطارات الكافية في أهم التخصصات السينمائية، حتى يصبح ممكنا في المستقبل القريب للإنتاج السينمائي أن يكون مغربيا تماما.