عندما استدعينا للقصر الملكي في يناير 1965 جريدة بيان اليوم تفتح أوراقا من ذاكرة فنان كبير، يعتبر من الرواد الأوائل والمؤسسين للمشهد الغنائي في المغرب، أمثال عبد القادر الراشدي، أحمد البيضاوي، المعطي بنقاسم، وغيرهم ... في هذا اللقاء مع الفنان عبد الواحد التطواني، الذي غاب عن الساحة الفنية وأضواءها لسنوات قبل أن يعود مرة أخرى بداية الألفية الثانية، حبا في الفن وفي الأغنية المغربية، اختارت جريدة بيان اليوم تتتبع مساره الفني الذي يؤرخ لزمن الأغنية الجميل لزمن مغربي آخر ولمسار فني امتد لما يزيد عن نصف قرن من الزمن في فاتح يناير من سنة 1965 ثم استدعاء الجوق الجهوي لإذاعة طنجة، إلى القصر الملكي بالسويسي الرباط بدعوة كريمة من الملك الراحل الحسن الثاني، كنا جميعا سعداء بهذه الدعوة، وصرت أسأل نفسي هل سأغني أمام جلالة الملك هل سأنال هذا الشرف؟ دخلنا القصر الملكي وجدنا أمامنا كلا من الجوق الجهوي لمدينة مكناس برآسة الراحل محمد بنعبد السلام، والجوق الملكي، كل جوق أخد مكانه ووبقينا ننتظر، ولم يطل الأمر فبعد مدة قصيرة خرج علينا الراحل الحاج سلام الفيلالي وقال بصوت جهوري للراحل عبد القادر الراشدي : «كيقوليك سيدنا باسم الله وسمعنا أعمالك.» أشار إلي الراحل عبد القادر الراشدي بالوقوف الى جانب الميكروفون، ثم بدأ الجميع في عزف قطعة فرحة طنجة كاملة حتى النهاية، أذكر جيدا ما خالجني من أحاسيس في هذه اللحظة وسني لم يتجاوز حينها ال 21 سنة، كان نوعا من الفرح لأنني أغني أمام الملك، ونوعا من الرهبة أيضا، حين الإنتهاء رجعت للجلوس بمكاني وبقينا ننتظر، ومرة اخرى خرج علينا الحاج سلام الفيلالي وقال : «الراشدي كيقوليك سيدنا عاودها مرة ثانية.»، وبالفعل قمت مرة أخرى بغناء نفس القطعة، ولكن هذه المرة بشكل أكثر وثوقا، انتهينا ورجعت وما كدت أجلس في مكاني حتى خرج الحاج سلام الفيلالي رحمه الله مرة أخرى وقال : كيقول ليك سيدي : عطاك الله الصحة، اجي انت وفرقتك باش تسلموا على سيدنا»، توجهنا إلى القاعة التي كان يوجد بها جلالة الملك، يتقدمنا الراحل عبد القادر الراشدي، الذي سلم أولا، ثم بدأ في تقديم أفراد الفرقة، حينما وصل دوري، سلمت على صاحب الجلالة رحمه الله، وقال لي : «تبارك الله عليك، هل تدخن ؟» أجبت بالنفي، إلتفت جلالته إلى الراحل عبد القادر الراشدي وقال له : «صوته شجي وقوي، ومطرب جيد، عليك أن تلحن له دورا» فأجابه الراشدي على الفور: حاضر نعم اسيدي. بعد هذا التشريف، قمنا بتسجيل قطع جديدة مثل قطعة زينت العرش بنورك بمناسبة عيد العرش، من كلمات الإعلامي المختار الحليمي ثم أغنية لي فات مايعود من كلمات حمادي التونسي، ثم أغنية كل خطوة شعبك راضي بمناسبة عيد الشباب ثم أغنية سيدي محمد العلوي بمناسبة عيد ميلاد ولي العهد انذاك جلالة الملك محمد السادس، وعلى سلامتك، ثم أغنية واد زيز، وأهلا بالحبيب بمناسبة زيارة الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، ثم أغنية ماشي عادتك هادي، التي لاقت نجاحا منقطع النظير. الحلقة القادمة: رفضت الالتحاق بالجوق الوطني بعد حل الجوق الجهوي لطنجة