حين أصبحت موظفا بجوق مدينة طنجة وصار راتبي 350 درهما الحلقة12 جريدة بيان اليوم تفتح أوراقا من ذاكرة فنان كبير، يعتبر من الرواد الأوائل والمؤسسين للمشهد الغنائي في المغرب، أمثال عبد القادر الراشدي، أحمد البيضاوي، المعطي بنقاسم، وغيرهم ... في هذا اللقاء مع الفنان عبد الواحد التطواني، الذي غاب عن الساحة الفنية وأضواءها لسنوات قبل أن يعود مرة أخرى بداية الألفية الثانية، حبا في الفن وفي الأغنية المغربية، اختارت جريدة بيان اليوم تتتبع مساره الفني الذي يؤرخ لزمن الأغنية الجميل لزمن مغربي آخر ولمسار فني امتد لما يزيد عن نصف قرن من الزمن عن طريق والدي تعرفت على أخبرت والدي بأن محمد بنعبد السلام اختارني لأكون عضوا بالجوق الجهوي لمدينة مكناس، ولكنني لا أعرف بعد هل اختارني كعازف ايقاع أو كمغني، فكانت اجابة والدي بأنه من الأفضل أن أقبل دعوة الراحل عبد القادر الراشدي، وأضاف : مادام سي عبد القادر اختارك وألح في طلبك «أكيد غادي يحطك فبلاصتك لي تستاهل»، أحسست من خلال إجابة والدي أنه يفضل أن ألتحق بجوق إذاعة طنجة الجهوي، وفعلا كان وبعد أن حزمت حقائبي واتجهت لمدينة طنجة، كل المسافة الفاصلة بين الرباطوطنجة خالجتني مجموعة من الأفكار وشريط أحداث حياتي مابين تطوان بنسليمان إلى الرباط ثم مكناس والأن أبدأ رحلة أخرى في اتجاه الشمال الذي ودعته على أمل بدأ مستقبل وغد جميل أحلم به، على هذه الأفكار نمت، استيقظت على ايقاع وصولي لمدينة طنجة، أول شئ سألت عنه مقر إذاعة طنجة ثم عن فندق قريب لمبنى الإذاعة، على الساعة الثالثة اتجهت إلى إذاعة طنجة وعرفت أن الجوق في مكان التداريب باستوديو 1، دخلت إلى استوديو واحد ولم أجد الراحل عبد القادر الراشدي ولكنني وجدت الموسيقيين الذين أعرف معظمهم واستأنفت معهم التداريب. بعد الإنتهاء من التمارين على قطعة فرحة طنجة، دخلنا مباشرة في التمارين على قطعة ظلمتيني من كلمات حمادي التونسي وبالطبع من ألحان الراحل عبد القادر الراشدي. اتصلت بوالدي لأخبره بالأنباء السعيدة، وبأنني سأسجل في القريب قطعتين ... حين الإنتهاء من التمارين لم تكن الظروف مواتية للتسجيل في إذاعة طنجة، فالأستوديو والذي يسمى حاليا استوديو عبد القادر الراشدي، كان يطل على الشارع زكنا طول الوقت نسمع أصوات وأبواق السيارات لذلك قررنا أن نؤجل تسجيل القطعتين الى ما بعد الثانية عشرة ليلا ولم ننته حتى حدود الساعة السابعة صباحا، وقد بدأت تذاع هاتان الأغنيتان بنفس اليوم، وبسرعة البرق وجدت القطعتان مكانهما في برمجة الإذاعة المركزية بالرباط وباقي الإذاعات الوطنية. مدينة طنجة بإذاعتها وأهلها أعطتني مفتاح الشهرة والإنتشار واعطتني الكثير ومن بين عطاياها أصدقاء رائعين فنانين وإعلاميين كالمختار الحليمي و محمد العربي المرابط ومحمد الزكاف و الأخت العزيزة فاطمة عيسى، وغيرهم. في ذلك الوقت كانت عناصر الجوق الجهوي لإذاعة طنجة يعتبرون من الموظفين التابعين للإذاعة والتلفزة المغربية وكان راتبنا يسمى كاشي صالير وكان لي راتب من الدرجة الأولى إذ بلغ في ذالك الوقت حوالي 350 درهم ولكنه تأخر لمدة ثلاثة أشهر مما جعلني أتصل بوالدي لكي يمدني ببعض المال، ثم وجدت نفسي مرغما أن أعود للملاهي الليلية بمدينة طنجة، ومن المضحك أن حرصي على النجومية والوظيفة من الدرجة الأولى ومبلغ 350 درهم في الشهر في الوقت الذي كان يمكنني ربح أضعاف هذا المبلغ ثلاث أو أربع مرات مقابل ساعات قليلة كعازف محترف على الة الإيقاع في الملاهي. في فاتح يناير من سنة 1965 ثم استدعاء الجوق الجهوي لإذاعة طنجة، إلى القصر الملكي بالسويسي الرباط بدعوة كريمة من الملك الراحل الحسن الثاني، كنا جميعا سعداء بهذه الدعوة، وصرت أسأل نفسي هل سأغني أمام جلالة الملك هل سأنال هذا الشرف؟ الحلقة القادمة: عندما استدعينا للقصر الملكي في يناير 1965