مسرحية الساروت تتألق على خشبة سينما الخيمة بباب الصحراء اختتمت مساء السبت الماضي فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان كلميم لمسرح الجنوب، بالاحتفاء بالفنانين المسرحيين عبد العزيز منتوك والحسين الشعبي، وذلك اعترافا بعطاءاتهما في مجال الإبداع المسرحي. وفي هذا السياق قدم كل من الممثل عزيز نافع والمخرج عبد اللطيف الصافي شهادتين في حق المكرم عبد العزيز منتوك، فيما قدم المخرج المسرحي حسن علوي مراني والناقد المسرحي سالم كويندي شهادتين حول «عريس الدورة» الكاتب المسرحي والممثل والناقد والإعلامي الحسين الشعبي، وتمت بالمناسبة تلاوة رسالة/ شهادة بعثها الدكتور مسعود بوحسين رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح. وشهد حفل اختتام هذه التظاهرة، التي نظمت على مدى ستة أيام تحت شعار «المسرح وسؤال الهوية»، عرض مسرحية «الساروت» التي ألفها الكاتب الحسين الشعبي، وأخرجها الفنان حسن علوي مراني، وشخص أدوارها بتألق كبير كل من خالد الزويشي وعدنان مويسي وسارة السفياني. وتنهض مسرحية «الساروت» على الانتصار لقيمة حقوق الإنسان في بعدها الكوني في نطاق حكاية تختزل مأساة مواطن اسمه «الساروت» يتعرض لضغط معنوي وتعذيب نفسي من قبل طبيب مكلف بإثبات صفة الحمق عليه. وتجري وقائع المسرحية داخل غرفة ما، في مستشفى ما، حيث «يتكلف طبيب نفساني بمعالجة شخصية «الساروت» معالجة استثنائية، فهو إذن مكلف بمهمة.. وتنحصر مهمته في محاولة الحصول على أكبر عدد ممكن من المعلومات لعلها تفيد في تكوين ملف «طبي / نفسي» حول شخصية «الساروت».. ويلتجئ الطبيب إلى تقنية الاستنطاق لجلب إقرارات مفترضة.. إلى درجة أننا لم نعد نفهم إن كان الأمر يجري في مستشفى أم في زنزانة أم في مخفر للشرطة؟ ومع توالي الأحداث يفطن الساروت للعبة، يتماهى معها، ينخرط في مسلسل للبوح، يحاول أن يفهم بدوره ما الذي يقع؟ إلى أن ينكشف المستور، ويبدأ السؤال عن حقيقة الطبيب وحقيقة الساروت...» حسب كلمة للكاتب أوردها في الملف الصحفي للعرض. وأبرز مخرج المسرحية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن العرض المسرحي «الساروت» الذي قدمته «فرقة نادي المرآة للمسرح بفاس» يعالج قضايا حقوقية وإنسانية لكن بطريقة فنية وجمالية، مؤكدا ما جاء في الورقة التأطيرية للعرض من أن مسرحية «الساروت» عبارة عن بوح حقيقي للواقع الحقوقي والقانوني، بل أسئلة للبحث المزدوج بين العدالة والحرية والبحث عن السلطة والتشبث بها بكل الوسائل... فتنقلب الوظائف والأفعال والأمكنة والأزمنة وتتشابك الألوان وتتفسخ بدون هوية.. وبأشكال لا حجم لها وبكلام لا طعم له.. مبرزا أن اللعبة المسرحية تتشكل في فضاء المسرح بدون ستائر ولا خلفيات لخلق فضاء يوحي بالأمكنة المتخيلة، وإتاحة فضاء رحب للعب المتخيل أو المفترض، ليصبح الممثل جزء أساسيا في تشكيل الفضاء بجسده وروحه الفاعلة والمتفاعلة مع الأفكار والأحداث الكائنة والممكنة... فشخصيتا «الساروت» و»الطبيب»، يضيف المخرج، كائنان مجسدان ويمكن استحضار من خلالهما كل الشخصيات الممكنة... التي يتيحها النص. وعن لغة النص الفاضحة والمستفزة، يقول المخرج إنه إذا كانت للغة أهمية التبليغ والتواصل والحكي.. ففي مسرحية «الساروت» «نرتفع بوظيفة اللغة إلى البحث في المفاهيم.. من ثمة اعتمدنا الملفوظ العنيف والصادم في بعض الأحيان بواسطة حوار جدلي حول مفهوم السجن والحرية والحق والظلم وارتباطهما بالإنسان والأحداث والأمكنة والأزمنة. فالدارجة المغربية غنية بالدلالات والحقول الترميزية التي تفتح العيون والعقول على المعنى والمدلول». يشار إلى أنه تم تقديم، خلال هذه الدورة بسينما الخيمة، مجموعة من العروض المسرحية وهي «الريح» لفرقة أدوار للمسرح الحر من كلميم «الجمعية المنظمة» و»حكاية سندريلا « لفرقة أكابار للثقافة والفنون من أكادير و»آش داني» لفرقة أرلوكان من مراكش و»دور لانتير» لفرقة جسور من سلا و»المسار» لفرقة مسرح الشباب والرياضة من العراق. وتضمن برنامج هذه الدورة، التي حملت هذه السنة دورة الفنان المسرحي الحسين الشعبي، تنظيم ندوة حول موضوع المسرح وسؤال الهوية، بمشاركة ثلة من الباحثين المغاربة وورشات تكوينية في التشخيص. وتتطلع الجمعية، من خلال تنظيمها لهذه التظاهرة الفنية، إلى ترسيخ هوية خاصة بها تميزها عن باقي المهرجانات المسرحية في العالم العربي وإفريقيا. وحسب بلاغ لإدارة المهرجان، فإن جمعية أدوار للمسرح الحر تسعى إلى إعادة بناء الحركة المسرحية بالإقليم انطلاقا من تأهيل العنصر البشري الممارس عبر تكثيف الورشات التكوينية وإنشاء فرقة احترافية تحتضن مختلف المهن المسرحية، وتنظيم مهرجان للمسرح يعكس هوية المنطقة ويساهم في تحقيق إشعاعها. كما تعمل على تكريس حضور قوي للفعل الثقافي والمسرحي في الساحة الثقافية المحلية واستثماره في إشعاع الإقليم، استنادا إلى نهج تشاركي يسمح بتعبئة كافة الطاقات المحلية وتوظيفها إيجابيا، وتنويع الموارد المالية والمادية واستقطاب شركاء ذاتيين ومعنويين محليا ووطنيا والاستثمار الأمثل للبنيات الثقافية المتوفرة وتطوير أدائها خدمة للفعل الثقافي الجاد. شهادة نقيب المسرحيين المغاربة في حق الأستاذ الحسين الشعبي الفنان المتعدد والممثل المقتدر والكاتب المسرحي العميق والملتزم والنقابي المحنك أولا أتقدم بالشكر الجزيل لفرقة المسرح الحر ولمنظمي هذا المهرجان، على هذه الالتفاتة الكريمة، وهذا التكريم المستحق في حق الزميل والصديق والمبدع الفنان الحسين الشعبي. الفنان المتعدد الذي تتعدد مساهماته بتعدد مواهبه، وانفتاحه وقدرته على العطاء في مجالات مختلفة، دون كلل أو ملل. فهو الممثل المقتدر، والكاتب المسرحي العميق والملتزم، والصحفي المتتبع، والنقابي المحنك. ولذا فحين نكرم هذا الرجل أو نحتفي بتجربته، فنحن نحتفي برجل متعدد، وبتعدد قدراته وخدماته وعلاقاته الإنسانية العميقة. من يعرف الحسين الشعبي يعرفه خدوما ودودا، ويعرفه أيضا كتوما صدوقا وحكيما مترويا. لقد عرفت الأستاذ الحسين الشعبي مناضلا مثلما عرفته صحفيا وفنانا، فإذا كان المجال الفني عرف الأستاذ الحسين الشعبي منذ السبعينات، وكذلك المجال الصحافي... فقد كان ولايزال أحد المؤسسين الكبار للحركة النقابية الفنية بالمغرب. ولذلك نعتز داخل النقابة المغربية لمحترفي المسرح بهذا المناضل الكبير، الذي قدم للحركة النقابية الفنية الشيء الكثير ولايزال... فحينما ننشد الحكمة والتروي، وننشد حصافة الرأي فللأستاذ الحسين الشعبي فيهما الباع الطويل؛ وحينما نتطلب صلابة الطبع وقوة الحجاج والثبات على المواقف فلمكرمنا فيها نعم الطبع والسلوك. ولذلك لا يسعنا في هذه اللحظة الجميلة، لحظة العرفان والاعتراف، إلا أن نقول لك: أطال الله في عمرك أيها الصديق العزيز والفنان المبدع، والمناضل الفذ حتى نراك بيننا دائم التألق، وشكرا جزيلا لكل ما قدمته وما ستقدمه، لأننا نعرفك مهووسا بالعمل والنضال والتفاني في خدمة الفن والفنانين. مسعود بوحسين رئيس النقابة المغربية لمحترفي المسرح