تواصلت فعاليات الملتقى المغربي- الإماراتي حول السرد في الإمارات العربية المتحدة الذي نظمته شعبة اللغات بالمدرسة العليا للأساتذة بجامعة عبد المالك السعدي بتعاون مع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وبدعم من المجلس البلدي لمدينة مرتيل، بإقامة ندوات نقدية حضرها عدد من الباحثين المغاربة والطلبة فضلا عن كتاب وكاتبات الإمارات العربية المتحدة بقاعة الندوات. الجلسة النقدية الأولى التي ترأسها، وأدارها باقتدار عبد اللطيف محفوظ، افتتحت بمداخلة جاءت في سياق ما تطرحه الرواية النسائية من أسئلة استطيقية وثقافية للباحث محمد بوعزة، قارب فيها «انتهاك النسق في رواية» السقوط إلى أعلى « لفتحية النمر، استراتيجية السرد النسوي في النص، حيث تمحورت قراءاته على توضيح المسارات التي تخلقها الحكاية الفردية للبطلة داخل مجرى الحكاية العائلية. وبين أن الوعي النسوي للبطلة المرأة هو ما يمثل حافزا مدشنا لهذا المسار الجديد (مسار التمرد ) في حياتها. فالرواية مكتوبة بوعي نسوي مرهف، ذلك أن البطلة على وعي بشروط استلابها وقهرها. امرأة واعية بذاتها وبقضاياها النوعية، مثل الحب والجسد الأنثوي والحرية. بهذا الوعي النسوي النقدي تخوض مغامرة الخروج عن نسق الثقافة الأبوية المتحيزة ضد المرأة. ومن ثم تتأسس دينامية السرد في الرواية على مبدأ المواجهة بين الحكاية العائلية والحكاية الفردية. مواجهة يعلن انطلاقها فعل تمرد البطلة على سياسات النظام الأبوي، واستبدالها بسياسات الرغبة في الاختيار والحرية وتقرير المصير. هذا الخروج يضع البطلة في مواجهة اختبارات وتحديات معقدة، تؤشر على الطبيعة الإشكالية لشخصيتها. وفي إطار هذه القراءة الطباقية التي تواجه بين المسارين(الحكاية العائلية والحكاية الفردية)، ركز الباحث على كشف استراتيجية السرد في الرواية، بالتأكيد على طبيعتها الانتهاكية، باعتبار رواية «السقوط إلى أعلى» رواية نسوية تنتمي إلى السرديات البديلة، وهو ما يؤكده النص عبر عمليات تأنيث الحكاية وتذويت السرد والتحفيز السيكولوجي للحكاية. وتأسست منهجيا ورقة الباحث عبد الرحمن التمارة على ثلاثة محاور مسبوقة بمدخل ومختومة بخلاصة. حيث انصبت المداخلة في محورها الأول على مقاربة ثقل التاريخ في الرواية مما أفضى لسطوة المأساة وسيطرتها على الذات النصية، وفي محورها الثاني اقترنت المداخلة معالجة قضية اغتراب الذات التي واجهت وضعها بخفة الكتابة، وفي محورها الثالث ارتبطت بالحكي الاستعادي الذي أفضى لتشغيل الذاكرة و الانفتاح على تعدد المحكيات و توظيف اللغة الشاعرية. لهذا تبين من المداخلة أن رواية «آخر نساء لنجة»، للروائية والقاصة الإماراتية لولوة المنصوري، تستند على السرد الاستعادي، مما جعل الذاكرة مفتوحة على التواريخ المتعددة للذات الساردة، ومقترنة بعوالمها المختلفة. إنها وضعية سردية تحيّن الماضي عبر التذكر والاسترجاع، فتتولّد حكايات متنوعة تبرز ثقل التاريخ المستعاد، وتكشف اغتراب الذات الساردة في مواقف وأزمنة وسياقات متنوعة. وبذلك، ترصد رواية «آخر نساء لنجة»، كما ورد في مداخلة الناقد، بمنطق فني ووسائط جمالية، سيرة متخيلة لذات أنثوية عرفت تحولات مختلفة في مسارها الوجودي، فتبدّت الذات النّصية مشدودة لأزمنة ماضية تستعيدها بسلطة الذاكرة. وحملت مداخلة الباحث عبد اللطيف الزكري عنوان:الذات والحياة قراءة في قصص نوارس تشي غيفارا لمريم الساعدي، وقد تكونت هذه المداخلة من ثلاثة محاور كبرى هي:أولا:ماهية الذات في قصص المجموعة.ثانيا:الحياة في قصص نوارس تشي غيفارا.ثالثا:جمالية اللغة القصصية في مجموعة نوارس تشي غيفارا. كل قصص هذه المجموعة تعبير عن تجربة الذات في الحياة،وأي ذات هي ذات مفكرة ومتأملة ومتخيلة.وليس هناك تساو بين الذوات عند التفكير والتأمل في الحياة أو في تخيل عوالم هذه الحياة.إن الفارق بين ذات وذات هو فارق جمالي.ولذلك فساردة قصص نوارس تشي غيفارا هي في الغالب ذات عارفة أو ترغب في المعرفة، ذات محبة أو ترغب في الحب.ذات تفكر أو ترغب في التفكير. تتحقق الذات كينونة وفعلا في خوضها تجارب الحياة المختلفة بيد أن التجربة العامة التي تشترك في تفصيلها بدقة كل قصص هذه المجموعة هي تجربة العمل. إن قصص نوارس تشي غيفارا تقول شيئا وتعنيه كما تعني شيئا آخر يتعداه على سبيل الترميز.وفي هذا الترميز بالذات تكمن جمالية لغة هذه القصص حكائيا وفنيا. وتطرقت الباحثة سعاد مسكين في ورقتها المعنونة ب»التخييل وبناء الدلالة في المجموعة القصصية خلف الستائر المعلقة، للقاص محسن سليمان إلى السياق السوسيوثقافي الذي أسهم في إنتاج القصة الإماراتية ، وعملت على موضعة تجربة القاص ضمن تجربة الكتابة القصصية الإمارتية، وعرضت إلى مظاهر التخييل في المجموعة القصصية من خلال الوقوف عند التخييل باعتباره تجربة مفارقة للواقع، وركزت على منظور القاص لوضعية المرأة، وعبر عن هذه الوضعية باعتماد نمطين من الخطاب: النمط الاسترجاعي، والنمط الاستيهامي، كما حددت المظهر الثاني في كونه غوصا في الطبقات السفلى، الشيء الذي ميز الكتابة بالصدق الفني، ويبرز المظهر الثالث في كون التخييل حالة ذهنية. وربطت المظهر الرابع بانفتاح التخييل على أشكال تعبيرية أخرى كالمسرح والسيناريو باعتبارها أشكالا تجريبية تخلق المغايرة في الكتابة القصصية لدى محسن سليمان.وأخيرا تنظر الباحثة إلى التخييل بكونه عالما دلاليا يجعل العوالم السردية تندرج ضمن عوالم ممكنة لا تنتهي بانتهاء القصة، إنما تمتد إلى ما لا نهاية. أما الجلسة النقدية الثانية التي ترأسها د.الإمام العزوزي افتتحت بمداخلة «تسريد الحكاية في طوى بخيتة و الحَدَال» التي قدمتها الباحثة سعيدة تاقي بتريث نقدي عند روايتين اثنتين؛ هما «طوى بخيتة» للروائية مريم الغفلي و»طروس إلى مولاي السلطان كتاب الحَدَال» للروائية حصة الجروان الكعبي. وقد خلصت الورقة إلى أن رواية «طوي بخيتة» تستعيد لحسابها السردي الخالص، العلاقة التي تربط الإنسان بالصحراء بانسياب بسيط، يستدعي الحكاية الشعبية المروية شفهياً، دون أن يتورط في الاشتغال على البناء الدرامي للشخصيات أو على تسريد الحكاية. إن الرواية تترك الحكاية «أمثولةً» لعالَمٍ أرضي تتحقق فيه العدالة و القصاص؛ فيعاقَب الظالمُ و يكافأ الصّبور و يجازى الطيب. يصوغ السرد نسيج تلك الأمثولة، عبر عيني الطفلة شما المشدودتين ببراءة نحو الاندهاش و الاستكشاف والتبسيط. وفي المقابل اهتم السرد بتوصيف المكان ومؤثثات الحياة في الصحراء بالمعجم البدوي. واهتم بتمجيد الكفاح من أجل الاستمرار والصمود والتحايل على القحط بالترحال المتواصل ذهابا و إياباً بين المقيل عند القحط والديار عند الرّواء. فقد كانت عودة الرواية إلى زمن ما قبل اكتشاف النفط في الإمارات العربية، وفاءً من الرواية للوطن و لجهد التشييد، مثلما كان استحضار الموروث الشعري الإماراتي وفاء للأصل الشعري الذي لا تستطيع الحكاية و هي تخوض محك السرد أن تخونه. أما عن رواية «الحَدَال» فقد اعتنت الورقة بالاشتغال على مستويين اثنين. أولهما الحكاية الإطار التي تستدعي بنية المروية الشفهية القائمة على التقابل والمُعاينة؛ حيث تحكي السلطانة/الرّاوية للسلطان/المَرْوي له كلَّ طروس الرواية السبعة عشر. غير أن السرد، رغم استحضاره لبنية ألف ليلة وليلة، لم يتوغل في تسريد تلك الحكاية الإطار، و تركها تصديراً يسبق الطروس ويرتب حكاياتها. وثانيها تسريد الحكايات العديدة في الرواية التي اتسعت لتشمل الخراريف الشعبية الموروثة، وحكايات قبيلة بني كعب وحكايات حصّة جمعة بن عتيج الكعبي وحكايات الإمارات المتصالحة قبل مدنِية النفط وأمجاد التشييد. ومثل خطاب «طوى بخيتة»، احتفى الخطاب في»الحَدَال» بالمعجم البدوي وبالموروث الشعري الإماراتي وبتوصيف طقوس الحياة والأشياء والفضاءات والموجودات والمشغولات.. وبين الروايتين كان تأنيث الفضاء السردي والحكائي يقاوم قيم الهيمنة السائدة رافضاً ما يلحق الأنثى من ظلم. لكن المحكي كان يرفع صوته عالياً بمصالحة ذلك السائد و بتجميله. انطلق الباحث عماد الورداني في مقاربته لمجموعة «اعتراف، اعتراض، رجل» للقاصة عائشة عبد الله من التعالقات الحاصلة بين المتخيل والمرجعيات التي تشكل مداره، باعتبارها مجالا يسهم في تشكيل التمثيل السردي، ثم انتقل إلى تحديد مفهوم التمثيل في مجالات مختلفة منها الفلسفة وعلم النفس المعرفي والتداوليات، لينتقل الباحث إلى الاشتغال على الفرضيات التي انطلق منها، والمتمثلة في رصد التمثيل السردي للذكورة والأنوثة دلاليا وشكليا، أما التمثيل الدلالي للذكورة والأنوثة، فقد انتهى الباحث إلى أن الأنوثة تنبني على نفي الذكر عن طريق تشييد تمثل ذهني ينتصر للأنثى باعتبارها أصلا وباعتبارها خلاصا، بينما الذكر يتعرض للنفي والتأجيل. حيث تعامل الباحث مع الدلالة في بعدها الاحتمالي، وهو ما جعله يحاور النصوص القصصية بهدف الكشف عن المسكوت عنه. أما من الناحية الشكلية، فقد رصد الباحث جملة من العناصر السردية البنائية التي أسهمت في تعميق التمثيل السردي للأنوثة والذكورة من قبيل السارد الإله الذي يتحكم في الشخصيات ويتدخل بعنف ليدين المواقف، ومن قبيل المكان الذي جعلته المجموعة خلفية عمقت أزمة الذكر، ثم الزمن الضبابي الذي أزم وضعية الذكر، لينتقل الباحث إلى رصد تقنية الحذف وكيف أسهمت في خلخلة النسق الذكوري مقابل الاحتفاء بالأنثى، ثم خلص الباحث إلى جملة من النتائج، لقد حاول الباحث أن ينطلق من النصوص القصصية في أفق تمثلها، وتفسيرها، وتأويلها على نحو يخدم القضية التي يدافع عنها. في حين قارب الباحث عبد العزيز الراشدي في مداخلته «اقتصاد الكتابة في مجموعة(الرحلة رقم 8)» للكاتبة»ريا مهنا سلطان البوسعيدي»انطلق فيها من اقتصاد الكتابة عند القاصة يقوم على ثنائيات ضدّية عديدة، مركّزا فيها على عناصر: الفضاء واللغة والموقف والجسد. متوقفا بداية عند عنوان المجموعة بوصفه رحلة مفترضة عبر الحياة، أي رحلة زواج ممتدة في الحياة تعاني فيها المرأة معاناة شديدة. منتقلا بعد ذلك إلى الحديث عن غرام عام بالفضاءات جعل الكاتبة تضع بعض عناوين المجموعة أمكنة، ففي النص الأول المعنون ب(رمل) نجد حكاية التحام بالأرض، كما تتنوع الفضاءات وتتعدد، ممثلا بالنص الأول في المجموعة حيث يجد الباحث فضاءين متقابلين: فضاء واسع هو الصحراء، وفضاء فارغ موحش ضيّق يحتاج الخصوبة هو رحم المرأة. ويتوافق الزمن والفضاء داخل المجموعة في تناغم عجيب، حيث يتداخل المكونان مستعينين بتقنية الوصف، ويتّفقان في صياغة وضعية الشخصية في الفضاء. فالمرأة التي تُدفن في الرّمال، لا تُدفن دفعة واحدة، بل تُدفنُ على دفعات متعاقبة متكررة، تصف خلالها الكاتبة عملية الدفن وزمنها. ليندفن مع المرأة وجودها وذكرياتها وأحلامها، وأيضا واقعها وأحبابها. كما استطاعت الكاتبة أن ترسم ملامح لغة قصصية تعرف كيف تصل إلى القارئ، وتتحدّى السّائد. ذلك أنّ العالم القصصي في المجموعة يتشيّد بحبات اللغة الشعرية مثل سُبحة فريدة، إذ لا مجال لأي إضافة أو ترهّل في أغلب النصوص. فيما يقوم اقتصاد الجسد في المجموعة على بناء تصوّر يتساوق مع التصوّر الايديولوجي الذي تحمله الكاتبة حيال العالم، ويحمل تأمّل الجسد في المجموعة همّ الخوف من المجهول والآخر. لينتهي إلى في الأخير إلى رصد تمظرهات الجسد في النصوص، حيث الجسد المُتعب العامل يسقط ليلا بعد أن ينهدّ، ثم الجسد المستباح والجسد المسجون، إضافة إلى الجسد المشوّه القبيح في نصّ(النهار)، حيث يتّخذ الجسد المشوّه مسارات ملتهبة تشي بالقتل والنفي والخراب، فشكل الجسد المقبول أساسي في تحقيق الانتماء، والكاتبة حرصت في النهاية على الانتصار للجسد المشوّه، في تعبير أخلاقي عن الحالة. أما الباحث يوسف الفهري فقد قارب في مداخلته»السرد في المجموعة القصصية «رجل مجنون ... هل فعلا أحبه؟! للقاصة فادية إبراهيم منطلقا من قدرة محكياتها على اختزال عوالم الذات الإنسانية وهي تجترح متخيلا يمتاح من الماضي الذي يفجر التفاصيل في لحظات الحاضر استشرافا للمستقبل. إنها محكيات رسمت بأنامل السرد لتعزف على أوتار إيقاع لغة شاعرة. فقصص المجموعة انتظمت على شكل بنية سردية طويلة، تكاد تتناظر وتتسلسل الأحداث وتتعاقب. قد تكون القصة القصيرة جدا التي بدأت تتشكل باحثة عن مقوماتها وخصائصها من داخل جنس القصة. متوقفا عند تيمة المرأة/الأنثى التي تحضر في المجموعة كتيمة محورية. تعمل على تبئير القراءة باعتبارها كتابة أنثوية الموضوع والحدث والسرد والرؤية واللغة. لينتهي إلى أن المجموعة القصصية عكست رؤية عميقة إلى الحياة، يمتزج فيها الذاتي بالموضوعي لسبر أغوار الحياة بتقنيات سردية تنفذ إلى جوهر النفس الإنسانية. إن هذا الجوهر هو ما يلمسه الباحث في جل قصص المجموعة، التي انفلتت من التسجيلية والسيرية المباشرة وانعتقت من مادية الزمان والمكان والشخوص، وصورت أزمة العقل العربي من خلال موضوع المرأة الكاشف عن واقع مأزوم و آليات تفكير معطوبة. أما الباحث محمد العناز فقد قارب في مداخلته «سردية الماء في مجموعة «تأمل في شتاء جميل» للقاصة آمنة عبيد الشامسي متسائلا بداية عن إمكانية الحديث عن الماء باعتباره فعلا سرديا. ذلك أن الماء ظل لصيقا بالشعر، سواء باعتباره توصيفا نقديا، أو موضوعا شعريا كقصائد الجاهليين التي تحتفي بالمطر، أو بوصفه بعدا صوفيا حاضرا في الشعرية الحديثة، أما السرد فقلما نلتفت إلى حضور الماء سواء كمنجز نصي أو توصيف نقدي، علما أن السرد ظل لصيقا في ثقافتنا بالماء باعتباره لا مفكر فيه متخذا من الماء باختلاف تمثلاته موضوعا لورقته، متوقفا في البداية عند الكتابة بوصفها نتاجا تفاعليا مع الوضعية التواصلية «المطر نموذجا»؛ ذلك أن القاصة تكتب نصوصها وهي واقعة تحت تخدير اللحظة بكل تفاصيلها، حيث يلمس الباحث استثمارا قويا لحالة الطقس، فالماء بتمثلاته المختلفة يتدفق من النصوص متخذا مسارات مختلفة: الماء باعتباره وسيلة للانكتاب داخل النص، فصوت المطر يشكل استراتيجية نصية حددت وظيفته في إيقاظ الحكي، ودفعه نحو البحث عن الحكاية، على هذا النحو تتحول الوضعية التواصلية إلى موضوع للكتابة، ويتحول الشتاء ببرودته وقسوته إلى تمثل معيشي، يستمتع به السارد وهو يرتشف كأس شاي دافئ.. وإذا كان الماء باعتباره منبها أيقظ البطل من سباته وحرضه على الكتابة، فإن الماء كذلك في النص نفسه سيشكل مدعاة للتوقف عن الكتابة. لينتقل بعد ذلك تحت هاجس الحفر في المجموعة إلى الحديث عن الماء بوصفه صورة شعرية مفتوحة، حيث تتعامل الكاتبة مع الماء بوصفه صورة متورطة في الحياة، والذات» هي تحسب أنه قالب ثلج لا يذوب أبد..هو يحسبها أشد حرارة من البركان» –يضيف العناز-إن الجملتين السرديتين تختزلان مفارقة دلالية عميقة، تشكلت عن طريق التطابق الإيقاعي والتصويري، حيث نواجه تفكيرين جذريين متناقضين: الأنثى وهي تشيد صورة تسترفد من الماء في أقصى تمثله حينما يصير جليدا، حيث تتمثل الأنثى الذكر باعتباره قالب ثلج جامد، يستبطن داخله التجاهل واللامبالاة وعدم التفاعل. أما الذكر فهو يشيد صورة مغايرة ترتبط بالحرارة في أقصى تمثلها حينما تصير بركانا باعتبار هذا التمثيل يحيل إلى المشاعر والأحاسيس، والمفارقة الدلالية حصلت على مستوى التناقض الصارخ الذي حصل بين الجليد/البركان، وهو تناقض ضدي تاريخي يدخل ضمن العناصر المشكلة لتكون الكون. ليختتم ورقته بالحديث عن الماء باعتباره موضوعة يحضر كخلفية دلالية تنهض عليه بعض نصوص المجموعة، ممثلا له بنص «شتاء» الذي سيسير في مسارين دلاليين مختلفين: المسار الخطي المتمثل في الحكاية الرومانسية التي انتهت بالفشل في تحقيق الرغبة. بينما المسار المتعرج أو المتشعب، فيكمن في رمزية الماء باعتباره خلفية اتخذت وظائف مختلفة: البعد التزييني التأثيثي، والذي عبر عنه المنجز اللفظي الآتي: «واصلتا المسير على ذاك الطريق المتعرج المتوشح بالثلج»، ومنجز لفظي آخر قام بنفس الوظيفة «أخذتا تشاهدان حبيبات الثلج»/ البعد النفسي الدال على المأساة: «ذرفت دموعا حارة بصمت»/البعد الثقافي: «ربما يعود عندما يرحل الشتاء. لينتهي الباحث إلى الكاتبة الشابة تستثر بوعي أو بغير هذه المادة بأبعادها المعرفية المغايرة. كما انعقدت جلسة قصصية أبدع في إدراتها عبد العزيز بوعيشية، شارك فيها أعضاء وفد من القصاصين والروائيين المنتمين لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، المكون من عبد الفتاح صبري، وصالح هويدي، ولولوة المنصوري، ومريم الساعدي ومحسن سليمان، وعائشة عبدالله، وفتحية النمر، وفادية إبراهيم وآمنة الشامسي. واختتم الملتقى أشغاله بجملة من التوصيات: استمرار التواصل بين مبدعي البلدين الشقيقين من خلال إعطاء الملتقى صفة الديمومة والاستمرار وإقامته على نحو دوري « كل سنتين « على أن تكون الدورة القادمة في الشارقة، توثيق أعمال الملتقى وطباعتها في كتاب من نسختين إماراتية ومغربية، إشراك النقاد والكتاب المغاربة في أنشطة نادي النقد التابع لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات لإلقاء الضوء على الأدب والإبداع الإماراتيين وفق تخطيط وتنسيق مشتركين بين الطرفين. *كاتب مغربي