في مسيرة رمزية شهدها وسط العاصمة الرباط صباح أمس الأحد، رفع العشرات من النساء والرجال مكونات التحالف المدني لتفعيل الفصل 19، والذي يضم مجموعة من مكونات الحركة النسائية، والحقوقية والنقابية والإعلامية، شعارات تندد بالتماطل الذي يعرفه تفعيل الفصل 19 من الدستور الجديد الذي ينص على مبدأ المساواة بين الجنسين في التمتع بكافة الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز كآلية تسهر على ضمان المناصفة داخل الوطن الواحد بين النساء والرجال بل ومختلف الفئات. شعارات عديدة صدحت بها المشاركات والمشاركون ورفعت بشأنها يافطات توزعت بين مطلب تفعيل الدستور والحق في المساواة ومحاربة التمييز و»التشرميل» ضد النساء أي العنف بكل أشكاله، خاصة الاغتصاب الذي مافتئت ترتفع ضحاياه يوما بعد يوم، حيث كتب على إحدى اليافطات «الأمن في الأماكن العمومية حق للنساء»، كما تمت المطالبة بفك العزلة عن النساء القرويات، واستفادة النساء الأرامل من المعاش بنسبة مائة في المائة عوض 50 في المائة الجاري بها العمل حاليا، وإنصاف النساء السلاليات... وأفادت فوزية العسولي منسقة التحالف الجهة المنظمة لهذه الحركة الاحتجاجية، في تصريح لجريدة بيان اليوم، خلال هذه المسيرة التي كسر تنظيمها إيقاع الرتابة الذي يعم كل صباح أحد بالعاصمة، أن نزول ممثلي مكونات التحالف المدني لتفعيل الفصل 19 إلى الشارع يأتي كرد على إصرار الحكومة على عدم التفاعل والتجاوب مع مطالب الحركة النسائية الخاصة بحماية النساء من العنف والتمييز، وغياب تشريعات مناسبة وفعالة للقضاء على العنف ضد النساء، واستمرار الإفلات من العقاب بأشكاله المتعددة، خاصة، تضيف المتحدثة، وأن التحالف سبق ووجه في هذا الصدد رسالة إلى رئيس الحكومة يخبره بتنظيم هذه المسيرة والدوافع الأساسية للقيام بها، والتي ترتبط بمطلب إشراك المجتمع المدني والحركة النسائية في صياغة السياسات العمومية، ومطلب أساسي ممثلا في تفعيل الفصل 19 من الدستور، والذي بات أمرا استعجاليا بالنظر لأوضاع النساء التي تزداد سوء، حيث ضمن الرسالة معطيات رقمية تظهر بشكل واضح مختلف التراجعات والانتكاسات بل والمس الخطير بحقوق النساء خاصة فيما يتعلق بسلامتهن الجسدية حيث تفصح المعطيات عن تفاقم ظاهرة العنف وأعمال الاغتصاب في حقهن، فضلا عن الركود المسجل على مستوى تمكينهن السياسي ومواقع اتخاذ القرار، والنسب المرتفعة للبطالة والفقر والأمية في صفوفهن، وارتفاع نسبة زواج القاصرات وما ينتج عن ذلك من آفات اجتماعية خطيرة إحدى أبرزها الطلاق والأطفال المتخلى عنهم، لأنه لا يمكن لزوجة في عمر الطفولة أن تعي ما معنى مؤسسة الزواج، فالأحرى أن تواجه متطلبات الحياة في حال الطلاق. واعتبرت العسولي أن تجاوز مختلف أوجه هذا التردي الذي تعاني منه أوضاع النساء لن يتم إلا بتفعيل المبدأ الأساسي وهو المساواة، وتفعيل الفصل 19 بما يتضمنه من إحداث فوري لهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وتمكين النساء من جميع حقوقهن إسوة بالرجال، بوضع سياسات عمومية جديدة لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء وضمان تمثيلية أفضل لهن في مواقع السلطة، سواء في المجالس الإدارية، مجالس المراقبة والمراكز المالية، ناهيك عن رفع حالة التجميد عن القانون الإطار الشامل للقضاء عن العنف المبني على النوع والذي كان مثار ملاحظات من قبل الحركة النسائية والحقوقية، إذ تمت إحالته منذ أشهر على لجنة وزارية لتعديله دون أن يتم إخراجه لحيز الوجود إلى حدود يومه، وكذا المراجعة الشاملة للقانون الجنائي ومراجعة كل التشريعات الوطنية (قانون الأسرة، قانون الجنسية، قانون الشغل، القانون المدني) لضمان وحماية الحقوق الإنسانية للنساء. ويشار إلى أن المعطيات التي تضمنتها الرسالة التي رفعها التحالف المدني لتفعيل الفصل 19 إلى رئيس الحكومة، تمحورت حول ظاهرة العنف، الذي تصل نسبة النساء الضحايا اللواتي كن عرضة له إلى 62 ٪ من بين النساء، تتراوح أعمارهن بين 18 و64 عاما، وذلك وفقا لمعطيات المندوبية السامية للتخطيط، وظاهرة الأمية حيث يستمر ارتفاع معدلها لدى النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 10 سنوات فما فوق بنسبة تصل إلى 50.8 ٪ . كما قاربت الرسالة مسألة محدودية وصول المرأة إلى مواقع القرار في الوظيفة العمومية والمناصب العليا في الإدارة حيث تظل النسبة محدودة للغاية، 6% من الكتابات العامة في 2013 فقط و11 في المائة مديرات و 16٪ سفيرات في حين أنهن يشكلن 31.4 في المائة من الأطر العليا والمهن الحرة و41.9 من الأطر المتوسطة.