أطلقت فعاليات حقوقية مغربية حملة وطنية ضد العنصرية، تحت شعار «ما سميتيش عزي»، وذلك تزامنا مع تخليد اليوم العالمي لمناهضة العنصرية بمختلف مظاهرها وتجلياتها داخل المجتمع. الحملة التحسيسية المذكورة تندرج في سياق قرار المغرب تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين جنوب صحراويين، وهي تروم توعية المجتمع بمدى أهمية محاربة العنصرية حتى على مستوى الألفاظ والخطاب، فضلا عن الممارسة والسلوك. قد يكون استعمال التعبير الموضوع كشعار للحملة لدى بعض مواطناتنا ومواطنينا مجرد كلام مألوف لا يقصد منه الإيذاء، ولكن مع ذلك، فإن محاربة التمييز والعنصرية في القول وفي الإيحاء مسألة ضرورية، وتعتبر من صميم مساهمتنا جميعا في تقوية ثقافة الانفتاح والقبول بالآخر وسط شعبنا، وأيضا في إطار احترام الكرامة الإنسانية لكافة البشر، خاصة أن من بيننا نحن أيضا من هم ببشرة سوداء، ناهيك عن الانتماء الإفريقي المشترك لنا مع شعوب بلدان الساحل جنوب الصحراء. المبادرة المدنية المتحدث عنها هنا تقوم على محاولة تغيير القناعات والتعبيرات السلوكية واللفظية ذات الحمولة التمييزية على أساس لون البشرة أو الجنسية، وهي بذلك تشتغل على التمثلات الثقافية، ما يقتضي تكرارها باستمرار، وجعلها أيضا ممتدة لتشمل المؤسسات التعليمية والمقررات الدراسية، وأيضا وسائل الإعلام والإنتاجات الفنية، وتكون مفتوحة على مبادرات مماثلة أخرى لمختلف المنظمات المدنية والمؤسسات الوطنية. إن إعادة الاعتبار ليوم للعمق الإفريقي للمغرب لا تقتصر فقط على السياسة والاقتصاد والتجارة ومقتضيات العمل الديبلوماسي ومصالح الدول، وإنما الأمر يجب أن يشمل الروابط الثقافية والروحية والشعبية، بما في ذلك تمثلات شعبنا عن الشعوب الإفريقية، وتواصله الإنساني معها بلا تمييز أو حط من الكرامة، وهذه الجوانب هي التي تحفظ لارتباط الدول استمرارها وتطورها ومتانتها. من جهة ثانية، تكشف حملة «ما سميتيش عزي» عن تطور واضح وسط فئات من شعبنا وحركتنا الجمعوية، ذلك أن فعاليات مغربية هي التي اختارت اليوم «استفزاز» هذا التمثل الشعبي، وانخرطت في مبادرة تواصلية وتحسيسية ميدانية لتحفيز المواطنات والمواطنين على محاربة العنصرية والتمييز، وعلى تمثل قيم المساواة والانفتاح واحترام كرامة البشر. وكما فتح نسيجنا الجمعوي الوطني مجالات عمل جديدة باستمرار، سواء في العلاقة مع حقوق المرأة وحقوق الطفل وعلى صعيد القضايا الاجتماعية، أو لمناهضة عقوبة الإعدام وزواج القاصرات، فهو أيضا يواصل الانفتاح، بالمطالب والمواقف والشعارات والمرافعات والتحركات الميدانية، على قضايا كونية وإقليمية متعددة، من القضية الفلسطينية إلى التضامن مع الشعب السوري، وقبله مع الشعب العراقي، ثم اليوم لمحاربة كل التمثلات العنصرية والتمييزية ضد الشعوب الإفريقية، بما في ذلك داخل مجتمعنا، وكل هذا يؤكد الدينامية الواضحة التي تميز مجتمعنا المدني، ومسؤوليتنا جميعا لصيانتها وتطويرها باستمرار لتعزيز المسار العام لبلادنا من أجل الديمقراطية والمساواة والانفتاح والحرية والحداثة والتقدم. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته