آن الأوان لإعطاء دفعة قوية وحاسمة لتحقيق إصلاح عميق في منظومة التكوين الموسيقي دعا وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي، خلال يوم دراسي انعقد بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط حول المعاهد الموسيقية، أول أمس الثلاثاء، «لإعطاء دفعة قوية وحاسمة لتحقيق إصلاح عميق يجعل تعليمنا الموسيقي يستجيب لتطلعات وانتظارات الفنانين والمتلقين والمولعين بفنون الموسيقى والغناء والكوريغرافيا، ويتماشى مع ما تزخر به بلادنا من عمق حضاري وتعدد ثقافي وفني»، داعيا، في ذات الوقت، إلى المضي قدما لتدبير وسائل وأدوات لتصحيح الوضع وجرد أسباب الاختلالات وحشد كل الإمكانات لمواجهتها. ومعلوم أن أشغال اليوم الدراسي حول المعاهد الموسيقية انصبت حول العديد من المحاور من بينها: الوضعية القانونية للمعاهد الموسيقية (معاهد أحدثتها الوزارة، أو محدثة في إطار شراكة، أو حرة ومقبولة ومرخص لها من الوزارة، ومعاهد عسكرية)، والوضعية المادية للمعاهد الموسيقية (تدخلات الوزارة لإحداث معاهد موسيقية جديدة، أو لإصلاح وتجهيز المعاهد الموسيقية)، ونظام التعليم الموسيقي (إطار الدراسة، والمباراة العمومية)، والتأطير الإداري والبيداغوجي، ومبادرات لإصلاح التعليم الموسيقي (مجال إصلاح منظومة التعليم الموسيقي، ومجال التكوين، ومجال المناهج والبرامج)، وتأليف لجنتين - ورشتين (تكوين الأطر، والبرامج والمناهج). وفي معرض كلمته بالمناسبة أشار وزير الثقافة، أن الوزارة لن تتوانى في حشد ورصد كل ما في مستطاعها من إمكانات ووسائل مادية وبشرية وقانونية وتنظيمية لتحقيق إصلاح يجعل من المعاهد الموسيقية مؤسسات مرجعية في التكوين الموسيقي، تساهم في إغناء الساحة الموسيقية بتطوير قدرات وكفاءات الفنانين والمتلقين بتكوين أطر قادرة على الإتقان والتميز. ويرى الصبيحي أن تحقيق هذا المبتغى ممكن «إذا تمكنا، بتظافر جهود كل الطاقات، من وضع مخطط طموح وقوي، يدقق كل العمليات ويحدد مراحل إنجازها والإمكانيات اللازمة لتنفيذها»، معربا عن ثقته أنه يمكن بفضل اجتهاد الجميع «ولوج مرحلة جديدة ترتقي بالتكوين الموسيقي» في المغرب. واستعرض الخطوات العملية التي قامت بها الوزارة في اتجاه النهوض بالقطاع، والمتمثلة بالخصوص في إحداث معاهد موسيقية جديدة، وبذل مجهود في توظيف أساتذة جدد، ومضاعفة الغلاف المالي المرصود للساعات الخصوصية، والرفع من قيمة التعويض عن الساعات الخصوصية، ووضع نظام معلوماتي لتسيير وتوحيد تدبير الحصص الدراسية، والقيام بإصلاح وترميم وصيانة مجمل المعاهد، ومد كل المعاهد بالتجهيزات والمعدات البيداغوجية والمعلومياتية والمكتبية والمراجع الدراسية. وأضاف الوزير «إن هذه المجهودات لم ترق إلى ما نطمح جميعا إليه لإصلاح الاختلالات التي ما يزال القطاع يشكو منها، سواء تعلق الأمر بتنظيم الدراسة أو بنيات الاستقبال الخاصة بالتعليم الموسيقي أو بأدوار ونظم العاملين والمشرفين على تدبيره وإعماله»، معتبرا أنها «اختلالات يشارك في تعميق آثارها السلبية، خلو نظام التربية والتعليم العمومي من المواد والمناهج الدراسية والفنية وخاصة مواد الموسيقى والغناء والرقص بالإضافة إلى التدخل المحتشم للجماعات الحضرية في الاستثمار الثقافي». وتمحورت ورقة العمل الأولى، التي تم تقديمها خلال هذا اليوم الدراسي، حول البرامج والوحدات الدراسية، وسطرت ثلاثة أهداف عامة موجهة للإصلاح تتمثل في إرساء تعليم نوعي وجدي، والانفتاح على الميدان العملي وعلى المهن الموسيقية، وإدماج البعد الجهوي والتنوع الثقافي، فيما لخصت الوحدات الدراسية والتقييم إلى الدراسة في ست شعب تتميز بتجانس تخصصاتها وتتمثل في آلات النفخ الخشبية، والنحاسية، والوتريات ذات الأقواس، والآلات البوليفونية، والموسيقى العربية والمغربية، والرقص والكوريغرافيا. أما ورقة العمل الثانية فقد تمحورت حول تكوين الأطر، في أعقاب النقص الكبير المسجل في الموارد البشرية من الناحية الكمية ومن ناحية الكيف، مشيرة إلى أنه لن يتم التغلب على هذه المعضلة دون اعتماد مخطط وطني لتكوين الأطر وتوظيفها حسب المعايير التي سيتم إقرارها، وأنه سيتم تنفيذ هذا المخطط على مراحل تتمثل في وضع خريطة وطنية مع تقييم الخصاص الكمي والنوعي وتحديد الأفق الزمني وسبل سد هذا الخصاص، وإحداث سلك بيداغوجي ضمن المعهد الوطني للموسيقى، وخلق تداريب للتأهيل التربوي والتكوين المستمر لصالح الأساتذة الحاليين، وترقب الأفواج الأولى التي ستتخرج من المعهد الوطني العالي للموسيقى والكوريغارفيا، وتنشيط التعاون الدولي والثنائي في مجال التكوين والتأطير.