تحسين التكفل بالمرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية وعقلية وتفادي الاستشفاء لمدة طويلة قالت مديرة مستشفى ابن النفيس بمراكش البروفسور فاطمة عسري، إن نظرة المجتمع المغربي للمصابين بالأمراض العقلية تطورت بشكل كبير، وأن جزء كبيرا من الطابوهات والصور النمطية التي تحيط بهذه الأمراض تم تجاوزها. وأضافت في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة افتتاح مركز للعلاج النفسي النهاري «النسيم» الذي يعد الأول من نوعه على المستوى الوطني مخصص لتحسين التكفل بالمرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية وعقلية، أن هناك إقبالا متزايدا على مصلحة الأمراض النفسية بالمستشفى سواء على مستوى التشخيص أو الاستشفاء. وأكدت البروفسور عسري «أن عددا كبيرا من المرضى الذين قاموا بالتردد على الأولياء والأضرحة انتهى بهم المطاف إلى التوجه نحو مراكز العلاج المتخصصة». وأبرزت أن هذا التطور الإيجابي في نظرة المجتمع للمصابين بأمراض عقلية ونفسية رافقه ارتفاع في حالات التشخيص المتعلقة بهذه الأمراض العقلية، مستحضرة في هذا السياق، العديد من المؤشرات التي تقف وراء الإصابة بهذه الأمراض في الوقت الراهن والتي من قبيل الضغط النفسي، والنمو الديمغرافي الكبير وتحول نمط الحياة إلى الفردانية وانتشار المخدرات. من جهة أخرى، أشارت البروفسور عسري إلى أن مصلحة الأمراض النفسية بمستشفى ابن النفيس بمراكش تقوم بأزيد من 600 حالة تشخيص في الأسبوع بالإضافة إلى استقبال أزيد من 50 حالة مستعجلة تستدعي العلاج وذلك بمعدل 7 إلى 8 حالات في اليوم. وسجلت أنه «على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة من قبل الطاقم الطبي والإداري فإن العرض لازال أقل مقارنة مع الطلب»، مضيفة أن المصلحة تشهد ضغطا قويا يتجاوز بكثير طاقتها الاستيعابية. وبخصوص الحالات الاستشفائية، قالت البروفسور عسري إن قسم الأمراض النفسية والعقلية يكون دائما مملوءا عن آخره مما يفرض على المستشفى تدبير الطلبات بشكل عقلاني مقارنة مع ما يتوفر عليه من وسائل وقدرته الاستيعابية. وأضافت البروفسور فاطمة عسري أن المستشفى يكون في بعض الأحيان مجبرا على التقليص من مدة علاج بعض الحالات المرضية لفسح المجال أمام أخرى تتطلب علاجا مستعجلا. ودعت، في هذا السياق، إلى إنجاز بنيات صحية نفسية للقرب بالمناطق النائية التي تسجل مستوى مرتفعا من ناحية الطلب على خدمات المستشفى، مضيفة أن هذه البنيات ستمكن أيضا من تخفيف الضغط على مستشفى ابن النفيس والاستجابة للعدد المتزايد للمرضى الذين يعانون من اضطرابات عقلية ونفسية. وأشارت، من جهة أخرى، إلى أن وزارة الصحة أدرجت توسيع العرض الصحي والولوج إلى الصحة العقلية والنفسية ضمن أولوياتها. ويعتبر مركز العلاج النفسي النهاري «النسيم» الأول من نوعه على الصعيد الوطني مما يعطي دفعة قوية للعرض الصحي بالمملكة. ويندرج إحداث هذه الوحدة الصحية، التي تمتد على مساحة ألف متر مربع، في إطار مشروع «المؤسسة الاستشفائية» التابع للمركز الإستشفائي الجامعي محمد السادس وكذا في إطار مشروع «الثقافة والصحة» الذي أحدثه المركز في الثامن من مارس المنصرم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة. ويتوخى من هذا المركز تحسين التكفل بالمرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية وعقلية وتفادي الاستشفاء لمدة طويلة، فضلا عن إشراك المريض وأقاربه في العلاج وتمكين المرضى من إعادة الاندماج الاجتماعي والمهني، ومتابعة حالات المرضى وتقديم العلاج لهم. ويقدم هذا المركز الجديد العديد من الأنشطة والخدمات العلاجية من بينها ورشات للقراءة والرسم والطبخ والموسيقى والاسترخاء واليوغا والرياضة. ويوفر أيضا، خدمات طبية أخرى مرتبطة بالرعاية النفسية في إطار العلاج السلوكي المعرفي، من بينها على الخصوص، تقنيات كيفية استعادة الثقة في النفس وتفادي التوتر وكيفية حل المشاكل. كما يضم مستشفى ابن النفيس جناحا خاصا بالمرضى الذين توصف حالتهم بالمستقرة ويحتاجون فقط لحصص علاجية في ظروف تتسم بالهدوء، أطلق عليه اسم «الياسمين» ويضم 10 أسرة (ستة مخصصة للرجال وأربعة للنساء) كما يتوفر على مكتبة وحديقة.