العمل البرلماني المشترك أداة أساسية لبلورة وتنزيل رؤية إفريقية أطلسية مشتركة (بوريطة)    البرازيلي مارسيلو يعتزل كرة القدم بعد مسار حافل    طنجة.. ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية يضع شخصين في قبضة الأمن    قيوح يشدد على مصالح وزارته بضرورة تعزيز الشفافية وتسريع معالجة الشكايات    عجلة الدوري الاحترافي تعود للدوران بمواجهات قوية لا تقبل القسمة على اثنين    منتدى "النكسوس" يقترح حلولا مبتكرة لتحديات التغير المناخي    تفاصيل مشروع ولوج حاملي جواز الشباب للسكن بأثمان تفضيلية    برامج رمضان على "الأولى": عرض استثنائي وإنتاجات درامية وكوميدية بحلة جديدة    استعداداً لحملة ضد "بوحمرون".. وزراة الصحة بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية تطلب من أولياء التلميذ الموافقة على الاطلاع على الدفاتر الصحية لأبنائهم    قانون الإضراب الجديد في المغرب: حماية للحقوق أم تقييد للحريات النقابية؟    مرصد أوروبي يكشف أن "يناير" الماضي الأعلى حرارة على الإطلاق    بعد عام من القضايا المتبادلة.. شيرين عبد الوهاب تنتصر على روتانا    6 أفلام مغربية تستفيد من دعم قطري    "ستيلانتيس القنيطرة" يطور الإنتاج    عضو في الكونغريس الأمريكي يضغط على قيس سعيّد ويقترح قانونًا لمعاقبة نظامه    ألباريس: إسبانيا ترفض استقبال فلسطينيين في حال تهجيرهم من غزة    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    مواجهات عنيفة بين الجيش الجزائري وعصابة البوليساريو بتندوف (فيديو)    مصدر خاص ل"الأول": "طاقم تونسي لمساعدة الشابي في تدريب الرجاء"    المغرب يحدث ثورة في البنية التحتية الرياضية استعدادًا لاحتضان كبريات التظاهرات    بهدف قاتل".. ريال مدريد يهزم ليغانيس وتأهل إلى نصف نهائي الكأس    توسعة الطريق التكميلية بين الداخلة والكركرات: مراحل هامة نحو تحسين التنقل أقصى جنوب المملكة    المغرب يعزز قدراته الدفاعية بتسلم طائرات "بيرقدار أكينجي" التركية المتطورة    الاتحاد الأوروبي: "غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية"    كيوسك الخميس | إسبانيا تمنح تصاريح إقامة لأزيد من 11.500 عاملة مغربية    المغرب يحقق رقماً قياسياً في توافد السياح خلال يناير 2025    معرض للفن الإفريقي المعاصر يحول مراكش إلى وجهة فنية    محاكمة مقاول بتارودانت يشتبه تورطه في عملية نصب على 24 شخصا من متضرري الزلزال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    ارتفاع طفيف لأسعار الذهب    العيون تحتضن المؤتمر العربي الأول حول السياسات العمومية والحكامة الترابية يومي 7 و8 فبراير الجاري    إنتاج التمور في الدول العربية.. ما مدى تقدم المغرب في الإنتاج والجودة؟    فيديو: توافد المئات من المعتمرين والحجاج على معهد باستور بالدار البيضاء للتلقيح ضد التهاب السحايا    رئيس أولمبيك مارسيليا يشيد بمهدي بنعطية    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    تعبئة أكثر من 40 مليون درهم لبناء وتهيئة الرّئة الخضراء المستقبلية لأكادير    معرض "أليوتيس" بأكادير : الدريوش تعقد سلسلة لقاءات ثنائية مع عدد من الوزراء ومسؤولي قطاع الصيد البحري    وزير الدفاع الإسرائيلي يأمر بالتخطيط ل"هجرة طوعية" من غزة بعد مقترح ترامب للسيطرة على القطاع    شرطة ألمانيا تتجنب "هجوم طعن"    "قناة بنما" تكذب الخارجية الأمريكية    أربع نقابات تطالب وزير التربية الوطنية والتعليم بتنزيل اتفاقي 10و26 دجنبر 2023    أستاذ مغربي في مجال الذكاء الاصطناعي يتويج بجامعة نيويورك    كأس انجلترا: نيوكاسل يؤكد تفوقه على أرسنال ويتأهل للمباراة النهائية    7 أطعمة غنية بالعناصر الغذائية للحصول على قلب صحي    طنجة وبرشلونة.. شراكة متجددة وآفاق واعدة استعداداً لكأس العالم 2030    اجتماع موسع بعمالة إقليم الجديدة لتتبع تموين الأسواق والأسعار (بلاغ)    عقبات تواجه "مشروع ترامب" بشأن غزة.. التمسك بالأرض ومعارضة العرب    التاريخ والذاكرة.. عنف التحول ومخاضات التشكل    تأجيل أم إلغاء حفل حجيب بطنجة؟ والشركة المنظمة تواجه اتهامات بالنصب    كعكتي المفضلة .. فيلم يثير غضب نظام المرشد في إيران    أجراس الحداثة البعدية في مواجهة منابر الحداثة    ماذا يعرف الأطباء عن أعراض وعلاج الاحتراق النفسي؟    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمسية شعرية باذخة بين اتحاد كتاب المغرب ومجلس الثقافة الليبي

بين طرابلس والدار البيضاء نبض قصيدة.. وجسر مودة
خارج القاعة طقس بارد، وداخلها أجواء دافئة بصهد الكلمات والصور وبسحر الشعر وأنفاس الشعراء.. كانت أمسية حميمية جمعت ثلة من حملة القلم والمعنى من ليبيا الثائرة والمغرب الأقصى، أصوات التقت فغنت للحرية، للثورة، للإنسان والحب والخير والجمال..
وكان طائر الوتر يرفرف فوق الكلمات ويعزف تقاسيم النشيد على العود الشجي بأنامل الفنان عبد المجيد بريش، بينما صوت الشاعرة صباح الدبي يصدح بانسياب بين الفقرات لينسق وينسج برقة ولطف وسلاسة لحظات الاحتفاء بالشعر والشعراء..
في مستهل هذا الحفل الشعري الباذخ، الذي التأم بتعاون بين مجلس الثقافة العام بليبيا وفرع اتحاد كتاب المغرب بالدار البيضاء مساء الإثنين 24 فبراير الجاري بمسرح سيدي بليوط، غداة اختتام الدورة العشرين للمعرض الدولي للكتاب والنشر، رحب المبدع والقاص والكاتب العام لفرع الاتحاد الأستاذ عبد الحميد الغرباوي بالحضور البهي، وبالضيوف الليبيين والمغاربة وعلى رأسهم الدكتور محمد رمضان إمحيا، رئيس المجلس الأعلى للثقافة، والأستاذ عبد الرحيم العلام رئيس اتحاد كتاب المغرب.. معتبرا أن هذا الحفل يشكل لحظة ثقافية تاريخية ستبقى موشومة في السجل الثقافي لفرع الدار البيضاء لاتحاد كتاب المغرب، متمنيا دوام الصداقة والتعاون بين المبدعين والمثقفين الليبيين والمغاربة.. الدكتور محمد رمضان إمحيا بدوره لم تفته المناسبة من أجل الإشادة بمتانة الروابط الثقافية بين الشعبين الشقيقين، شاكرا كل من سعى إلى إقامة وإنجاح هذا المحفل الشعري الكبير، داعيا إلى المزيد من تقوية شبكة العلاقات الثقافية والإكثار من الأنشطة المشتركة بين مثقفي البلدين..
بعد تبادل التحايا وعبارات المودة المشفوعة بالعناق الحار وبأكاليل من الزهور، تناوب على منصة الإلقاء والقول ثلة من الشعراء الذين شنفوا مسامع عشاق الشعر بقصائد من مختلف الآفاق.. من ليبيا: قرأت الشاعرة حواء الكمودي ثلاث قصائد (هي وعاداتها، ما الذي يبقيني هكذا، سلاما يا ليبيا)؛ وشارك الشاعر هليل البيجو بخمسة نصوص (إفران، خطاب مفتوح، ضاق صدري بالحدود، إنني الليبي، أي شيء يا فؤادي أفزعك)؛ واقترح الشاعر الدكتور أحمد عمران بنسليم قصيدتين (دم الشهيد، وإلى مهاجر)؛ ومن المغرب قرأ الشاعر محمد بوجبيري قصيدتين (جسدي ليس لي، ولا تتمزقي من أجل غيري)؛ بينما ساهم الشاعر عمر العسري بقصيدة واحدة هي (حشرات مضيئة)؛ وقرأ الشاعر عزيز أزغاي أربعة نصوص من أشعاره (بيكاسو، حيلة الرسام، مثل أطفال ناضجين، مولانا سيوران).
وفي ختام الأمسية وقع كل من الدكتور محمد رمضان إمحيا، رئيس المجلس الأعلى للثقافة بليبيا، والأستاذ عبد الرحيم العلام رئيس اتحاد كتاب المغرب بروتوكول تعاون ثقافي بين المجلس والاتحاد لتقوية أواصر الشراكة والصداقة الثقاقية والتبادل على مستوى الاهتمامات المشتركة والزيارات والنشر وتنظيم اللقاءات.. وأكد العلام في كلمة ختامية على أهمية هذا البروتوكول في عقد لقاءات مشتركة هنا في المغرب وهناك في ليبيا، وتبادل المنشورات والنشر داخل المغرب وليبيا، والاهتمام بالثقافة المغربية في ليبيا والاهتمام بالثقافة الليبية في المغرب، ودعا إلى الإكثار من مثل هذه الأنشطة المشتركة والزيارات المتبادلة وكل ما من شأنه أن يدعم هذا التواصل الإنساني والروحي بين المثقفين المغاربة ونظرائهم الليبيين. كما اقترح أن يضم أحد أعداد مجلة آفاق التي يصدرها اتحاد كتاب المغرب ملفا خاصا عن الثقافة الليبية يعرف بالأدب والإبداع والحقول الثقافية والفنية بليبيا كمرحلة أولى لتفعيل هذا البروتوكول..
***
بيان اليوم تحاور رئيس مجلس الثقافة العام بليبيا محمد رمضان إمحيا
الحرية أهم مكاسب ثورة 17 فبراير، فنحن قد تحررنا وحررنا الوطن
قال رئيس مجلس الثقافة العام بليبيا محمد رمضان إمحيا، إن مشاركة مجلس الثقافة العام بفعاليات المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء، كانت مشاركة متواضعة وعلى حياء بالنظر إلى الظروف السياسية بليبيا، مسجلا عقبات كأداء في الدخول إلى المغرب.
وأضاف إمحيا في حوار مع بيان اليوم إن مجلس الثقافة العام هو أكبر ناشر بليبيا، ويشارك للمرة الثانية في معرض الدار البيضاء للكتاب والنشر، موضحا أن دور المجلس يتجلى كأي مؤسسة ثقافية في وضع استراتجية للثقافة والإشراف على تنفيذها.
وأكد إمحيا أن مجلس الثقافة العام كان جريئا بعلاقته بالنظام السابق من خلال نشر إصدارات معارضة له، مبرزا أن من أهم مكتسبات ثورة 17 فبراير هامش الحرية في كافة المجالات وليس الحقل الثقافي فقط، وبات بمقدور من شاء أن يقول ما شاء.
هل يمكنكم أن تحدثونا عن مشاركة مجلس الثقافة العام الليبي في الدورة العشرين للمعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء؟
مجلس الثقافة العام مؤسسة سيادية على مستوى الدولة الليبية، وهو يتشرف بالمشاركة في الدورة العشرين للمعرض الدولي للكتاب والنشر، وهذه السنة الثانية بعد ثورة 17 فبراير المجيدة. في العام الماضي حظيت ليبيا من وزارة الثقافة بالمملكة المغربية بأن امتنت على الدولة الليبية وكانت ضيف شرف الدورة. أما في هذه الدورة، فالوقت القصير بين حدثين أساسيين ومهمين جدا في الخارطة الثقافية العربية هما: معرض القاهرة الدولي للكتاب ومعرض الدار البيضاء للكتاب، فهذان الحدثان حالا دون التنسيق والتنظيم بشيء من الدقة.
الحدث الأول يتعلق بالدورة ال 45 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وقد شاركنا فيه بشكل إيجابي، إلا أن الأوضاع السياسية حالت دون المشاركة بطريقة فاعلة، كما هو الحال في المملكة المغربية التي كان المواطن الليبي يدخل أرضها دون تأشيرة، أما الآن فقد فرضت علينا التأشيرة، وواجهنا عقبات كأداء في الحصول عليها، ومع ذلك استطعنا أن نتواجد نحن المعنيين بإدارة جناح المجلس في هذه الدورة، بحيث أن معظم أعضاء وفدنا لم يتمكنوا من الحضور للدار البيضاء إلا فقط في 20 فبراير والحال أنه لا يفصلنا عن انتهاء هذا المعرض إلا يومان. فهذه المشاركة كما ترون هي مشاركة حقيقة متواضعة وعلى حياء. لم يسبق لنا طيلة عمر المجلس أن شاركنا بهذه الكيفية وبهذا الجهد البسيط.
هل مجلس الثقافة العام حديث العهد؟ وهل يعوض وزارة الثقافة الليبية؟
المجلس ليس حديث العهد بل كان قائما قبل الثورة. أما عن تعويضه ففي مرحلة ما نعم. حتى قبل الثورة كان ما يسمى بأمانة الثقافة في الجماهيرية العظمى (ساخرا ..) هي الممثلة بالنظام السابق لدولة ليبيا، بمشاركة المجلس الذي هو أكبر ناشر بليبيا بامتلاكه 400 عنوان.
(مقاطعا ..) وماذا عن المجلس الأعلى للثقافة؟
بخصوص هذا المجلس، فقد صدر قرار حديثا بشأنه ولم يتم تفعيله بعد على المستوى الرسمي، لكنه موجود في الجريدة الرسمية. هو ومجلس الثقافة العام نفس الكيان والجسم.
ما هي الأدوار التي يقوم بها مجلس الثقافة العام؟
المجلس كغيره من دول الجوار بدول العالم الآخر، هو مؤسسة تشريعية تابعة للمؤتمر الوطني العام، والدور المناط به وضع الاستراتجية العامة للثقافة والإشراف على تنفيذها، وله شق تنفيذي إذ أنه معني بالأعمال النوعية لدولة ليبيا في متعلقات الشأن الثقافي.
معروف أنه في العهد السابق كانت علاقة المؤسسات الثقافية بالنظام السابق تنطوي على كثير من الولاء والتبعية، فلأي درجة أنتم تتجهون بالمشهد الثقافي إلى نوع من الاستقلالية؟
نحن في مؤسساتنا الثقافية، وهذا الأمر يشمل المثقفين على وجه العموم في ليبيانا الحبيبة، سيظل دور المثقف الليبي سابقا نفس دوره في ليبيا الحديثة. بحيث أنه إذا لم يكن لك ماض لن يكون لك حاضر. وقد نتفق على هذه القاعدة. نحن امتداد لثقافتنا وموروثنا، وكنا في هذه المؤسسة نتحين الفرص، بل نتجرأ على النظام السابق ونقيم النشاط الثقافي الذي يواجه النظام ويعارضه معارضة صريحة، وخير دليل أنك تجد في رفوف جناحنا كتبا كتبت في أدب السجون ودواوين شعرية كديوان «وهج الانتفاضة» لراشد زبير السنوسي الذي كتبه داخل زنزانة، وصدر سنمة 2008؛ وديوان «مرافعة السيوف» لإدريس بن الطيب الذي صدر سنة 2010.. ونحن حريصون على عرض كل هذه الإنتاجات الأدبية الهامة... تجد كذلك تاريخ الصحافة الليبية وهو مليء بالإشكاليات. هي جرأة منقطعة النظير في زمن القمع، إلا أننا استطعنا أن نقتنص مثل هذه الفرص ونظهر إلى العلن مثل هذه الأصوات غير الموالية.
لكن لأي حد بمقدوركم إحداث قطيعة مع ما كان سائدا في علاقة السلطة بالثقافة؟ خصوصا أن نظام القدافي كانت له اليد الطولى على كل مجالات الأدب والفن والعلوم..
من أعظم مكتسبات ثورة 17 فبراير المجيدة التي تحصل عليها الشعب الليبي، هي مساحة الحرية منقطعة النظير التي نعيشها اليوم، في كل مناحي الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية والفكرية. أجزم وأقول بأن مساحة الحرية التي ينعم بها شعبنا - أتحدى- أنه توجد دولة مماثلة في العالم تمتلك مثل هذه الحرية. «نحن قد تحررنا وحررنا الوطن». بهذه العبارة التي هي فقرة من نشيد الاستقلال التي نفخر به، نجسد فعلا هذه الحرية، والتي استغلت استغلالا قد لا أوافق عليه في كثير من الأحيان. من خلال هذه المساحة تخلصنا من اللون المفروض على دولتنا ألا وهو اللون الثقافي الأحادي الذي كان لونا سائدا، سلطة واحدة، قرار واحد، كلام واحد، السطر الأوحد وما إلى ذلك. فنحن استطعنا الخروج من هذا الطوق الذي فرض علينا لما يزيد عن أربعة عقود، ونحن الآن ننعم بالحرية والكرامة المطلقة في بلادنا واستطعنا أن نجسد كثيرا من المشاريع الثقافية والمصنفات بحرية مطلقة. كل من شاء يقول ما شاء في كل المجالات.
هل يمكن أن ترصد لنا على ضوء ذلك الوضع الثقافي الحالي؟
الوضع الثقافي الحالي نحن كما أسلفت امتداد للماضي، ونحاول لملمة ما استطعنا أن نلملم من الأرشيف الثقافي الذي يمت للوطن بصلة، ونترك ما شابه من ثقافات تخدم النظام، وإن كنت على المستوى الشخصي - وهذه من الحرية أيضا- يجب أن نحتفظ بكل موروثنا الثقافي الإيجابي منه والسلبي، لأنه جزء من التاريخ والذاكرة الثقافية، لكننا نستطيع لملمة ما استطعنا من الأرشيف الثقافي ونحافظ عليه ونعبر به إلى بر الأمان في المرحلة الراهنة.
الجدير بالذكر أن بلادنا الحبيبة لم تتضح معالمها بعد، حتى تشكل لها استراتجية معتمدة، نحن نشتغل برؤية مرحلية، لأننا إلى هذه اللحظة، لم تشكل معالم البلاد، ففي يوم الخميس المنصرم الموافق ل 20 فبراير انتخبنا لجنة صياغة الدستور التي سيعزى إليها كتابة وصياغة مشروع الدستور وعرضه على الشعب للتصويت عليه، وانطلاقا من مفردات هذا الدستور ومضامينه الجديدة سنحدد خارطة الطريق الثقافية لبلادنا وشعبنا بمشاركة المعنيين بالأمر من منظمات أهلية ومثقفين ومبدعين ومفكرين وجامعيين وغيرهم ممن نتوسم فيهم خدمة البلاد وثقافتها وتاريخها مستقبلها..
*****
جسدي ليس لي
شعر: محمد بوجبيري
جسدي ليس لي .
احتمالاً مشرعاً على الحماقات أحملهٌ.
ليس لي..
وإن فيه أحيا وأموت.
ليس لي..
وإن فيه قِبْلَتي
وقٌبلتي
و كفني.
***
أٌقيم فيه،
وبه، أقومٌ مُتعباً
أو حثيثاً أسعى.
إن هو إلّا احتمال حين يستكينُ
أو يَضْجَر.
ليس لي..
وأجهَل ما يُضْمِر.
أغفو...
وتسهرُ الكوابيسُ
وحين يرغب فكلُّ زُهْدٍ خُرافة.
***
نتصافى.
نتجافى.
نتصافى
ونذهبُ يداً في يدٍ إلى محبّاتِ العالم.
نتجافى
وينأى كلٌّ عن صاحبه.
ليس لي حين يرغبُ
أو حين تطرق أماسيه القصيدة.
ليس لي حين ينهضُ
وبعيداً ينسى .
ليس لي
وإن بقهقهاتِ المائدة .
***
مرَّاتٍ حين يضجرُ أهرّبُهُ لاستطاعة الجيب .
حتى الإنْهاك نزلتُ به إلى وادي الحياة
وكلانا يُدركُ المسافة مابين الوردة
والندى.
وئيدا،
وعلى مهلٍ، أستدرج التَّجافي للتَّصافي.
وحين تنفرجُ تنزلُ من أعماقها دمعة الغياب.
***
أٌعانق.
أناوش
وألطّفُ الأهواء .
أُربّتُ على كتفٍ
وأهمُّ بوادٍ ما.
أُرمّمُ كسورَ ارتطامٍ
وأباغتُ المُراد حين يستعصي
أو حين يريد.
أخدشُ
وقَرَحاً أملي:
إنّه ليس لي.
***
كلُّ حربٍ آفة،
وكلُّ عراكٍ تعاسة،
لا يريد
وبلا جدوى تُشذَّبُ غابةٌ
وشراسة.
أدعوهُ
ويكونُ استحالة.
بالمرَّات أسرَّ لي:
صَعْبٌ هذا الوصال.
***
جادّاَ ُيلحُّ النداء.
جادًّا من وادي الرَّغباتِ كما لو أنني عصا الإِمْكان،
أو على موعدٍ مع الرِّهان.
أيُّها الغريبٌ.. من تكون؟
أنا الذي،
كما أنتَ، حين يستحيل.
أنت المقيمُ المُرتَّبُ
أمَّا أنا فوَمضة
وشساعة.
***
عنَّفتُ العناد.
وبَّختُ حافَّاتٍ لا تنام.
حلَّقت ...
كانت الشرفةُ تنأى،
كما الأماني،
شاكس العنانُ
وأملى:
البقاء بعض خرافة،
دعني إذاً أنام على أَرقٍ
أو على بياض.
***
ليس لي ..
حين يُصرُّ النداء.
أصُمُّ منافذَ وأسدلُ سماء.
لا جدوى..
لأنًّ المجرَّةَ في الجهة الأخرى،
تنهرُ في السَّهب السفلي مدافن الهجيرة،
وصدى الأنين.
يتشظى اليقينُ لأنَّني لم أكن شساعة
واستضافة.
***
ليس لي...
منهُ أغرفُ فرحاً،
وفيه أقْدَحُ قَرَحاً.
أستنبتُ السنبلةً كما القصيدة.
أكتبُ
وأمحو.
أتشظَّى
ولا أموت.
***
مرًّاتٍ همسَ في أذُنِ التوجُّس من الحياة:
إنَّ الحمية بعضُ مسافة
إلا أنَّ النزول إلى وادي المسرَّات أبقى.
تهمُّني القصيدة
وأنا جسدٌ
وعبارة.
***
نكايةً بالمُرتَّب نهاراً
حثيثاً أسْعى أن أكون جبَّةً،
أو قبًّةً، تليقٌ بالمساء.
نكايةً
أريد أفولاً يضيء.
***
جسدي ليس لي..
ليس لي حين يتثاءبٌ
وينامٌ الرَّصيف.
ليس لي حين يُصرُّ
وبعيداً ينأى الصَّواب.
ليس لي حين يسبحُ في يابس الآخرين.
ليس لي حين يكون محطة للتَّعب،
أو ألفةً عابرة
***
كان لي...
حين عدَوْنا وسبقتنا الوهاد.
كان لي ..
قبل أن يُزفَّ عطرُ الوساد.
كان لي...
حين كنَّا في الطريق إلى المجيء
كان لي..
حين كنَّا في باب الرجاء.
***
بالمرَّات كنت أربّتُ على كتف المائدة.
بالمرَّات..
إلَّا أنها كانت تُهَدِّدُ بنسْف التَّحاب،
أو بسباحة في الهواء.
بالمرات أيضاً
كانت تُشعل شمعةً،
وعلى مهلٍ،
تذوبُ دمعةٌ،
وغصَّةً عالقة.
***
ليس لي..
وإنْ أسَرَّ لي :
أيها الغريبُ، كنْ ما شئت لكن،
قليلاً، دعْني أتوسَّد مهاويك.
هنيهةٌ واحدة،
أو أقل، سغبَ الغياب.
أيها الغريب..
كلَّما اسْتَشْعرَتْ تقادمها الخُطى
حجَّ الصفاءُ للسَّريرة
هكذا أيها الغريب
دفاعاُ عن سماءٍ أخيرة.
**************
إنني الليبي
شعر: هليل البيجو
أرسميني للمدى أفقا بعيدا
واجعليني في احتدام الحزن عيدا
أنثريني في فضاء الكون لحنا
رتليني لازورد أو نشيدا
عانقيني وجد روح قد تسامى
بل تجلي فيك نيروزا سعيدا
سوسن الأفراح بُثي في كياني
فوح سحر يورث النفس الخلودا
إنني الليبي يجري في عروقي
لارتجاف الروح شوق لن يبيدا
أعشق اللذات في كف المنايا
لا أبالي في المنى دهرا عنيدا
إنني الليبي يا خوف انحساري
في ضفاف الحلم قيدا أو سدودا
إنني الليبي جمَّ الحبُّ كأسي
فاسكبيني فرحة.. عطرا.. سعودا
يا بلادي قد عرفت اليوم حقا
معنى أن ألقاك حرا أو شهيدا
يا بلادي لوني أفقي وكوني
للهوى في محنتي يوما جديدا
*************
مثل أطفال ناضجين
شعر : عزيز أزغاي
الذين وصلوا متأخرين
كانوا واثقين من برد المناجم،
ومن طراوة الجسور التي بناها
سجناء مطعونون
في ظهر الألم
**
جاؤوا متخففين من سوء الفهم،
ومتصالحين مع تسوس الأسنان.
وعلى غير عادة اليأس،
افترشوا خرائطهم فوق الأنهار اليابسة،
وراحوا يقشرون ذكرياتهم
مثل أطفال ناضجين.
**
جاؤوا إلى كرنفال الغرابة
بلا حطب ولا أصدقاء،
مخفورين بعثرات الأسلاف
ونباهة المتألمين.
طباعهم الناذرة شققها الخجل،
وستراتهم كانت مهملة من بريق الأوسمة.
**
جميعهم كانوا في الساحات،
يروضون حيواناتهم المنوية
على إيقاع ناذر.
وبين حياة وأخرى،
كانوا يكوون قمصانهم اللامعة
لإخفاء آثار الخيانات.
**
كل من رآهم ذاهبين إلى الأثقال
كان يشم في أفكارهم
رائحة الكافور،
وفي نواياهم بقية تصويبات
أخطأت أهدافها المبهمة.
**
الذين جاؤوا منكسرين
فاتنا أن نحملهم على الأكتاف،
فقط لأننا نسينا عضلاتنا
في أحلامهم الميتة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.