مجلس الشيوخ الفرنسي: توقيت الترويج الإعلامي ضد المغرب يثير تساؤلات حول دوافعه ومحركيه الحقيقيين ذكر بلاغ للديوان الملكي أن جلالة الملك محمد السادس تلقى اتصالا هاتفيا من فرنسوا هولند، رئيس الجمهورية الفرنسية. وأوضح البلاغ أنه «خلال هذا الاتصال، تطرق قائدا البلدين إلى الوضع الراهن للعلاقات المغربية الفرنسية، على إثر الأحداث التي شهدتها الأيام الأخيرة». وأضاف البلاغ أنه «على ضوء التوضيحات التي تم تقديمها في هذا الشأن، اتفق قائدا البلدين على مواصلة الاتصالات خلال الأيام المقبلة على مستوى الحكومتين، والعمل وفق روح العلاقات المتسمة بطابع التميز التي تجمع البلدين». وقبيل هذا الاتصال الهاتفي، أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانا كذبت فيه ما نسب إلى سفيرها في واشنطن والذي نقله الممثل الإسباني خافير باردم ووصف المغرب ب «العشيقة التي نضاجعها كل ليلة رغم أننا لسنا بالضرورة مغرمين بها لكننا ملزمون بالدفاع عنها». وعبر مسؤولو وزارة الخارجية الفرنسية في اجتماعهم بسفير المغرب في باريس شكيب بنموسى، عن استغرابهم مما حدث٬ بل أكدوا أنهم لم يكونوا على علم بالأمر. ويتوقع أن ينهي بيان الخارجية الفرنسية التوتر الكبير والمتسارع الذي شهدته العلاقات المغربية الفرنسية في الأيام الأخيرة، خاصة بعد دخول مجلس الشيوخ على الخط والذي طالب أعضاءه «بإلحاح»، سلطات بلادهم بتقديم «توضيحات عاجلة ودقيقة بخصوص الشكاية التي قدمتها جمعية ضد المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني» حول «تورطه المزعوم في ممارسة التعذيب بالمغرب». ووصف رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية بمجلس الشيوخ الفرنسي كريستيان كامبون، وأعضاء مكتب المجموعة، في بيان صدر أول أمس، هذه الخطوة ب «غير المقبولة»، مؤكدين أن «من شأن هذا الحادث الخطير وغير المسبوق المساس بجو الثقة والاحترام المتبادل بين المغرب وفرنسا». كما أعرب الأعضاء بمجلس الشيوخ الفرنسي عن أسفهم لكون مداهمة سبعة من عناصر الشرطة الفرنسية لإقامة سفير المغرب بفرنسا «تأتي في وقت يقدم فيه المغرب دعما متواصلا لبلدنا» بمالي ومنطقة الساحل. وحسب البيان، فإن كريستيان كامبون وأعضاء مكتب مجموعة الصداقة «يرفضون استخدام مساطر من هذا القبيل والتي تتنافى وجميع الأعراف الدبلوماسية والاتفاقيات بين فرنسا والمغرب». وخلص البيان إلى أن «المنهجية المتبعة والتوقيت الذي تم اختياره للترويج الإعلامي لهذا التدخل يثير العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذه القضية ومحركيها الحقيقيين في وقت كان فيه وزير الداخلية المغربي في فرنسا للمشاركة في اجتماع مع نظرائه الفرنسي والإسباني والبرتغالي حول الأمن». ولم تخل الأزمة المفتعلة بين المغرب وفرنسا من تداعيات. فقد علم لدى مصادر دبلوماسية أن الزيارة التي كان مقررا أن يقوم بها نيكولا هيلو، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي من أجل حماية كوكب الأرض، للرباط، قد تم تأجيلها بطلب من المغرب. وكان هيلو سيلقي محاضرة بالرباط حول موضوع حماية كوكب الأرض ويجتمع بعدد من المسؤولين المغاربة. وأوضحت المصادر ذاتها أن هذا التأجيل، تم بناء على طلب من الرباط، في انتظار الحصول على توضيحات بشأن شكاية تقدمت بها منظمة غير حكومية في حق المدير العام لمراقبة التراب الوطني بخصوص «تواطؤ مزعوم في ممارسة التعذيب بالمغرب». كما يأتي تأجيل زيارة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي المكلف بحماية البيئة بطلب من الرباط في انتظار قيام السلطات الفرنسية بتقديم توضيحات بخصوص الأقوال الجارحة والعبارات المهينة التي نسبت للسفير الفرنسي في واشنطن . وكان بلاغ لوزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، قد أكد أن الحكومة المغربية تستنكر بشدة، الأقوال الجارحة والعبارات المهينة، المنسوبة للدبلوماسي الفرنسي. وذكر المصدر ذاته أن هذه العبارات القدحية «جاءت على لسان ممثل إسباني معروف بعدائه المفرط للوحدة الترابية للمملكة، وذلك خلال تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام فرنسية، في إطار حملة مغرضة ومنظمة ضد القضية المقدسة لجميع المغاربة». وأوضح البلاغ أنه «مما يزيد من الطابع المشين وغير المقبول لهذه العبارات، أن حكومة المملكة المغربية تعمل دائما على تعزيز العلاقات الثنائية مع فرنسا، في إطار الصداقة المتينة، والاحترام المتبادل، والشراكة ذات النفع المشترك». وأكد المصدر ذاته أن الحكومة المغربية ستظل على اقتناع بأن فرنسا «ستجبر الضرر الذي حدث في هذا الصدد، والذي تسبب في جرح مجموع المغاربة والمغربيات «. وأضاف البلاغ أن فرنسا «ستجد الطريقة الأكثر ملاءمة، وذلك خارج إطار التكذيب البسيط للناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، من أجل رفع الضرر الحادث في هذا الصدد، وما نسب إليه بشكل مغرض أو ما صرح به فعلا «. وبشان طلب الاستماع بفرنسا للمدير العام لمديرية مراقبة لتراب الوطني، كانت الوزيرة المنتدبة في الشؤون الخارجية والتعاون، امباركة بوعيدة، قد استدعت مساء الجمعة الماضية إلى مقر الوزارة سفير فرنسابالرباط، شارل فري، «لإبلاغه الاحتجاج الشديد للمملكة المغربية على إثر معلومات تهم شكاية ضد المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني حول تورطه المزعوم في ممارسة التعذيب بالمغرب «. وحسب بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون فإن بوعيدة أوضحت أن «المغرب يرفض رفضا باتا المسطرة الفجة التي تم اتباعها والمنافية للقواعد الدبلوماسية المعمول بها، وكذا الحالات القضائية التي تم التطرق إليها والتي لا أساس لها»، وأكدت أن المملكة المغربية «تطالب، بإلحاح، بتقديم توضيحات عاجلة ودقيقة بشأن هذه الخطوة غير المقبولة وبتحديد المسؤوليات». وكانت سفارة المغرب بفرنسا قد عبرت في وقت سابق عن «استغرابها بشأن عبثية» قضية أوردتها مؤخرا وكالة الأنباء الفرنسية التي أفادت أن جمعية تطلب الاستماع إلى المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني بخصوص تواطؤ مزعوم في ممارسة التعذيب بالمغرب. وأشار المصدر ذاته إلى أنه «بالفعل، في ما يتعلق بالمسطرة، فإن السرعة الفائقة التي تمت بها معالجة هذه القضية، وطريقة تعميمها إعلاميا، وانتهاك القواعد والممارسات الدبلوماسية المتعارف عليها دوليا وعدم احترام الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، تثير العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذه القضية ومحركيها الحقيقيين».