لا جدوى من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة لأنه ليس هنالك شريك إسرائيلي للسلام هناك إهمال واضح لقضية الأسرى والقيادة الفلسطينية لا تبذل «أدنى جهد» لإطلاق سراحنا ------------------------------------------------------------------------ أكد الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، الذي يقضي حكما بالسجن المؤبد أربع مرات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أول أمس الخميس، بأن المفاوضات مع إسرائيل باتت تلحق ضررا بالمصالح الوطنية الفلسطينية كون تل أبيب باتت تستخدمها كغطاء لعدوانها على الشعب الفلسطيني، داعيا إلى مقاومة شعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي. واتهم البرغوثي، وهو أحد قادة فتح البارزين، القيادة الفلسطينية بإهمال قضية الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي وعدم إعطائها الاهتمام الكافي. وجاءت تصريحات البرغوثي عشية مرور عام على انعقاد المؤتمر العام السادس لحركة فتح الذي انتخب فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس قائدا عاما للحركة، إضافة إلى انتخاب لجنة مركزية ومجلس ثوري جديدين للحركة، وفيما يلي نص المقابلة التي تم تهريبها من داخل زنزانته في سجن هداريم الإسرائيلي: * كيف تقرؤون نتائج مؤتمر فتح السادس بعد مرور عام على انعقاده؟ - أولا انعقاد المؤتمر بحد ذاته يعتبر إنجازا بعد تعطيل استمر عقدين من الزمن، وانعقاده على أرض الوطن إنجاز وطني مهم كذلك، وهي المرة الأولى منذ الانطلاقة التي يعقد فيها المؤتمر على أرض فلسطين، وثانياً كانت المرة الأولى التي يشارك فيها كادر وقيادات الحركة في الداخل في مؤتمر حركي عام، مع أن غياب كوادر وقيادات قطاع غزة بسبب منعهم من قبل حماس ترك جرحاً في المؤتمر، وثالثاً كان المؤتمر تظاهرة وطنية سياسية ديمقراطية. وقد نجح في إقرار برنامج سياسي يؤكد على التمسك بالثوابت الوطنية وعلى حق شعبنا في المقاومة بكافة الوسائل والأساليب التي كفلها القانون الدولي، وأكد على تمسك الحركة بوثيقة الأسرى للوفاق الوطني باعتبارها وثيقة الإجماع الوطني، وتمكن من انتخاب هيئات قيادية جديدة بنسبة تجديد عالية، فاللجنة المركزية كانت نسبة التجديد فيها 75% والثوري 83%، وبالطبع فإن الثوري يعكس خارطة الحركة على نحو أفضل من اللجنة المركزية التي خلت من تمثيل قطاع المرأة وهذه ثغرة كبيرة، كما غاب عنها تمثيل قطاعات أساسية أخرى. أما في المجلس الثوري فهنالك تمثيلية واسعة للجيل الشاب والمرأة وإن كان ليس كافياً، كما أن الثوري عكس توزيعا جغرافيا واسعا بين غزة والضفة والقدس والأقاليم والداخل والخارج والقطاعات المختلفة. * ما هي أبرز إخفاقات المؤتمر برأيكم؟ - غاب عن المؤتمر مئات الكوادر والقيادات التي تستحق العضوية بجدارة، وحل محلهم من لا يستحق بسبب المزاجية والمحسوبية وسياسة المحاور التي مارستها اللجنة التحضيرية، ومع ذلك فإن المؤتمر يعكس تمثيلا واسعا لقواعد وأطر الحركة من الداخل ومن الخارج. أما الإخفاق الأساسي فهو فشله في محاسبة القيادات المسؤولة عن انهيار السلطة الوطنية في قطاع غزة، رغم وجود عشرات الآلاف من رجال الأمن الذين صرفت عليهم مبالغ طائلة من المال العام، ومع ذلك فشلوا في مهمتهم الأساسية، وهي حماية السلطة والنظام العام، كذلك أخفق المؤتمر في محاسبة المسؤولين عن هزيمة فتح في الانتخابات التشريعية، كما أخفق في محاسبة الفاسدين ومساءلة قيادة فتح عن مصير ممتلكات الحركة وأموالها ومحاسبة المسؤولين عن إفلاس صندوق الحركة. * كيف تقيمون أداء اللجنة المركزية والمجلس الثوري بعد عام من انتخابهم؟ - أعتقد أن الأداء متواضع والنتائج محدودة ودون التوقعات والبعض يعتقد أنها مخيبة للآمال، وقد أرسلت رسالة تحمل مقترحات لخطة عمل للسنوات الأربع القادمة، وذلك فور انتهاء المؤتمر، ويبدو أن اللجنة المركزية لم تأخذ بهذه المقترحات، والفرصة لم تفت بعد، ويمكن عمل الكثير في العام الثاني من عمر الهيئات القيادية، ولكن بوتيرة وآلية مختلفة تماماً. * لكن هناك اجتماعات متواصلة للمركزية والثوري ويتحدثون عن خطط ويصدرون بيانات؟ - أعرف أنهم عقدوا عشرات الاجتماعات، كما أن الثوري عقد أربع دورات حسب النظام، وهذا أمر جيد، ولكن المطلوب أن يلمس الشعب الفلسطيني وأعضاء المؤتمر وجمهور الحركة أن تغييراً قد حصل، وحتى الآن يبدو أن الناس لا تلمس تغييراً يذكر. حتى الآن لم تنجح المركزية في حصر ممتلكات وأموال الحركة، ولم تجر تحقيقا في ذلك، ولم تحاسب المسؤولين عن إفلاس صندوق الحركة، ولم تجمع الاشتراكات ولا التبرعات، ولم يذهب وفد من المركزية لجولة عربية لطلب أموال لدعم صندوق الحركة، وحتى الآن لا توجد وسائل إعلام لحركة فتح، لا فضائية ولا جريدة أو مجلة أو إذاعة أو موقع الكتروني فاعل، والأهم ليس هناك فلسفة إعلامية وخطة واضحة، وهذا الحال ينسحب على الشأن التنظيمي أيضا. * لماذا طلبت اللجنة المركزية تأجيل الانتخابات المحلية؟ - لأنها فشلت في ترتيب الوضع، وهذا مؤشر خطير، ويظهر أن فتح لم تستخلص العبر والدروس من التجارب السابقة، وأنها تكرر نفس الأخطاء. * هل هناك أمل في المصالحة الوطنية؟ - لا يجوز أن نفقد الأمل أو نستسلم للأمر الواقع ولحالة الانقسام الكارثية، وكما أقول دائماً «إن الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار لحركات التحرر الوطني وللشعوب المقهورة، وهي بمثابة الماء والهواء للشعب الفلسطيني». وقد أحسنت صنعاً اللجنة المركزية لحركة فتح عندما وقعت على الورقة المصرية، وقبل ذلك تبنت وثيقة الأسرى للوفاق الوطني، ووقعت على اتفاق مكة وقبلها القاهرة، لأن الوحدة الوطنية مبدأ أساسي من مبادئ حركة فتح، بل هي روح حركة فتح، وأنا أدعو حماس لاتخاذ قرار شجاع والتقدم للأمام نحو المصالحة الوطنية. ومن المؤسف أن الذهنية السائدة لدى غالبية القيادة الفلسطينية وفي كافة الفصائل هي ذهنية السلطة وليس ذهنية حركة تحرر وطني، مع العلم أن السلطة في الضفة والقطاع هي تحت الاحتلال المباشر وغير المباشر، وما يجري من عدوان وجرائم في القدس يكفي لوحده لإقناع الجميع بسلوك ذهنية التحرر الوطني وليس ذهنية السلطة والصراع عليها. يجب أن ندرك أن الخطوة الأولى في اتجاه الخروج من المأزق الحالي تكمن في المصالحة الوطنية الحقيقية وفي تكريس ذهنية الشراكة التي طالما نادينا بها بعيداً عن ذهنية الإقصاء والتفرد واستخدام العنف لإحكام السيطرة، ومن الأهمية بمكان العودة إلى وثيقة الأسرى للوفاق الوطني باعتبارها برنامج الإجماع الوطني الفلسطيني. * كيف تنظرون للجهود التي يبذلها وفد المصالحة برئاسة السيد منيب المصري؟ - نحن نرحب بشدة بهذه الجهود، ونثمن عالياً ما يقوم به الإخوة في الوفد الوطني برئاسة الأخ والصديق منيب المصري، والذين نحترمهم جميعا وندعم جهودهم بكل قوة، ونتواصل معهم لإنجاح هذه الجهود، وأدعو فتح وحماس للموافقة على مقترحات وفد المصالحة بشأن التفاهمات الفلسطينية – الفلسطينية التي تمهد الطريق لتوقيع الوثيقة المصرية. * هل تؤيدون الانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى مفاوضات مباشرة؟ - أقول بوضوح إنه لا جدوى من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، لأنه ليس هنالك شريك إسرائيلي للسلام، وليس في إسرائيل ديغول أو دي كليرك، وإنما قادة متطرفون يتمسكون بعقلية الاحتلال والاستيطان والعنصرية. المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، واستمرار الانخراط فيها يلحق ضرراً بالغاً بالمصالح الوطنية الفلسطينية، وإسرائيل تستخدم المفاوضات غطاء لمواصلة سياسة التهويد والاستيطان والاجتياح والحصار. وأي مفاوضات تجري قبل التزام إسرائيل الصريح بمبدإ إنهاء الاحتلال، والانسحاب الكامل لحدود 1967 بما في ذلك القدسالشرقية، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، وبالقرار 194 الخاص باللاجئين الفلسطينيين، والإفراج الشامل عن الأسرى والمعتقلين، وبسقف زمني لا يتعدى بضعة أشهر، فهي مفاوضات مضرة للغاية. * هل هناك بديل للمفاوضات؟ - المأساة أن البعض يعتقد، حتى الآن، ورغم التجربة المريرة والفاشلة، أن بديل فشل المفاوضات هو مزيد من المفاوضات. والحقيقة أننا لا نرفض المفاوضات من حيث المبدأ، فمعظم حركات التحرر فعلت ذلك، ولكن بشروط واضحة وثوابت لا تتغير كل أسبوع. كما أن طاولة المفاوضات تحتاج إلى فعل يساندها، وبدون ذلك يصبح المفاوض رهينة للطرف الآخر. والبديل هو: أولاً إنجاز المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، وثانياً إطلاق أوسع مقاومة شعبية فاعلة ومؤثرة في كل أرجاء الوطن، وثالثاً العمل مع حركة التضامن الدولية لمحاصرة إسرائيل سياسياً باتجاه فرض عقوبات دولية عليها، والعمل على عزلها كما جرى في جنوب إفريقيا، ومواصلة حملة مقاطعة بضائع المستوطنات وتوسيعها لتشمل البضائع الإسرائيلية كافة، ورابعاً التوجه إلى المؤسسات الدولية بما فيها مجلس الأمن الدولي والجمعية العمومية لإعلان دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، والطلب من العالم بأسره مساعدة شعبنا لممارسة سيادته على الأرض المحتلة، وخامساً مواصلة معركة بناء مؤسسات الدولة المستقلة وتعزيز صمود شعبنا في إطار خطة إنهاء الاحتلال وبناء الدولة المستقلة. * الرئيس أبو مازن أعلن أن تعديلاً وزارياً سيتم قريباً بناء على ضغط من حركة فتح، ما رأيكم في ذلك؟ - تشكيل الحكومة هي صلاحية حصرية للرئيس، وخاصة في ظل غياب المجلس التشريعي. ومن حق الرئيس أن يجري تعديلا على حكومته متى شاء، بناء على مشاورات بينه وبين رئيس الحكومة، وأعتقد أن الحكومة حققت إنجازات هامة في مجال البنية التحتية وبناء مؤسسات الدولة والإصلاح الإداري. * ما هو موقفكم من تولي أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح لحقائب وزارية؟ - إذا كان هناك عضو لجنة مركزية مناسب لحقيبة ما ويرغب في ذلك وليست لديه مهام حركية رئيسية، فلا مانع من تولي منصب وزاري. والمهم أن تبقى أغلبية أعضاء المركزية في قيادة الحركة وأطرها ومؤسساتها ولجانها والمفوضيات المختلفة، ومن الضروري أن نسير على قاعدة من التوازن بحيث لا تنخرط المركزية برمتها في السلطة، ولا يجب أن يحجب أعضاؤها عن المشاركة في السلطة والحكومة، لأن الحكومة كذلك موقع حيوي ومهم ومؤثر في حياة الفلسطينيين. والحكومة يجب أن تتسع لأوسع تمثيل للأحزاب والفصائل والشخصيات، وأن يكون اختيار الوزراء بناء على الكفاءة والقدرة المهنية والقيادية والنزاهة، آملين بالطبع أن تتم المصالحة وأن تشكل حكومة وحدة وطنية في أسرع وقت ممكن. * أعلنت الحكومة الإسرائيلية رفضها الإفراج عنكم وعن عدد من القيادات البارزة في إطار صفقة التبادل مع الجندي الأسير شاليط، هل تتوقع أن توافق في النهاية؟ - ليس أمام إسرائيل -إذا أرادت إطلاق سراح شاليط- إلا الموافقة على القائمة التي تقدمت بها الفصائل الآسرة لشاليط، وقد أعلنت قيادة حماس أن عملية التبادل لن تتم إلا بإطلاق سراح جميع الأسرى في القائمة وفي مقدمتهم القيادات التي ترفض إسرائيل الإفراج عنها، ونحن ندعو الإخوة في حماس للتمسك بهذا الموقف، وندعم ذلك بشدة، والأسرى مستعدون للانتظار حتى تتم الموافقة على جميع الأسماء. * هل تعتقدون أن القيادة الفلسطينية تبذل أقصى جهد ممكن لإطلاق سراحكم وسراح جميع الأسرى؟ - بصراحة القيادة الفلسطينية لا تبذل «أدنى جهد» لإطلاق سراحنا، وليس فقط «أقصى جهد»، وهنالك إهمال واضح لقضية الأسرى، وهي ليست على جدول أعمال القيادة الفلسطينية، وليست جزء من خطابها السياسي والإعلامي في المحافل الدولية والعربية والإقليمية، كما أنها ليست جزءا من اللقاءات مع المسؤولين الذين تلتقي بهم القيادة الفلسطينية في رام الله أوفي أي مكان في العالم. ومن المؤسف أن قضية جندي (إسرائيلي) واحد أسير تأخذ اهتماما وحيزا أكبر من قضية ثمانية آلاف أسير بينهم ثلث نواب الشعب الفلسطيني، وبينهم المئات الذين اعتقلوا قبل أوسلو وتوابعها، وهنالك 120 أسير قضوا أكثر من عشرين عاماً في السجون، وعشرة أسرى أمضوا أكثر من 25 عاما، وهنالك من دخل أو يقترب من عامه الثالث والثلاثين في السجون مثل نائل البرغوثي وفخري البرغوثي وأكرم منصور. وفي الوقت الذي يقود فيه أعضاء برلمانات في العالم وشخصيات دولية حملة لإطلاق سراحي، فان القيادة الفلسطينية لا تفعل شيئا، بل تتجنب حتى ذكر الاسم في أي لقاء أو محفل دولي، علماً أن مروان البرغوثي هو نائب فلسطيني معتقل، وأعيد انتخابه في المجلس التشريعي ثانية، وعضو مجلس وطني فلسطيني، وعضو مجلس مركزي ل(م.ت.ف)، وكنت عضوا في المجلس الثوري لحركة فتح، والآن عضو في اللجنة المركزية. نحن على ثقة أن شعبنا العظيم الصامد الصابر يقف مع الأسرى، ومستعد لبذل كل جهد من أجل تحريرهم. وأقول لشعبنا في الوطن والشتات والمنافي أن الاحتلال إلى زوال، ومصيره لن يختلف عن مصير سابقيه من أنظمة الاستعمار والفاشية والعنصرية، إن فجر الحرية آت لا محالة.