أسئلة على الهامش شهدت مدينة فاس، الدورة الخامسة من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي، تحت شعار "القراءة المسرحية"، بمشاركة كل من كندا، وهولندا، وبلجيكا، وسوريا، ولبنان، ومصر، وتونس. هذه الأخيرة التي توج عرضها المسرحي "الحُلوَة" الذي قدمته فرقة الأملين، بالمركز الثقافي الجامعي المنستير بالجائزة الكبرى للمهرجان. هكذا إذن، استطاعت جامعة سيدي محمد بن عبد الله، باعتبارها الجهة الساهرة على تنظيم المهرجان، أن ترسم، خلال أربعة أيام من فعاليات هذه التظاهرة الفنية الطلابية بامتياز، عناوين ولوحات فنية شبابية، ممزوجة بالحضور اللافت لمجموعة من رموز الفن والمسرح والسينما المغربية والعربية على رأسهم مربي الأجيال الأستاذ عبد الله شقرون. كما أثتت الدورة بعض الأسماء في مدرسة المسرح التجريبي بأوربا. كل ذلك رفع من أسهم جامعة العاصمة العلمية، حسب ما عبر عن ذلك كل المشاركين والمتتبعين للمهرجان، الذين أجمعوا على نجاح الدكتور السرغيني الفارسي رئيس الجامعة والمهرجان، والدكتور سعيد الناجي، ليس في التنظيم العام للدورة فقط، وإنما كذلك في تشخيص واقع المسرح الجامعي العربي. لأن الدورة جعلت المتتبع والناقد المسرحي يقف على مستوى المسرح الجامعي العربي في مقارنته بنظيره الغربي، خاصة وأن كل العروض المسرحية التي قدمتها الفرق الأوربية والكندية تدخل في إطار التجريب المسرحي، وما يتطلب ذلك من صرامة وانضباط كبيرين؛ سواء في التأطير والتدريب المسرحي للطلبة الممثلين، أو من خلال الإمكانيات المادية التي توفر للجامعة في الغرب في مجال الفن والثقافة والإبداع، وذلك بغض النظر عن بعض التحفظات التي صدرت من الجمهور اتجاه مضمون عروض الفرق الأوربية، والتي تبقى مجرد رد فعل لثقافة المتفرج، رد فعل يتقاسمه كل الجمهور عبر العالم. والآن، وبعدما غادرت جميع الوفود والفرق المشاركة، سيبدأ التفكير في التحضير للدورة المقبلة، والتي ستكون بدون شك تحديا كبيرا من أجل تطوير المهرجان والمساهمة في تحسين الأداء المسرحي الجامعي العربي، حسب ما صرح بذلك منظمو الدورة في الحفل الختامي للمهرجان، والذي أعلن فيه عن تأسيس شبكة المهرجانات المسرحية العربية الجامعية، وسيكون لجامعة سيدي محمد بن عبد الله شرف استضافة مقرها، واحتضان الدورة الأولى من المهرجان العربي للمسرح الجامعي. وأخيرا، أعتقد أنه في انتظار تحقق كل الآمال والطموحات المذكورة والغائبة، والتي لا تسعها سطور هذا المقال، لا بأس من رفع أشرعة التساؤل والتفكير حول المستقبل، المستقبل الذي لا يتم إلا بطرح الأسئلة، والتي تعتبر هي الرهان الأكبر لإنجاح أي مشروع، خاصة إذا تعلق الأمر بالدور المنوط بالجامعة، باعتبارها جسرا لتكسير الهواجس والمعيقات نحو الإبداع: فلماذا لا يتم تجميع كل المهرجانات الجامعية المغربية تحت تظاهرة واحدة تتحقق فيها كل شروط المنافسة والتباري الحقيقيين؟ خاصة وأن منطق الفوز بالجوائز ينتفي على اعتبار أن المتنافسين طلبة هواة وليسو محترفين. ولماذا تكتفي الفرق الجامعية المغربية بالمشاركة في دورة أو دورتين ثم تختفي؟ ونستحضر هنا نموذج جامعة بن طفيل التي فازت السنة الماضية بالجائزة الكبرى وتغيبت هذه السنة. ولماذا الاتجاه نحو تأسيس شبكة للمسرح الجامعي العربي - وهي مبادرة طموحة في حد ذاتها- ويتم تجاوز الفكرة على مستوى المسرح الجامعي بالمغرب؟ أليس ممكنا بموازاة ذلك تأسيس شبكة للمسرح الجامعي بالمغرب؟ وهي إشكالية عامة في الأقطار العربية وتوقف عندها المشاركون في الندوة في سياق مناقشة تمثيلية الجامعات بالمهرجانات. وهل الفرق الجامعية المغربية تمثل فعلا المستوى الحقيقي للتأطير والتكوين المسرحي الجامعي؟ ومن يسهر على هذه الفرق؟ هل المختبرات والمحترفات الجامعية أم أن الاجتهاد والتطوع هو سيد الميدان؟ كل هذه الأسئلة وغيرها تروم المساهمة في بناء وتطوير صرح فني سيساهم بدون شك في تأسيس ديناميكية ثقافية وفنية كبيرة، يعيد للجامعة دورها ومكانتها التي فقدتها، ويعود نفعها وأثرها على الجسم المسرحي والفني المغربي عامة.