وجه أحمد قريع رئيس دائرة القدس وعضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية أمس الاربعاء رسالة شكر لجلالة الملك وللشعب المغربي على ما يقدموه من دعم لمدينة القدس. وأضاف قريع تعقيبا على ما صدر عن اجتماع لجنة القدسبمراكش بخصوص دعم المدينة قائلا: «شكرا لملك المغرب وشكرا للمغرب على موقفهم من القدس وما يقدموه من دعم للمدينة»، إلا أنه أشار إلى أن الدعم العربي والإسلامي الذي يصل للمدينة غير كاف، مشددا على أن المدينة المقدسة تتعرض لتطهير عرقي من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى بشتى الوسائل لاقتلاع أهلها وتهجيرهم من المدينة، في حين تعيش الأمة العربية والإسلامية في حالة غفوة، بينما السلطة الفلسطينية في حالة انشغال، في الوقت الذي تواصل فيه حكومة الاحتلال الإسرائيلي وبلديتها بتكريس كل جهودها وبإنفاق ما يعادل ميزانية دولتين عربيتين لتهويد المدينة وأسرلتها. وشدد قريع في تصريحات أدلى بها لمراسل بيان اليوم بمكتبه ببلدة أبو ديس شرق القدس بأن بلدية الاحتلال تواصل صرف مئات الملايين من أجل طمس المعالم العربية والإسلامية في القدس، في حين أن الدعم العربي والإسلامي للقدس وأهلها شبه غائب. وردا على سؤال حول ما إذا لبى اجتماع لجنة القدس الذي عقد في مراكش احتياجات القدس وتعزيز صمود أهلها، قال قريع «شكرا للمغرب وملكها»، مضيفا «حقيقة ما تحتاجه مدينة القدس أكثر بكثير جداً مما تقوم به لجنة القدس أو ما قامت به القمم العربية أو ما تقوم به السلطة الوطنية، القدس تحت عملية التهويد والأسرلة، يعني أن كل شيء للتهويد الأرض وتاريخها وحضارتها وأن كل الموجودين من أهل القدس هم مقيمون وليسوا مواطنين، ومن أجل ذلك تقوم حكومة إسرائيل والمنظمات الصهيونية العالمية واليهودية الفاعلة وأصحاب رؤوس الأموال اليهودية بتقديم كل أشكال الدعم لتهويد المدينة». وشدد قريع على أن قضية القدس في ظل عمليات التهويد والأسرلة الواسعة التي تنفذ فيها «لم تعد قضية إطعام محتاج أو توفير عمل للعاطلين عن العمل، وإنما القضية صارت قضية حماية المقدسات وحماية اولى القبلتين عند العرب والمسلمين وثالث الحرمين الشريفين»، مشيرا إلى أن إسرائيل تحاول إيجاد إرث لها من خلال حفرياتها تحت كل البلدة القديمة بالقدس وتحت المسجد الأقصى إلا أن تلك الحفريات لم تثبت صحة الخرافات التي تحاول جهات إسرائيلية ترويجها وتثبيتها على أرض الواقع من خلال مواصلة تهويد المدينة المقدسة. وتابع «من أجل ذلك، بلدية الاحتلال تصرف أكثر من ميزانية دولتين عربيتين على تهويد القدس»، متابعا «لذلك فما تحتاجه القدس من العرب والمسلمين هو أكبر بكثير، فهي تحتاج إلى أن يتم تدعيم صمود المقدسيين وحماية المقدسات والمؤسسات الفلسطينية في القدس. وشدد قريع على أهمية توفير الدعم لتعزيز صمود أهالي القدس، وقال: «الذي يدافع عن القدس ليست الجيوش العربية والإسلامية، بل هم المواطنون الصامدون بالقدس وفي محيط القدس، وبالتالي فإن صمود هؤلاء الناس هو ضمان لبقاء القدس عربية وإسلامية مهما تمادى الاحتلال ومهما بلغ ظلمه لأن صمود الموطنين هو الذي ينفي ويكذب المعادلة الإسرائيلية». وأشار قريع إلى أن سلطات الاحتلال التي أقامت 15 مستوطنة في القدس الشرقية، هي عبارة عن مدن داخل المدينة المقدسة، وتركز حاليا على تهويد البلدة القديمة التي تحتضن المقدسات الإسلامية والمسيحية، واستدل على ذلك بعرض خارطة أمام مراسل بيان اليوم تؤكد بأن هناك مخططا ينفذ على أرض الواقع لتهويد الحائط الغربي والجنوبي للمسجد الأقصى بعد أن باتت مستوطنة ما يسمى «حارة اليهود» في البلدة القديمة ملاصقة للحائط الغربي للحرم، محذرا من سعي إسرائيل لتطويق الأقصى من الجهة الغربية والجنوبية والشمالية بالمستوطنين. وأوضح قريع بأن البلدة القديمة التي تقدر مساحتها بكيلو متر مربع واحد يقيم فيها حوالي 33 ألف فلسطيني في أزقتها وحاراتها، مضيفا أنه «بالمقابل لم يكن هناك أي يهودي والآن أصبح هناك حوالي 4 آلاف يهودي وهناك حوالي مئة مكان وكنس يهودية داخل البلدة القديمة، وأينما رأوا مكانا يحاولون تعبئته بالاستيطان». وأضاف قريع، وهو يستعرض الخرائط التي توضح مدى الاستيطان التهويدي الذي تتعرض له البلدة القديمة من القدس حاليا، قائلا «الآن أصبحت هناك أربع كتل استيطانية داخل البلدة القديمة أكبرها «حارة اليهود» التي أصبحت ممتدة حتى الحائط الغربي للحرم القدسي لتلتقي مع ساحة البراق- المبكى وفق التسمية الإسرائيلية، وعند منطقة القصور الأموية التي بدأت عملية التجريف فيها لكي يتم الاستيطان فيها، ولتتم محاصرة الأقصى بالاستيطان وبتجمع استيطاني على طريق باب الخليل، وتجمع آخر عند برج اللقلق، وتهويد البلدة القديمة التي بات فيها 56 منزلا ومتجرا تحت سيطرة المستوطنين جراء مصادرتها». وتابع «أربع كتل استيطانية و56 منزلا استيطانيا في داخل البلدة القديمة التي لا تتعدى مساحتها كيلو متر مربع، يعطيك نظرة واضحة عما تواصله إسرائيل من تهويد وأسرلة للقدس في إطار سياسة التطهير العرقي التي تمارسها ضد أهالي القدس بهدف دفعهم وترحيلهم إلى خارج حدود ما يسمى بالقدس الكبرى من وجهة النظر الإسرائيلية»، ثم شدد على أن المعادلة القائمة في القدس حاليا هي قوة احتلال تنفق وتصرف الملايين لتهويد القدس واقتلاع الوجود الفلسطيني والإسلامي منها في المقابل هناك المواطن الفلسطيني الصامد في القدس وأكناف القدس، متسائلا: «ما الذي يقدم لذلك المواطن الصامد حتى نعزز صموده، هذا هو السؤال المطروح»، وزاد بأن هناك تقصيرا عربيا وإسلاميا في دعم القدس وتعزيز صمود أهلها، موضحا بأن النصف مليار دولار الذي قررته القمة العربية في سرت الليبية عام 2010 لم يصل منه إلا 37 مليون دولار في حين أن المليار دولار التي تقررت في قمة الدوحة لم يصل منها أي شيء لدعم القدس وأهلها. وطالب بضرورة أن يكون هناك جسما فلسطينيا عربيا إسلاميا لرعاية القدس وتعزيز صمود المواطن فيها كآخر سلاح للعرب والمسلمين للحفاظ على عروبة وإسلامية القدس في ظل عدم وجود لا جيوش عربية ولا إسلامية لتحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، مشددا على ضرورة توفير الإمكانيات المالية الكافية لدعم أهالي القدس إلى حين استعادتها، وقال: «ليس هناك إدراك لاحتياجات القدس، القدس احتياجاتها مختلفة عن كل الاحتياجات، ومتطلباتها مختلفة عن كل المتطلبات». وأشار إلى أن هناك تحركات لإنشاء صندوق القدس ووقفية القدس بمشاركة عربية وإسلامية مستفيدين من قرار القمة الإسلامية الذي انعقد بالسعودية عام 2004 الذي أجاز إنجاز صندوق القدس بدعم شعبي (دولار واحد) من كل مسلم في العالم، مشددا على أن ذلك الصندوق من المقرر أن تنبثق عنه وقفية لصالح المدينة المقدسة ومن أجل تعزيز صمود أهلها، منوها بأن ذلك التحرك يرتكز على دولار من كل مسلم، مع ضرورة أن تبدأ من عند الفلسطينيين، قبل الانطلاق نحو العالم العربي والإسلامي، مشيرا إلى أن ذلك الصندوق هو إحدى الآليات لدعم المقدسين، مضيفا «أنا ما يعنيني اليوم هو دعم المقدسيين وتعزيز صمودهم في ظل سعي إسرائيل لاقتلاعهم، لأن القدس تتحرر بميزان القوة أو على الأقل بالتلويح بميزان القوة، وبغير ذلك لن تتحرر، الآن في هذه المرحلة من المهم جدا أن نبقي على مكانة القدس وعلى حقنا بالقدس دون إعطاء أي قيد أنملة من التنازل، وهذا هو الموقف الفلسطيني الرسمي حتى الآن وهو متشبث بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية باعتبارها جزء من الأرض المحتلة عام 1967». وعلى صعيد ما يطرحه وزير الخارجية الأميركي جون كيري بشأن ملف القدس في المفاوضات الجارية مع إسرائيل، أوضح قريع بأن الطرح الأميركي يقوم على إنشاء عاصمة لدولة فلسطين في القدس وليس على القدس الشرقية التي يعيش سكانها الفلسطينيون، في ظل 15 مستوطنة أقيمت بالمدينة في إطار السعي لمصادرة الأرض الفلسطينية والعمل لتفريغ المدينة المقدسة من سكانها وإحلال المستوطنين مكانهم في عملية تطهير عرقي متواصلة من الاحتلال الإسرائيلي الساعي لتفريغ القدس من أهلها وإحلال المستوطنين مكانهم، متابعا «إذن أصبح المحيط العربي في القدس مثل بيت حنينا وشعفاط والعيساوية وغيرها من القرى والبلدات الفلسطينية في القدس وفي محيطها، وأصبحت في نطاق الأمن الإسرائيلي للمستوطنات، وبالتالي الطرق الالتفافية والأمنية للمستوطنات وضعت هذه الأحياء والبلدات العربية في القدس تحت رحمة الأمن الإسرائيلي الذي تعتبر أولويته هي أمن المستوطنات». وبشأن إذا ما استطاعت إسرائيل حسم مستقبل القدس من خلال تلك المستوطنات ال 15 المقامة داخل حدود القدس الشرقية وحسم الصراع بشأن المدينة المقدسة، رد قريع قائلا: «ما يحسم الصراع الآن هو أن ترفع يدك وتستسلم أو تعطي تنازلا لا سمح الله، أما حقك فهو ثابت ما دمت لم تعط نعم للمخططات الإسرائيلية»، مشيرا إلى أن القدس معزولة الآن عن محيطها الفلسطيني، وقال «هم- الإسرائيليون- وضعوها على لوح خشب حتى تموت موتاً بطيئاً بالإغلاق والحصار»، وأضاف أن كل التركيز الإسرائيلي حاليا هو على اقتلاع أهالي القدس وقال «أصلا النظرية الصهيونية تقوم على ثلاثية تتابعية: الاحتلال، الاقتلاع، والإحلال، وهذا ما يجرى في القدس الشرقية حاليا حيث يتم اقتلاع الفلسطينيين وإحلال المستوطنين مكانهم». واستبعد قريع أن ينجح كيري في إحداث اختراق في العملية السلمية خاصة في ظل حديثه عن عاصمة للفلسطينيين «في القدس وليس القدس»، مشددا على أن الموقف الفلسطيني الرسمي يعتبر القدس الشرقية كاملة هي أرض محتلة وهي العاصمة لفلسطين للوصول للسلام بالمنطقة، مشيرا إلى أن السعي الأميركي للوصول لاتفاق إطار كمرجعية جديدة للسلام بالمنطقة هو التفاف على الشرعية الدولية التي تعتبر الأراضي المحتلة عام 1967 أراضي فلسطينية واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأوضح قريع بأنه لن يكون هناك سلام إذا لم تخل اسرائيل جميع المستوطنات بالقدس الشرقية، وقال «القدس لا يمكن أن تكون مدينة وعاصمة فلسطينية وعربية وإسلامية بوجود هذه المستوطنات»، مشددا على أن تبادل الأراضي الذي تمت الموافقة عليه فلسطينيا وعربيا لا يعني إعطاء إسرائيل الحق في ضم المستوطنات لها وخاصة في القدس والتجمعات الاستيطانية بالضفة الغربية، منوها إلى أن ضم تلك المستوطنات سواء في القدس الشرقية أو الضفة الغربية لإسرائيل لن يبقي معنى لدولة فلسطينية بل ستصبح التجمعات السكانية الفلسطينية هي في إطار الحماية الأمنية للمستوطنات الإسرائيلية، مضيفا «التبادل هو لتعديلات حدودية طفيفة»، لأسباب ديمغرافية أو أمنية وليس للاستيطان. وأشار قريع، الذي كان رئيسا لطاقم المفاوضات الفلسطيني سابقا، بأن وضع المفاوضات صعب، وقال «الأميركيون يبذلون جهودا ولكن الوضع صعب، وأنا قلق، لأنه في نهاية الأمر الأميركي أكثر قربا لإسرائيل، ولا أريد أن أقول بأنه يتبنى الموقف الإسرائيلي»، وتابع «الآن يقال بأن كيري يريد أن يقدم ورقة ولا يطلب لا من الفلسطيني أو الإسرائيلي أن يوافقوا عليها، ولكن إذا قدمت هذه الورقة بناء على نتيجة هذا التداول والمفاوضات فستكون هي مرجعية للسلام، وهذا التفاف من قبل واشنطن على مرجعيات عملية السلام على أساس حدود عام 1967، وأنا أقول بأنه التفاف على الشرعية الدولية بصوت مرتفع، وأي مرجعية جديدة للسلام سيكون فيها تنازل جديد، وبالتالي هذه قضية في منتهى الخطورة، ولكن أنا أعتقد بأن هناك عملية انتباه لهذه النقطة». وأشار قريع إلى أن الموقف العربي لم يتغير في دعم الفلسطينيين، مشيرا إلى أن «العرب يقولون للفلسطينيين أنتم ماذا تريدون ونحن معكم»، وتابع قائلا «الكرة في ملعبنا نحن أصحاب القضية ونحن الذين نحدد ما نريد أو ما لا نريد»، مشيرا إلى انشغال العرب بأوضاعهم الداخلية، محذراً من «أن التطبيع العربي المجاني مع إسرائيل يضعف الموقف الفلسطيني، وهو ضد القضية الفلسطينية». وأشار قريع إلى الأردن باعتباره الطرف الأهم بعد الفلسطينيين في حل القضية الفلسطينية خاصة وأن اغلب اللاجئين الفلسطينيين يعيشون بالأردن، كما أن هناك ارتباطا بين قضايا الوضع النهائي الأخرى: الحدود – الأمن – المياه – البيئة وطبعاً اللاجئين، مطالبا بأن تكون العلاقة الفلسطينيةالأردنية في غاية الشفافية للحفاظ على مصالح الجميع، وقال «الأردن لا يريد أن يكون شريكا في المفاوضات ولكن الأردن له مصالح وقضايا» مشيرا للاجئين والأمن على الحدود والمياه.