فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختتام الدورة السادسة لمهرجان المسرح العربي بالشارقة
نشر في بيان اليوم يوم 19 - 01 - 2014

تونس تتربع على عرش المسرح العربي بفوز مسرحية «ريتشارد الثالث» بجائزة أفضل عرض
الإعلان عن اختيار المغرب لإقامة الدورة المقبلة للمهرجان المسرح العربي المتنقل
أقيم أول أمس الحفل الختامي للدورة السادسة لمهرجان المسرح العربي، بقاعة العرض الكبرى في قصر الثقافة بالشارقة، حيث تم تتويج مسرحية «ريتشارد الثالث»، لفرقة «انتراكت برودكشن» من تونس كأحسن عمل مسرحي عربي لموسم 2013، وخلال حفل الاختتام أعلن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة عن إقامة الدورة القادمة (السابعة) لمهرجان المسرح العربي بالمملكة المغربية.
استهل الحفل بكلمة ألقاها إسماعيل عبد الله أمين عام الهيئة العربية للمسرح قال فيها: «نقف اليوم على عتبة وداع الدورة السادسة من مهرجان المسرح العربي، بعد أسبوع من انطلاقته بكل العنفوان والشباب والجمال، أسبوع شغل المسرح فيه جنبات الشارقة، ونال من دفء حناياها، ما منح كل الفعاليات صفة الإدهاش والتجلي».
وأطلع المتحدث الحاضرين للحفل على نشاطات الدورة التي ضمت إثني عشر عرضاً مسرحياً، بمشاركة أكثر من ثلاثمائة وثلاثين فنانا مسرحياً، كما ضمت مؤتمرا فكريا حول موضوع «المسرح والهويات الثقافية» بمشاركة باحثين عرب وأجانب من الفلبين وأوغندا وبنغلادش وبريطانيا.
كما تم تدشين موقع إلكتروني خاص بالمهرجان، ثمرة لجهود أعضاء تعاونية المواقع الإلكترونية المسرحية العربية التي أطلقتها الهيئة العربية للمسرح عام 2013، وبث كافة الفعاليات مباشرة على الموقع، ومتابعة حثيثة من المسرحيين على امتداد العالم وعلى مدار الساعة، كما تم نشر كتاب بحثي وازن حول الكتابة المسرحية في الإمارات.
وأضاف إسماعيل عبد الله: «جئنا إلى الشارقة بكل ما نحب، نبادلها حبا بحب، فغمرنا سلطانها بوعد الخير، بعصر تنوير، يدرأ الزحف الظلامي الذي لا يفوت فرصة للانقضاض على كل ما هو جميل، حين ربط بين سوء استخدام المسرح وخفوت الحس الوطني لدى الجمهور وانصرافه للتلهيات، يعمل ليجعل من شارقته، شارقة تسمح للطلائع المختلفة من الفرق المسرحية بالالتقاء والتعارف على أرضها، حيث تختلط كل أنواع الفنون»، وأضاف: «يريد سلطان أن يدرأ العنف بالحب، والظلمة بالنور، والانغلاق بالخيال، والموت بالحياة، والرهان كما يراه بعين البصيرة يكمن في تسليح الأطفال بالمعرفة المسرحية ليكونوا رجال التنوير في غد طوفاني لا عاصم فيه للإنسان سوى الحب، فيطلق مشروعه لاستنبات وتنمية المسرح المدرسي على امتداد الوطن العربي، من أجل صناعة جيل التنوير».
وكانت للجنة التحكيم في المسابقة كلمة ألقاها هشام كفارنة بالإنابة عن رئيس اللجنة، شكر فيها صاحب السمو حاكم الشارقة على رعايته الكريمة لمثل هذه الاحتفالات الثقافية المهمة والتي تستتب المسرح العربي. وأضاف هشام كفارنة أن اللجنة لاحظت أن هذه الدورة كان للمرأة فيها إسهامات ودور كبير وفعال على خشبة المسرح كممثلة وكاتبة ومخرجة، كما شكل العنصر الشبابي في المسرح الدور الفعال في عرض أفكار الجيل الجديد ورؤاه. ولفت الانتباه إلى أن العروض المسرحية تقاطعت مع هموم الأوطان، مما جعل المسرح معبراً عن هموم الوطن ومشاكله، وعرضت فيها قضايا تهم المواطن العربي. وأوصت اللجنة باستخدام اللغة العربية الفصحى في العروض المسرحية، وأثنت اللجنة على مشروع المركز العربي لتأهيل المسرح العربي، وبإشراك العرض المسرحي الفائز والعروض المميزة في المهرجانات المسرحية في العالم العربي والعالمي.
أما المسرحية التي فازت بأفضل عرض مسرحي، فكانت من نصيب عرض «ريتشارد الثالث»، لفرقة «انتراكت برودكشن» من تونس، تأليف محفوظ غزال، ودراماتورجيا وإخراج: «جعفر القاسمي، وتشخيص: فاطمة الفاحلي، صبحي عمر، عاصم بالتوهامي، منال الفرشيشي، سماح التوكابري، ربيع إبراهيم، خالد الفرجاني، ويوسف مارس .
وفي ختام الحفل، أعلن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة عن إقامة الدورة القادمة (السابعة) لمهرجان المسرح العربي بالمملكة المغربية.
وتفضل صاحب السمو عقب ذلك، بتكريم الكتاب المسرحيين وهم، أبو العلا السلاموني وناجي الحاي ويسري الجندي وعبد الرحمن المناعي وعبد الرحمن محفوظ ولينين الرملي من مصر، واحميدة العياشي من الجزائر، وجبريل الشيخ من الأردن، وحمدنا الله عبد القادر من السودان، وخليفة العريفي وسلمان الناطور من فلسطين، وعادل كاظم من العراق، وعبد الرحمن الصالح من الإمارات، وعبد العزيز السريع من الكويت، وعبد الكريم برشيد من المغرب، وعز الدين المدني ومحفوظ عبد الرحمن ومحمد العوني من تونس، وعلي الفلاح من ليبيا، وفرحان بلبل من سوريا، وفلاح شاكر من العراق، ومنير أبو دبس من لبنان.
عروض مسرحية، ندوة فكرية وتكريم
تنافست خلال هذه الدورة على جائزة أفضل عرض مسرحي عربي للعام 2013، تسعة عروض مسرحية عربية بالإضافة إلى تقديم بعض العروض خارج المسابقة منها عروض شعبية متنوعة، فيما تميز افتتاح المهرجان بتقديم مسرحية «الحاسة السابعة» من تايوان.
وكانت لجنة متخصصة اختارت العروض المتنافسة من بين 160 عرضاً مسرحياً تقدم بها أصحابها للمسابقة من مختلف البلدان العربية.
والعروض التي تأهلت للمنافسة هي: «الجميلات» إخراج صونيا من الجزائر، و»ريتشارد الثالث» إخراج جعفر القاسمي من تونس، و»حلم بلاستيك» إخراج شادي الدالي من مصر، و»80 درجة» إخراج علية الخالدي من لبنان، و»ع الخشب» إخراج زيد خليل مصطفى من الأردن، و»عربانة» إخراج عماد محمد من العراق، و»دومينو» إخراج مروان عبد الله صالح من الإمارات، و»نهارات علول» إخراج حسن رجب من الإمارات، و»عندما صمت عبد الله الحكواتي» إخراج حسين عبد خليل من البحرين.
وخارج المسابقة تعرض مسرحية «الدرس» إخراج غازي الزغباني من تونس، و»ليلي داخلي» إخراج سامر إسماعيل من سوريا. وفي العروض الشعبية يستضيف عروض "الأراجوز" من مصر، عروض الحكواتي من ليبيا، ومسرحية «سيبني نحلم» من تونس.
ويرأس لجنة تحكيم المهرجان الدكتور خالد أمين من المغرب، وتضم في عضويتها كلا من هشام كفارنة من سوريا، وروضة سليمان من فلسطين، ومكي سنادة من السودان.
وقال الفنان المسرحي غنام غنام مسؤول النشر والإعلام في الهيئة: «إن مجموع ما يقدم من أعمال مسرحية في الوطن العربي يفوق هذا العدد كثيراً، فلولا الاضطرابات السياسية في مصر وتونس وسوريا والعراق لوصلتنا مشاركات أكثر».
وتحدث غنام عن استفادة فن المسرح المعاصر من الفنون الجديدة «فقد أصبحت التكنولوجيا جزءً من العرض على ألا يطغى على فن الأداء».
وأشار إلى أن «معظم المخرجين وصناع العروض هذا العام من الشباب، إذ لا يشكل من هم فوق سن الأربعين 25% من المشاركين، ومن اللافت أيضا أن المرأة المخرجة وصانعة العرض قدمت منتوجها بشكل عالي من ناحية العدد والنوعية».
وذكر غنام في هذا الإطار أن الجائزة في عام 2011 كانت من نصيب المخرجة التونسية الشابة مريم بو سالم، بينما حصلت المخرجة اللبنانية لينا أبيض على الجائزة عام 2012.
ووصف العروض بأنها «تشاكس اليومي المعاش والظروف التي تمر بها المنطقة والعالم، وهي سمة المسرح الحي الذي لا يتخلف عن قضايا الإنسان» مشيراً إلى أن «بعض العروض تتميز بخروجها من العلبة المسرحية فتقدم في باحات مفتوحة، وهناك إعادة لكل العروض بحيث يمكن للمشاهد أن يختار الوقت المناسب له».
وانعقد على هامش العروض مؤتمر فكري دولي بعنوان «المسرح والهويات الثقافية» الذي شارك فيه باحثون من الفلبين واندونيسيا وبنغلادش وغينيا وبريطانيا وإيران، إضافة إلى باحثين ونقاد عرب مشهود لهم بالبحث والاجتهاد والتنظير في مادة المسرح.
كما شهد المهرجان مناظرة فكرية تحقيقية في شأن ريادة النص المسرحي العربي، ويوماً مخصصاً لمناقشة تجربة المسرح الإماراتي.
كما تميز المهرجان بإقامة جلسات نقدية لمقاربة ومناقشة كافة الأعمال المسرحية المعروضة، يتحدث فيها نقاد عرب كبار، لإثراء المشهد النقدي في المهرجان، وشهد المهرجان ملتقيين الأول لتعاونية الإعلام الإلكتروني المسرحي التي أطلقتها الهيئة العربية للمسرح في أبريل الماضي، والثاني خاص بالمسرحيين العرب في دول المهجر.
ويكرم المهرجان كعادته في كل دورة شخصية مسرحية من البلد المضيف للدورة، وتم اختيار محمد عبد الله العلي، الإعلامي والمسرحي والمثقف المعروف، مدير عدة دورات من مهرجان أيام الشارقة المسرحية، ومدير الإدارة الثقافية السابق في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة.
ويكرم أيضاً 23 كاتب نص مسرحي من الوطن العربي، ممن أثروا وأثروا في مسيرة المسرح العربي، وترجمت أعمال معظمهم لعديد من اللغات الحية.
ثلاث مسرحيات تونسية في المهرجان
تحضر تونس في مهرجان المسرح العربي في الشارقة بثلاثة عروض: «سيبني نحلم» من إخراج انتصار عيساوي يقوم على ثلاثة مشاهد يشتغل عليها في فضاء المسرح الفنانان بسام الحمزاوي وفيصل الحضيري في قالب كوميدي .
العرض الثاني جاء بعنوان «الدرس» لفرقة فضاء أرتيستو، والعرض مأخوذ من نص للكاتب المسرحي الروماني - الفرنسي يوجين يونسكو الذي يعد من أعمدة المسرح الساخر ومسرح اللامعقول، وجاءت المعالجة الإخراجية لعرض «الدرس» عن طريق غازي زغباني الذي أعدّ النص، أما التمثيل فقد قام به كل من: نعمان حمدة، سيرين بالهادي، ونجيب بن خلف الله، وجاء في مطوية المسرحية:
«جيلان مختلفان تماماً، أستاذ وطالبة تستعد للدكتوراه، تجمع بينهما طاولة الدرس، وتنقطع بينهما لغة الحوار، فالأستاذ يمتلك الحقيقة، وينظر للعالم من وجهة نظر واحدة ومتعصّبة، فيما تحاول الطالبة أن تثبت وجودها وطموحها معبّرة عن حقها في الاختلاف ورؤيتها الخاصة للعالم» .
يتشبع العرض بإشارات سياسية كثيرة مستقاة من الخطاب السياسي الذي تتشدّق به رموز كثيرة في الوطن العربي وفي العالم . الأستاذ في المسرحية يمثل رؤية أحادية متعصبة، والتلميذة تخرج برؤاها المتفتحة إلى ما هو ضد التعصب بروح إنسانية متسامحة .
العرض التونسي الثالث والذي توج بجائزة أحسن عرض مسرحي عربي، فهو بعنوان: «ريتشارد الثالث» لفرقة «انتراكت برودكشن»، تأليف محفوظ غزال، ودراماتورجيا وإخراج: «جعفر القاسمي، ويقوم العرض على أداء كل من الممثلين: فاطمة الفاحلي، صبحي عمر، عاصم بالتوهامي، منال الفرشيشي، سماح التوكابري، ربيع إبراهيم، خالد الفرجاني، ويوسف مارس .
الجزائر تبحث عن «جميلاتها» في عرض مسرحي بنفس سياسي
أثار العمل المسرحي الجزائري «الجميلات»، للمخرجة الجزائرية المعروفة صونيا، الكثير من الجدل والنقاش بعد عرضه ضمن الدورة السادسة لمهرجان المسرح العربي في الشارقة.
وعرضت المسرحية على خشبة مسرح قصر الثقافة، وجسدت فيها خمس ممثلات أدوار مناضلات في الثورة الجزائرية يتعرضن للاعتقال من قبل الفرنسيين.
ومن وراء القضبان تستعيد المناضلات سرد قصصهن مع الثورة وأحلامهن عن الحرية والاستقلال، ويتحدثن عن مناضلات أخريات سبقنهن في النضال وواجهن الموت ببطولة، فيما يظهرن روحا عالية رغم السجن ويعبرن عن أنفسهن بالغناء والرقص ولو في الخفاء بعيدا عن عين السجان.
وأثار هذا العمل نقاشا واسعا بعد عرضه، فقد وجد العديد من الحضور أن عنوان العمل يحيل إلى رمز الثورة الجزائرية «جميلة بوحيرد» التي اشتهرت كامرأة مقاومة، فيما وجد آخرون إشكالية في التماثل بين شخصيات السجينات، بينما في الواقع كانت أطياف متنوعة من النساء تشارك في الثورة الجزائرية.
غير أن مؤلفة العمل نجاة طيبوني قالت «كتب النص بناء على عمل بحثي ومقابلات مع المناضلات وشهادات موثقة لهن، وكثيرات لم يعطن تفاصيل لأنهن اعتبرن عملهن واجبا وطنيا». وأضافت «العمل يتحدث عن نهايات عام 1961 الذي شهد تطورات كثيرة سرعت من استقلال البلاد إثر إعلان الأمم المتحدة مبادئ حق تقرير المصير. وقد تعمدت تقديم الشخصيات بشكل متماثل نسبيا للتعبير عن نظرة المستعمر للمناضلات، فقد عذبن كلهن في السجن وحكم عليهن بالإعدام مثلما حدث مع جميلة بوحير».
مسرحية «حلم بلاستيك» تمثل المسرح المصري
العرض المسرحي المصري «حلم بلاستيك» للمخرج الشاب شادي الدالي، المشارك في المسابقة الرسمية والذي يعرض حاليا على خشبة مسرح الطليعة بالقاهرة، من إنتاج فرقة أتيليه المسرح بكلية الفنون الجميلة- جامعة حلوان، ويتناول أحلام الجيل الحالي التي لم تتحقق، رغم اعتقاد الجيل الحالي أن ثورة يناير سوف تكون بمثابة الانطلاقة لكل أحلامهم التي ستتحول إلى واقع، وهو ما لم يحدث رغم مرور أكثر من عامين على الثورة التي لحقتها ثورة أخرى.
العرض من تمثيل سمر جلال، أحمد يحيى، راندا عصام، محمد مسعد، محمود سامي، وئام عصام، رنا حمدي، ربا شريف، شهاب يونس، وهند الشيمى، تصميم أزياء وديكور جماعي، موسيقى أمير رسمي، مروان فوزي، ألحان أمير صلاح الدين، أشعار ضياء الرحمن، أحمد حسين، مساعد مخرج أسماء أبو اليزيد.
وجاء اختيار «حلم بلاستيك» ليمثل مصر في مسابقة المهرجان هذا العام، من خلال لجنة مصرية تكونت من المخرج ناصر عبد المنعم، والناقد أحمد خميس، والمخرج عصام السيد، رشحت بجانبه ثلاثة عروض أخري هي «المحروسة والمحروس» إنتاج المسرح القومي، وإخراج شادي سرور، و»عاشقين ترابك» إنتاج مسرح الساحة، وإخراج محمد الشرقاوي، و»شق القمر» إنتاج مسرح الشباب، وإخراج خالد عبد الحميد، وجاء اختيار «حلم بلاستيك « بحسب القرار النهائي للجنة العربية المكلفة باختيار القائمة النهائية لعروض المهرجان.
«عندما صمت عبد الله الحكواتي» من البحرين
قدم مسرح «الصواري» من البحرين مسرحية «عندما صمت عبد الله الحكواتي» التي تتنافس مع تسعة عروض أخرى على جائزة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عرض مسرحي عربي. وقد اختار مخرج المسرحية ومعد نصها الشاب حسين عبد علي تقديمها في باحة جمعية المسرحيين التي تقع في بيت أثري قديم مرمم.
وارتكز العمل على الحكواتي الذي يصمت فجأة، ويقوم بدوره الممثل المخضرم عبد الله السعداوي ببراعة. فيحاول أصدقاؤه الأربعة دفعه للحكي من جديد عبر رواية كل منهم لقصته الشخصية، وهي قصص معروفة اقتبسها المعد من رواية «حكواتي الليل» لرفيق شامي، ورواية «أهل البياض» لمبارك ربيع، وقصة «الدرويش الثالث» من «ألف ليلة وليلة» كما يشير كتيب العرض.
جوقة العميان وسطوة الخوف بمسرحية «ع الخشب» من الأردن
تمكن المخرج المسرحي الأردني زيد خليل مصطفى من جذب اهتمام جمهور المهرجان عبر استدعائه بعض الشخصيات من الموت ودفعها إلى الغناء في جوقة عميان في عمله المسرحي المعنون ب «ع الخشب» الذي عرض على مسرح معهد الشارقة المسرحي.
تتألف المسرحية من جوقة عميان وعدد من الممثلين يؤدون أدوارهم وسط ومقدمة المسرح، فيما تظل الجوقة في مؤخرة المسرح وأمامها «مايسترو» جالس على مقعد، يدير ظهره للجمهور، ولا يتحرك هذا «المايسترو» من مكانه طوال العرض.
وبرع في تجسيد الأدوار الممثل المخضرم عبد الكامل الخلايلة، وبيسان كمال ونهى سمارة، بالإضافة إلى المخرج نفسه، الذي يعد من الجيل الجديد من المسرحيين في الأردن. وصمم الإضاءة محمد المراشدة، ووضع التأليف والتوزيع الموسيقي مراد دمرجيان.
وقال المخرج والمؤلف زيد خليل مصطفى عن تجربته هذه: «كتبت النص من وحي كلمات وردت في نص «العميان» لميتر لينك، واستفدت من العديد من النصوص المسرحية والأشعار الصوفية والتجارب الشخصية».
وأضاف أن جوقة العميان المنشدين «جزء من العمل وهم يجسدون حالة العمى في عمومها، كالجهل والخوف (..) والعمى السياسي والاجتماعي اللذين يمارسان على الفرد في العموم».
ويطرح العمل أسئلة كبرى فيما يتعلق بحرية الاختيار والتعبير في أجواء تقليدية وسياسية ضاغطة، فالموتى الأربعة (امرأتان ورجلان) يسردون صورا من حياتهم قبل الموت، وهي مليئة بالممنوعات، المنع من الغناء والمنع من العودة إلى الوطن والمنع من الخروج.
ومع شحنة الواقعية الممزوجة بالتجريبية التي تجعل مضمون المسرحية متعدد الأبعاد، يمرر المخرج على نحو رمزي وغير مباشر بعضا من ملامح الربيع العربي، مستحضرا أحيانا اللهجة التونسية والسورية في الحوار.
كما أن العمل يزخر بالعديد من الرموز الدلالية والفنية مثل نثر الرمل في مشهد الفناء الأخير، وإضاءة أجساد الممثلين بشريط من الضوء الملتصق بأجسادهم وكأنه هالة نور أزرق حزين يميزهم.
وسبق لمصطفى زيد خليل أن قدم مسرحية سعد الله ونوس «طقوس الإشارات والتحولات» في مهرجان المسرح العربي عام 2009.
*****
«دومينو» يرصد ارتباك مسار الربيع العربي
الشارقة - محمد أبو عرب
استوحى فريق مسرح دبي الأهلي من لعبة الدومينو الشهيرة فكرة عرضهم الذي حمل اسم اللعبة، مستفيدين من تتابع سقوط أحجار اللعبة وما تمثله قيمة الأرقام عليها، في طرح واحدة من قضايا الراهن العربي المرتبطة بالثورة والحرية، وحقوق الشعوب وإرادتها .
فما أن قضت السلطة على الحجر الثائر والحامل راية التغيير وأسقطته، حتى سقطت بالتتابع بقية الأحجار وظل حجر السلطة وحيداً منتصباً على الخشبة، ليخلق ذلك حالة من التجسيد والتشخيص الرمزي والدلالي لحال الربيع العربي، ومدى نجاحه وقدرته الفعلية على تغيير الأنظمة، وفي الوقت نفسه يطرح الشعب بوصفه قوة ضعيفة أمام السلطة وهشة بما يمكن هدم بنائها بحركة واحدة .
اشتغل المخرج مروان عبد الله، في عرضه على ثلاثة عناصر، اتضح جهده فيها، الأول تمثل في حركة الممثلين على المسرح وأزيائهم، فوظف الإطارات البيضاء، والملابس التي تحمل نقاط اللعبة، ليماهي بين الممثل وإطاره، ويضاعف فعل الحركة على الخشبة، بين حركة الممثل وإطاره، راسماً لوحات بصرية تشترك فيها الإضاءة وتكوينات الممثلين في بناء فضاء ممتلئ ونابض بالحركة .
أما العنصر الثاني الذي استفاد منه المخرج، وهو واحد من الحلول الإخراجية الذكية في العمل، فهو الاستعاضة عن السينوغرافيا الضخمة والكتل الثابتة بأجساد الممثلين أنفسهم، فرسم من خلالهم القصور، والسجون، والأعمدة، والمقاعد، مستفيداً من مهارة الممثلين وخفتهم على الخشبة، وقدرتهم على خلق حالة تفاهم فيما بينهم، فكانت الخشبة تتبدل لترسم مشاهد مكتملة تخدم بناء العرض .
وجاء اشتغال المخرج اللافت على الإضاءة، فلم يغفل عن تعدد الألوان، ومعالجة الضوء في العتمة، ودورها في تكوين جمالية بصرية تبقي المتلقي مشدوداً للعرض حتى آخر لحظة، فبدا الجهد واضحاً في الإضاءة، وتوظيف تقنيات الكشف عن الأجسام البيضاء في العتمة، ورسم ثلاثة آفاق على الخشبة تجعل العرض يسير في ثلاثة أزمنة في الوقت نفسه .
ويشترك العرض في تقديمه بين العمل المسرحي المستند في بنائه إلى الحكاية، والشخوص، والذروة، والحوار، وبين العرض الأدائي الراقص، فما قدمه الممثلون داخل العمل من لوحات غنائية راقصة، يعد من منظور آخر عرضاً أدائياً، يوظف الرقص والغناء وتناسق الحركة على المسرح .
وجاء النص من تأليف طلال محمود بالفصحى، وبلغة متينة تقدم مفردات دلالية عالية تخدم النص، فبدا العرض مرسوماً نصياً ومبنياً في متنه وحواره على معالجة راهن العالم العربي اليوم، بكل ما تشتبك فيه الحالة من تباينات واختلافات .
وتدور أحداث «دومينو»، حول شخوص يمثلون لعبة الدومينو، يحكمهم أعلى الأحجار نقاطاً، ويوجه سيرهم، وحركتهم، ووسط اللعبة يولد حجرٌ بلا نقاط، يبدو متفرداً بين الأحجار، غريباً عنهم، فيأمر القائد بتعليمه، وتربيته وفق قواعد اللعبة والمنظومة التي يتحركون فيها . وتستمر اللعبة حين يموت أحد الأحجار، ويرتفع صوت المولود الجديد الفاقد للنقاط، ويقترح أن يحمل نقاط الحجر الميت، ويولد من جديد في مجتمعه بين الحجارة، وما أن يوافق على ذلك ويحمل النقاط حتى يبدأ في تثوير فريقه، والمطالبة بحقوقهم، أمام الفريق الآخر الذي يحمل النقاط الكثيرة ويعيش في نعيم .
وتبدأ حكاية البطل منذ أن يعشق ابنة القائد الكبير، ويناضل للحصول عليها، فما أن يحصل على الأرقام، ويصبح مدفوعاً بقوة العشق والثورة حتى يجيش القائد قوته للإطاحة به، فتتأجج الأحداث، وينقسم الفريق، ليختتم الحكاية بقتل الثائر، وإسقاطه بعد أن تكون الأحجار كلها تقف خلفه وتتبعه .
وفي مشهد يهوي فيه الحجر البطل، ويتتابع سقوط الأحجار خلفه، يقف القائد منتصراً وحيداً على الخشبة، معلناً انتصار السلطة وفشل الشعب في ثورته .
وتبع العرض ندوة نقاشية أدارها المسرحي خالد الطريفي، وتحدث فيها مخرج العمل مروان عبد الله، ومؤلفه الكاتب طلال محمود، والناقد التونسي عبد الفتاح الشاذلي، قدم فيه الناقد ورقة قرائية للعرض، وتحدث خلاله المخرج، والمؤلف عن تجربتهما في المسرحية. وأوضح الشاذلي أن العرض اشتغل على توزيع كل الممثلين بذكاء على الخشبة، موظفاً الصوت، والإضاءة إلى أكثر ما يمكن، ومستعيناً بقدرات الممثلين الجسدية .
وأشار المخرج والكاتب إلى أنهما يعملان مع بعضهما منذ ستة عروض، لافتين إلى أنهما عدلا على العرض بما يخدمه ويزيد من متانته، ويخلصه من بعض الإشكاليات التي أصابته في العروض الأولى .
عن جريدة الخليج
*******
مهرجان المسرح العربي بالشارقة يشارك المواطن قضاياه وهمومه
عروض الدورة السادسة تبحث في مفاهيم الحرية والديمقراطية وتسلط الضوء على النخب المثقفة الانتهازية في زمن الثورات
بقلم: رضاب فيصل
مناخ أكاديمي يسعى إلى الفن
في إطار البحث عن هوية للمسرح العربي، وكمحاولة جادة لتأصيله وتطويره بما يتماشى مع حركته الثقافية والفنية في العالم، أقيم مهرجان المسرح العربي في دورته السادسة من 10 ولغاية 16 يناير الجاري في إمارة الشارقة، مستضيفاً نخبة من العروض المسرحية العربية وأبرز العاملين والمتخصصين في هذا المجال ضمن مناخ أكاديمي يسعى إلى الفن لتحقيق المتعة والفائدة جنباً إلى جنب.
تحاول الدورة السادسة من المهرجان أن تجمع جمهوره من المسرحيين والمهتمين بالفن الفقير، في ظل ما نعيشه اليوم من إهمال واستبعاد له، بعد أن ذهب مجتمعنا نحو ثقافة الاستهلاك والثقافة التقنية الجديدة بمفرزاتها الغريبة والمختلفة، متتبعاً هذا الأخير، حركة التطور السريع المصاحبة لوسائل الاتصال الحديثة. وهنا كان لا بد أن يعي المهرجان مهمته الصعبة الكامنة في نشر الوعي المسرحي بين أبناء الجيل الجديد، لذا نجده استضاف في عروضه فرقاً مسرحية شابة، توازي المشاهد الجالس أمامها في صالة العرض، وتشاركه همومه، مجسدةً إياها عبر الفن، وعروضاً مسرحية تتقاطع مع الواقع العربي المعيش في معطياته المكانية والزمانية.
وتأتي استضافة الشارقة للحدث هذا العام، بعد ما أثبت وجوده وأهميته في الوسط الفني والثقافي، وأصبح الموعد الأهم على خارطة مهرجانات المسرح العربي، حيث استطاع توطيد أركان الفن الذي لطالما عكس في أحداثه وشخصياته، حياة الشعوب بكل تنوعاتها وتقسيماتها الاجتماعية والاقتصادية وروى كيف يمكن للسياسة أن تكون بطلاً رئيسياً في كل التفاصيل والأشياء الحاكمة لنا والتي نصادفها يومياً، سواء أكانت صغيرة أم كبيرة، وسواء كنا نرغب بذلك أم مجبرين.
حلمٌ شاب
ومن بين العروض الشابة يتألق «حلم بلاستيك» من مصر لفرقة «أتيليه الممثل» من إخراج شادي الدالي، ليؤكد أن المسرح المصري لا يزال مستمراً رغم كل الظروف والأحداث التي عصفت بالبلد خلال الثلاث سنوات الماضية، مضيئاً في الوقت ذاته، على المعاناة التي واجهت الفرقة في محاولتها لتقديم عرض مسرحي أمام جمهور واسع من الجنسيات كافة في بلدان مختلفة، ومشاركته في المهرجان على أرض الشارقة.
بمنتهى الجمالية والإبداع، مزج «حلم بلاستيك» مناظره المسرحية على الخشبة، بالفن التشكيلي، ما يشرح توجه الفرقة نحو مسرح حداثي يستقي عناصره من كل الفنون ولا يكتفي بالقواعد الكلاسيكية القديمة التي قام عليها الفن الفقير. وقد تمّ تسخير هذا الإطار الفني الفرجوي لمحاكاة هموم وقضايا ساخنة تمسّ المواطن المصري، وخاصةً الشباب الذين لا زالوا يؤمنون بتحقيق الحرية والديمقراطية.
غضب الحرافيش
الواقع الاجتماعي والسياسي يتجذر في المسرحية الإماراتية «نهارات علول» للمخرج المسرحي حسن رجب، والتي تروي كيف تعيش جماعات من الناس «الحرافيش» في مجتمع صغير على جمع العبوات الفارغة كل يوم من الحاويات وأماكن تجمع القمامة وكأن عقولهم تبرمجت على هذه الوظيفة حتى باتوا لا يفكرون بغيرها، ولا يفعلون شيئاً إلا هذه المهمة. إلا أن «علول» الشخصية الرئيسية يبدو مختلفاً للغاية، هو شخصية حرة متمردة تسعى إلى تغيير الواقع القميء.
الحاكم في المسرحية يتطاول على خطيبة علول ويسعى إلى بقاء الشعب مخدراً بتلك المهمة إلى الأبد حتى لا تسنح له الفرصة بالتفكير والتغيير، إلا أن رصاصة حارس القصر التي أصبت خاصرة علول وجعلته ينزف مطولاً، غيرت كثيراً في وضع المجتمع. فبعد ما التأم جرحه ولم يعد له من أثر صار الحرافيش يعتبرونه مباركاً له كراماته، ولا يموت أبداً.. لكن وبعد الحكم النهائي على علول بالإعدام، وتجمهر الحرافيش لرؤية ما سيحدث، كانت «الثورة» بكل ما في الكلمة من معنى. وما جرى بالضبط أن الرصاصتين استقرتا في صدر علول الذي سقط على الأرض كجثة لا تتحرك. وهنا لم يجد الحرافيش إلا الغضب والركض خلف رجال الأمن والحراسة الذين راحوا يركضون هاربين خوفاً من الغضب العارم، فانقلب الوضع رأساً على عقب. وأما علول فلم يمت، لقد عاش من جديد وبقيت الرصاصتان تتحركان في جسده من جديد.
محاكمة النخبة المثقفة
وعن نص «خطبة لاذعة ضد رجل جالس» لغارسيا ماركيز، يشارك العرض المسرحي السوري «ليلي داخلي» للمخرج سامر محمد اسماعيل، كورقة احتجاج على الواقع السوري تعكس في مشاهده عيوب وخفايا النخبة المثقفة التي نكتشف أن شخصياتها من أكثر الشخصيات انتهازية في المجتمع.
تحكي المسرحية عن مهاجمة زوجة «الفنانة روبين عيسى» لزوجها المثقف جداً (الفنان بسام البدر) في ذكرى عيد زواجهما العاشر، بسبب تكسر مبادئ هذا الأخير على عتبة الواقع السوري اليوم، دون أن ينطق الأخير ولو بكلمة. ما جعلنا أمام حوار يشبه المونولوج الداخلي يعرّي مثقفينا اليوم ويسأل أسئلة كثيرة تتعلق بالدرجة الأولى بما يحدث فعلاً في سوريا. فما هي مهمة المثقف في الحرب؟ كيف له أن ينهض بمجتمع؟ هل نبرر له انتهازيته وخيانته للأفكار التي لطالما «نقر» رؤوسنا بها؟
يشكل العرض تشريحاً نفسياً واجتماعياً للنخبة المثقفة وتعريةً لمواقفها وأفعالها لحظة الاختبار. كما أنه يسلط الضوء على مهمة الآخر في ألا يتقبل ويسكت على الانتهازية الواضحة والممارسة أمامه. مهمتنا تكمن في فضح هذه الأكاذيب وتجنب الوقوع فريسةً لها.
ميدل ايست أونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.