لا شك أن كثير شعوب عربية تستقبل اليوم العام الجديد في ظل شعور ضاغط بالخوف من المستقبل القريب، وذلك جراء ما تعانيه من مآسي وويلات وإحباطات يوميا، ونستحضر هنا معاناة أشقائنا السوريين بالخصوص، وأيضا أوضاع شعوب: مصر، ليبيا، السودان، تونس، العراق، اليمن، لبنان، علاوة على استمرار معاناة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال الصهيوني، ويجسد الخوف من المستقبل الشعور المشترك بين كل هذه الشعوب، كما يوحدها التطلع إلى الاستقرار والأمن في بلدانها، وإلى العيش في حرية وكرامة. لقد صارت سنة 2013 الآن ماضيا وتاريخا، وهي كانت في الغالب حزينة لكثير من الشعوب العربية، وبقدر ما أنها كسواها لم تخل من انجازات فردية سعيدة لكثير من الناس في حياتهم، فهي على العموم حملت كثير أحزان وخيبات لبلدان المنطقة وشعوبها، وتجعل اليوم استقبال 2014 مشوبا بالخوف، كما تجعل التطلعات تتركز في أن يكون العام الجديد عاما بلا حروب وقتل وسفك دماء، وخال من المعاناة الاقتصادية والاجتماعية والتمييز. في بلادنا نعتز لما تنعم به من استقرار وأمن على خلاف ما تعانيه شعوب المنطقة العربية المشار إليها أعلاه، ويجسد هذا المكسب نفسه أهم التطلعات للعام الجديد، أي أن نواصل صيانته وتقوية مرتكزاته، ومن خلال ذلك نقوي الجبهة الوطنية الداخلية دفاعا عن الحقوق الوطنية لبلادنا، وعن القضايا العادلة لشعبنا. العام الجديد في المغرب سيكون بلا شك حافلا بالأحداث، لكن التطلع الأبرز يبقى هو أن تنجح بلادنا في تحقيق الإصلاحات الكبرى، خصوصا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، أي المقاصة والتقاعد والجبايات، بالإضافة إلى التعليم والتشغيل والسكن والصحة والعدل ومحاربة الفساد... يجب أن تقترن سنة 2014 بالإنجاز الفعلي للإصلاحات الموجهة للطبقات الفقيرة والمتوسطة من شعبنا، وأن تخرج البلاد من حالة التأجيل وتعليق مشاريع الإصلاحات إلى واقع الفعل والتطبيق على الأرض، وذلك بما يجعل شعبنا يلمس التغيير في معيشه اليومي، ويحفزه على الثقة في المستقبل، وعلى تقوية الارتباط ببلاده. البلاد اليوم تحيا ضمن زمن مؤسساتي ودستوري جديد، وهذا يفرض تمتين الإصلاحات السياسية والديمقراطية وتقوية السير العام نحو دولة القانون والمؤسسات، أي نحو مزيد من الديمقراطية والحداثة والتقدم، وهذا يفرض أيضا إخراج القوانين التنظيمية المنتظرة بموجب الدستور الجديد، وتفعيل الهياكل والآليات والتشريعات ذات الصلة، ولذلك يجب أن يكون عام 2014 عام إنجاح الإصلاحات السياسية والديمقراطية بدل الاستمرار في الكلام عنها فقط. وحتى يكون العام الجديد أفضل من سلفه، ولكي تتحقق التطلعات، لابد أيضا من تطوير منظومتنا الحزبية والنقابية والإعلامية والبرلمانية والانتخابية، أي أن تمارس السياسة في بلادنا بشكل مختلف، وبلا ديماغوجية أو عبث في القول وفي السلوك... العام الجديد يجب أن يكون عام الفعل الملموس في الإصلاح والبناء ببلادنا، ونأمل أن يكون عام السلام والأمن والحرية لكل الشعوب العربية، ولكافة بلدان وشعوب الكون. عام بلا قتل أو دماء أو شظف عيش... عام بلا جهالة أو ظلام... عام من الإصلاح والحرية والديمقراطية والتقدم والمساواة... كل عام وشعبنا الطيب بألف خير. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته