العام الذي يتأهب للمغادرة اليوم، لم يكن قطعا عاديا، ولم يمر كسابقيه، لا على الصعيد الوطني، ولا على مستوى البلدان العربية والعالم برمته. عام التغيير... عام سقوط الخوف... عام الشعوب... عام الزلازل والهزات السياسية والاقتصادية والمجتمعية... عام الميادين والساحات... يمكن أن نصف 2011 بعام العرب بامتياز، حيث سقطت أنظمة، وتحقق حلم التغيير لعدد من الشعوب، كما يتواصل القتل وسفك الدماء في بلدان عربية لحد الآن، وبصفة عامة، فإن العام الذي يستعد اليوم للخروج شهد سقوط الخوف، وغصت كثير ميادين وساحات بالشباب العربي المطالب بالتغيير، ولن يكون منذ الآن مقبولا أومتاحا العودة بالتطلعات والمطالب إلى ما قبل 2011... العام الذي نودعه شهد أيضا أزمات واهتزازات في عدد من بلدان أوربا وفي أمريكا، وفي المنظومة الرأسمالية العالمية، وتستمر التداعيات المالية والاقتصادية والسياسية إلى اليوم في أكثر من منطقة، وهذا يجعل 2011 أيضا مقترنا بتحول اقتصادي واضح في الأفكار والمنظومات واليقينيات، وفي المراتب والوضعيات الداخلية والإقليمية... إن المطلب الديمقراطي والحقوقي تكرس اليوم كنداء شعبي عبر العالم، وبرز عبر إصرار الشعوب، والشباب بالخصوص، على الكرامة الإنسانية وعلى الحرية وعلى مناهضة الفساد والاستبداد... في بلادنا لم تغب عن العام استثنائيته الوطنية، وعشنا كلنا عديد أحداث وتحولات سياسية بالخصوص، وتعزز التغيير من دون دماء أو قتل، وفي اليوم الأخير من السنة يتواصل المسار، ويتطلع شعبنا إلى تثبيت المكاسب، والتأسيس لزمن جديد يبدأ به العام المقبل. في المغرب كان لنا ميداننا، كما ميدان التحرير في مصر وساحات تونس ومدن ليبيا، لكن عندنا تحول البلد كله إلى ميدان، وعشنا كامل حراكاتنا الشعبية والشبابية والمؤسساتية، وتنحى التردد، حيث فسح المجال لقوة الإرادة من أجل التغيير، وجاءت الوقائع متتالية، وقدمت الدلائل أننا نعبر مساراتنا بثبات ووعي ووضوح نظر، وسنبقى كلنا نحفظ لعام 2011 فضله ورمزيته واستثنائيته. ربما بنهاية العام، أو مع حلول الأيام الأولى من العام الجديد ستتوفر لنا حكومة جديدة تتوج المسار الذي بدأ مع خطاب الملك، وتواصل مع دستور فاتح يوليوز، وانتهى إلى انتخابات 25 نونبر، وبعد أن يشرع الفريق الوزاري الجديد في عمله، سيكون ذلك إعلانا بانطلاق مسار ثان لا يقل أهمية، ويتعلق بتطبيق الدستور الجديد، وإنجاح الشوط الثاني من المسلسل الانتخابي، والحرص على تحقيق المطالب الاجتماعية والاقتصادية لشعبنا، وتطوير المكاسب والإصلاحات الديمقراطية، وتقوية شروط ومرتكزات دولة القانون، والحد من الفساد والريع في السياسة وفي الاقتصاد.. يستحق 2011 أن نودعه بكل ما يليق باستثنائيته وفضله على شعوبنا وعلى العالم... يستحق شعبنا علينا أن نستقبل 2012 بالإصرار المغربي الجماعي على كسب رهانات الدمقرطة والتحديث والتنمية، وحماية بلادنا واستقرارها ووحدتها وكرامة شعبها وحرياته. لشعبنا التهنئة والإصرار على الالتزام. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته