نجحت انتخابات الأحد الماضي في تونس في ترسيخ صورة دالة احتفظ بها مشاهدو كل القنوات عبر العالم، وتتعلق بطوابير الناخبات والناخبين وهم ينتظرون دورهم للتصويت... نساء ورجال وشباب كانوا يظهرون أصابعهم أمام الكاميرات وهي مضمخة بحبر الاقتراع، والنتيجة كانت في النهاية أن 90 في المائة من الناخبين التونسيين شاركوا فعليا في التصويت، وكان الرقم قياسيا... الدرس هنا، أن الشعب التونسي نزل إلى مكاتب التصويت لحماية ثورته، وللإدلاء برأيه في أول اختبار حقيقي للثورة، وعبر بذلك عن وعيه الوطني والمدني الرفيع، مقارنة مع ما يجري في محيطه العربي، وهو يستحق التهنئة والتحية على نجاحه في التأسيس لبداية مرحلة سياسية جديدة في تونس الشقيقة. من دون شك، أن المشهد السياسي التونسي سيستمر في نوع من الاختلاط، على الأقل خلال العام المقبل، قبل أن تتحول المعركة السياسية الحقيقية إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة في بداية 2013، لكن الخطوة التي خطتها البلاد الأحد الماضي لا تخفى أهميتها، حيث أن المجلس التأسيسي المنتخب سيتولى اختيار رئيس مؤقت وحكومة جديدة، كما ستنكب البلاد على وضع دستور جديد، وهنا من المؤكد أن قضايا مثل حقوق الإنسان، المساواة وحرية المرأة، الحريات المدنية والفردية، حرية الصحافة والتعبير والإبداع، الانفتاح الاقتصادي والسياسي، ستشكل امتحانات أساسية لمسار الانتقال الديمقراطي لتونسالجديدة . إن الشعب التونسي الذي هب بكثافة إلى مراكز الاقتراع، باستطاعته في المرحلة المقبلة حماية الاختيارات الكبرى للبلاد، خاصة أنه لم يكتف فقط بدرس التصويت المكثف، إنما جعل انتخابات المجلس التأسيسي تمر من دون أية اشتباكات أو حالات عنف... وبالنسبة لنا نحن هنا في المغرب، من المهم اليوم أن نتأمل درس أشقائنا في تونس، وندرك أن الشعب عندما يأخذ مصيره بيده وينزل إلى مكاتب التصويت بوعي، يستطيع أن ينجح الانتخابات ويطرد الفساد والمفسدين ويحارب التزوير، ولهذا علينا كلنا، ونحن اليوم في آخر أيام التسجيل في اللوائح الانتخابية، أن نتمسك يوم 25 نونبر بحقنا في التصويت، وننزل بكثافة إلى الميدان لنعبر عن رأينا بوضوح ومن دون خوف أو بيع أو شراء. ومن المهم أيضا، أن ندرك أن التونسيين اليوم رفعوا السقف في المنطقة، ولم يعد من حق المغرب التردد في مساره الإصلاحي، أو التراجع عنه، أو السماح بأية انحرافات تمس بما راكمته البلاد من مكاسب، وذلك كي يحافظ البلد على ريادته وعلى استثنائيته مقارنة بمحيطه المغاربي والعربي الساخن. لقد أعطى الشعب التونسي الدليل أنه انتصر لوطنه ولحلمه الديمقراطي، وأكد بالملموس على أن الشعب إذا أراد الحياة، فلابد أن يستجيب القدر. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته