باريس سان جيرمان ينعش آماله في أبطال أوروبا بعد ريمونتدا مثيرة في شباك مانشستر سيتي    دعوة وزيرة السياحة البنمية لزيارة الداخلة: خطوة نحو شراكة سياحية قوية    منظمة التجارة العالمية تسلط الضوء على تطور صناعة الطيران في المغرب    الاحتيال على الراغبين في الهجرة السرية ينتهي باعتقال شخصين    حجز 230 كيلوغراما من الشيرا بوزان‬    الأشعري يدعو إلى "المصالحة اللغوية" عند التنصيب عضواً بالأكاديمية    طنجة المتوسط يعزز ريادته في البحر الأبيض المتوسط ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    ضمنهم طفل مغربي.. مقتل شخصين وإصابة آخرين في هجوم بسكين بألمانيا والمشتبه به أفغاني    عامل نظافة يتعرض لاعتداء عنيف في طنجة    فوضى حراس السيارات في طنجة: الأمن مطالب بتدخل عاجل بعد تعليمات والي الجهة    لا زال معتقلاً بألمانيا.. المحكمة الدستورية تجرد محمد بودريقة من مقعده البرلماني    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    السكوري: نسخة "النواب" من مشروع قانون الإضراب لا تعكس تصور الحكومة    النصب على "الحراكة" في ورزازات    في درس تنصيب أفاية عضوا بأكاديمية المملكة .. نقد لخطابات "أزمة القيم"    ميناء طنجة المتوسط يكسر حاجز 10 ملايين حاوية في سنة واحدة    عامل إقليم الجديدة يستقبل رئيس وأعضاء المجلس الإقليمي للسياحة    ريال مدريد يُسطر انتصارا كاسحا بخماسية في شباك سالزبورج    حموشي يؤشر على تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    شباب الريف الحسيمي يتعاقد رسميا مع المدرب محمد لشهابي    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    في الحاجة إلى ثورة ثقافية تقوم على حب الوطن وخدمته    جهود استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد بإقليم العرائش    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    نحن وترامب: (2) تبادل التاريخ ووثائق اعتماد …المستقبل    وزارة الداخلية تكشف عن إحباط أزيد من 78 ألف محاولة للهجرة غير السرية خلال سنة 2024    توقيع اتفاقية مغربية-يابانية لتطوير قرية الصيادين بالصويرية القديمة    رسميا.. مسرح محمد الخامس يحتضن قرعة الكان 2025    دولة بنما تقدم شكوى للأمم المتحدة بشأن تهديدات ترامب لها    القضاء يبرء طلبة كلية الطب من التهم المنسوبة اليهم    المغرب يُحبط أكثر من 78 ألف محاولة هجرة غير نظامية في 2024    القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد    منتخب "U17" يواجه غينيا بيساو وديا    الشيخات داخل قبة البرلمان    اعتقال المؤثرين .. الأزمة بين فرنسا والجزائر تتأجج من جديد    وهبي يعرض مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد    الغموض يلف العثور على جثة رضيعة بتاهلة    بنعلي: المغرب يرفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 45.3% من إجمالي إنتاج الكهرباء    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء في مهرجان الطفل    120 وفاة و25 ألف إصابة.. مسؤول: الحصبة في المغرب أصبحت وباء    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    الكويت تعلن عن اكتشاف نفطي كبير    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    دراسة: أمراض اللثة تزيد مخاطر الإصابة بالزهايمر    عادل هالا    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة الأستاذ خالد مشعل بمناسبة دخول انتفاضة الأقصى المباركة العام
نشر في التجديد يوم 10 - 10 - 2002

بمناسبة دخول انتفاضة الأقصى المباركة العام الثالث ألقى الأستاذ خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية – حماس كلمة تطرق فيها إلى تداعيات انتفاضة الأقصى . وهذا نصها:
" الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على نبينا محمد خاتم الأنبياء و المرسلين و على آله و صحبه أجمعين..
أيها الأحبة في الوطن المحتل .. يا أهلنا في فلسطين و في الشتات ، يا جماهير أمتنا العربية و الإسلامية ..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
و نحن نودع العام الثاني لانتفاضة الأقصى العظيمة المباركة ، و نستقبل العام الثالث لها ، في ظلّ هذه الذكرى العظيمة المباركة نتوجه إليكم جميعاً بالتحية ، و عبر هذه الكلمات المتواضعة التي تنطلق إن شاء الله من قلبي و من وجداني لتعكس مشاعرنا و تعكس محبتنا و تعكس رؤيتنا في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ قضيتنا .
في الاستهلال نوجه التحية لشعبنا الصامد المجاهد المرابط في الضفة و القطاع ، هذا الشعب الذي يُسطّر كل يوم أروع صفحات البطولة ، هذا الشعب الذي يحطّم أسطورة العدو ، أسطورةً بعد أسطورة يقدم فلذات كبده من الأبناء و البنات من الاستشهاديين و الاستشهاديات ، هذا الشعب الذي تغلب على الحصار و على التجويع و العقوبات الجماعية ، هذا الشعب العظيم الذي حطّم أسطورة الجيش الذي كان لا يقهر ، حطّم أسطورة الميركافا ، حطّم أسطورة الأمن الذي لا يُخترق ، و أحال الأجهزة الأمنية الصهيونية إلى فزع و ارتباك و هي لا تكاد تصل إلى المجاهدين ، لا تكاد تلاحقهم و هم يخرجون للعدو في كل مكان ، تحية لشعبنا العظيم في "فلسطين 48" الذي أثبت عبر مشاركته في الانتفاضة و في التضامن مع أشقائه في الضفة و القطاع أثبت عملياً وحدة الدم و المصير ، و أثبت أن انتماءه لشعبه و لأمته العربية و الإسلامية أعظم من كل سنوات الاحتلال و "الأسرلة" ، تحية لشعبنا في الشتات ، هذا الشعب الذي لم تُضعف الغربة و التشريد من عزيمته ، و لا من ارتباطه بالوطن ، و لا من تفاعله مع أحداث فلسطين ، فكانت شوارع المخيمات في الشتات و أزقتها مسرحاً لأداء البطولة و
المشاركة الوطنية الصادقة مع أشقاء الروح على أرض فلسطين و هكذا أيها الأحبة توحّدت الديموغرافيا الفلسطينية رغم تمزّق الوطن و رغم عوائق الجغرافيا داخل الوطن و مع المنافي البعيدة .
تحية للشهداء من أبناء شعبنا الفلسطيني من كافة الفصائل و القوى الوطنية و الإسلامية .. تحية لكل شهيد سقط على أرض فلسطين و من أجل فلسطين .. تحية للشهداء من القادة السياسيين و من القادة العسكريين و من الكوادر و من كل المجاهدين و المناضلين .. تحية للأجنحة العسكرية لشعبنا التي قدمت الشهيد تلو الشهيد و تنافست على مسرح البطولة و الفداء ، و جزى الله الشهداء خير الجزاء و لهم و الله في أعناقنا دَيْنٌ كبير و سوف يواصل المجاهدون السير على طريقهم حتى يحقّقوا الأمل و الهدف الذي سعوا من أجله .
تحية لكل الأسرى و المعتقلين من كل أبناء شعبنا من القادة و الرموز و من الكوادر و من كل الأبطال و المجاهدين من فصائل و أبناء هذا الشعب الذين سيظلون إن شاء الله حاضرين في نفوسنا و في وجداننا ، لن ننساهم أبداً و سوف نبذل كل الجهود من أجل أن نضمن تحريرهم من الأسر و إنقاذهم من براثن الأعداء .
تحية لأبطال المقاومة الفلسطينية و لمجاهدي الانتفاضة .. تحية لكل المناضلين و المجاهدين من كافة الأجنحة العسكرية و ندعوهم إلى المزيد من الصبر و الصمود و إلى المزيد من ضرباتهم الموفقة بإذن الله حتى يرحل هذا العدو عن أرضنا و يوقف عدوانه على شعبنا ، نعم ندعو هؤلاء المجاهدين إلى أن يظلوا عند حسن الظن ، ظنّ شعبهم و ظنّ أمتهم حتى نرى النصر بإذن الله و هو ليس عنا ببعيد .
أيها الأحبة في فلسطين و خارج فلسطين ، و في طول الأرض و عرضها ، حيثما وجد فلسطيني أو عربي أو مسلم أو حر من أحرار الأرض .
بعد عامين من هذه الانتفاضة العملاقة يتعزز لدى جماهير شعبنا و أمتنا حقائق مهمة لابد من الحديث عنها من باب الاستبشار بالخير و الاعتراف بفضل الله تعالى و الوقوف على حقائق ما نملكه على الأرض .
نعم ، الانتفاضة و المقاومة هي الطريق إلى التحرير و الحرية و استعادة الحقوق .
هذا تأكد بالدماء ، بالتضحيات ، بالصبر ، بصفحات هاتين السنتين العظيمتين ، و الانتفاضة و المقاومة هي السبيل الحقيقي للتأثير على الاحتلال و استنزافه و إرباكه و حرمانه من الأمن و الاستقرار ، و بالتالي هي السبيل لإجباره على الرحيل عن أرضنا ، فقرار الرحيل صعب على قوى الاحتلال و لا يأخذ الاحتلال هذا القرار إلا مجبراً مضطراً ، و ما انسحابه من جنوب لبنان عنا ببعيد .
الانتفاضة و المقاومة هي الخيار الشرعي و الوحيد لشعبنا بل و لأمتنا و يحظى بالتأييد و الدعم و يحظى بالثقة و يحظى بالتوحد عليه و الالتفاف حوله و لتستحضروا يا أحبتنا في فلسطين و على مدى العالم العربي و الإسلامي ..
ماذا فعلت الانتفاضة خلال عامين ؟؟
ماذا فعلت بنا ؟؟
ماذا فعلت بعدوّنا ؟؟
و قارنوا بين ذلك و بين المصائب التي أرخت بظلالها علينا مسيرة التسوية المشؤومة ..
الانتفاضة خلال عامين وحدّت صفنا الفلسطيني ، وحدته سياسياً على مستوى الفصائل و القوى ، توحدنا ميدانياً و نحن باتجاه – إن شاء الله – التوحد على برنامج سياسي نرجو أن نوفّق إليه ، وحدّت الشعب بين الضفة و القطاع و 48 و الشتات بعد أن همّشت التسوية قطاعات مهمة منه .
توحدنا على الألم و على الجرح و المصاب و شعرنا أننا في خندق واحد ، ابن حماس و ابن فتح و ابن الجهاد و الجبهة الشعبية و الديمقراطية و الوطنيون المخلصون في الأجهزة أو في السلطة ، كل من استحضر و استعاد روحه الوطنية روحه الواثقة صَفاّ في خندق المقاومة ، نعم هكذا وَحَدَّنا الدم على صعيد المقاومة عندما فرقتنا طاولة المفاوضات التي ليس فيها إلا الذل أو المغانم و الامتيازات المغموسة بالمهانة ، الانتفاضة أحيت قضيتنا و عزّزت لدينا الأمل و قربّت إلينا فرصة النصر إن شاء الله .
الانتفاضة وحدّت جماهير الأمة العربية و الإسلامية خلف الانتفاضة و رفعت السقف السياسي حتى للحكومات ، و أعادت الثقة لدينا و وضعت قضيتنا على مسرح الأحداث في الدنيا و فرضت قضيتنا على العالم ..
الانتفاضة والمقاومة ماذا فعلت بعدوّنا ؟ .. أحالت نهاره إلى ليل مظلم .. أحالت حياته إلى جحيم .. دفعته إلى أن يعيش مضطرباً مرتبكاً أفقدته الأمن و الاستقرار ، لم يعد ثمة مكان يأمن فيه الصهاينة لا على البحر و لا في الشوارع و لا في الحافلات و لا في المطاعم و لا في أماكن اللهو ..
خسروا اقتصادياً أكثر من 10 مليارات ، خسروا على صعيد السياحة ، على صعيد الهجرة و الهجرة المعاكسة ، على صعيد الاستيطان ، على صعيد الثقة بمستقبل هذا الكيان ..
أعادت الانتفاضة و المقاومة الكيان الصهيوني إلى المربع الأول كما قال قادة الصهاينة بأنفسهم ، إنهم كما قالوا يخوضون حرب "الاستقلال" من جديد ، أي عادوا 54 عاماً إلى الوراء .
بينما جعلتهم التسوية يعيشون مرتاحين يجمعون بين الاحتلال و بين الأمن ، و بين أن يأخذوا فرصتهم في اختراق الضعف الفلسطيني و اختراق صفّنا العربي ..
بل خسر العدو على الصعيد الدولي خسارة فادحة حين انكشفت حقيقته ، حين تهشّمت صورته المزعومة ، حيث فقد الدعاية التي كان يضلل بها العالم ، خسر سمعته ، و كما قالوا هم أنفسهم خسروا أخلاقياً .
أما الانتفاضة عندنا فقالت للعالم إننا شعب يستحق الحياة .. يستحق الحرية .. يستحق أرضاً محرّرة ... و يستحق دولة حرة .
لذلك أيها الأحبة و في ظل هذه المناسبة العظيمة .. لابد من وقفة للتصحيح و التأكد من المسار الصحيح في التعامل مع الانتفاضة و المقاومة .
الانتفاضة و المقاومة نعمة و ليس نقمة و ليسمعني من يسمعني ، هي رافعة و ليست عبئاً ، هي زلزال زلزل أركان الاحتلال و لم تعطه الراحة، على أرضنا ، هي تزلزل أركان الاحتلال و لا تعيده إلى أرضنا ، هي تحيل الاحتلال جحيماً على رؤوس الصهاينة . بدلاً من أن يكون في نزهة و بكلفة بسيطة في التسويات و المفاوضات ، الانتفاضة و المقاومة ضرورة لشعبنا و لأمتنا و ليس ثمة خيار آخر أمام شعبنا بعد أن سقطت كل الشعارات و العناوين الغارقة في وحل أوسلو و وحل سياسات التفريط و المساومة .
نعم هناك سلبيات و إشكالات على الأرض و تحتاج إلى معالجة ، و لكنها سلبيات و شكالات نشأت بسبب الاحتلال و التحدّي الذي يفرضه الاحتلال على شعبنا و على انتفاضتنا و مقاومتنا ، لذلك فالانتفاضة و المقاومة بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى حشد الطاقات و رصّ الصفوف و تجديد الوسائل و تعزيز الإيجابيات و المنجزات و لا تحتاج الانتفاضة اليوم خاصة من أبنائها و من المحيطين بها إلى جلد الذات و اتهام النفس أو النكوص عن الطريق ، أما الألم أيها الأحبة فأمر لا بد منه ، و هل هناك تحرير بلا تضحيات ؟! و هل هناك حرية بغير دماء ؟! و هل تحرّرت الشعوب بغير هذا الطريق ؟! و لئن كنا نتألم فإن ألم عدونا أكبر .. مصداقاً لقول الله عز و جل (وَ لا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَ كَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) .
يا أحبتنا في الوطن السليب الصامد لسنا في مأزق ، الكيان الصهيوني هو الذي يعيش المأزق ، هو المأزوم .. هو الذي حشرته انتفاضتنا و مقاومتنا العملاقة في الزاوية ، أما ممارسات العدو الوحشية و تصعيده العدواني على شعبنا ، فإياكم أن تظنّوها على حالة الثقة و الاستقرار ، بل إنها باليقين تعكس حالة الارتباك و الاضطراب و كلما رأيتم شارون و إليعازر و موشي يعلون يصعّدون العدوان فاعلموا أنها مكابرة و حالة استماتة تعكس حجم المأزق و بُعد الورطة و كيف يجتهدون هؤلاء الصهاينة في أن يغطوا مأزقهم ، و إليكم مثالين :
المثال الأول : الجدار الأمني الفاصل - البعض يظنّ ذلك خطوة ذكية من العدو - بينما في الحقيقة تعكس حجم المأزق و الورطة ، إذ في اللحظة التي عجزوا عن وقف الانتفاضة و المقاومة و وقف قافلة الاستشهاديين و عجزوا عن حماية الصهاينة في أعماقهم و في كل الأرض الفلسطينية المحتلة سواء في مناطق 48 أو 67 ، لجئوا إلى فكرة الجدار الأمني الفاصل و هي كذلك تعكس تراجعاً في المشروع الصهيوني .
فلقد أجبر الصهاينة أن يحشروا أنفسهم داخل هذا الجدار و داخل هذه الحدود ، في الوقت الذي كانوا يسعون فيه للانطلاق ليمدّدوا كيانهم على حساب أرضنا ، و على حساب حقوق شعبنا و أمتنا ، و سيتحوّل هذا الجدار الأمني إلى جدار للموت بإذن الله ، و لعل هذا الجدار يُذكّرنا بقول الله عز و جل (لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) .
أما المثال الآخر : فهي الطرق الالتفافية ، لقد أقامها الصهاينة في الضفة و القطاع لتشكّل مسارات آمنة للمستوطنين الصهاينة حتى لا يمروا على قرى و مخيمات شعبنا .. فماذا كانت في الانتفاضة ؟ ، تحوّلت الطرق الآمنة الالتفافية إلى شرايين الموت كما سماها الصهاينة أنفسهم ، و هكذا يعيش الصهاينة مأزقهم كلما حاولوا الاحتماء بشيء تغلّب عليهم المجاهدون بسبب الإرادة العظيمة التي يملكها المجاهد الفلسطيني و لأن الله مع الصابرين و المجاهدين .
و بهذه المناسبة أيها الأحبة أدعو السلطة الفلسطينية التي و إن اختلفنا معها سياسياً و في مشروع التسوية الذي سارت فيه و لكننا في سياق استشعارنا للوحدة الفلسطينية و استشعارنا للخطر المشترك ندعو السلطة الفلسطينية و بعدما رأت من حصيلة التسوية و من نتائج الانتفاضة و المقاومة و بعد هذا المصير الذي تعيشه اليوم ، ندعوها إلى التوقف فوراً عن اللقاءات و الاتصالات الأمنية و غير الأمنية مع العدو الصهيوني .
فلم يعد ذلك يجدي أبداً ، لقد كان ذلك للأسف يشكل غطاء لكل جرائم العدو و يشكّل تضليلاً لشعبنا و كأنما هناك فرصة للخروج و الخلاص بينما ذلك يزيد شارون إمعاناً في قتل شعبنا و هو يلتقي و يصافح و يبتسم مع عدد من المفاوضين الفلسطينيين ، و ندعو السلطة إلى التوقّف عن الرهان على الأعداء و على الصهاينة و على الأمريكان و عليهم أن يراهنوا بعد الله على صمود شعبنا و على قوة انتفاضتنا و مقاومتنا .
و أدعو هؤلاء الذين لا يزالون يحاولون تمرير بعض المشاريع السياسية و تسويق مشاريع التسوية الفاشلة و العبثية أدعوهم إلى التوقف فوراً عن ذلك ، لأنه لا يجدي ، يعيدنا ذلك إلى الوراء و ما عاد ينطلي على شعبنا فوفّروا عليكم جهودكم و تعالوا أيها الأخوة في السلطة ، تعالوا نشكل معاً صفاً واحداً على طريق الانتفاضة و المقاومة ، و ندعو السلطة و الفصائل الفلسطينية الوطنية و الإسلامية جميعاً إلى التوحّد و إلى تعزيز الوحدة الوطنية على طريق الانتفاضة و المقاومة . و إلى التمسك بحقوق شعبنا و عدم المساومة عليها أو التفريط بها ، و ندعوهم إلى تعزيز الالتفاف حول خيار المقاومة و أن نبتعد و ننأى بأنفسنا عن جلد الذات أو عن الدخول في الجدل الذي لا يُجدي أبداً خاصة ، و نحن في كل ليلة و في كل نهار و في كل ساعة ، تُمطر علينا السماء بصواريخ شارون و تُزلزل أرضنا دباباته و زحوفه التي تقتل نساءنا و أطفالنا و رجالنا .
أما الموقف العربي الرسمي فنقول لهم و نحن نعلم حجم الضغوط عليهم و علينا و نعلم اختلال ميزان القوى لمصلحة عدونا و نعلم الوقاحة الأمريكية التي تهدّدنا جميعاً و لا تستثني أحداً ، و مع ذلك نقول : ليس صحيحاً أنه ليس من خيار آخر إلا خيار الرهان على المفاوضات و التسوية .
تملك الأمة خيارات أخرى إن كانت الحرب الرسمية غير ممكنة في تقدير قادة الأمة ، بسبب اختلال ميزان القوى فثمة خيار متاح و واقعي و عملي و هو خيار الصمود و المقاومة الشعبية ، بشرط أن نلتف حولها و أن ندعمها مادياً و عسكرياً و سياسياً و إعلامياً و جماهيرياً و مالياً ، ألا نبخل عليها و هي قادرة بإذن الله على استنزاف العدو ، نحن بحاجة إلى استراتيجية حرب استنزاف طويلة مع العدو و نحن نخوضها ليس حرب مبادءة أو عدوان على أحد و لكن حرب دفاع مشروعة عن شعبنا و قضيتنا و أمتنا .
أما و نحن نعيش اليوم أجواء الحرب و قرع طبول الحرب من الإدارة الأمريكية الظالمة المتغطرسة المتألهة التي تتوعد العراق بالعدوان ظلماً و بغير وجه حق و بدون مبرر و التي تحاول حشد العالم بعد أن حرّضتنا الصهيونية العالمية و الكيان الصهيوني هذه الإدارة الأمريكية التي تهدّدنا جميعاً في الشرق و الغرب و ستبدأ بالعراق لتنتهي بآخر دولة و بآخر مسلم أو عربي ، هذه المعركة الشرسة التي توعدنا و التي تشكّل ظاهرة استعمارية جديدة مع تغيير بعض الأشكال : نهب الثروات و استغلال الشعوبو تمزيق أوصالها و إعادة رسم خرائط المنطقة . و من أجل ذلك تمكين الكيان الصهيوني و تأمينه و إضعاف الأمة من حوله ليكون الكيان الصهيوني اللاعب الوحيد في المنطقة ، هذه الحرب المعلنة علينا لا يصلح أمامها الضعف أبداً و لا يصلح أمامها الاستسلام أمام الإدارة الأمريكية مهما تفوّقت عسكرياً ، فالقوة وحدها تصنع كل شيء و لا يصلح معها كذلك التعامل الفردي أن تحاول كل دولة أن تنجو بنفسها .. لا ، لا يصلح معها إلا أن نخوضها معاً دفاعاً مشروعاً عن حمانا و عن شعوبنا و عن أرضنا و عن مقدساتنا .. و علينا أن نقول ((لا)) كبيرة في وجه العدوان الأمريكي دون
استثناءات و دون أي خروج عن هذا الموقف لأنه موقف ليس دفاعاً عن العراق و فلسطين وحدها ، و لكنه في الحقيقة دفاع عن كل دولة عربية و عن كل شعب عربي ، و ستهزم أمريكا لأنها تخوض حرباً ظالمة و أمريكا لا تستطيع أن تلاحق الأمة و أن تفعل بها ما تريد ، فالله أكبر من أمريكا و أمتنا بتاريخها و بالحق الذي تتسم به هي إن شاء الله أكبر من أمريكا .
و أقول للشعوب العربية و الإسلامية و نحن في ظلّ هذه الذكرى – في ذكرى مرور سنة ثانية و استهلال سنة ثالثة من عمر الانتفاضة الفلسطينية المباركة .
أدعو هذه الشعوب أن تجدّد تفاعلها مع الانتفاضة و أن ننزل إلى الشارع و أن تجدّد نشاطاتها و برامجها من أجل فلسطين و من أجل العراق كذلك و من أجل نفسها ، و أخاطب إخواني في قادة الحركات و الأحزاب الإسلامية الوطنية و القومية و العروبة و الأخوّة و المصير المشترك .. أدعوهم إلى استحضار مسؤولياتهم و أن يفعّلوا دورهم و طاقاتهم من أجل المعركة الواحدة ، إن إخوانكم على أرض فلسطين و هم يعيشون الحصار و التجويع و المعازل و السجون داخل فلسطين بستصرخونكم و يريدون منكم أن تَهَبُّوا إلى جانبهم و أن تكرّروا ما فعلتم بالماضي من مشاركة قدّرناها و شكرناكم عليها و لا تزال حاضرة في وجداننا خاصة أن من حسن الطالع أن ذكرى الإسراء و المعراج تتوافق هذه الأيام مع الذكرى الثانية للانتفاضة المباركة .
و أقول أخيراً لشعبنا الفلسطيني الصامد الصابر المرابط .. أقول لأهلنا في نابلس التي تعيش في ظل منع التجول و الحصار أكثر من 90 يوماً ، و أقول لأهلنا في مخيم جنين الذين صمدوا صمود الأبطال بعد أن نكّل بهم العدو ، و أقول لأحبتنا في رفح التي يستنزفها العدو كل يوم ، و لبيت حانون و جباليا و دير البلح و خانيونس و غزة .. أقول لأحبتنا في الخليل ، في رام الله ، في بيت لحم ، في طولكم ، في جنين ، في قلقيلية ، في أريحا في كل أرجاء الوطن في مدنه و قراه و مخيماته ..
اصبروا .. أنا أعلم أن الجرح كبير ، نحن و الله نشارككم آلامكم ، نعيش معكم لحظة بلحظة و لكن هذه ضريبة الوطن .. هذه ضريبة الحرية ..
لا بد من الصبر أيها الأحبة ، النصر صبر ساعة ، و التضحيات و الصبر هما طريق النصر .. و ربُّنا طمأننا و وعدنا وعد الحق (وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) ، و ربنا وعدنا أن يدافع عنا (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) ، و أقسم سبحانه (وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) .
النصر بإذن الله حليفنا و ذلك وعد الله تعالى و بشارة الرسول صلى الله عليه و سلم ، و هي عبرة التاريخ ، تاريخنا الإسلامي العربي و تاريخ العالم و تاريخ الشعوب و أرضنا فلسطين المباركة المقدسة تستعصي على الغزاة و على المحتلين هي قاهرة الغزاة و طاردة المحتلين و لن يطول مقام الصهاينة بإذن الله تعالى .
و نختم إذ نقول للعدو : لن تظفر بانكسار فلسطيني و لا عربي إن شاء الله ، لن ننتظر طاولة المفاوضات حتى ننال حقوقنا كما تزعم يا موشي يعلون ، لن نرفع لك و لا لزعيمك شارون الراية البيضاء ، سننتزع النصر و تحرير الأرض على طريق المقاومة و الانتفاضة عبر المعركة على أرض المعركة و المواجهة و التحدّي ، المقاومة تعرف طريق الوطن ، المقاومة مشروع يتجدّد ، ينتقل من جيل إلى جيل ، و من قائد إلى قائد و من مجاهد إلى مجاهد ، و لن يستطيع أحد أن يحتويه أو يكسره و لن تستطيع قوى الأرض لا أمريكا و لا الصهاينة أن يوقفوا انتفاضة شعبنا و أن يوقفوا المقاومة الفلسطينية ، لن يصنعوا الاستقرار على حساب حقّنا و أرضنا ، لا استقرار في المنطقة إلا إذا زال الاحتلال عنها ، و نحن واثقون أن النصر قادم إن شاء الله ..
فاصبروا يا أحبتنا و ثقوا بوعد الله و اعلموا أن أمتكم معكم حتى و هي في حالة ضعف و انكسار .
نسأل الله عز و جل أن تكون العاقبة خيراً و أن يَمُنَّ الله علينا بنصره و أن يُوَحِّد صفنا الفلسطيني و العربي على طريق الانتفاضة و المقاومة حتى النصر و التحرير بإذن الله ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.