تصويت البرلمان الأوروبي لفائدة تجديد اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي مثل هزيمة ديبلوماسية للانفصاليين والمساندين لأطروحاتهم، وانتصارا ديبلوماسيا وسياسيا للمملكة، وحمل صفعة جديدة لخصوم الوحدة الترابية للمغرب بعد الضربات التي توالت في الشهور الأخيرة في محافل دولية وإقليمية متعددة. من المؤكد أن النتيجة التي سجلت في ستراسبورغ جاءت نتيجة ضغوط أوروبية، واسبانية بالخصوص، كانت تدافع عن مصالحها الاقتصادية أولا وقبل كل شيء، ومن الواضح أن تغير موقف برلمانيين أوروبيين في ظرف شهور، وانتقالهم من رفض اتفاق الصيد إلى دعمه، كان بفعل الحرص على المصالح أولا، وهذا يؤكد من جديد أن المواقف الديبلوماسية والسياسية، بما في ذلك لدى الأوروبيين، صارت تتحدد انطلاقا من المصالح وليس فقط اعتمادا على المبادئ المجردة. وبالنسبة للمغرب، فالتصويت كان تصويتا لصالح السيادة الوطنية على الأقاليم الجنوبية أولا، ولفائدة الوحدة الترابية للمملكة قبل أن يكون ذا مضمون اقتصادي أو تجاري، كما أنه وجه ضربة قوية لخصوم هذه الوحدة الترابية الذين باشروا كثير ضغوط وتهديدات، بما في ذلك في كواليس البرلمان الأوروبي قبيل التصويت. إن أهمية التصويت إذن تكمن أولا في معناه، أي في الدلالة السياسية والظرفية الزمنية، كما أنها تكرس تنامي وعي الأوساط الدولية، أوروبية وغيرها، بجدية الطرح المغربي ومصداقية موقف المملكة، ومن المؤكد أن هذه النتيجة ستدعم الدينامية الملحوظة في الفترة الأخيرة وسط المنتظم الدولي تجاه تطورات قضية وحدتنا الترابية. من جهة ثانية، يفتح قرار البرلمان الأوروبي، الذي لازالت أمامه محطات إجرائية أخرى، أفق تطوير التعاون والشراكة بين الرباط والاتحاد الأوروبي، ويتيح سبل التعزيز أمام هذه الشراكة الإستراتيجية العريقة التي تقوت اليوم بثقة برلمانية أوروبية كبيرة يبرزها أيضا الفارق في أرقام التصويت يوم الثلاثاء بستراسبورغ. ولئن كانت نتيجة التصويت في البرلمان الأوروبي تفرض اليوم على الرباط تمتين يقظتها الديبلوماسية دفاعا عن حقوقها الوطنية ووحدتها الترابية، فان اتفاق الصيد البحرين بين المغرب والاتحاد الأوروبي يجب كذلك أن يمكن بلادنا من تطوير وتحديث قطاع الصيد لدينا وتحسين ظروف العاملين به والنهوض بجوانبه التنموية والاجتماعية والبيئية، وذلك حتى يكون الاتفاق مربحا ونافعا للطرفين معا. وحيث أن تصويت ستراسبورغ هو تصويت لفائدة الوحدة الترابية للمغرب، فهو أيضا تصويت ثقة في المملكة وفي الشراكة معها، ومن ثم، فهو ينضاف إلى باقي الآليات المؤسساتية والتنظيمية المؤطرة للشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وتفعيلها سيساهم في فتح آفاق جديدة للتقدم ولمزيد من التعاون.