جلال الملك يشيد بخصال الراحل ومواقفه في سبيل الحفاظ على السيادة الوطنية والوحدة الترابية لجميع الدول الإفريقية بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس برقية تعزية ومواساة لرئيس جنوب إفريقيا، جاكوب زوما، على إثر وفاة نيلسون مانديلا، مساء أول أمس الخميس. كما بعث صاحب الجلالة برقية تعزية ومواساة إلى غراسا ماشيل مانديلا أرملة الراحل.. وجاء في البرقية الموجهة لرئيس جنوب إفريقيا: «لقد علمت، ببالغ التأثر والأسى، بنبإ وفاة أول رئيس لجمهورية جنوب إفريقيا لفترة ما بعد الميز العنصري، الراحل نيلسون روليهلاهلا مانديلا، تغمده الله بواسع رحمته». وبهذه المناسبة الأليمة، أعرب جلالة الملك لشعب جنوب إفريقيا الشقيق قاطبة، عن أحر التعازي وأصدق المواساة، داعيا الله تعالى أن يسكن الفقيد فسيح جناته. وأشاد جلالة الملك بالخصال الأخلاقية العالية لهذا القائد الفذ، الذي كان رمزا للسلام، وبشجاعته السياسية، حيث سيسجل له التاريخ كفاحه ضد العنصرية والميز، ونضاله من أجل بناء جنوب إفريقيا جديدة. كما وجه جلالته «تحية إكبار لروح رجل دولة استثنائي، حظي بحب شعبه، وباحترام العالم بأسره، تقديرا لنضاله المستميت ضد جميع أشكال التمييز العنصري والفوارق الاجتماعية». وأضاف جلالة الملك «لقد كانت تربط الراحل علاقة متميزة ببلدي، الذي سانده منذ البدايات الأولى لكفاحه ضد نظام الأبرتايد. كما أقام الفقيد لفترات طويلة بالمغرب، في أوائل ستينيات القرن الماضي، حيث نال دعما رائدا لعمله النضالي، على المستويين السياسي والمادي». وسجل جلالته أنه بعد إطلاق سراحه، أصر الفقيد على زيارة المملكة في شهر نونبر 1994، للتعبير عن شكره لتضامن المغرب الكامل مع شعب جنوب إفريقيا الشقيق. وبهذه المناسبة، كان والدي المنعم جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، قد منحه أعلى وسام في المملكة، تقديرا لكفاحه الاستثنائي في سبيل المساواة والعدل». وأكد جلالة الملك أن «هذه الوشائج المتميزة، التي كانت تربط الفقيد مع شعب المغرب وملكه، عرفت المزيد من التطور بعد اعتلائنا العرش، خاصة خلال الزيارة الخاصة التي قام بها إلى الرباط في شهر غشت 2005». وأضاف جلالة الملك في هذه البرقية «لقد تمكن الرئيس الراحل مانديلا، بحكمة وتبصر، من الارتقاء عاليا بالقيم الكونية للحرية والعدالة والسلم والتسامح. كما تمكن، بقوة وعزم، من الانتصار للمثل التي كان يؤمن بها، ولمواقفه الثابتة، في سبيل الحفاظ على السيادة الوطنية والوحدة الترابية لجميع الدول الإفريقية الشقيقة». وأبرز جلالة الملك أن الراحل أكد «خلال فترة توليه مهام رئاسة بلاده، على احترامه لشرعية المغرب في صحرائه، ولم يقبل أبدا لا بالاعتراف ولا بدعم تقسيم أو تجزئة بلدي». وتوفي نيلسون مانديلا، أول أمس الخميس، في منزله بجوهانسبورغ عن عمر 95 عاما، بعد مرض طويل في الرئة. وقال رئيس جنوب أفريقيا، جاكوب زوما، في كلمة عبر التلفزيون، إن جثمان أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا سيشيع في جنازة رسمية وأن أعلام البلاد ستنكس. إلى ذلك أيضا أكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، أن الراحل مانديلا يمثل صوت الحكمة في القارة الإفريقية. وأضاف المسؤول الحزبي، أن مانديلا كان وسيظل رمزا للنضال من أجل الحرية والكرامة والتحرر. مضيفا أن التاريخ «سيظل يشهد بقدرته على الدفع إلى تحقيق المصالحة في بلاده وداخل شعبه من خلال الحكمة التي استطاع صياغتها وتطويرها بعد سنوات طوال من المعاناة، قبل أن يتسلم مقاليد قيادة بلاده». هذا وأوضح نبيل بنعبد الله أن الإنسانية تضع الراحل في مرتبة سامية لا يطالها إلا الرجال اللامعون، معربا عن تأثر مناضلات ومناضلي حزب التقدم والاشتراكية بفقدان رجل حصل عن جدارة واستحقاق على جائزة نوبل للسلام. وفي سياق متواصل، أجمع أغلب القادة السياسيين الذين سيشاركون في مراسم جنازة الرئيس السابق لجنوب إفريقيا، على التشديد على الصفات الإنسانية لهذا المناضل الكوني. وفي التفاصيل، أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما بتنكيس الأعلام للنصف حدادا على الراحل، وقال إن العالم خسر أحد أكثر الناس شجاعة ومصداقية ونقاء. أما الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، فقد وصف مانديلا «ببطل الكرامة الإنسانية والحرية». وقال إن «التاريخ سيذكر مانديلا كبطل من أجل الكرامة الإنسانية والحرية والسلام والمصالحة». ومن جهته، صرح رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، بأن «نوراً كبيراً خبا». وقال على حسابه في «تويتر» إن «مانديلا كان بطل عصرنا». وتابع «طلبت تنكيس العلم أمام مقر رئاسة الحكومة». وإلى ذلك، وصف الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، مانديلا بالمقاوم الاستثنائي والمقاتل الرائع. فيما اعتبر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أن مانديلا من أشجع الرجال الذين قدموا دعماً للفلسطينيين.. وفي آسيا، أشاد الرئيس الصيني شي جينبينغ ب «المساهمة الاستثنائية التي قدمها مانديلا لتطوير الإنسانية»، فيما شبهه رئيس الوزراء الهندي منموهان سينغ بالمهاتما غاندي. وفي إفريقيا، أعلن رئيس نيجيريا، غودلاك جوناثان، في برقية تعزية وجهها إلى جنوب إفريقيا أن مانديلا واحد من «أكبر المحررين في التاريخ» و»شعار للديمقراطية الحقيقية». ويعد مانديلا أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا، وحاز على جائزة نوبل للسلام، كما أنه اعتقل ل27 عاما بسبب نضاله ومقاومته لسياسة التمييز العنصري التي عانت منها بلاده في القرن الماضي.