قال عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة «إنه لا ينبغي أن نخجل من أرشيفنا الوطني، بل علينا أن نجعل منه مرآة عاكسة لحقيقة تاريخنا، ونسترشد بها لنسير إلى الأمام». ودعا بنكيران في السياق ذاته، إلى مضاعفة الجهود من أجل الحفاظ على الأرشيف الوطني وتثمينه، مشيرا إلى أن الاحتفال باليوم الوطني للأرشيف لأول في المغرب، يتزامن مع صدور أول قانون يتعلق بالأرشيف، رقم 69.99 والذي صدر نهاية شهر نونبر 2007 في إطار تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. وأكد رئيس الحكومة الذي كان يتحدث ضمن فعاليات الندوة الوطنية التي نظمت بمناسبة اليوم الوطني للأرشيف يوم 30 نونبر المنصرم، حول موضوع «الأرشيف: تراث حداثة وديمقراطية»، على ضرورة مأسسة أرشيف المغرب وجعله قاطرة لتطوير دولة عصرية، مشيرا إلى أن تنظيم وتقنين الأرشيف الوطني لجعله مرجعا يسترجع وقائع تاريخية ويشير إلى الاختلالات ويقيم أعمال ومنجزات مختلف القطاعات، أصبح ضرورة ملحة بالنظر إلى التحولات الكبيرة التي شهدتها المملكة في العقدين الأخيرين، خاصة ما يتصل بمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان. خلال هذه الندوة التي حضرها على الخصوص مستشار جلالة الملك أندري أزولاي، ووزير الثقافة محمد أمين الصبيحي، ومدير مؤسسة أرشيف المغرب جامع بيضا، ومدير أرشيف فرنسا، إيرفي لوموان ومدير الارشيف الدبلوماسي الفرنسي بنانت ريشار بودين، وجه رئيس الحكومة دعوة صريحة إلى كل المتدخلين من أجل العناية بالأرشيف الوطني، والعمل على تأهيل مؤسسة أرشيف المغرب وتعزيز قدراتها وكفاءات مستخدميها، وتجاوز تلك النظر النمطية التي يتعامل بها مع الأرشيف وكأنه لاشيء ولا أهمية له. وأعلن في هذا الاتجاه، عن التزام الحكومة دعم مؤسسة أرشيف المغرب، مشيرا إلى أنه تم تخصيص بقعة أرضية في منطقة تكنوبلوليس بسلا الجديدة لبناء مقر جديد للمؤسسة، التي سيتم تجهيزها بأحدث المعدات والتقنية في مجال الأرشفة. من جانبه، أوضح اندري أزولاي مستشار جلال الملك، أن إقرار يوم 30 نونبر كيوم وطني للأرشيف، هو تعبير عن إرادة المغرب القوية في الحفاظ على ذاكرته وتاريخه، مشيرا إلى أن هذا الخيار ليس عبثيا، بل هو رسالة إلى المنتظم الدولي تؤكد على أن المغرب بلد يؤمن بالتعددية ولا يتنكر لتاريخه. واعتبر جامع بيضا مدير مؤسسة أرشيف المغرب أن الوعي بأهمية الأرشيف الوطني يشكل وسيلة أساسية لرفع التحديات المرتبطة بهذا المجال وتدارك هذا التأخر، مبرزا في السياق ذاته، وجود إرادة سياسية حقيقية للحفاظ على إرث وهوية المغرب المرتبطين بشكل وثيق بتدبير الحاضر والمستقبل. خلال هذه الندوة تم التوقيع على اتفاقية شراكة بين مؤسسة أرشيف المغرب وأرشيف فرنسا والأرشيف الدبلوماسي الفرنسي. وفي تصريح صحفي، أكد ريشار بودين مدير الارشيف الدبلوماسي الفرنسي بمدينة نانت على الأهمية البالغة التي تكتسيها هذه الاتفاقية، مشيرا إلى أنها تثمل رسالة واضحة تبين إرادة المغرب الأكيدة لجعل قطاع الأرشيف الوطني قطاعا ذا أولوية. ومن جانبه، أفاد يرفي لوموان مدير أرشيف فرنسا، أن هذه الاتفاقية هي بمثابة إطارا عاما يمكن من التعاون العلمي والتقني ويمكن من التفكير المشترك على المستوى التشريعي للأرشيف ومن مواكبة الأرشيفات الوطنية خاصة إنشاء أكبر مركز لحفظ الذاكرة الوطنية. يشار إلى أن التدبير الجيد لأرشيف لدى الأمم والشعوب يعتبر مؤشرا عن تملك المواطنين لتراثهم ودليلا على انخراط المجتمع في الحداثة والديمقراطية وضمان الولوج الواسع للمعلومة، وعرفة حقيقة ما جرى في الماضي.