استأنفت الحكومة أمس اجتماعاتها الأسبوعية، معلنة بذلك عن انطلاق دخولها السياسي للموسم الجديد، ولا يختلف إثنان على أن لهذا الدخول طبيعة مغايرة، وجد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية منذ أيام التسمية المناسبة لها وهي: «الانتظارية». البلاد تعيش إذن منذ حوالي سنة حالة من الانتظارية، تكاد تكون قاتلة، وهي لا تخلو من انعكاسات على الاقتصاد، وعلى سير المؤسسات ومصالح الناس، وهذه الوضعية باتت اليوم تسائل الجميع، ولم تعد البلاد قادرة على تحمل مزيد تمديد لها. عندما وصف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية وضعية البلاد ب «الانتظارية»، ونبه إلى وجود كثير أطراف تساهم في إطالة أمدها، فهو كان يضع المشكلة في إطارها السياسي الوطني العام، مشددا على انعكاسات ذلك على مستقبل الإصلاحات في البلاد، وعلى الاستقرار العام، وبالتالي، فهو يدعو الأطراف المذكورة إلى التفكير في البلاد قبل استحضار حساباتها الصبيانية الصغيرة جدا. اليوم يتواصل انتظار الإصلاحات الكبرى (المقاصة، التقاعد، الضرائب، العدالة، التشغيل، التعليم...)، والمركزيات النقابية تشدد على ملفاتها المطلبية، وتهدد، بدورها، بدخول اجتماعي ساخن، والبرلمان مطالب، من جهته، بإخراج عشرات النصوص والتشريعات والقوانين، وقبل ذلك لابد من إعداد قانون المالية وإيداعه ومناقشته وإقراره في الآجال المحددة قانونا، والحاجة أيضا باتت اليوم أكثر من ضرورية لإنعاش الدينامية الاقتصادية الوطنية، ولاستعادة الزخم الشعبي، وثقة الناس في المستقبل، وبالتالي إعادة تثبيت سير البلاد نحو الإصلاحات. كل هذه التحديات لا يمكن اليوم مواصلة مقابلتها بهذه الانتظارية التي جعلت كل الأشياء معلقة، وفرضت على البلاد تضييع كثير من الوقت. إن مشكلة البلاد تكمن في كون عدد من سياسييها لم يعودوا يميزون بين المصلحة العليا للبلاد والحسابات الحزبية الضيقة، أي لم يعد يوجد لديهم فرق بين المواقف التاكتيكية، التي يمكن تفهمها في منطق السياسة، وبين الثوابت والمبادئ والقضايا الإستراتيجية التي يمنع التعاطي معها بسطحية وخفة عقل. وأمام بعض المؤشرات الإيجابية التي برزت في اليومين الأخيرين، خصوصا على صعيد المشاورات من أجل تشكيل أغلبية جديدة، فالمؤمل أن تكتمل وتثمر نتائج ملموسة في أقرب وقت، أي أن ينتصر العقل على كل الصغائر، ويستعيد البلد وجهته نحو تقوية الإصلاحات والديمقراطية والتنمية. السياسة نبل أولا، وهي تسعى لخدمة مصالح البلاد وشعبها، أما عندما تتحول إلى مجرد لعب يقود بلادا بكاملها إلى «بلوكاج» و... انتظارية قاتلة، فهنا تتحول إلى ضرر واضح يهدد كل شيء، ولهذا يكون خطيرا أن يتحكم صغار العقول وقصيرو النظر في السياسة وفي... المستقبل. الغيرة على البلاد تعني اليوم السعي إلى إخراجها من... الانتظارية. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته