نماذج ناجحة لرياضيين حافظوا على نجوميتهم حتى بعد الاعتزال... رياضيون أبطال كثر مروا على الرياضة الوطنية، وحققوا إنجازات رائعة أعلت راية المغرب في المحافل القارية الدولية، لكن قليل من نجح في الحفاظ على بريق اسمه وتحقيق إنجازات بعد الاعتزال، في وقت انصاع الكثيرون للأمر الواقع واختاروا العيش خلف الظل. عزيز بودربالة ونوال المتوكل وبادو الزاكي ونزهة بيدوان، مصطفى الحداوي وغيرهم... نماذج حية لرياضيين واصلوا تأقلهم حتى بعد انتهاء مشوارهم الرياضي، فمنهم من قرر اقتحام عوالم أخرى كالفن والإشهار، وآخرون تسلقوا المجد في أقوى المؤسسات الرياضية دوليا، أو انكبوا على العمل الجمعوي، أو اختاروا البقاء رياضتهم من بوابة التدريب أو التكوين. وبمناسبة شهر رمضان الفضيل، اختارت «بيان اليوم» أن تستعرض نماذج أبرز الرياضيين الذين نجحوا في المحافظة على مسارهم الناجح، مبرزة التحول الإيجابي لهم، وكيف تمكنوا من الحضور بقوة في الحياة العملية، وأبوا ان يجعلوا الاعتزال نقطة سلبية تقبر بذلك ما أنجزوه من مجد رياضي. نوال المتوكل: بطلة من ذهب تسلقت درجات المجد بهيئات رياضية عليا (1/ 2) تعتبر نوال المتوكل بدون أدنى شك نموذجا فريدا وغير قابل للتكرار في سماء البطلات المغربيات، فهي بطلة أولمبية في ألعاب القوى، تقلدت مناصب عليا في دواليب التسيير بالمؤسسات الرياضية، كما أنها تملك «كريزمة» تجعلها قادرة على فرض مكانتها واسماع رأيها، ناهيك عن طيبوبة وتواضع قلما نجدهها عند أقرانها، لكن الأهم أن نوال لم ينل منها الاعتزال ولم يتمكن في تثبيط عزيمتها. ولدت نوال المتوكل في الخامس عشر أبريل من سنة 1962 بالدار البيضاء، وبدأت في ممارسة ألعاب القوى منذ الصغر، حيث كان الكل يتوقع لنوال مستقبلا زاهرا بأم الألعاب، بعد أن ظهرت عليها معالم النبوغ الرياضي، ما فرض على أرستها ومحيطها العناية بهذه الوردة الصغيرة للنجاح في الحصول على مشروع بطلة مستقبلية. بداية نوال كانت مع سباقات العدو الريفي، وتحديدا عندما لم يتجاوز عمرها 16 سنة، لكنها ستغير وجهتها نحو المسافات الصغيرة، وفي سنة 1983، شاركت المتوكل بدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط بالدار البيضاء، في سباق 400م حواجز، وأحرزت الميدالية الذهبية، علما أنها حققت بطولة إفريقيا لألعاب القوى بمصر في نفس السنة في سباق 400م عدو. ستتحول نوال في فترة من عمرها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لإتمام دراستها الجامعية، حيث التحقت بجامعة «إيوا» شعبة التربية البدنية، وهناك ستتألق رياضيا، إذ ستنجح بالظفر بلقب البطولة الجامعية، وأمام هذه الإنجازات، حاولت أمريكا استمالة نوال بمنحها الجنسية الأمريكية وقدمت لها عروض مادية مغرية، لكنها أبت ذلك وفضلت تمثيل بلدها المغرب. رغم أنها آنذاك لم تتعد 22 سنة، ستحقق نوال إنجازا تاريخيا، وستضحي أول امرأة عربية مسلمة إفريقية تتوج بميدالية ذهبية بالألعاب الأولمبية، عندما انتزعت المركز الأول في سباق 400م حواجز بأولمبياد لوس أنجلوس سنة 1984 وأهدت المعدن النفيس لأول مرة للمغرب .. إنجاز كان بمثابة التوقيع على بروتوكول دخولها سجل أساطير الرياضة المغربية. إنجازات نوال الرياضية ستتواصل بدورة الألعاب المتوسطية بمدينة اللاذيقية السورية سنة 1987، حيث نالت خلالها ذهبية 400م حواجز، لكن الأقدار تشاء أن تبعد نوال عن أولمبياد سيول سنة 1988 بسبب إصابة تعرضت لها بملتقى روما، وهو الأمر الذي ساهم في اعتزال البطلة الأولمبية بشكل مبكر مطلع التسعينات. الاعتزال وهي لم تكملها عقدها الثالث، أمر صعب بالنسبة لأي رياضي كان يطمح لإنجازات أكثر، بيد أنه لم ينل من نوال المتوكل، بل إن ذلك منحها حافزا قويا لطي صفحة الإصابة، والبدء العمل على مشروع جديد في الأفق، وستكون إرهاصات هذه البداية بمنحها الجائزة العالمية المخصصة لإفريقيا من لدن المؤسسة الأمريكية لألعاب القوى سنة 1988. سنة 1989 ستحصل نوال على دبلوم يخول لها ولوج عالم التدريب من جامعة «إيوا»، وستعود للمغرب وستنضم للإدارة التقنية بالجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، ثم أصبحت موظفة بوزارة الشبيبة والرياضة، حيث سيقوم المغفور له الملك الحسن الثاني رحمه الله فيما بعد بتعيينها كاتبة لدى وزير الشؤون الاجتماعية مكلفة بالشبيبة والرياضة.