هل شرع العدول المغاربة في كتابة عقد الطلاق بين سلسلة للا منانة والجمهور؟ بقدر النجاح الذي تحققه سلسلة بنات لالة منانة في جزئها الثاني، بالقدر الذي يتلقى العمل بعض الضربات، وذلك على اعتبار أن الجزء الثاني كان أكثر جرأة في ملامسة العديد من وجوه الخلل في مجتمعنا والتي تصبغ حياتنا اليومية، ومن بينها وضعية المرأة ودورها، والوضع الصحي، وانتشار المخدرات، والتهافت على الربح بشتى الوسائل، وانفصام العلاقات الإنسانية، ويشكل الحب الموضوعة الأساسية والخيط الرفيع بين هذه التيمات المختلفة والهيكل الذي يتكأ عليه البناء الدرامي لهذا المسلسل، هذا الحب لا يصمد أمام تقلبات الظروف ليصطدم بجدران الواقع الصلبة، يبدو ذلك سواء من خلال تفجر كل العلاقات الزوجية داخل السلسلة وكذلك من خلال بنات لالة منانة اللواتي فشلن جميعا في زيجاتهن.. وتدور مشاهد السلسلة وفق رصد للعديد من الصراعات التي تحاول أن ترسم بدقة بضع صور حقيقية عن مجتمعنا، ليست كلها سلبية بالضرورة بل تتضمن أيضا الكثير من الوجوه التي تعرض لغنى الثقافة المغربية وتنوعها. وعلى مستوى شخوص الفيلم، فإنها تتراوح ما بين الشخصيات الجيدة في المجتمع وبين عكسها. ومن بين النماذج التي قدمتها السلسلة صورة لنصاب يبحث على الاغتناء بشتى الطرق عبر تدبير المكائد وتزوير العقود بانتحاله صفة فقيه وموثق بل ومشعوذ وسمسار، شخصية ضبابية تتعايش مع المجتمع لكنها في الحقيقة معزولة عنه بشكل فظيع، لعب الدور بتميز كبير الفنان والمخرج محمد نظيف، ويعتبر هذا الدور صعبا بالنظر إلى كونه تركيبة من الشخصيات تتضمن شخصية الفقيه وإمام الزاوية، المغامر الباحث عن الكنوز الباحث عن الاغتناء السريع بشتى السبل، الذي يلبس لكل «همزة» لبوسها بما فيها سمسار ومشعوذ.. ولا تعتبر صفة الموثق إلا واحدة من صفات النصب التي يلبسها الولي، أو قناعا من أقنعته التي يصطاد بها ضحاياه، لقد بلغ الصدق في التعبير عن الشخصية إلى الحد الذي اعتبرته هيئة العدول المغاربة مساسا بكرامة مهنتهم، موجهين ضرباتهم لهذه السلسلة التي تبث على القناة الثانية وهي حسب المشاهد المغربي تعد من بين الفقرات الجيدة ضمن قائمة برامج القناة الثانية لشهر رمضان الكريم. الافتراءات المسمومة، المس بكرامة العدول ومخالفة القانون والدين الإسلامي أقام عدول المغرب الدنيا ولم يقعدوها، حول سلسلة بنات لالة منانة، فأدلوا بتصريحات وأصدروا بلاغات عمموها، بل دعوا وزير الاتصال مصطفى الخلفي للتدخل لإنصافهم مما اعتبروه «إهانة في حق الهيئة» فالسلسلة حسب البلاغ جاءت متضمنة لمشاهد تظهر السادة العدول في صورة سيئة، وفي مواقف وتصورات مخالفة للقانون وللدين الإسلامي، والذي يعتبر مسا بكرامة العدول الذين يقومون بدور مهم في المجتمع المغربي لحفظ الحقوق والأعراض والأنساب». ويضيف البلاغ «كنا ننتظر من مخرج سلسلة «بنات لالة منانة» أن يكفر عن (زلة) السنة الماضية عندما تقمص أحد الممثلين دور عدل بشكل مهين بموافقة إدارة «دوزيم»، وكأنها تصر على إهانة مهنة التوثيق العدلي دون أدنى مراعاة للقيم المجتمعية، وللقيمة الحقيقية التي يمثلها السادة العدول». بين المشاهد المغربي وهيئة العدول المشاهد المغربي يدرك أن «الولي» في السلسلة وليس «العدل» هو مجرد حالة معزولة لنصاب باحث عن الكنوز وعن كسب المال بكل الوسائل المتاحة وليس عدلا أوموثقا، وإذا افترضنا أن مهنة العدل تدخل في سياق «المقدس» الذي لا تجب مناقشته، سينبري أيضا أعوان السلطة للاحتجاج أيضا بدعوى أن شخصية «المدني» التي يجسدها عادل أبا تراب، تسيء إليهم وإلى مهنتهم؟ وكذلك مؤسسات الصحة العمومية، أضف إليهم سكان المناطق الشمالية أيضا بدعوى الحديث عن المتاجرين في المخدرات والسلع المهربة، في مدينتهم، وعن كل من يحاولون الاتجار في البلاد، لا تتم المحاسبة على النوايا، هل تجعل هذه الإشارات من سكان مناطقنا الشمالية مجرد تجار مخدرات وسلع مهربة وبينهم الشرفاء والعلماء والمثقفين والوطنيين، ما نحن إلا بشر نعرف أن كل مجال يتضمن الجيد والسيئ من الناس والشخصيات، ولا يمكن أن يشكل مجال ما الاستثناء، هي أمور أضحى كل المغاربة يعرفونها ويعايشونها، والسلسلة تتحدث عن حالات معزولة في المجتمع عبر انتقاد تقييمي وتوجيهي وفقا لما تقتضيه رسالة الفن، حيث سلطت الضوء على مثل هذه الجوانب المظلمة في شخصية الإنسان المغربي، ولم يتوقف الأمر عند شخصية واحدة بعينها، أما الولي «محمد نظيف» فهو كما سلف القول، تركيبة من الشخصيات فهو الفقيه وإمام الزاوية الباحث عن الكنوز يلبس لكل «همزة» لبوسها سمسار مشعوذ ولا تعتبر صفة الموثق إلا واحدة من صفات النصب التي يلبسها الولي وليس «العدل»، حسب هذا لم تتضمن مشاهد السلسلة أي إساءة لأي أحد، حين كانت تمارس انتقادها بصدق للكثير من الظواهر المجتمعية الفعلية والراهنة، حيث صار الإنسان يرتهن للمال ويسعى في كسبه بكل الوسائل بدافع الخوف من مستجدات الحياة أو بحثا عن الوجاهة الاجتماعية. لماذا نخاف من مواجهة الحقيقة ونعجز عن التأمل فيها بغية تجاوز ما يعتريها من انحراف أو قصور؟ ربما أن المشكل كامن في كوننا لم نألف الجرأة النقدية للمجتمع في أعمالنا الدرامية، لأن الإنتاج الوطني ظل لعقود طويلة يعاني من الحجر، وهو الآن يتلمس طريقه إلى الاتجاه الصحيح، ما علاقة حالة معزولة تتحدث عنها السلسلة بالإساءة إلى الدين الإسلامي الحنيف أو لهيئة العدول، كما أنه في اعتقادنا ليس هناك ما يدعو للقيام بكل ما تم القيام به والذي وصل حد اللجوء إلى مقاضاة طاقم السلسلة، هذا عوض التشجيع الذي يستحقه هؤلاء الفنانات والفنانون المجتهدون. أولا يشكل اللجوء للمحكمة نوعا من التضييق على حرية الإبداع التي يكفلها الدستور. السلسلة في جزئها الثاني بلغت الذروة سواء من خلال كتابة السيناريو أو من حيث أداء الممثلين الذين تعززوا بقلب الهجوم عبد الله ديدان والظهير الأيسر محمد نظيف والقيدوم أحمد الناجي إضافة إلى ادريس الروخ وعادل ابا تراب، ليكونوا فريقا ممتازا إضافة الى ياسين أحجام الذي لم نشاهده سوى قليلا مثل الفنانة بشرى اهريش، مع إطلالة اكتشفنا خلالها بعض الوجوه الجديدة وهي تؤدي أداء المحترفين أذكر من بينها مريم الزعيمي المتألقة في دور جميلة البزناسة والممثلة الفنانة الشابة هاجر كريكع في دور بنت كمال الصغرى التي تظهر فجأة رفقة أختها الكبرى في حياة بهية وكمال لتضعا حدا لسعادتهما الزوجية، وهذه الفنانة المسرحية الشابة توجت مؤخرا بجائزة التشخيص إناث، خلال المهرجان الوطني للمسرح لهذه السنة. السلسلة وهي تعرض على المشاهد خلال شهر رمضان تستمد قوتها من جمهور المشاهدين العريض الذي يتابع حلقاتها بشغف كبير، وليس من مبالغة في هذا القول، مادامت السيف قد سبقت العدل، كما يقال والمسألة الآن صارت بيد القضاء وليس هناك من شك أن القضاء المغربي سوف يقول كلمته ولنا اليقين أنه سوف يأخذ حرية التعبير التي هي روح الدستور المغربي الجديد بعين الاعتبار، دون ذلك نتمنى صادقين أن تزول هذه الغشاوة الناتجة عن سوء فهم أو سوء تأويل، والتوقف عن رفع شعار «إدانة إدانة.. لمسلسل بنات لالة منانة» الذي رفعه العدول خلال وقفة احتجاجية قاموا بها أمام مبنى القناة الثانية. والعجب العجاب أن الوقفات الاحتجاجية في هذا البلد أصبحت مميعة إلى درجة أن البعض ممن يقفون وراء هذه الوقفات، يسمحون لأنفسهم بالتعبير بحرية ضد حرية التعبير.؟؟ **** سلسلة بنات لالة منانة في سطور تمر 5 سنوات، وتعتري تغيرات كثيرة حياة لالة منانة وبناتها. إثر وفاة مارية، ينبري حميد زوجها فجأة بوثائق مزورة مدعيا ملكيته للبيت العائلي. شامة، لم تعد قادرة بعد طلاقها من عماد، على توفير أدنى متطلباتها أو متطلبات طفلتها، هذه الوضعية ستستغلها جارتها جميلة للزج بها في عالم المخدرات.. بهية، على العكس، تعيش حياة هادئة إلى جوار كمال، خاصة بعد تقبلها بواقع استحالة حملها يوما ما..لكن هذه العلاقة سرعان ما ستهتز حيث سيتهددها الانهيار جراء الماضي الغامض لكمال.. بينما رحيمو وبسبب المشاكل المادية التي تعانيها أسرتها، تحسم في القبول بما يمليه المنطق، لتتزوج بالحاج المختار، أحد تجار المجوهرات الأثرياء.. السلسلة من إخراج ياسين فنان، وبطولة كل من سامية أقريو، نورا الصقلي، السعدية أزكون، السعدية لديب، هند السعديدي، ادريس الروخ، عبد الله ديدان، محمد نظيف، أحمد الناجي، عادل أبا تراب...