رشيد روكبان: التوجيه المدرسي مطلب مجتمعي من أجل بناء الدولة الديمقراطية الحديثة محمد الوفا: وزارة التربية الوطنية تشتغل على تصور جديد وشمولي في موضوع التوجيه المدرسي وجهت النائبة رشيدة الطاهري من فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، سؤالا لوزير التربية الوطنية محمد الوفا حول الاختلالات التي يعيشها مجال التوجيه التربوي اعتبارا للأهمية التي يكتسيها هذا الموضوع ضمن منظومة التربية والتكوين في مرافقة التلاميذ ببلادنا، وتبيان آفاقهم المستقبلية والمهنية وخاصة بالنسبة للتلاميذ ذوي الصعوبات. جاء ذلك خلال جلسة الاسئلة الشفوية الأسبوعية ليوم الإثنين الماضي 15 يوليوز والتي أبرزت الطاهري خلالها مدى المجهودات المبذولة من قبل وزارة التربية الوطنية وعبرها الحكومة في مجال التوجيه، متوقفة عند وضعية وآفاق مركز التوجيه والتخطيط كمؤسسة تهتم بتكوين الأطر. واعتبرت أن التوجيه يهم وزارة التربية الوطنية بالأساس، لكنه يتعلق أيضا بكل القطاعات الأخرى، مشيرة إلى أن التوجيه ليس هو الإعلام وإنما هو التربية على التوجيه، على حد قولها، لتسهيل الاختيار لدى التلميذات والتلاميذ. وأوضحت النائبة رشيدة الطاهري أن الحديث عن التوجيه من أجل الاختيار يثير في السياق ذاته الحديث عن المختصين في هذا المجال الحيوي، مؤكدة على ضرورة تعميق الحوار بشأنه. وذكرت بالمبادرات المتبعة منذ فترات سابقة في مجال التنسيق بين التربية الوطنية والتكوين المهني قصد ربط الجسور في مجال التوجيه، موضحة أن هذه المبادرات تتطلب اليوم تدقيقا أكثر أخذا بعين الإعتبار لكل المتغيرات والديناميات. من جانبه، أكد وزير التربية الوطنية محمد الوفا خلال جوابه على السؤال أن التوجيه يعتبر موضوعا دقيقا في النظام التربوي ببلادنا، مؤكدا على أن الوزارة تشتغل اليوم على تصور جديد وشمولي بشأن هذا الموضوع لتوجيه التلاميذ سواء في الإبتدائي أو الإعدادي أو على مستوى من يرسبون في امتحانات البكالوريا قصد توجيههم إلى عدة قطاعات وزارية تهتم بالتعليم المهني، موضحا أن هذا المشروع الذي وصفه بالكبير يشتغل عليه حاليا أكثر من 12 عشر وزيرا وعند الانتهاء منه سيتم عرضه على البرلمان، مضيفا أن الوزارة بصدد إعادة النظر في مركز المفتشين ومركز التوجيه. وفي علاقة بالموضوع، ركزت النائبة رشيدة الطاهري ركزت على نفس التساؤلات في تدخلها خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال التي واصلت اجتماعاتها مساء يوم الثلاثاء 15 يوليوز الجاري برئاسة النائبة كجمولة منت أبي من فريق التقدم الديمقراطي، وبحضور وزير التربية الوطنية محمد الوفا، حيث أكدت الطاهري خلال الاجتماع على أن التوجيه المدرسي يطرح اليوم إشكاليات متعددة، مشيرة إلى كونه صيرورة تتخللها كل مستويات التربية التكوين والإدماج وإعادة الإدماج. وأضافت أن التوجيه يتطلب التوفيق بين التطلعات والمؤهلات وبين عرض التكوين ومتطلبات التشغيل متسائلة عن مدى وجود دراسة وتشخيص لوزارة التربية الوطنية في هذا الصدد. ودعت الوزير محمد الوفا إلى تقديم نظرة شاملة حول راهن وآفاق التوجيه اعتبارا لكل الرهانات التي يطرحها في مجالات التوفيق بين متطلبات سوق الشغل وعرض التكوين من جهة، ورغبات التلاميذ وأوليائهم من جهة أخرى. كما ثمنت النائبة رشيدة الطاهري ما تم القيام به من قبل وزارة التربية الوطنية في مجال محاربة الغش على مستوى امتحانات البكالوريا، داعية إلى أن تلي هذه الخطوة الأولى خطوات أخرى بنفس الجرأة لتصبح ثقافة محاربة الغش هي السائدة في بلادنا. وأضافت بالمناسبة أن أبناء الجالية المغربية في الخارج وخاصة الجيل الثالث والرابع يفتقدون في مجال التأطير التربوي للمقررات الكفيلة بتوجيههم، كما أنهم يبقون بعيدين عن مكونات الثقافة والتربية المغربية مقارنة مع أمهاتهم وآبائهم. وأشارت أنه اتضح لفريق التقدم الديمقراطي من خلال الزيارات التي قام بها في الفترة الأخيرة عدد من أعضائه لبعض الدول في الخارج، أن هناك مجهودات بذلت في مجال تعزيز الهوية الثقافية المغربية، لكنها تبقى منحصرة في البعد الديني على أهميته، داعية إلى أن يشمل التأطير معارف أخرى كفيلة بتعزيز ارتباط أجيال الجالية المغربية ببلدهم ووطنهم الأم. يذكر أن لجنة التعليم والثقافة والاتصال كانت قد عقدت اجتماعا سابقا لها يوم 9 يوليوز الجاري، بحضور وزير التربية الوطنية محمد الوفا، أدرج ضمن جدول أعماله موضوع التوجيه المدرسي، بطلب من فريق التقدم الديمقراطي. وقد ثمن رئيس الفريق رشيد روكبان خلال هذا الاجتماع الاستجابة السريعة لوزير التربية الوطنية وعبره الحكومة لدراسة خلفيات وأبعاد الموضوع، اعتبارا لراهنتيه ولكونه لا يهم التلاميذ أو قطاع التربية فقط، وإنما هو مطلب مجتمعي من أجل بناء الدولة الديمقراطية الحديثة وإنجاح كل الأوراش الإصلاحية في بلادنا، ونظرا أيضا لكل العواقب المرتبطة بالتوجيه التربوي من أشكال التعثر أو الفشل الدراسي ضمن توجيه لا يتناسب مع قدرات ومؤهلات وميولات التلاميذ و متطلبات السوق على حد قول روكبان. وأوضح رئيس فريق التقدم الديمقراطي أن طلب مناقشة هذا الموضوع يأتي في سياق حرص الفريق على تفادي المشاكل المطروحة حاليا على المستوى المتوسط والبعيد بسبب كثرة وتشعب مسالك التعليم التي تعتبر في حد ذاتها مفخرة للتعليم ببلادنا، لكنها يمكن بالمقابل أن تعود عليه بالضرر، متسائلا عن استراتيجية وزارة التربية الوطنية في تقديم المساعدة للتلاميذ لتجويد اختياراتهم، وكذلك عن آليات التنسيق بين مختلف أسلاك التعليم والتكوين والتعليم العالي من جهة وبين فعاليات التشغيل ببلادنا إعتبار لعلاقة التعليم بحاجيات سوق الشغل. وبعد أن تساءل روكبان عن مدى قيام وزارة التربية الوطنية بالدراسات اللازمة في مجال تحديد احتياجات هذه السوق لتتمكن من تأطير السير القانوني والتربوي لعملية التوجيه، ركز في السياق ذاته أيضا على الآليات والميكانزمات التي ترصدها الوزارة في مجال التوجيه التربوي على المستوى المالي والموارد البشرية المتوفرة، من مستشارين للتوجيه ومفتشين، وكيفية توزيعها ضمن الحرص على العدالة المجالية على المستوى المركزي والإقليمي والجهوية، علاوة على الدور الذي تقوم به الوزارة لحماية التلاميذ والحيلولة دون سقوطهم في المشاكل المرتبطة بعدم تمكينهم من شواهد المعادلة أو مزاولة المهنة في تخصصاتهم، علما بأن هذه المشاكل، يضيف رشيد روكبان، تأتي نتيجة لأخطاء توجيههم نحو مدارس عليا خاصة غير معتمدة وليست لها شراكة مع الدولة. كما سلط روكبان الضوء ضمن تدخله خلال هذا الاجتماع على دور أولياء وآباء التلاميذ وعلاقتهم بالوزارة في تجويد اختيارات التلاميذ في التوجيه التربوي، مشيرا إلى علاقة التوجيه بالإعلام المدرسي والمهني والكفيل بتمكين التلاميذ من الوصول الى المعلومات والمعطيات الضرورية، متسائلا في هذا الصدد عن مدى وجود خطة إعلامية واضحة لدى وزارة التربية الوطنية لكي تصل المعلومة لكل التلاميذ والتي من شأنها ضمان نجاعة قرارات توجيههم.