حرص على ضمان استمرارية وإشعاع هذا الموروث الموسيقي الأصيل أكد المدير الجهوي لوزارة الثقافة لحسن الشرفي أن مهرجان الطرب الغرناطي بوجدة يحرص منذ أزيد من عقدين من الزمن على ضمان إشعاع واستمرارية لهذا الموروث الموسيقي الأصيل. وقال الشرفي، إن هذا المهرجان، الذي تستعد وزارة الثقافة، بشراكة مع عدد من الفاعلين والمتدخلين، لتنظيم دورته ال22 التي ستنطلق، يشكل فرصة أخرى للتعريف بهذا الفن العريق الذي يشكل تراثا ثقافيا موسيقيا تمتد جذوره من الشرق إلى الغرب. وأشار إلى أن هذه التظاهرة الفنية، التي دأبت الوزارة على تنظيمها منذ سنة 1987 بوجدة، حاولت على مدى الدورات السابقة أن تضمن نوعا من الاستمرارية والإشعاع لهذا الموروث الموسيقي الأصيل على الرغم مما عرفه من توقف لسنوات خلال تسعينيات القرن الماضي. وأضاف أن هذا المهرجان منذ سنة 1999 صار وفيا لموعده، وأصبح، مع توالي السنين، يستقطب شركاء مؤسساتيين من القطاعين العام والخاص والهيئات المنتخبة، بالنظر إلى حرص المنظمين، وعلى رأسهم الوزارة، على تنظيم حدث يرقى إلى مستوى تطلعات الساكنة وتتوفر فيه شروط الجودة. ومن خلال مواكبتها لهذه التظاهرة، تعمل وزارة الثقافة على الحفاظ على هذا الفن وترسيخه بالنظر لما يتميز به من خصوصيات فنية في الالقاء والأداء وعلى مستوى مضامين النصوص الأدبية وما تتميز به من قيم ومرتكزات أخلاقية وتربوية عالية تجذب المستمع إلى الاستمتاع بهذا الفن. وتعرف هذه التظاهرة الفنية سنة بعد أخرى إقبالا جماهيريا متميزا من قبل المهتمين من النخب والدارسين والمحبين لهذا الفن الموسيقي الأصيل، الذي يمتاز بالألحان الجميلة، ويختزل نمطا من الإيقاع والإنشاد والعزف عبر نوبات موسيقية شعرية تتوزع عبر تيمات ومواضيع مختلفة تتطلب من المتلقي الإصغاء للكلمة الشعرية التي أخذت من هذا القالب الموسيقي موطنا لها. وتتوخى هذه التظاهرة الثقافية، بالأساس، نشر ثقافة موسيقية لدى الناشئين، عبر تثمين هذا الموروث الموسيقي الأصيل وحمايته، وتوثيق نوباته الغرناطية على مستوى النص والجمل الموسيقية، بالإضافة إلى خلق جسور التواصل بين الفرق المغربية وتجارب أجنبية من خلال استضافة فرق تهتم بهذا الطرب خاصة من إسبانياوالجزائر. ولعل ما يجسد أيضا هذا الاهتمام بالطرب الغرناطي هو احتضان مدينة الألفية لحوالي 16 جمعية تعنى بهذا النوع الموسيقي الأصيل خاصة الجمعية الأندلسية التي تعتبر أقدم جمعية تأسست بوجدة في هذا الإطار سنة 1987 حيث مكنت منذ بداية العشرينيات من القرن الماضي على تكوين أجيال من الفنانين الذين عملوا على صيانة هذا التراث الأصيل وضمان استمراريته. وذكر المدير الجهوي للثقافة أن مدينة وجدة استفادت من هذا الأسلوب الموسيقي الغرناطي، المرتبط تاريخيا بمدينة غرناطة الإسبانية، التي ازدهر فيها هذا الفن، من خلال التاريخ المشترك للمغرب مع الأندلس واستقباله لأكبر الهجرات الأندلسية المتتالية عبر مختلف العصور والتي حملت معها هذا اللون الموسيقي. وأشار إلى أن حضور المرأة في هذا الفن أصبح خلال الفترة الأخيرة بارزا ومتميزا خاصة مع تأسيس جمعية «خلود» النسوية للموسيقى الغرناطية، الأولى من نوعها، على غرار الجمعية الأندلسية لمدينة فاس التي ستشارك ضمن فعاليات الدورة الحالية للمهرجان. وستعرف الدورة ال22 لمهرجان الطرب الغرناطي، التي ستنظم إلى غاية 21 يوليوز الجاري تحت شعار «الطرب الغرناطي فن عريق وإبداع متأصل»، مشاركة 13 جمعية محلية من وجدة وفرقة أندلسية من فاس وفرقة موسيقية من الجزائر وفرقة الفلامنكو من إسبانيا، بالإضافة إلى تكريم بعض أعلام فن الطرب الغرناطي.