التنزيل الدستوري المتعلق بالأمازيغية مسؤولية جماعية ويتطلب صيغة توافقية ديمقراطية جدد عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أحمد بوكوس، التأكيد على أن دسترة اللغة الأمازيغية وترسيمها في دستور فاتح يوليوز 2011 شكل نقلة نوعية لافتة، مبرزا أن موافقة مختلف الهيئات السياسية على الإقرار بدسترة الأمازيغية وجعلها لغة رسمية يعد إشارة قوية على التطور الذي يشهده المشهد السياسي الوطني اتجاه الأمازيغية. لكن هذه النبرة الجد متفائلة ربطها أحمد بوكوس الذي حل، صباح أمس الاثنين، ضيفا على منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء المخصص لموضوع «مسار الأمازيغية وآفاق ترسيمها»، بضرورة التحلي بالحذر على اعتبار أن تضمين الوثيقة الدستورية لمسألة الترسيم يتطلب تفعيل مضامينها وترجمتها بإقرار قانون تنظيمي بشكل ينسجم وفلسفة وروح مضامين هذه الوثيقة وما نصت عليه في المادة الخامسة منها والتي باتت تتيح المجال بشكل صريح للنهوض باللغة والثقافة الأمازيغية وإدماجها في الحياة العامة. وقال عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، خلال هذا اللقاء المتزامن مع إحياء الذكرى الثانية لإقرار دستور 2011، «يجب التحلي باليقظة الصارمة وهي يقظة مواطنة، فالأمر يتعلق بمسألة جد حساسة لازالت تحيط بها العديد من القضايا التي تعتبر ذات الأولوية. فالمغرب حقق تقدما استثنائيا في المنطقة مقارنة مع ما يحدث بالبلدان المجاورة على هذا المستوى، ولدينا كامل الثقة، لكن مع ذلك يبقى الحذر واجبا». هذا واعتبر أحمد بوكوس أن تسريع تنزيل ما تضمنه الدستور في الجانب الخاص بالأمازيغية مسؤلية تتقاسمها الحكومة والسلطة التشريعية، مبرزا أن هاتين السلطتين «لهما كامل المسؤولية على هذا المستوى. إذ بالرغم من مرور سنتين على اعتماد الدستور الجديد، لم يتم بعد إصدار القوانين التنظيمية الخاصة بكل من ترسيم الأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، علما أن إنجاح عملية الترسيم مسؤولية جماعية لكافة مكونات المجتمع، ويتطلب صيغة توافقية ديمقراطية». ودعا بوكوس، في هذا الإطار، إلى ضرورة اعتماد المقاربة التشاركية في إعداد وصياغة القوانين التنظيمية الخاصة بتنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بترسيم الأمازيغية، معتبرا الإشراك الحقيقي والفعلي لمختلف المؤسسات والفاعلين المعنيين وبالأساس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمجتمع المدني أحد المرتكزات الأساسية لسلاسة هذا المسار. وفيما يتعلق بملف اختيار أسماء أمازيغية لمواليد جدد، شدد المتحدث على أهمية التنصيص في القانون التنظيمي للأمازيغية على اعتماد الأسماء الأمازيغية في دفاتر الحالة المدنية، بحيث يتم بذلك قطع الطريق على مختلف الممارسات التي تصدر عن ضباط مكاتب الحالة المدنية والتي تكون مخالفة لروح ومضامين الدستور الجديد والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب. وفيما يمكن اعتباره دعوة ضمنية إلى مختلف المؤسسات والقطاعات المعنية بترسيم الأمازيغية وإدماجها في الحياة العامة، أشاد بوكوس بمبادرة وكالة المغرب العربي للأنباء بإطلاق بوابة إخبارية باللغة الأمازيغية بحرف تيفيناغ، من دون انتظار صدور القانون التنظيمي للأمازيغية، مؤكدا أن المبادرة الجبارة التي تمت وفق مذكرة تفاهم بين المعهد والوكالة بدأت تعطي ثمارها بشكل سريع وبمهنية عالية، مثمنا بذلك المجهود الذي تقوم به عدد من المؤسسات الوطنية والذي يواكب المجهود الذي يبذله المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في هذا الجانب. وبشأن الوضعية المستقبلية للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وجه أحمد بوكوس تطمينات إلى الرأي العام الوطني مؤكدا أن «رئيس الحكومة أشار في تصريحه الحكومي إلى الإبقاء على المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالنظر للنجاعة التي أبداها المعهد طيلة مساره». وذكر بوكوس، في هذا الصدد، بالعمل الهام الذي قام به المعهد على مستوى تأهيل الأمازيغية. فالمعهد، يقول المتحدث، لم يكتف بتدوين الموروث الثقافي الأمازيغي، بل قام بالإضافة إلى ذلك بتأهيل اللغة والثقافة الأمازيغيتين بحيث وصلت حاليا إلى مرحلة يمكنها أن تقوم بدورها كاملا كلغة رسمية في مجالات التعليم والإعلام بل والحياة العامة، مشيرا في هذا الصدد إلى العمل المتجدد الذي يقوم به المعهد من خلال صياغة مصطلحات أمازيغية جديدة تماشيا مع المستجدات التي يعرفها المشهد اللغوي وأنتج في هذا الإطار معاجم متخصصة. وأبدى المتحدث بهذا الخصوص تثمينا لإدراج الأمازيغية في مؤسسات التعليم العالي، حيث تم إحداث ماستر الدراسات الأمازيغية بعدد من المؤسسات الجامعية خاصة بأكادير، والرباط، وتطوان ووجدة، مشيرا إلى الخصاص الكبير على مستوى توفير الأطر المتمكنة من اللغة الأمازيغية، مشيدا، في هذا الإطار، بالتصريح الذي أعلن فيه وزير التعليم عن جعل تدريس الأمازيغية يشمل مليون متعلما عوض 600 ألف تلميذا حاليا، كما أشاد بالتجربة التي خاضتها وزارة العدل على مستوى إنزكان باعتماد مترجمين للغة الأمازيغية على مستوى المحاكم.