قالت مصادر دبلوماسية إن نقاشا واسعا يجري داخل الإدارة الأميركية بخصوص سوريا وكيفية الرد على التدخل المباشر لحزب الله اللبناني في المعارك إلى جانب نظام الأسد، ويتزامن هذا مع تحركات دبلوماسية حثيثة تتعلق بالملف السوري. وأكدت المصادر أن الرأي الغالب في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما هو التخلي عن الموقف القديم المتسم بالانتظار، ومحاولة ممارسة ضغوط على طرفي النزاع عن طريق وسطاء وقنوات اتصال مختلفة. وأضافت المصادر ذاتها أن النية متجهة إلى استنفاد مختلف الوسائل لدفع طرفي النزاع إلى القبول بالتفاوض والتوجه إلى مؤتمر جنيف2 دون اشتراطات مسبقة، وأن الموقف من الأسد سيتجاوز البحث عن وساطة روسية، وأن هناك رسائل فعلية ستوجه له من البيت الأبيض قريبا. وهو ما ألمحت إليه جين ساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية التي قالت إن واشنطن تبحث ما يمكن أن تفعله بشكل أكبر لمساعدة المعارضة بما في ذلك مساعدتها للحفاظ على الأراضي التي سيطرت عليها واستعادة الأراضي التي سيطر عليها الأسد في الفترة الأخيرة بدعم عسكري من حزب الله اللبناني. من جانبها، قالت برناديت ميهان المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض إن إدارة أوباما تبحث باستمرار موضوع تعزيز المعارضة. وقالت ميهان "بناء على توجيهات الرئيس يواصل فريقه المعني بالأمن القومي دراسة جميع الخيارات الممكنة التي تحقق أهدافنا لمساعدة المعارضة السورية على تلبية الاحتياجات الضرورية للشعب السوري والتعجيل بعملية انتقال سياسي إلى سوريا ما بعد الأسد". وأضافت "جهزنا مجموعة واسعة من الخيارات كي ينظر فيها الرئيس وتعقد اجتماعات داخلية بصورة روتينية لبحث الوضع في سوريا". وتوقعت المصادر الدبلوماسية أن تنتهي الاجتماعات الماراثونية لإدارة أوباما إلى رفع الحظر عن الأسلحة الموجهة للمعارضة، ودعوة دول إقليمية إلى مد المعارضة الليبرالية (الجيش الحر) بالأسلحة بما يسمح له بخوض معارك متكافئة مع النظام. كما توقعت أن تبادر واشنطن إلى تنسيق المواقف مع الأصدقاء وخاصة السعودية وبريطانيا وفرنسا وتركيا بخصوص فرض مناطق حظر جوي في الشمال، أي بالمناطق التي هي تحت سيطرة المعارضة. لكن المصادر ذاتها استبعدت أن تتدخل واشنطن مباشرة عن طريق قوات خاصة، وهو ما يتفق معه فريدريك هوف المحلل بمجلس الأطلسي، وهو مؤسسة بحثية، الذي أكد أن إدارة أوباما ربما تقرر تولي أمر توزيع الأسلحة على مقاتلي المعارضة ولكن ليس بالضرورة إرسال أسلحة أميركية. ولفتت المصادر إلى أن البيت الأبيض يسعى إلى تجاوز مخاوفه بخصوص وصول الأسلحة الموجهة إلى المعارضة الليبرالية إلى أيدي مجموعات إسلامية متطرفة خاصة بعد أن نجحت ضغوط أميركية في كف دعم مالي وعسكري ولوجستي كانت هذه المجموعات تحصل عليه من بعض الدول الإقليمية. وفي سياق متصل، تجري تحركات دبلوماسية مكثفة تتزعمها السعودية بغاية إزالة كل المخاوف الغربية بخصوص تسليح المعارضة. وقالت مصادر إن الرياض كشفت لمحاوريها في باريس خاصة تعهدا خطيا من الائتلاف السوري للمعارضة بأن يظل استعمال الأسلحة مقتصرا فقط على مواجهة القوات الحكومية، وأن لا مخاوف بخصوص وصوله إلى مجموعات متطرفة يمكن أن تستعمله ضد إسرائيل أو في صراعات أخرى بالمنطقة. يشار إلى أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أجرى مباحثات الإثنين في باريس مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس بحضور رئيس الاستخبارات السعودي الأمير بندر بن سلطان. إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو أن الحرب في سوريا وصلت إلى "منعطف"، وأن الوضع يحفز على إجراء "مناقشات ومشاورات" حول تسليم المعارضة السورية ما تحتاج إليه من أسلحة. وأضاف «لقد وصلت الحرب في سوريا إلى منعطف (بعد معركة القصير). ما هي النتائج التي نستخلصها؟ وماذا نفعل في هذه الظروف لتعزيز المعارضة المسلحة السورية؟ إنه نقاش نجريه مع شركائنا، مع الأميركيين، مع السعوديين والأتراك، وآخرين كثر... لا يمكن أن نترك المعارضة في الوضع الذي هي فيه». ونتيجة ضغوط مارستها بريطانيا وفرنسا رفع الاتحاد الأوروبي الحظر عن الأسلحة المرسلة إلى المعارضة السورية في 27 مايو. ويتوقع مراقبون أن تؤدي التحركات الحثيثة إلى موقف أميركي غربي أكثر إيجابية في ملف تسليح المعارضة، وأن اي خطوة عكس ذلك قد تساعد في تشجيع إيران وحزب الله على مواصلة دورهما في سوريا وربما في دول أخرى بالمنطقة