المحامون يدعون إلى النأي بإصلاح منظومة العدالة عن تحكم العقليات السياسية والحزبية الرميد يدعو المحامين إلى تشكيل لجنة تقصي حول حقيقة الخلاف بشأن مرسوم المساعدة القضائية اعتبر البيان العام للمؤتمر 28 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب أن الفساد في قطاع العدل «بلغ درجة تثير قلق وانزعاج الجميع بشكل يمس مساسا خطيرا بحقوق ومصالح المواطنين، ويضر بمصالح الوطن»، وأكد البيان الذي اطلعت بيان اليوم على نسخة منه «أنه لا خيار إلا بإبداع وتفعيل الآليات الثقافية والقانونية لدعم الشفافية والنجاعة والنزاهة والحكامة على مستوى جميع مكونات منظومة العدالة». كما اعتبر أن «تنزيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يقتضي اعتماد نظام الملاءمة في ما يتعلق بجهاز النيابة العامة وتبعيتها لوزير العدل كضرورة مرحلية». وللقضاء على هذا الفساد، أوصى المؤتمر «بإقرار دستور ديمقراطي يوضع من قبل مجلس تأسيسي منتخب يلبي كافة مطالب الشعب المغربي المشروعة والعادلة» معتبرا أن «الدستور لم يرق إلى تلبية مطالب وتطلعات وطموحات الشعب المغربي، خاصة في ما يتعلق بالفصل الحقيقي للسلط». وطالب ب»وضع دستور ديمقراطي يجعل من إرادة الشعب مصدرا للسلطة و يكرس الفصل الحقيقي بين السلط و يكرس احترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا». وأكد على أن «إصلاح منظومة العدالة رهين بوجود إرادة سياسية فعلية وديمقراطية حقيقية»، داعيا إلى «النأي بإصلاح منظومة العدالة عن تحكم العقليات السياسية و الحزبية الضيقة». كما دعا بيان المحامين إلى «الإسراع في إلغاء عقوبة الإعدام من الترسانة القانونية المغربية»، و»تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة ودسترتها». وطالب المحامون ب»الإسراع بإعداد مشروع قانون جديد منظم لمهنة المحاماة يستجيب لتطلعات المحامين المغاربة وطموحاتهم بما يواكب التطور الحاصل في القانون المقارن وبمشاركة جميع هيئات المحامين بالمغرب»، واقترحوا مجموعة من التدابير لضمان حقوق المحامين واستقلالية مهنتهم، سواء على مستوى التنظيم أو التكوين أو التأهيل. المؤتمر الذي عقد بمدينة السعيدية أيام 6 إلى 8 يونيو الجاري تحت شعار « منظومة العدالة.. أي إصلاح؟»، حضره ، حسب نفس المصدر، 1130 مؤتمرة ومؤتمر من مختلف الهيئات، إضافة إلى ضيوف المؤتمر من المغرب والذين يمثلون مختلف الهيئات القضائية و السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية، وممثلي بعض الهيئات من الدول الشقيقة والصديقة. وتميزت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بإلقاء كلمات لكل من نقيب الهيئة المضيفة بنعيسى مكاوي، واالأمين العام لاتحاد المحامين العرب الأستاذ عمر محمد زين، ورئيس الجمعية النقيب حسن وهبي، ووزير العدل والحريات المصطفى الرميد. كما شهدت الجلسة تكريم المحامية والمناضلة الحقوقية آسية الوديع، و رئيس الجمعية السابق رئيس التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب النقيب امبارك الطيب الساسي، وتكريم رئيس الجمعية النقيب حسن وهبي من طرف الاتحاد الدولي للمحامين. كما كرمت هيئة المحامين بوجدة منتدى المحامية المغربية في شخص منسقته العامة الأستاذة فاطمة مدرك. وعرفت الجلسة الافتتاحية احتداما للنقاش بعد إلقاء كل من رئيس الجلسة ووزير العدل لكلمتيهما اللتين تبادلا فيها الاتهامات بشأن مشروع مرسوم المساعدة القضائية الذي تسبب في توتر الأجواء بين المحامين ووزارة العدل مؤخرا. وكان رئيس الجمعية أثار في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر موضوع المرسوم بطريقة تحمل الوزارة مسؤولية عدم التشاور في إصداره، وهو ما جعل الوزير مصطفى الرميد يرد عند إلقاء كلمته بالمناسبة من خلال التأكيد على أن المرسوم «صدر بتوافق تام» مع مكتب جمعية هيئات المحامين في شخص رئيسها واللجنة الرباعية. وهو الرد الذي رفع من حدة النقاش خلال الجلسة قبل أن يعد الجميع إلى استكمال أشغالها. ومباشرة بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، عقد مكتب الجمعية اجتماعا طارئا أصدر على إثره بلاغا ندد فيه بما اعتبره سلوكا انفعاليا للوزير خلال للجلسة «لا يليق على الإطلاق برجل دولة يمثل حكومة في أهم وزارة تعنى بشؤون العدل والحريات». واعتبر المكتب أن الوزير حاول بذلك «تحويل اهتمام المؤتمرين عن القضية الأساسية التي يتمحور حولها شعار المؤتمر ألا وهي منظومة العدالة......أي إصلاح؟» وأنه يسعى إلى «إضعاف المحامين وضرب وحدتهم والتشكيك في مصداقية مؤسساتهم التمثيلية على المستويين المحلي والوطني». وأضاف البلاغ أن الوزير عمد إلى إعطاء الضوء الأخضر لنشر المرسوم في الجريدة الرسمية عشية المؤتمر في حين أن المتفق عليه كان هو عقد اجتماع للجنة مشتركة بين وزارة العدل والجمعية من أجل إعادة صياغة المرسوم. ولتوضيح موقفه، أصدر وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، بدوره، بلاغا دعا فيه المحامين إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق مكونة من النقباء السابقين بخصوص نفي مكتب جمعية هيئات المحامين مشاركته في إعداد مشروع مرسوم المساعدة القضائية و»للوقوف على الحقيقة التي يراد إقبارها». وأوضح البيان الذي أصدرته الوزارة يوم الجمعة الماضي، أن الوزير أبرز ضمن كلمته خال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المحامين أنه أعد مشروع مرسوم جديد يلغي المرسوم المشار إليه أعلاه، وأخبر بذلك رئيس جمعية هيئات المحامين قبل انعقاد المؤتمر وطلب منه إخبار المحامين وعلى رأسهم النقباء، إلا أن الرئيس لم يفعل ذلك لأسباب لا يعرفها إلا سيادته»، مضيفا أنه طلب من المحامين تشكيل لجنة تقصي الحقائق تتكون من النقباء السابقين لمعرفة الحقيقة. وسجل الوزير أن رئيس الجمعية لم يكن في حاجة إلى إثارة موضوع المرسوم في الجلسة الافتتاحية بالطريقة المستفزة التي أثارت غضب المحامين، وأنه كان يمكنه الاكتفاء بإخبارهم بمشروع المرسوم الجديد الذي أعده الوزير لإلغاء المرسوم المحتج ضده، وإيلاء قضايا المحامين ذات الأهمية القصوى ما تستحقه من عناية في كلمته، بدل نص تقرر التراجع عنه. وأكد أن الخلاف القائم بين وزارة العدل والحريات ومكتب جمعية هيئات المحامين حول المرسوم المتعلق بتطبيق الفقرة الثانية من المادة 41 من القانون المنظم لمهنة المحاماة هو «خلاف مفتعل» إذ أن المرسوم أعد باتفاق تام بين لجنة وزارية يرأسها الكاتب العام للوزارة، عبد المجيد غميجة، ولجنة تمثل جمعية هيئات المحامين مكونة من أربعة نقباء. وفي توضيح لحيثيات صدور المرسوم المحتج ضده بالجريدة الرسمية، ذكر البيان أن «السيد رئيس جمعية هيئات المحامين طلب بذل المساعي لتأجيل نشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية، وهو ما استجاب له الوزير باقتراح ذلك على الأمين العام للحكومة الذي تفضل بتأجيل النشر لمدة 9 أشهر إلى أن ارتأى نشره بتاريخ 9 ماي 2013، بعد أن كان قد أفاد وزير العدل والحريات مرتين بعدم إمكان الاستمرار في تعليق النشر». وتبعا لذلك، يؤكد البيان، فإنه «لم يكن لوزير العدل والحريات أي دور في النشر بالتاريخ المذكور، ولو استشير في الأمر لأشار بتأجيله إلى ما بعد المؤتمر إيمانا منه بوجوب إنجاح هذه المحطة المهنية التي حضر شخصيا، بحسن نية، فعالياتها». وأضاف المصدر أن وزير العدل والحريات فوجئ، بعد النشر بالجريدة الرسمية للمرسوم المذكور، برفض رئاسة الجمعية لكافة اقتراحاته الرامية إلى معالجة الموضوع بما في ذلك إصدار بيان مشترك يطمئن الرافضين بكون الحوار سيظل مستمرا إلى حين بلورة نص جديد.