ليس في استقبال حزب التقدم والاشتراكية لوفد من قيادة الحزب الشيوعي الفيتنامي فقط بعد الاحتفاء بالعلاقات التاريخية العريقة بين الحزبين، أو مجرد استحضار التواريخ والأحداث والشخصيات المميزة والفاعلة في مسيرة هذه العلاقات، وإنما هي أساسا تطلع إلى الأفق. من البدهي، التذكير هنا أن العالم شهد كثير تحولات وتغيرات خلال العقدين الأخيرين، وترتيبا، فقد تبدلت موازين القوى، وسقطت مواقع واصطفافات عبر العالم، لكن حزبا عريقا، مثل حزب التقدم والاشتراكية، يحرص دائما على ترسيخ موقعه ضمن الأوساط الاشتراكية والتقدمية عبر العالم، ويتفاعل مع مختلف الديناميات المتحركة داخل هذه الأوساط وحواليها، ويسعى إلى إيجاد أصدقاء ومؤيدين للقضايا الوطنية المغربية. إن استقبال الحزب الشيوعي الفيتنامي اليوم يندرج ضمن هذا الأفق، وأيضا زيارة الأمين العام الأخيرة إلى روسيا، ومباحثاته هناك سواء مع قيادة الحزب الشيوعي الروسي المعارض، أو مع القوى التي صارت تحكم اليوم في هذا البلد العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، ثم كذلك الزيارات التي قام بها قياديون في الحزب إلى الصين في الفترة الأخيرة، بالإضافة طبعا إلى اللقاءات المنتظمة مع القوى اليسارية والعمالية العربية، وأيضا حضور الحزب ضمن مسلسلات التعاون بين الأحزاب التقدمية في ضفتي المتوسط، وفي كل هذه الفضاءات السياسية والشعبية يساهم الحزب التقدمي المغربي في إبراز قضايا الشعب المغربي والدفاع عنها. في اللقاء مع الشيوعيين الفيتناميين دائما يحضر الاحتفاء بالتاريخ، وبأسطورة المقاومة الشعبية، وهذا يسكن ذاكرة الشعوب كلها، وضمنها الشعب المغربي، ومن ثم، فان اللقاء هو أيضا تحية تقدير وعرفان للنضال الوطني للشعب الفيتنامي وقيادته... وفي اللقاء مع الشيوعيين الفيتناميين يحضر أيضا لذاكرة كثير من التقدميين المغاربة اسم المناضل محمد بنعمر لحرش الذي كان الحزب الشيوعي المغربي قد أوفده إلى الفيتنام تلبية لرغبة القائد هو شي منه، حين كان الشعب الفيتنامي يواجه قوات الاحتلال الفرنسي، وذلك للمساعدة في تأطير ومواكبة الجنود المغاربة الذين اختاروا الاصطفاف إلى جانب المقاومة الفيتنامية ضد الاستعمار الفرنسي. وخير دليل على عظمة دور بنعمر لحرش هو أنه صار جينرالا في الجيش الفيتنامي، ويحفظ له الشعب الفيتنامي بطولته وجليل أعماله إلى اليوم، ولهذا، فان اللقاء مع الشيوعيين الفيتناميين يكون دائما للاحتفاء بهذه القيم النضالية المشتركة بين الحزبين والشعبين، دفاعا عن الحرية والاستقلال. هي الذاكرة النضالية المشتركة بإمكانها أن تؤسس للأفق المشترك خدمة لمصالح ومستقبل البلدين والشعبين.