للفاضلة أمينة المريني صورتان.. صورة الشاعرة التي غزلت الشعر وهي صغيرة، بحبال من نور وبراءة وحب وصدق. وقبل أن تروضه كحصان حرون، كانت أمها تسقيها من ثدي الشعر العربي، قديمه وجميله وعفيفه.. وما هو موقع على أوتار الروح المشبعة بالرهافة والإخلاص لقيم المحبة والجمال والحق.. وعندما نطقت شعرا؛ جاء خطابها الروحي مسكوبا من ينابيع ذاتها في أكواب خلابة، صافيا وماتعا وسائغا وأخاذا بالألباب. غنت لقلبها وأمها وفاسها وناسها وغنت للتاريخ الأثيل الذي تعبق برياه دروب فاس ودكاكينها وأبوابها وأسوارها وصناع مجدها كالنجارين والصفارين والدباغين والنقاشين وهلم جرا، وغنت للوطن، ولفلسطين. في لحظة من زمننا الملغوم بالأيديولوجيات المتنافرة، اختارت الرجوع إلى ما يعطيها إنسانيتها وجوهرها الصادق، فأعطتنا أجمل ما يفخر به الشعر المغربي والعربي المعاصر، أعطتنا ديوانها الباذخ «المكابدات» وصنوه الشقيق بالولادة والرضاعة «مكاشفات»، سمت من خلالهما إلى ما هو أروع في الحب الإنساني والحب الصوفي الحقيقي، حتى لكأن دواوينها الأولى التي طالعتنا بها.. منذ سنوات عديدة مثل «ورود من زناتة» لم تكن في نظري سوى تمرينات شعرية. لا أدري لماذا عندما تلقي قصائدها؛ أتصور وكأن البلور يتكسر أمامي؟ لابد وهي تلقي شعرها أمامك، بأن تحس أنك ذاهب إلى جنة من الموسيقى. لذلك أعتبرها شخصيا من الشواعر المغربيات والعربيات الكبيرات في مجال الكتابة الشعرية والإنشاد الشعري. لا أدل على ذلك حضور اسمها الشعري الكبير في ساحتنا الإبداعية المغربية والعربية من الحظوة التي أصبحت تتمتع بها قصائدها؛ على مستوى إدراج بعضها ضمن المقررات الدراسية، وإنجاز البحوث والأطاريح الجامعية حول تجربتها الشعرية، والدراسات النقدية المتعددة التي تحتفي بها في المجلات والدوريات الورقية والصحافة الوطنية من خلال الملحق الثقافي لجريدة العلم، والصحافة العربية الورقية والإلكترونية، والجوائز العديدة التي حصلت عليها على مستوى العالم العربي بأجمعه، والتكريمات التي أقيمت لها في المهرجانات الشعرية؛ وتمثيلها للشعر المغربي في عدد من الدول العربية مثل الجزائر والسعودية وليبيا وقطر والأردن وعمان وغيرها. صورتها الثانية أنها امرأة تغدق على الآخرين من إنسانيتها وكرمها كؤوسا بعدد النجوم. لا عدو لها. حرصت في ميثاق الشرف الذي أبرمته مع جمهورها من المستمعين إلى برنامجها الإذاعي «واحات شعرية» المقبور منذ سنوات، بإذاعة فاس؛ على نشر مبادئ الشعر الجميل والحب السامي والتسامح والإخلاص لروح الإبداع، ولم تكن متعصبة للقصيدة التقليدية وقصيدة التفعيلة، وإنما انفتحت على قصيدة النثر. كما ربت تلاميذها على المبادئ نفسها، بالإضافة إلى نشر رسالتها التربوية بإخلاص وحب، كما يشهد لما كثير من الطلبة الأساتذة الذين تدربوا على يدها الكريمة في مراكز التكوين والتدريب بفاس بأنها بصمت تجاربهم التربوية بعد تخرجهم أساتذة للتعليم الإعدادي، بالوفاء في العمل من أجل أداء رسالتهم التربوية والتعليمية بإخلاص ونزاهة وكفاءة. هامش: نص الشهادة التي قدمت في حفل تكريم الشاعرة أمينة المريني في افتتاح المهرجان الدولي السادس للشعر والتشكيل بمدينة جرسيف