منطقة الحسيمة نموذجا يتميز الطابع الجغرافي لسواحل الحسيمة بخصائص طبيعية نادرة من الناحية التضاريسية، حيث امتداد الجبل على طول الشواطئ مشكلا بذلك منحدرات وخلجان على طول الحزام الساحلي لسلسلة جبال الريف المليئة بالشواطئ والخلجان. حيث يعتبر أهمها واكبر – خليج الحسيمة – الذي يزخر بمؤهلات سياحية تجعل منه واجهة للمستثمرين والمصطافين على درجة سواء. وبالرغم من تنوع المؤهلات السياحية بالمدينة فإنها مازالت تعاني مشاكل متعددة منها ضعف التجهيز وسوء استغلال التنمية السياحية، وضعف المردودية الاقتصادية للريع السياحي بسبب تقلص الموسم السياحي إلى ثلاثة أسابيع في السنة والمنافسة الشديدة التي يخضع لها القطاع السياحي بالمنطقة خاصة بعد التطور المهم في الخدمات السياحية لدول الجوار بكل من اسبانيا وتونس ظل إقليمالحسيمة وإلى وقت قريب من أهم المدن السياحية، التي عرفت انطلاقة حقيقية للنشاط السياحي بشكل عام من حيث العدد الكبير من السياح الوافدين على الإقليم من مختلف الجنسيات وعرف حركة سياحية نشيطة مع بداية الستينيات، خاصة الإقبال المتزايد للسياح وتعزيز المنشآت السياحية به. إلا أن هذه الوضعية لم تستمر وسرعان ما تراجع النشاط السياحي، وذلك بالرغم من المجهودات المبذولة لحد الآن لإنعاش هذا القطاع بالإقليم فإن مستوى السياحة لازال ضعيفا جدا . والغريب في كل هذا هو أن هذه الثروة عوض أن تكون قاعدة صلبة لظهور تنمية سياحية بالريف، أصبحت هدفا للتخريب والتدمير في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن وضع استراتيجيه بعيدة المدى للنهوض بالقطاع السياحي، وكذا عن تنمية مناطق الشمال. وهناك عدة مشاكل وعراقيل تحول دون تحقيق تنمية مستديمة ومندمجة للقطاع السياحي بالمنطقة ، رغم أن هذا القطاع لازال مطلبا شعبيا ملحا سيعمل في حالة هيكلته إلى استيعاب «فيروز» البطالة الذي يهدد المنطقة ويساهم كذلك في توفير العملة الصعبة، وليس هناك أي وجهة نظر محددة أو بالأحرى زاوية نظر تجعل المنطقة تأخذ طابعا ثقافيا وسياحيا في آن واحد، دون أن تملك رؤية شمولية وإستراتيجية دقيقة موازية لمشروع بهذا الحجم. وعرفت الحركة السياحية تراجعا خطيرا وركودا كبيرا في الوقت الذي كانت فيه المنطقة تعرف رواجا سياحيا متميزا. نظرا لموقعها الهام إلا أن خصوصيات وإمكانيات المنطقة لا ترفع من النشاط السياحي، نظرا لغياب سياسة سياحية واضحة، وللتأمل فان القطاع السياحي بمجالاته المتباينة لازال يعاني من تعثرات تجعله بعيد عن تحقيق أو بالأحرى المساهمة في دفع مسلسل التنمية إلى الأمام، فالسياحة الجبلية بإقليمالحسيمة تعرف اليوم أخطر أنواع التلوث الهادف إلى القضاء على التنوع البيولوجي المتمثل في أنواع الحيوانات، النباتات، الغابة.... علاوة على غياب برامج واضحة في شأن تحديد معالم هذه السياحة وتوفير البنى اللازمة لتيسير الأنشطة السياحية بالجبل الريفي خاصة وان منطقة إقليمالحسيمة لازالت تعيش في عزلة طبيعية وأخرى ساهمت فيها سياسة الدولة التي جعلت من المنطقة بدون الحدود الدنيا من البنية التحتية، وهو الأمر الذي يبعدها عن فرص الاستثمار السياحي. تطوير المجال السياحي لمنطقة الحسيمة رهين بالرفع من مستوى وحداتها الفندقية وبنياتها التحتية السياحة الشاطئية التي يزخر بها الحزام الساحلي المتوسطي بالإضافة إلى كونها ذات جودة عالية من حيث رمالها وتنوع مقوماتها الطبيعية، إلا أن هذه الشواطئ غير مجهزة بل أن بعضها لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق البحر، بالرغم من الإقبال المتزايد الذي تعرفه هذه الشواطئ في فصل الصيف خاصة بقدوم المغاربة القاطنين بالخارج لتمضية عطلة الصيف. كما أن نادي البحر الأبيض المتوسط (CLUB MED) الذي كان يوفر العشرات من فرص الشغل بالإقليم، لم يعد كذلك بعد توقف خدماته بشكل كلي بعد فسخ العقد مع الشركة الفرنسية التي كانت تستغل المنشأة السياحية، ونفس المشكل يعرفه مركب كيمادو الذي يساهم في خدمة المنطقة سياحيا ويوفر بدوره عددا كبيرا من مناصب الشغل لأبناء المنطقة، بالإضافة إلى تنشيط الحركة السياحية والتجارية بالإقليم. وأدى توقف مطار الشريف الإدريسي بالحسيمة على تنطيم رحلاته إلى الإضرار بالحركة السياحية خاصة وان الرحلات الجوية تلعب دورا كبيرا في الرفع من مستوى السياح الذي يوجد منهم عدد مهم يصلون إلى المناطق التي ينوون زيارتها عبر الجو، وكان نفس المطار يحقق خلال فترة الثمانينات على سبيل المثال: من 50 -إلى 60 رحلة في الأسبوع منها 8 إلى 10 خطوط داخلية بين شهر مايو و شتنبر، أما الفترة من أكتوبر إلى أبريل فكانت تصل ل 10 رحلات في الأسبوع منها 4 دولية. ومما زاد من عزل المنطقة سياحيا توقف الخطين البحرين اللذين كانا يصلا ميناء الحسيمة بمرفئي مالقا وألميريا، وقد أدى توقف هذا القطاع الخدماتي إلى الزيادة من معاناة المغاربة القاطنين بالخارج حيث يضطرون للوصول إلى الحسيمة من موانئ أخرى وكذلك تعميق الإحساس بالعزلة الجغرافية. وتجدر الإشارة إلى أن المنطقة لا تستأثر إلا بنسبتي 7,3 بالمائة من مجموع الطاقة الإيوائية بالمغرب وواحد بالمائة فقط من عدد السياح الأجانب الذين يفيدون على المنطقة. مؤهلات طبيعية وايكولوجية وثقافية غنية وذات قيمة عالية يتوفر إقليمالحسيمة على مؤهلات طبيعية خلابة ومتنوعة (شواطئ ، غابات وجبال...) يمكن لها أن تلعب دورا هاما في تطوير السياحة الشاطئية، الإيكولوجية، والسياحة الثقافية. تتصف هذه المنطقة المترامية الأطراف، بالتكوين الجيولوجي والبنيوي المعقد والمتعدد الخصائص. وتعتبر هذه المميزات إحدى عناصر شهرة المنطقة المعروفة بغناها الطبيعي، وهي في نفس الآن مصدر التنوع البيئي (تعدد الفجاج والقمم والسواحل والوحدات الطبيعية...). وتحت تأثير عامل المناخ (التساقطات، ودرجة الحرارة ونوعية الرياح...) أساسا، أصبحت المنطقة تشكل أرضية مناسبة لتنامي تشكيلة غابوية متنوعة وثروة من الوحيش متميزة الأنواع والفصائل. فقمم الجبال تتسم بالتنوع الكبير في الحدة والارتفاع ، أعلاها جبل تدغين 2453 م الذي يتوسط السلسلة الريفية. كما أن منطقة الحسيمة تزخر بمياهها الطبيعية (كتامة – نكور – أغزاغيس...) ومنه ما اكتسب مع الزمن هذه الخاصية كالمنشآت المائية سد عبد الكريم الخطابي، ومنطقة الحسيمة تنعم بالمؤهلات السياحية والطبيعية والثقافية والتاريخية كما لازالت تحتفظ بجزء هام من مآثرها التاريخية، وكذلك مساحات شاسعة من الأراضي المحمية، كالمحمية الوطنية للحسيمة، المنطقة ذات أهمية بيولوجية لتدغين، المنطقة الجبلية والغابوية تيزي إفري، المنطقة الجبلية والغابوية إساكن، الموقع الإركيولوجي باديس والمزمة، قلاع طريس، قلعة أربعاء تاوريرت، قصبة سنادة، جامع دوار أدوز، مآثر معمارية إسبانيا ومجموعة من الأضرحة المتواجدة بالإقليم، ومدينة انكور، وكذلك مقر قيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي بأجدير، علاوة على المواسم والمهرجانات السياحية، مما يجعل المنطقة سياحية بامتياز من خلال توفرها على أهم خاصيات الاستثمار السياحي على مستوى الساحل والداخل، والمنطقة لها أيضا من المؤهلات السياحية ما يجعلها تلعب دورا في تطوير السياحة القروية، وما يمكن أن يقدمه هذا المجال، من منتوجات سياحية ستساهم في تنمية السياحة الإيكولوجية والثقافية. وغير بعيد عن مدينة تارجيست، توجد منطقة -تيزي إفري- التي لاتقل أهمية عن محطة إساكن نظرا لروعة مناظرها الخلابة المكسوة هي الأخرى بأشجار الأرز والثلوج التي تملأها في فصل الشتاء. نفس المناظر الخلابة توجد بمنطقة أزيلا التي تقع على بعد 6 كلم من إساكن حيث لم يتم تجهيزها لا بمحطة للتزلج على الجليد ولا بمنشآت سياحية، أما منطقة إساكن عاصمة كتامة والتي توجد على بعد 40 كلم تقريبا من الساحل حيث يقع الجبل المعروف عالميا ب«تدغين» الذي يصل ارتفاعه إلى 2453 مترا والمطل على منطقة إساكن المكسوة بأشجار الأرز، وتمتاز المنطقة بجمالها ومناظرها الطبيعية خاصة أثناء تساقط الثلوج في فصل الشتاء، وتعتبر مادة (الكيف)، أهم مورد اقتصادي بالمنطقة مما يطرح أهمية التعامل مع هذا المعطى عبر حسن استغلاله في بعض الصناعات الطبية والعلاجية وغيرها...، وهذا ما أكده المختصون الأجانب والمغاربة في دراستهم العلمية في هذا الشأن. ومن شأن تنمية السياحة الايكولوجية عبر الرفع من عدد المنتزهات الطبيعية بدلا من واحد والحفاظ على تنوع الوحيش الذي يمتاز به الإقليم. وعموما فإن المنطقة تأوي مواقع ذات أهمية بيولوجية وذات قيمة كبيرة فيما يتعلق بتنوع النباتات والحيوانات، وكذا تنوع الثروات البحرية، والغابة التي تعتبر مصدرا ايكولوجيا هاما في الإقليم، وهذه المؤهلات تساهم في التعريف بالمنطقة التي تتوفر على مناظر غاية في الجمالية، مع الخصوصيات المحلية التي تطبع المنطقة كتربية الأغنام وتربية النحل بمنطقة «إبقوين»، كما يوجد في المنطقة منتزها وطنيا واحدا بمنطقة ابقوين، يمتد على مساحة 35 كلم غرب الحسيمة ويتكون من مساحة من اليابسة (28500 هكتار) تمتد أساسا على كتلة بقويا الجبلية وهضبة بني بوفراح وجزء من المسطح المائي البحري (2500 هكتار) المتصل باليابسة، شمالا و مساحة تقارب 310 كلم2 ومن مميزات هذا المنتزه على المستوى الوطني كونه يتوفر على واجهة بحرية، ليفسح المجال لأصناف من الحيوانات البحرية للعيش باطمئنان لاسيما النادرة منها مثل: (نوع من الدلافين والسلاحيف وكائنات أخرى...) وتتمثل أهمية هذا المشروع البيئي في الحفاظ على الوحدات الطبيعية والتنوع النباتي، والوحيش، كما يأوي المنتزه الوطني نوع من الطيور النادرة والمحمية بمقتضى قوانين واتفاقيات وطنية ودولية «السرنوف الحركي BALBUZARD PECHEUR وكواسر أخرى كما يؤوي المنتزه ثاني أهم مجموعة من الطيور عقاب البحر» داخل نطاق البحر الأبيض المتوسط. كما تتوفر منطقة الحسيمة، على أجمل وأروع الشواطئ المغربية وتضم لائحة شواطئ ساحل إقليمالحسيمة حوالي 12 شاطئا من أجمل الشواطئ الساحل التوسطي: شاطئ قوس قزح (كلايريس) – شاطئ (تاغزويت) بمسطاسة – شاطئ الطريس – شاطئ بادس – شاطئ بوسكور – شاطئ تلا يوسف – شاطئ صباديا – شاطئ كيمادو – شاطئ كلابونيطا – شاطئ إسلي – شاطئ الصفيحة و شاطئ السواني، ويمتد هذا الحزام الساحلي على مساحة 72 كلم مربع ، حيث تقدر الطاقة الاستيعابية لهذه الشواطئ بحوالي 200.000 شخص (أي بمعدل 8 متر مربع لكل مستحم)، كما تصل الطاقة الاستيعابية للفنادق والقرى السياحية إلى 53 مؤسسة فندقية ومحطات سياحية تصل طاقاتها الاستيعابية إلى مامجموعه حوالي 1963 سرير و 1040 غرفة بالإضافة إلى القرى والمخيمات الصيفية، وتوجد أهم المنشآت الفندقية والسياحية التي كانت تغطي الطلبات السياحية بالإقليم الآن في حالة توقف وذلك منذ سنة 2003 وإلى يومنا هذا بسبب الإفلاس ومن ثم الإغلاق، والتي كانت تصل مجموع طاقتهما الاستيعابية إلى حوالي 3632 سرير، بنسبة 54 بالمائة من الطاقة الإيوائية الإجمالية بالإقليم. ومن خلال هذه المعطيات الرقمية يتبين لنا مدى النقص الكبير الذي توجد عليه الطاقة الإيوائية للسياحة بالإقليم بعد توقف أهم المنشئات السياحية به، وهذا مؤشر يأثر سلبيا على الاستثمار وكذلك على تطور النشاط السياحي ، ويقلل من فرص الشغل بالمنطقة. نشر في مجلة بلدية الحسيمة عدد 8 أبريل 2009 رئيس الجمعية المتوسطية للسياحة بالريف