الوزير المكلف بالميزانية: النظام الجبائي بالمغرب غير عادل أكد فريق التقدم الديمقراطي، بمجلس النواب، على أن إصلاح النظام الجبائي بالمغرب هو إصلاح سياسي بامتياز، وليس إصلاحا تقنيا على الرغم مما لهذا الجانب من أهمية. وشدد رشيد روكبان رئيس فريق التقدم الديمقراطي، خلال كلمته الافتتاحية لأشغال اليوم الدراسي الذي نظمه الفريق حول موضوع «أي إصلاح لتحقيق العدالة الجبائية» أول أمس الخميس، بمقر مجلس النواب، على أن إقرار نظام جبائي عادل يعد مدخلا رئيسيا وأساسيا لتحقيق العدالة الاجتماعية، مشيرا إلى أن النهوض بالاقتصاد الوطني، في نظر فريق التقدم الديمقراطي، يتعين أن يندرج في إطار إصلاح شمولي ومتكامل يتأسس على خمس ركائز أساسية حددها رشيد روكبان في الإصلاح الجبائي في اتجاه يحقق العدالة الجبائية وإصلاح نظام المقاصة والانكباب على ورش الجهوية بالنظر إلى أهمية هذا الورش في البعد التنموي المحلي والوطني، بالإضافة إلى إصلاح أنظمة التقاعد ومراجعة القانون التنظيمي للمالية. وخلال هذا اللقاء الذي حضره خبراء اقتصاديون، أفاد إدريس الأزمي الإدريسي الوزير المكلف بالميزانية، أن النظام الجبائي الحالي يفتقر للعدالة، مبرزا في هذا السياق تمركز المردودية المالية للنظام الجبائي المغربي على جزء من المساهمين، حيث أن 87% من الضريبة على الدخل يدفعها المأجورون وأن 80% من الضريبة على الشركات تدفع فقط من قبل 2% من الشركات، مشيرا إلى أن هذا التركيز الضريبي فيه خطورة حقيقية على موارد الخزينة العمومية، ما يتعين في نظره إقرار مساواة ضريبية واستدامة الموارد الضريبية. ومن جانب آخر، وقف الأزمي على موضوع الثقة بين إدارة الضرائب والمواطنين والتي تطرح خلال النزاعات الضريبية، متسائلا عن مستوى الضغط الضريبي المطلوب للحفاظ على تنافسية الاقتصاد الوطني ومساواة النظام الضريبي وعن المستوى الأمثل لمساهمة الضرائب غير المباشرة والمداخيل الضريبية، مشيرا إلى أن المناظرة الوطنية حول الإصلاح الجبائي، المزمع تنظيمها يوم الاثنين المقبل بالرباط، حدد لها ثلاثة أهداف رئيسية تتمثل في يمكن أن للنظام الجبائي أن يؤسس لعلاقة شراكة حقيقية بين الإدارة والملزمين من لمواطنين، في سياق تحسين جودة الخدمات وتحسين ظروف تواصل الإدارة الجبائية مع المواطنين، ثم البحث في كيفية توسيع القاعدة الجبائية ومراجعة الإعفاءات الجبائية خاصة بالنسبة لبعض القطاعات المربحة والتي لم يعد مبررا أن تبقى معفية الضريبة، والهدف الثالث بحسب الوزير هو إقرار نظام جبائي يحافظ على تنافسية المقاولات. من جانبه، أكد عبد الأحد الفاسي الفهري عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، على أن إصلاح النظام الجبائي، لا يمكن تصوره انطلاقا من الإكرهات المالية الحالية وتأثيرات الأزمة على الاقتصاد الوطني، بالنظر إلى أن الإصلاح المنشود يتعين أن يقر جيل جديد من الإصلاح الضريبي الذي سيمكن من استمرارية هذا النظام لأكثر من عشرين سنة، ويأخذ بعين الاعتبار التطورات التي عرفها المغرب وعلى رأسها الدستور الجديد الذي ينص على العدالة الجبائية، وكذا على الجهوية واللامركزية التي تقتضي توفير الموارد المالية لضمان ممارسة صلاحياتها في أفق التقليص من الفوارق الاجتماعية والمجالية، بالإضافة إلى ما المشاكل التنافسية التي يعرفها الاقتصاد والوطني في سياق الانفتاح والعولمة الاقتصادية، وما يقتضيه ذلك من محاربة كل أشكال الإغراق على المستوى الاجتماعي والجبائي. كما شدد عبد الأحد الفاسي الفهري على ضرورة إدماج البعد البيئي في النظام الجبائي بالنظر إلى أهمية الحفاظ على البيئة وعلى الموارد الطبيعية. وأوضح المتحدث، أن حزب التقدم والاشتراكية يعتبر أن الإصلاح الجبائي هو المدخل الرئيسي لعدد من الإصلاحات الكبرى والمهيكلة والتي تروم بناء مجتمع متضامن كإصلاح نظام المقاصة ونظام الحماية الاجتماعية، وذلك في إطار إصلاح شامل ومتكامل يهدف إلى بناء المجتمع المتضامن الذي نص عليه البرنامج الحكومي. وفي سياق متصل، أكد القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، على ضرورة إعطاء الدولة إمكانية أكبر بالنظر إلى الدور المحوري الذي تضطلع بها في مجال التنمية عكس ما تذهب إليه الطروحات الليبرالية، مشيرا إلى أن الدولة يجب أن تتدخل في الاقتصاد وفي العديد من المجالات الأخرى خاصة القطاعات الاجتماعية، بالإضافة إلى تأكيده على أهمية القطاع الخاصة والشراكة بين هذا الأخير والدولة. وأفاد عبد الأحد الفاسي الفهري، أنه ليس هناك أي تناقض بين تحقيق العدالة الجبائية وبين المردودية الاقتصادية للنظام الجبائي، بل على العكس من ذلك فكلما كان النظام عادلا ومنصفا كلما كانت المردودية أكثر، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية يرى أن الإصلاح الجبائي يتعين أن يتم في إطار رؤية متكاملة للنظام الضريبي المغربي في بعده الوطني والترابي حتى يوفر للدولة والجماعات الترابية الوسائل المالية للقيام بوظائفها. وبدوره شدد صلاح أكرين عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية ،خبير اقتصادي، على المداخل الأساسية التي يتعين أن يقوم عليها الإصلاح الجبائي والتي حددها في ثمان مداخل رئيسية وهي تحقيق العدالة الجبائية والتضامن والبساطة في تدبير النظام الجبائي وحياديته وكذا الفعالية والتحفيز. وفي معرض عرضه لخلاصات هذا اللقاء الدراسي، شدد عبد السلام الصديقي عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، على أن الإصلاح الجبائي يندرج في صلب المشروع المشروع المجتمعي، وهو مرتبط أيضا بالسياسة الميزاناتية، وفي نظر عبد السلام الصديقي فإن البلاد في حاجة إلى دولة قوية مكن الناحية الاقتصادية والاجتماعية ومن الناحية الديمقراطية حتى يتمكن المواطن من فهم مدلول مساهمته الضريبية. وانطلاق من هذه المبادئ يرى عبد السلام الصديقي وفق ما استنتجه من خلاصات، أن المغرب في حاجة إلى وضع نظام جبائي يتميز بالاستمرارية حتى يتفادى الوقوع في الأخطاء التي يقع فيها اليوم، وبالتالي يضيف الصديقي فإن هناك حاجة إلى نظام جبائي قائم على الانصاف والمساواة، وعلى العدالة الاجتماعية. وعرف هذا القاء الدراسي مشاركة ثلة من الخبراء الاقتصاديين والماليين، كالأستاذ محمد الرهج والأستاذ ابراهيم الكتاني بالإضافة إلى مجموعة من المتدخلين الآخرين الذين أغنوا اللقاء بمقترحاتهم بخصوص إصلاح جبائي ينسجم مع انتظارات المجتمع المغربي في انسجام تام مع المقتضيات الجديدة التي نص عليها الدستور الجديد والتي تروم بناء مجتمع متضامن يساهم فيه الجميع كل حسب استطاعته في تكاليف الدولة حتى تتمكن من أداء المهام المنوطة بها.